وأخرج عن السدي (ت / 127ه) أنّه قال في هذه الآية : «إظهار الولاية للكافرين في دينهم، والبراءة من المؤمنين». وعن عكرمة مولى ابن عباس (ت / 105ه)، ومجاهد بن جبر المكي (ت / 103ه) قالا : <(إِلا أن تتَّقُوا مِنهُم تُقَاةً)، أي «ما لم يُهرق دم مسلم ولم يُستحَل ماله». وعن الضحاك بن مزاحم (ت / 105ه)، وابن عباس : «التقية باللسان، ومن حُمِلَ على أمر يتكلّم به وهو للّه معصية فتكلّم مخافة على نفسه، وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه، إنّما التقية باللسان»(1). واحتج الفقيه السرخسي الحنفي (ت / 490ه) بهذه الآية على جواز التقية، ونقل قول الحسن البصري (ت / 110ه) : إنّ التقية جائزة إلى يوم القيامة، وقال معقباً : «وبه نأخذ، والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه. وقد كان بعض الناس يأبى ذلك ويقول إنّه من النفاق، والصحيح أن ذلك جائز لقوله تعالى : <(إِلا أن تتَّقُوا مِنهُم تُقاةً)، وإجراء كلمة الشرك على اللسان مكرهاً مع طمأنينة القلب بالإيمان من باب التقية»(2). وقال الزمخشري المعتزلي (ت / 538ه) : <(إِلا أن تتَّقُوا مِنهُم تُقاةً)، «إلا أن تخافوا أمراً يجب اتّقاؤه تقية.. رخّص لهم في موالاتهم إذا خافوهم، والمراد
(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن / الطبري 6 : 313 - 317. (2) المبسوط / السرخسي 24 : 45. 34