بل وحتّى لو كان الأمر ظاهراً في إكراه المسلم على النطق بالكفر من غير تهديد، ووعيد، وضرب لا يحكم بردّته، إن قامت البيّنة على أنّه كان محبوساً عند الكفّار، أو مقيّداً عندهم، وهو في حالة خوف(1). ومن مسائل الإكراه التي تصحّ معه التقية في الفقه الحنبلي ما ذكره ابن قدامة، منها : الزنا، فمن استكرَه امرأة على الزنا، فعليه الحدّ دونها، لأنّها معذورة، وعليه مهرها، حرّة كانت أو أمَة، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة لا يجب المهر، لأنّه وطء يتعلّق به وجوب الحدّ، فلم يجب به المهر، كما لو طاوعته. قال : «والصحيح الأوّل، لأنّها مكرهة على الوطء الحرام فوجب لها المهر»(2). وقال في مسألة اُخرى : «ولا حدّ على مكرهة في قول عامّة أهل العلم، روي ذلك عن عمر، والزهري، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفاً، وذلك لقول رسول اللّه (ص) : «عفى لاُمّتي عن الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه». ثمّ روى آثاراً عن الصحابة تدلّ على صحّة ذلك(3). وقال في مسألة اُخرى : «وإن اُكرِه الرجل فزنى، فقال أصحابنا عليه الحدّ... وقال أبو حنيفة : إن اكرهه السلطان، فلا حدّ عليه، وإن أكرهه غيره حُدّ استحساناً. وقال الشافعي، وابن المنذر : لا حدّ عليه لعموم الخبر(4).