أفرد ابن حزم الظاهري في المحلّى كتاباً بعنوان كتاب الإكراه، فصّل فيه الاُمور التي يسع الإنسان إتيانها عند الإكراه عليها، ولا شيء عليه من ذلك، كما فصّل الحديث عن الاُمور التي لا يجوز فعلها ولا تصحّ التقية فيها، وذلك في مسائل، نذكر منها ما يأتي : قال في أحدها : «فمن اُكره على شرب الخمر، أو أكل الخنزير، أو الميتة، أو الدم، أو بعض المحرّمات، أو أكل مال مسلم، أو ذمّي فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شيء عليه، لا حدّ ولا ضمان»(1). وفي مسألة اُخرى : «فلو اُمسكت امرأة حتّى زُني بها، أو اُمسك رجل فاُدخل احليله في فرج امرأة فلا شيء عليه، ولا عليها سواء انتشر أو لم ينتشر، أنزلت هي أو لم تنزل، لأنّهما لم يفعلا شيئاً أصلاً، والإمناء فعل الطبيعة الذي خلقه اللّه تعالى في المرء، أحب أم اُكرِه، لا اختيار له في ذلك»(2). وقال في كلام طويل صحّح فيه الإكراه على البيع، والشراء، والإقرار، والهبة، والصدقة، والنكاح، والطلاق، والرجعة، والعتق، والنذر، واليمين، ثمّ فصّل الكلام في مناقشته للأحناف فيما يلزم من ذلك ان وقع من المكرَه، وفيما لا يلزمه. ثمّ ردّ على من حكم بامضاء نكاح المكره، أو طلاقه، أو عتقه وقال بوجوب إقامة الحدّ على من يتزوّج المطلقة أو المعتقة إكراهاً، بل وحتّى الواطي في نكاح الإكراه عدّه زانياً(3).
(1) المحلّى / ابن حزم 8 : 330 - مسألة : 1404. (2) م. ن 8 : 331 - مسألة : 1405. (3) م. ن 8 : 331 - 335 - بعد المسألة : 1406. 224