قال : «وأمّا عمار فاعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً، فشكا ذلك إلى رسول اللّه (ص)، فقال رسول اللّه (ص) : كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئن بالإيمان، فقال رسول اللّه (ص) : فإن عادوا فعد». ثمّ بيّن عن مجاهد : إنّ الذين اخذوا مع عمار بن ياسر، هم : بلال، وخباب، وصهيب، وسمية اُم عمار، وأنّهم قالوا كلّهم كلمة الكفر مثل الذي قاله عمار، إلا ما كان من بلال(1). وقال البيضاوي الشافعي (ت / 685ه) : (إِلا من أُكرِهَ) : «على الافتراء، أو كلمة الكفر، (وقلبُهُ مُطمئِن بِالاِيمانِ) لم تتغيّر عقيدته، وفيه دليل على أن الإيمان هو التصديق بالقلب». ثمّ روى بعد ذلك قصّة عمار بن ياسر وقال : «وهو دليل على جواز التكلّم بالكفر عند الإكراه، وإن كان الأفضل أن يتجنّب عنه إعزازاً للدين» ثمّ ذكر بعد ذلك قصّة مسيلمة الكذّاب مع الصحابيّين، اللذين انتهى خبرهما إلى النبيّ (ص)، وكيف أنّه رخّص لمن اعترف لمسيلمة الكذّاب - لعنه اللّه - بأنّه رسول اللّه(2). وقال المفسّر الشافعي علي بن محمّد المعروف بالخازن (ت / 741ه) : «التقية لا تكون إلا مع خوف القتل مع سلامة النيّة قال اللّه تعالى : (إِلا مَن أُكرِهَ وقلبُهُ مُطمئِن بالإِيمان)، ثمّ هذه التقية رخصة»(3). أقول : إِنّ هذا الكلام من الخازن الشافعي مردود بما مرّ عن الرازي الشافعي
(1) الجامع لاحكام القرآن / القرطبي 10 : 181. (2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل / البيضاوي 1 : 571. (3) تفسير الخازن 1 : 277 - نقلاً عن : آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم / السيد مرتضى الرضوي : 39. 54