مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (6) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (6) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



مهمّات اُخرى


عاد بورتون إلى
القاهرة ، حيث أمضى ما تبقّى من إجازته محافظاً على
تنكّره . . خادعاً أصدقاءه البريطانيّين الذين كانوا يمرّون في
المدينة>78
بعدها غادر القاهرة إلى
انجلترا ، ومنها قصد إلى أفريقيا الشرقية والحبشة متنكِّراً بزيّ تاجر
عربي>79 .

وكان أوّل أوروپي يدخل مدينة
هرار في أثيوبيا عام 1855م ، واُصيب بحربة في فكّه الأسفل ، ووضع
كتاب «خطوات في أفريقيا الشرقيّة» . وأقام سنتين في تركيا . وفي
عام 1858م أرسلته الحكومة البريطانية في بعثة لكشف منابع النيل ، فكتب
عن مناطق البحيرات في أفريقيا الاستوائية ، واكتشف بحيرة تنجانيقيا>80 .

بعد ذلك غيّر بورتون مسار
رحلاته ، وتوجّه إلى شمال أمريكا لدراسة «المورمون» (طائفة دينية نشأت
في القرن التاسع عشر اعتبر مؤسّسها أنّ تعاليمه مكمِّلة للإنجيل) في سولت ليل
سيتي (ولاية يوتا) . وفي عام 1861 تزوّج من «ايزابيل ارونديل» التي لعبت
دوراً كبيراً في تعيينه في المراكز القنصلية في أفريقيا الغربية والبرازيل
ودمشق ، ثمّ تريستا في شمال ايطاليا>81 .

في العام 1866م منحته الملكة
فيكتوريا رتبة فارس ، جرّاء خدماته التي قدّمها إلى بريطانيا
العظمى ، وفي العام 1869م نُقل من البرازيل إلى دمشق التي قصدها مع
زوجته بصحبة «ادوارد بالمر» (أحد كبار العملاء السريّين البريطانيين في
الشرق) ، ومنذ اللحظات الاُولى انخرط بورتون وزوجته في حياة دمشق بكلّ
ما أُوتيا من وقت ومن قوّة ، وقد كان بورتون المثال الوحيد ، كما
تقول زوجته ، للرجل غير المسلم الذي ما إن أدّى الحجّ ، حتّى صار
مثل المسلمين يعتبرونه واحداً منهم ، ويسمّونه الحجّي عبدالله ،
ويعاملونه كأنّه واحد منهم . .

وفيما تنغمس الزوجة ايزابيل
في أعماق المجتمع الدمشقي . . كان زوجها يمارس هواية غير مألوفة في
السلك الدبلوماسي ، وهي العودة إلى حياة التقنّع والتخفّي التي طالما
أجادها ، وكان يجوب أسواق دمشق القديمة متزيّياً كلّ مرّة بشخصية مختلفة
من الشخصيّات المحلّية . . كذلك كانت ايزابيل بورتون ترتدي أحياناً
الزي العربي (من دون أن تتخفّى) وتنزل إلى دمشق لكي تتذوّق شيئاً من حياة
الشرق ، حسب زعمها . وحين كانت تسافر في الصحراء بمعيّة زوجها كانت
ترتدي ثياب الرجال مدّعية أنّها ابنة ريتشارد!

قبل مضيّ وقت غير طويل ،
بدأت علامات الاستفهام تُثار حول تحرّكات السفير وزوجته التي بدأ مسلمو دمشق
يتّهمونها بالتعصّب للكثلكة والتبشير بها كلّما سنحت لها الفرصة ،
وحينما بلغت تدخّلات بورتون في سياسات دمشق المحلّية ذروتها اضطرّت وزارة
الخارجية البريطانية نقل قنصلها بورتون إلى تريستا الايطالية ، وذلك في
16 آب (اغسطس) 1871م>82 .

وفي إيطاليا ، حيث كان
الضجر يطغى على حياته ، تذكّر بورتون أنّ أحد معارفه في القاهرة كان
أخبره بأنّه خلال عودته من الحجّ اكتشف مغارة مليئة بالذهب في مقطع تقع شمال
الجزيرة العربية ، يفصلها عن سيناء خليج العقبة . . وهكذا
نجد بورتون على رأس بعثة ضمّت مهندساً فرنسيّاً وبعض الجنود المصريّين ،
بعدما تمّ إقناع الخديوي إسماعيل ، وغادرت المجموعة السويس في آذار
(مارس) 1877م ، وأمضت ثلاثة أسابيع في المنطقة وجدت خلالها النقوش
القديمة والحشرات والنباتات الجديدة ، إلاّ أنّها لم تكتشف أيّ
ذهب ، ولكن هذا لم يمنع بورتون من إرسال برقية إلى الخديوي مليئة
بالآمال والاحتمالات بوجود الذهب ، فوافق إسماعيل على توسيع
البعثة ، فعاد بورتون من جديد مع مجموعة مؤلّفة من أربعة أوروپيين وستّة
ضبّاط مصريين و32 جندياً و30 عاملاً في مقالع الأحجار ، وطبّاخ يوناني
ونجّار .

وعلى امتداد أربعة
أشهر ، أخفق بورتون في الحصول على مبتغاه ، بيد أنّه تمكّن من مسح
مساحة 2500 ميل ، وعادوا بـ 25 طنّاً من النماذج المختلفة ، ودرسوا
18 موقعاً قديماً ، في مقدّمتها مدينة مدين . . ويعتبر علماء
الجغرافيا أنّ مسح بورتون الجيولوجي لهذه المنطقة كان أهمّ إسهام قدّمه
لدراسة شبه الجزيرة العربية .

وبعد هذه الرحلة ، خفّف
بورتون تنقّلاته ، وتفرّغ لنشاطات أدبية عدّة ، فأكمل عام 1886م
أكبر مهمّة نذر نفسه لها وهي ترجمته الانكليزية لكتاب «ألف ليلة وليلة» التي
وصلت إلى 16 مجلّداً ، بما فيها الملاحظات والهوامش المطوّلة>83 ،
وقد صدرت في العام نفسه الذي حصل
فيه على لقب سير . كما اهتمّ بنشر كتبه وإعادة طبع بعضها . وإضافة
إلى ما تمّت الإشارة إليه في ثنايا البحث من كتبه ، هناك عدّة مؤلّفات
له كتبها كلّها بالانكليزية ونشرت وهو حيّ; وأهمّها: سوريا غير
المكتشفة ، زنجبار ، مناطق البحيرات في أواسط أفريقيا ، وكان
قد حاول مع غيره ترجمة القرآن بالسجع الشعري>84 .

وفي تشرين الأوّل (اكتوبر)
1890م ، توفي السير ريتشارد بورتون في تريستا ، وهو في التاسعة
والستّين من عمره ، ودفن في لندن ، وقد شيّدت له زوجته ضريحاً
فريداً اتّخذ شكل خيمة عربية>85 ،
كما وضعت كتاباً عن حياته .

العدد القادم

/ 11