أهمية قدم نهج البلاغة
أولا إن هذا الكتاب يعدّ من الكتبالإسلامية الأولى. و في هذه الظروفالتاريخية حيث يفصلنا عن صدر الإسلامحوالى 1400 سنة، تتمتع المصادر ذات الطرازالأول و الأصيل بأهمية خاصة.و ذلك لأنّه مع مرور الزمن يزداد الميلإلى التأويل و تزداد التوجهات المأوّلة، وهذا الأمر يعدّ أحد آفات الفكر الإلهي(الإلهيات، الأبحاث في مجال ما وراءالطبيعة). فعندما يقطع الزمان شوطا بعيداعن نشوء الدين، فإن الأذهان، و الإبتكاراتو الميول الباطنية للأشخاص الأذكياءتسوقهم نحو الإستنباط الذي نراه أكثر مايعتمد على السلائق. و هذا هو السبباللامرئي وراء تحريف الأديان. فالأديانالسابقة التي حرّفت، كان أحد أهم آفاتهاأن متونها الأساسية و الأولى لم تبق سالمةبشكل كامل.نحن بالطبع عندنا القرآن المصون منالتحريف، و هذا بنفسه امتياز كبير جدا، وهو كان عاملا لوجود محور للإستنباطاتالإسلامية المختلفة مع تلك الوفرةالكبيرة في السلائق المتعددة.أي أنّ الأمر في النهاية كان يرجع إلىنقطة تعتمد عليها كل الآراء و العقائدالمختلفة، و هي القرآن. لكن هذا لم يكنكافيا، لمنع التأويل و إتّباع الآراء والسلائق و الأهواء و البدع. و هنا نجدأميرالمؤمنين عليه السلام يقول لعبداللّه بن عباس:«لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمّال ذووجوه»«1» (مشيرا إلى الخوارج).حقا، فإن أولئك الذين طبقوا قوله تعالى: ومن الناس من(1) نهج البلاغة.