إن قضية الحكومة في نهج البلاغة قد طرحت-كعشرات القضايا المهمة في الحياة- في هذاالكتاب العظيم بأسلوب مغاير لأساليبالمحققين و المؤلفين. فلم يفردأميرالمؤمنين عليه السلام فصلا مستقلاحول الحكومة يرتب فيه المقدمات للوصول الىالنتائج. فإن أسلوبه في تناول هذا البابالمهم، كغيره من الأبواب الأخرى كان أسلوبالحكمة، أي عبور المقدمات و التأمل والتركيز على النتيجة. فإن نظرأميرالمؤمنين عليه السلام الى قضيةالحكومة هو نظر حكيم عظيم له ارتباط قريببمنبع الوحي.كذلك فإن هذه القضية في نهج البلاغة لمتطرح بصورة بحث مجرد (تجريدي). فإن الامامعلي عليه السلام كان على تماس مباشر بأمرالحكومة، و كان يتحدث كحاكم يمارس إدارةالدولة الاسلامية مع كل ما فيها من مشاكل ومصائب و آلام، و يتابع جوانبها المتعددة. وان التفاتنا إلى هذا الأمر، و نحن نعيش فيظروف و أوضاع مشابهة لظروف أميرالمؤمنينعليه السلام ملهم و مفيد جدا و سوف أتعرضهنا، من خلال جولة قصيرة في نهج البلاغة،الى قضايا قد دونتها و هي تمثل رؤوسالمطالب.