إنّه سبحانه أضاء بنبيه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ البلاد بعد الضلالة المظلمة، والجهالة الغالبة، والجفوة الجافية.
هذه الكلمات المشرقة هي كلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ (1) يصف فيها أوضاع العرب قبل البعثة وما أنجزه النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بعد البعثة حتّى أنزل الناس منزلتهم السامية وبلغهم منجاتهم، فاستقامت قناتهم، واطمأنت صفاتهم، ومع هذا التغيير الشامل، كيف يمكن رمي النبي بالإخفاق في دعوته؟ بل لا شكّ في نجاحه في ميدان الدعوة والتبليغ.
لكن ثمة نكتة نلفت إليها نظر القارئ الكريم، وهي انّ معنى نجاح دعوته شيء، وعدالة كلّ من رآه أو سمع منه شيئاً أو صحبه يوماً أو أيّاماً أو سنة أو سنتين شيء آخر، إذ لا ملازمة بين نجاح الدعوة وعدالة من صحبه ، فالمراد من نجاحه هو تأثيرها في أُمم العالم، معاصرة كانت أم لاحقة، ولاريب في أنّ الدعوة المحمدية أثرت في أُمم العالم وشعوبها وأصحابه والتابعين لهم بإحسان حتّى المنافقين من أصحابه،
1- راجع نهج البلاغة:2/37، طبعة عبده; شرح نهج البلاغة:2/19.