مقتطف من كلامه فى التوحيد
الحمد لله الذى بطن خفيات الامور، و دلت عليه اعلام الظهور، و امتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، و لا قلب من اثبته يبصره. [ ص 87. ]ارانا من ملكوت قدرته، و عجائب ما نطقت به اثار حكمته، و اعتراف الحاجه من الخلق الى ان يقيمها بسماك قوته، ما دلنا باضطرار قيام الحجه له على معرفته، فظهرت فى البدائع التى احدثها آثار صنعته، و اعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجه له و دليلا عليه، و ان كان خلقا صامتا، فحجته بالتدبير ناطقه، و دلالته على المبدع قائمه. [ ص 126. ]
فمن شواها خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد، قائمات بلا سند. دعاهن فاجبن طائعات مذعنات، غير متلكئات و لا مبطئات: و لو لا اقرارهن له بالربوبيه و اذ عانهن بالطواعيه، لما جعلهن موضعا لعرشه، و لا مسكنا لملائكته، و لا مصعد اللكلم الطيب و العمل الصالح من خلقه. [ ص 261. ]
فانظر الى الشمس و القمر، و النبات و الشجر، و الماء و الحجر، و اختلاف هذا الليل و النهار، و تفجر هذه البحار، و كثره هذه الجبال، و طول هذه القلال
و تفرق هذه اللغات، و الالسن المختلفات. فالويل لمن انكر المقدر، و جحد المدبر! زعموا انهم كالنبات ما لهم زارع، و لا لاختلاف صورهم صانع، و لم يلجووا الى حجه فيما ادعوا، و لا تحقيق لما اوعوا، و هل يكون بناء من غير بان، او جنايه من غير جان! [ ص 271. ]
و لو فكروا فى عظيم القدره، و جسيم النعمه، لرجعوا الى الطريق، و خافوا عذاب الحريق، و لكن القلوب عليله، و البصائر مدخوله! الا ينظرون الى صغير ما خلق، كيف احكم خلقه، و اتقن تركيبه، و فلق له السمع و البصر، و سى له العظم و البشر!