مقتطف من كلامه فى الرساله الالهيه
الحمد لله المعروف من غير رويه، و الخلق من غير منصبه. خلق الخلائق بقدرته، و استعبد الارباب بعزته، و ساد العظماء بجوده: و هو الذى اسكن الدنيا خلقه، و بعث الى الجن و الانس رسله [ ص 269. ] و واتر اليهم انبياءه، ليستادوهم ميثاق فطرته، و يذكروهم منسى نعمته، و يحتجوا عليهم بالتلبيغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم آيات المقدره: من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و اوصاب تهر مهم، و احداث تتابع عليهم، و لم يخل الله سبحانه خلقه من نبى مرسل، او كتاب منزل، او حجه لازمه، او محجه قائمه. [ ص 43. ]فاستودعهم فى افضل مستودع، و اقرهم فى خير مستقر، تناسختهم كرائم الاصلاب الى مطهرات الارحام، كلما مضى منهم سلف، قام منهم بدين الله خلف. [ ص 139. ]
رسل لا تقصر بهم قله عدهم، و لا كثره المكذبين لهم: من سابق سمى له من بعده، او غابر عرفه من قبله: على ذلك نسلت القرون، و مضت الدهور، و سلفت الاباء، و خلفت الابناء.
الى ان بعث الله سبحانه محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لانجاز عدته، و اتمام نبوته، ماخوذا على النبيين ميثاقه، مشهوره سماته، كريما ميلاده [ ص 44. ] خير البريه طفلا، و انجبها كهلا، و اطهر المطهرين شيمه، و اجود المستمطرين ديمه. [ ص 151. ]
كلما نسخ الله الخلق فرقتين جعله فى خيرهما، لم يسهم فيه عاهر، و لا ضرب فيه فاجر. [ ص 330. ]
فاخرجه من الفضل المعادن منبتا، و اعز الارومات مغرسا، من الشجره التى صدع منها انبياءه، و انتجب منها امناءه. عترته خير العتر، و اسرته خير الاسر، و شجرته خير الشجر، نبتت فى حرم، و بسقت فى كرم، لها فروع طوال، و ثمر لا ينال، [ ص 139. ] اغصانها معتدله، و ثمارها متهدله. مولده بمكه، و هجرته بطيبه. علا بها ذكره و امتد منها صوته.
ارسله بحجه كافيه، و موعظه شافيه، و دعوه و متلافيه. اظهر به الشرائع المجهوله، و قمع به البدع المدخوله، و بين به الاحكام المفصوله [ ص 230. ] ارسله بالدين المشهور، و العلم الماثور، و الكتاب المسطور، و النور الساطع، و الضياء الامع، و الامر الصادع، ازاحه للشبهات، و احتجابا بالبينات، و تحذيرا بالايات، و تخويفا بالمثلات، و الناس فى فتن انجذم فيها حبل الدين، و تزعزعت سوارى اليقين، و اختلف النجر، و تشتت الامر، و ضاق المخرج،
و عمى المصدر، فالهدى خامل، و العمى شامل. عصى الرحمن، و نصر الشيطان، و خذل الايمان، فانهارت دعائمه، و تنكرت معالمه، و درست سبله، و عفت شركه. اطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه، و وردوا مناهله، بهم سارت اعلامه، و قام لواوه، فى فتن داستهم باخفافها، و وطئتهم باظلافها، و قامت على سنابكها، فهم فيها تائهون حائرون حاهلون مفتونون، فى خير دار، و شر جيران. نومهم سهود، و كحلهم دموع، بارض عالمها ملجم، و جاهلها مكرم. [ ص 47 -46. ]
ارسله على حين فتره من الرسل، و طول هجعه من الامم، و اعتزام من الفتن، و انتشار من الامور، و تلظ من الحروب، و الدنيا كاسفه النور، ظاهره الغرور، على حين اصفرار منورقها، و اياس من ثمرها، و اغورار من مائها، قد درست منار الهدى، و ظهرت اعلام الردى، فهى متجهمه لاهلها، عابسه فى وجه طالبها. ثمرها الفتنه، و طعامها الجيفه، و شعارها الخوف، و دثارها السيف. [ ص 122 -121. ]