تمهيد
على
الرغم من أنّ الحج في الدين الاسلامي الحنيف واحد في أغلب تفاصيله ،
يتفق المسلمون على صلبه ويختلفون في بعض تفاصيله ، إلاّ أنّ الامام
الخميني تميز بين أقرانه العلماء برأيه المتميز في هذه الفريضة
الاسلامية .
فما أتى
به الامام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ أن أخرجه من جموده وروتينيته ،
مضيفاً اليه معنىً حيوياً جديداً ، فقد نادى بتفعيله وتحريكه على الساحة
الاسلامية .
فلم يعد
ذلك الحج الطقوسي أو الشعائري الجامد ، لم يعد مجرّد سفر وحركات محددة
وأداء واجبات معينة ، وإنما صار إضافة الى الأداء الصحيح لمراسمه
وأركانه ، صار فريضة فاعلة لعبت دوراً حيوياً في الحياة الاجتماعية
والسياسية والنفسية و . . . الخ .
فأصبح
من خلال أفكار الامام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ أقرب الى المؤتمر السنوي
الحامل لرسالة الوعي والإرشاد ، يستضيء المسلمون بضوئه في حياتهم
وسلوكهم ، دنيا وآخرة .
وهذا
طرح جديد على مستوى الحياة الاسلامية الدينية اقتضتها ضرورة التجديد وإصلاح
حال الامة الاسلامية التي جمدت على أفكار لابد من تفعيلها .
وما قام
به الامام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ لم يكن غريباً على الدين الاسلامي
ولا جديداً على أصالته ، وإنما هو الرجوع الى الأصالة ، والعودة
الى الصورة الأصلية التي أتى بها رسولنا الأكرم محمد(صلى الله عليه
وآله) ، منفذاً ما أمر الله تعالى ، ومطبقاً فريضة إسلامية لابد من
تطبيقها تطبيقاً دينياً صحيحاً منسجماً مع هدفها الأصلي
الأول .
وهكذا
دخل الامام الخميني الى أبعاد الحج المتنوعة واحداً واحداً ليدرسها ويقرأها
من جديد ، ويقدمها للأمة حالة اسلامية عصرية ضرورية ، فقد سلط
الضوء على البُعد الفقهي للحج والبُعد الروحي والعبادي وكذلك البُعد التربوي
والأخلاقي وأعطى للبُعد السياسي الثقل الأكبر والنصيب الأوفر ، وتحدث عن
البُعد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، كما سنرى لاحقاً: