وطول هذه القلال ، وتفرّق هذه اللغات والاَلسن المختلفات..
فالويل لمن أنكر المقدِّر ، وجحد المدبّر ، زعموا أنّهم كالنّبات ما لهم زارعٌ ، ولا لاختلاف صُورهم صانع ، ولم يلجؤوا إلى حُجّةٍ فيما ادّعوا ، ولاتحقيق لما أوعوا..
وهل يكونُ بناءٌ من غير بانٍ ، أو جنايةٌ من غير جانٍ! »(1) .
ومن ناحية أُخرى يثير القرآن الكريم في الاذهان دواعي التفكر الجاد والمثمر في ما يعرضه من معارف ، فمرّة بصيغة الاستفهام الاستنكاري ، كقوله تعالى : ( أفحَسبتُم أنّما خلقنَاكُم عَبَثاً ) (2) .
ومرّة بصيغة النفي للتصورات الساذجة ، كقوله تعالى : ( وما خَلقَنا السَّمواتِ والاَرضَ وما بَينهُما لاعِبِين * ما خَلقَناهُمآ إلاّ بِالحَقِّ وَلكِنَّ أكثَرهُم لايَعلَمُونَ ) (3) .
والمعروف أنّ مدرسة أهل البيت عليهم السلام تجعل التفكّر في ملكوت السماوات والاَرض عبادة ، بل أفضل عبادة ، يقول الاِمام الصادق عليه السلام : «أفضل العبادة إدمان التفكّر في الله وفي قدرته » (4) .
وكان أتباع هذه المدرسة العالية وتلامذتها يكثرون من هذه العبادة الفكرية التي تُسهم بصورة فعّالة في بناء الاِنسان وإيصاله إلى مراتب عرّفانية عالية . فعلى سبيل المثال ، كانت أكثر عبادة أبي ذرّ ؛ التفكر