بها المسلمون ، فلمّا بات علي بن أبي طالب عليه السلام على فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يفديه بنفسه ، فيؤثره بالحياة ، أشاد الله تعالى بهذا الموقف التضحوي الفريد ، فأنزل : ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشرِي نَفسهُ ابتغاءَ مرضاتِ اللهِ واللهُ رؤوفٌ بالعبادِ ) (1) .
يقول الفخر الرازي : «... نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ، بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة خروجه إلى الغار ، ويروى أنّه لمّا نام على فراشه قام جبريل عليه السلام عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخٍ بخٍ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة، ونزلت الآية» (2)
وقدّمت السيرة المطهّرة القدوة الحسنة في هذا المقام ، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا ، ولو شاء لشبع، ولكنه كان يؤثرُ على نفسه (3) .
وهذا السلوك النبوي ، ظهرت بصماته واضحة في سلوك أهل بيته عليهم السلام ، الذين يسيرون على نهجه ، ويترسمون خطاه ، ويترجمون أقواله إلى واقع عملي ملموس : «.. عن محمد بن كعب القرظي ، قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : « لقد رأيتني وإنّي لاَربط الحجر على بطني من الجوع ، وإنّ صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار » (4) ، كلّ ذلك لاَنّه كان يؤثر على نفسه ، ويفضّل مصلحة غيره على مصلحته .
(1) تفسير مجمع البيان 1 : 174 . والآية من سورة البقرة 2 : 207 .