كل واحد منهما وكله بشراء النصف له ففى نصف الذي لحق بالدار جعل كانهما لحقا فيكون الوكيل مشتريا لنفسه و فى نصيب الذي بقي يجعل كأنهما بقيا في دارنا فيكون مشتريا له و هذا قياس موت أحد الموكلين فان قال ورثة المرتد اشتريتها قبل ان يرتد صاحبها و كذبهم الوكيل فالقول قوله مع يمنيه لان الورثة يدعون الارث فيما لم يثبت الملك لمورثهم فيه و لان الشراء حادث فيحال بالحدوث الي أقرب الاوقات و هم يدعون فيه تأريخا سابقا و لان الظاهر أن المرء يكون متصرفا لنفسه حتى يقوم الدليل على أنه يتصرف لغيره و لو كان الوكيل نقد مال المرتد فالقول قول الورثة لان الظاهر شاهد لهم فان الانسان في تصرفه لنفسه لا ينقد مال غيره فان أقاما البينة فالبينة بينة الورثة أيضا لانهم يثبتون الملك لمورثهم و سبق التاريخ في العقد الذي باشره الوكيل و على هذا لو كان المرتد هو الموكل وحده فالجواب لا يختلف و لو قال الوكيل اشتريتها قبل لحاقه بدار الحرب و كذبه الورثة فالقول قول الوكيل إذا كان المال مدفوعا اليه و هو ليس تعيين مال قائم في يده أو يد غيره و ان لم يكن المال مدفوعا اليه فالقول قول الورثة لانه يدعى عليهم وجوب ثمن المشترى و هم ينكرون ذلك و كذلك ان كان المال المدفوع اليه بعينه في يده أو في يد البائع لان عينه صارت ملكا لهم فهو بقوله يبطل ملكهم و قد بينا نظير ذلك في موت الموكل قال و إذا و كل الرجل رجلا ان يخلع إمرأته على مال أو يطلقها بتا بغير مال ثم ارتد الزوج و لحق بالدار أو مات و خلعها الوكيل أو طلقها فقالت المرأة فعل ذلك بعد موت زوجي أو بعد لحاقه و قال الوكيل و الورثة كان ذلك في حياته و إسلامه فالقول قول المرأة و الطلاق باطل و مالها مردود عليها و لها الميراث لان الخلع و الايقاع من الوكيل حادث و الورثة يدعون فيه سبق التاريخ و هو ينكر فالقول قولها الا ان تقوم البينة فحينئذ يثبت التاريخ ببينة الورثة قال و لو و كل وكيلا بعتق عبد له على مال أو مال أو مكاتبته ثم ارتد الموكل و لحق بدار الحرب أو مات فقال الوكيل فعلت ذلك في اسلامه و كذبه الورثة فالقول قول الورثة لان سبب ملكهم في العبد ظاهر فالوكيل مخبر بما يبطل ملكهم عن العين و هو لا يملك انشاءه في الحال فلا يقبل قوله بخلاف ما تقدم فان الورثة لا يخلفونه في ملك المرأة نكاحا فلهذا جعلنا القول قولها هناك و فى الحقيقة لا فرق و فى الموضعين جميعا يجعل تصرفه محالا به على أقرب الاوقات لانه لم يثبت فيه سبق التاريخ و لهذا لو قامت لهم جميعا البينة أخذ ببينة الوكيل و العبد لان فيها إثبات سبق التاريخ و لو
(141)
دفع إلى رجل ألف درهم فقال تصدق بها أو أقضها فلانا عني ثم ارتد الآمر و لحق بالدار فقال الوكيل فعلت ذلك في اسلامه فالقول قوله لانه أمين مسلط أخبر بما سلط عليه فيوجب قبول قوله إذا لم يكن كذبه ظاهرا و ان أقاموا البينة فالبينة بينته أيضا لانه يثبت سبق التاريخ في تصرفه ببينته و كذلك لو وكله ببيع عبد بعينه فقال قد بعته في اسلامه و دفعت اليه الثمن فان كان مستهلكا فالقول قوله و البينة ببينته لما بينا و ان كان العبد قائما بعينه لم يصدق الوكيل لانه يخبر بزوال ملك الورثة عنه بتصرف لا يملك انشاءه في الحال و كذلك هذا كله في المرتدة اللاحقة بالدار لان بعد اللحوق حال الرجل و المرأة فيه سواء قال و ان كان الموكل قد عاد مسلما من دار الحرب ثم اختلف هو و الوكيل فالقول فيه مثل الاول كاختلاف الوكيل مع الورثة لما قلنا قال و لو وكله أن يزوجه إمرأة بعينها ثم ارتد الآمر و لحق بالدار فقال الوكيل زوجته في اسلامه و كذبه الورثة و الموكل بعد جاء مسلما فانه لا يقبل قول الوكيل أو المرأة لان الوكيل يخبر بما لا يملك استئنافه فقد انعزل بردة الآمر و لم يعد وكيلا بعد ما جاء مسلما و ليس في كلامه نفى ضمان عن نفسه بل فيه إيجاب الحق لها في تركته أو في ذمته إذا جاء مسلما و ان أقاموا البينة فالبينة بينة المرأة لانها تثبت الحق لنفسها ببينتها و نثبت سبق التاريخ و الورثة ينفون ذلك و ان لم يكن بينهما بينة يستحلف الورثة على علمهم لانهم لو أقروا بما ادعت لزمهم فان قضى القاضي لهم بالميراث بعد ما حلفوا ثم رجع المرتد مسلما فأرادت المرأة أن تستحلفه أيضا فلها ذلك لانها تدعى الصداق دينا في ذمته و استحلاف الورثة لا يسقط اليمين عنه لانهم ما كانوا نائبين عنه فالنيابة في الايمان لا تجري قال و توكيل المرتدة بالتصرفات التي تملك مباشرتها بنفسها صحيحة سواء وكلت بذلك مرتدة مثلها أو مسلما و كذلك ان كان التوكيل قبل ردتها يبقى بعد الردة لانها تبقي مالكة للتصرف بنفسها الا ان توكل بتزويجها و هي مرتدة فان ذلك باطل لانها لا تملك ان تتزوج بنفسها فلا يصح توكيلها بذلك حتى لو زوجها الوكيل في حال ردتها لم يجز و ان لم يزوجها حتى اسلمت ثم زوجها جاز لان التوكيل كالمضاف إلى ما بعد اسلامها بمنزلة المعتدة أو المنكوحة إذا وكلت إنسانا بأن يزوجها و هذا بخلاف ما إذا كان التوكيل في اسلامها ثم ارتدت ثم أسلمت فزوجها لم يجز لان ارتدادها إخراج من الوكالة فانها حين كانت مالكة للعقد وقت التوكيل نثبت الوكالة في الحال ثم بردتها تخرج من أن تكون مالكة للعقد فيكون ذلك عزلا منها لوكيلها فبعد ما انعزل
(142)
لا يعود وكيلها إلا بتجديد قال و لو وكلت المرتدة وكيلا بخصومة أو قضأ دين أو تقاضيه ثم لحقت بالدار انتقضت الوكالة لان لحاقها بمنزلة ردتها حكما كلحاق الرجل لانها باللحوق صارت مستحقة لان تسترق ففيه إتلاف حكما فلهذا تبطل الوكالة فان قال الوكيل فعلت في حياتها أو قبل لحاقها فهو مصدق في المستهلك مصدق في القائم بعينه لانه صار مملوكا لورثتها و لو قال قد قبضت دينا لها من فلان لم يصدق على ذلك إلا ببينة و ان كان قائما بعينه لان الورثة ؟ قاموا مقامها في الدين في ذمة الغريم و الوكيل يخبر بتحول حقهم إلى العين في حال ملك ؟ انشائها فلا يصدق في ذلك إلا ببينة ان قال قد قبضت المال الذي أعطتنى فلانة و قد كانت أمرته بذلك فهو مصدق إذا كان المال عينا قائما بعينه لانه يخبر بما كان مسلطا عليه و يقصد بذلك نفى الضمان عن نفسه فكان القول قوله قال و إذا وكلت المرتدة وكيلا بقبض وديعة لها ثم ماتت فقال الوكيل قد قبضتها و دفعتها إليها و قالت الورثة قبضتها بعد موتها فالقول قول الوكيل لانه أخبر بما كان مسلطا عليه و الوديعة ما كانت مضمونة و هذا بخلاف الدين فانه كان مضمونا في ذمة الغريم فلا يقبل قول الوكيل في قبضه إذا كان لا يملك انشاء القبض في الحال لان فيه إسقاط الضمان عن الغريم و لو وهب لها هبة أو تصدق عليها بصدقة فوكلت وكيلا بقبضها ثم ماتت فقال الوكيل قد قبضتها و دفعتها إليها فالقول قول الوكيل لانه يخبر بما جعل مسلطا عليه أمينا فيه و ان قال الواهب قبضتها و بعد موتها فالقول قول الوكيل أيضا لان الواهب يدعى الضمان لنفسه عليه فلا يصدق الا بحجة فان كون القبض حادثا يحال بحدوثه على أقرب الاوقات نوع من الظاهر و لا يكفى الظاهر لاثبات الضمان على الوكيل الا أن تكون قائمة بعينها فيكون للواهب أن يرجع فيها لانه يبقى استحقاق المرأة عنها و الظاهر شاهد له و الظاهر يكفى لدفع الاستحقاق و كذلك لو وهبت هبة فوكلت بدفعها وكيلا ثم ماتت و دفعها الوكيل فقال دفعتها في حياتها فصدقه الموهوب له فلا ضمان على الوكيل لانه كان أمينا في الدفع و لكن ان كانت قائمة في يد الموهوب له فللورثة أن يأخذوها لان الظاهر يشهد لهم فانه انما يحال بالدفع على أقرب الاوقات و هو ما بعد موتها و الوكيل يبطل ملك الورثة باختياره بتصرف لا يملك انشاءه فان أقاموا البينة أخذت ببينة الموهوب له لانه يثبت الملك لنفسه في الموهوب و سبق التاريخ في دفع الوكيل اليه قال و إذا رهنت المرتدة رهنا أو ارتهنته مع التسليط على البيع عند حل الاجل فهو جائز و للوكيل أن يبيعه و ان مات أو لحقت
(143)
بالدار ان كانت رهنت فلقيام حق المرتهن و ان كانت ارتهنت فلقيام حق ورثتها و بقاء الوكيل و الموكل جميعا قال و إذا و كل المكاتب المرتد وكيلا ببيع أو شراء فهو جائز بخلاف الحر على قول أبى حنيفة رحمه الله لان المكاتب بعد الردة يملك التصرف بنفسه لقيام الكتابة فيوكل به غيره بخلاف الحر و هذا لان كسب المكاتب دائر بينه و بين مولاه و المولى راض بتصرفه بخلاف مال الحر فانه يوقف على حق ورثته و هم لا يرضون بتصرفه و المستسعى كالمكاتب في قوله قال فان لحق المكاتب بالدار مرتدا كان الوكيل على وكالته و كذلك لو أسر أو سبي لان عقد الكتابة بان بعد لحاقه ( ألا ترى ) أن لحاقه لا يكون أعلى من موته و موته عن وفاء لا يبطل الكتابة فكذلك لحاقه فلهذا بقي الوكيل على وكالته و الله أعلم بالصواب ( باب الوكالة في الدم و الصلح ) ( قال رحمه الله ) قد بينا فيما سبق ان وكيل من عليه القصاص إذا أقر بوجوب القصاص على موكله لم يجز استحسانا الا ان يشهد هو و آخر معه ان ادعى المدعى عليه لان قبوله الوكالة لا يخرجه من أن يكون شاهدا على موكله اما عند أبى حنيفة و محمد رحمهما الله فلا يشكل لانه عزل قبل الخصومة فشهادته لموكله تجوز فعلى موكله أولى و عند أبى يوسف رحمه الله فقد صار قائما مقام موكله فلم تجز شهادته له و لا يوجد هذا المعنى في شهادته عليه و هذا إذا لم يسبق من الوكيل إنكار فان سبق منه إنكار في مجلس القضاء ثم جاء بعد ذلك يشهد بحضرة المدعى عليه فهو مناقض و الشهادة مع التناقض لا تقبل قال و التوكيل بطلب دم جراحة خطأ أو عمدا ليس فيها قود جائز مثل التوكيل في المال لان العمد الذي لا قود فيه موجبه موجب الخطأ و هو المال و هذا التوكيل لاثبات موجب الفعل و الاستيفاء و ذلك مال قال و لو و كل رجل رجلا ان يصالح عنه رجلا ادعى عليه دعوى من دين أو عين و ان يعمل في ذلك برأيه فصالحه الوكيل على مائة فهو جائز لانه فوض الامر إلى رأيه على العموم و المال على الآمر دون الوكيل لان الوكيل يضيف العقد إلى الموكل فيقول صالح فلانا من دعواك على كذا و فى مثله العاقد يكون سفيرا و يكون المال على من وقع له دون الوكيل قال و الوكيل بالصلح ليس بوكيل في الخصومة لان الصلح عقد ينبنى على الموافقة و المسالمة و هو ضد الخصومة ( ألا ترى ) أن الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح و لو أقر ان ذلك باطل لم يجز إقراره على صاحبه
(144)
لان صحة اقرار الوكيل بالخصومة باعتبار أنه وكيل بجواب الخصم و الوكيل بالصلح ليس بوكيل بالجواب و انما هو وكيل بعقد يباشره و الاقرار ليس من ذلك العقد في شيء قال و لو و كل المدعى عليه وكيلا بالصلح فوكل الوكيل وكيلا بالصلح و فعل لم يجز لانه عقد يحتاج فيه إلى الرأي و انما رضى الموكل برأيه دون رأى غيره فان كانت الدراهم من مال الآمر رجع بها لان الصلح لا ينفذ في حقه حين لم يباشره من رضي برأيه و ان لم يكن الآمر دفع المال فصالح الوكيل الآخر و دفع المال من عند نفسه لم يلزم الاول شيء و جاز الصلح عن الموكل الآخر و هو الوكيل الاول لان الوكيل باشره بأمر الاول فجاز في حق الاول و لكنه حصل على وجه لم تتضمنه وكالة الموكل الاول فكان توكيل الاول لم يوجد و لكن أمر أجنبي أجنبيا بأن يصالح على مال و يدفع من عند الموكل أو من عنده فهذا الصلح يجوز و يكون الموكل متطوعا فيه فكذلك هنا الموكل الثاني يكون متطوعا و كذلك لو و كل اثنين فصالح أحدهما دون الآخر بماله دون مال الموكل جاز ذلك عليه و هو متطوع فيه و لا يجوز على الموكل لان الموكل رضى برأيهما فلا يكون راضيا برأى أحدهما و هذا الواحد إذا تفرد بالصلح كان كالفضولي و صلح الفضولي صحيح إذا أضافه إلى نفسه أو أدى المال أو ضمن المال و يكون متطوعا فيه لمعين و هو ان موجب الصلح في حق المصالح المديون البراءة عن الدين و المشتري ينفرد بذلك و انما يحتاج إلى رضاه لوجوب العوض عليه فإذا لم يكن عليه شيء من العوض سقط اعتبار رضاه و كذلك لو وكله ان يصالح عنه بألف و ضمن المال فصالح بالفين أو بمائة دينار و نقده من ماله أو شيء من العروض أو المكيل أو الموزون من عند الوكيل فالصلح جائز و لا يرجع على الموكل بشيء لانه خالف أمره حين صالح على ما سمى له كالفضولي في هذا الصلح و لو صالحه على أقل من ألف درهم و ضمنه جاز على الموكل لانه امتثل أمره فان صالحه بأقل مما سمى من الدراهم يكون خيرا للموكل فهذا لا يعد خلافا و قد وقع ضمن بدل الصلح بامره فيكون له أن يرجع به عليه قال و لو وكله أن يصالح على كر حنطة فصالح على كر شعير أو دراهم جاز على الوكيل دون الآمر لانه خالف ما أمره به نصا قال و لو وكله أن يصالح على عبد بعينه فصالح على أمة للوكيل جاز عليه ان ضمن أو دفع و لا يجوز على الموكل لمخالفته أمره نصا قال و لو وكله أن يصالح على كر حنطة لعينها فصالحه علي غيرها من حنطة أجود منها و ضمنها جاز على الوكيل دون الموكل لانه
(145)
خالف ما أمره به نصا حين أضاف الصلح إلى المحل الذي أمره به الموكل و هو أضر على الموكل مما أمره به قال و لو صالح على كر حنطة وسط بغير عينه و الكر الذي دفع اليه وسط ففى القياس لا يجوز على الموكل لانه لو جاز كان بدل الصلح دينا في ذمته و هو انما وكله بان يصالح على كر حنطة بعينه و كان بهذا مغيرا العقد إلى المحل الذي أمر به و لكنه استحسن و قال يجوز صلحه على الموكل لانه ما خالف أمره به بتسمية شيء آخر سوى المأمور به انما ترك التعيين و لا ضرر على الموكل في ذلك و قد بينا انه انما يعتبر من التقييد ما يكون مفيدا في حق الموكل دون ما لا يكون مفيدا و لان الوكيل قد يبتلى بهذا فقد يتفق الصلح في الموضع الذي فيه الحنطة و لو أضاف العقد إلى عينه و هو مرئى دخل فيه شبهة الاختلاف بين العلماء رحمهم الله في جواز شراء ما لم يره فتجوز عن ذلك بتسمية كر وسط مطلقا على أن يدفع اليه ذلك الكر و لما وكله الموكل مع علمه انه قد يبتلى بهذا فقد صار راضيا بترك التعيين قال و لو وكله المدعى أن يصالح على بيت من هذه الدار بعينه فصالح عليه و هو بيت و آخر فهو جائز لانه زاد خيرا بما صنع و حصل مقصوده قال و لو وكله أن يصالح عن هذا البيت بمائة درهم فصالح عنه و عن بيت آخر بمائة درهم و الوكيل من جانب المدعى عليه جاز في حصة ذلك البيت لانه امتثل أمره حين صالحه عن ذلك البيت على أقل مما سمى له قال و لو وكله رب الدار أن يصالح عنه و لم يسم له شيأ فصالح على مال كثير و ضمن فهو لازم للوكيل بحكم ضمانه ثم ان كان مما يتغابن الناس فيه جاز على الموكل و ان كان أكثر من ذلك لم يجز على الموكل لانه بمنزلة الوكيل بالشراء و قد بينا أن تصرفه هناك يتقيد بما يتغابن الناس في مثله فإذا زاد على ذلك لم يجز على الموكل فان كان الوكيل وكيلا للمدعى فصالح على شيء يسير فهو جائز على المدعى في قول أبى حنيفة رحمه الله لانه بمنزلة الوكيل بالبيع و التوكيل مطلق فلا يتقيد بشيء من البدل كما هو مذهبه في قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله لا يجوز الا أن يحط عنه فيما يتغابن الناس في مثله بمنزلة الوكيل بالبيع و الشراء عندهما و ان لم يعرف الدعوي فالصلح جائز على كل حال يريد به إذا كان الخصم منكرا و لا حجة للمدعى أو لا يعرف مقدار ما يدعيه من الدار فالصلح على البدل اليسير في مثل هذا الموضع متعارف و الحط على وجه يكون فيه إسقاط شيء من حق الموكل معلوم هنا فلهذا جاز الصلح على كل حال قال و إذا و كل المشترى الطاعن بالعيب وكيلا بالصلح فأقر أن صاحبه قد رضى بالعيب فإقراره
(146)
باطل لان الوكيل بالصلح لا يملك الخصومة و صحة اقرار الوكيل باعتبار مباشرته أو كونه وكيلا بالخصومة و لم يوجد ذلك قال و لو كان البائع عبدا فوكل مولاه وكيلا بالصلح لم يجز ان كان على العبد دين و جاز ان لم يكن عليه دين كما لو بأشر المولى الصلح بنفسه و هذا لان كسب العبد خالص ملك مولاه ان لم يكن عليه دين و حق غرمائه ان كان عليه دين فيكون المولى منه كالأَجنبي و كذلك لو كان العبد هو المشترى قال و لا يجوز توكيل المولى على المكاتب بذلك لانه من كسبه كالأَجنبي لا يملك مباشرة الصلح بنفسه فلا يملك أن يوكل به غيره و لو كان ابن المكاتب ولدا من أمة له فباع أو اشترى فطعن بعيب أو طعن عليه فوكل المكاتب بالصلح في ذلك جاز ان لم يكن على الاب دين و ان كان دخل عليه دين لم يجز لان كل من في كتابته فكسبه يكون له بشرط الفراغ من دينه يأخذه فيستعين به في قضأ بدل الكتابة فإذا لم يكن على العبد دين فالمكاتب يملك هذا الصلح بنفسه فكذلك يوكل غيره به بخلاف ما إذا كان عليه دين قال و لو و كل المكاتب وكيلا بالخصومة في ذلك لم يجز على أبيه ان كان عليه دين أو لم يكن لان الخصومة في العيب من حقوق العقد و العقد انما باشره الابن و المكاتب لا يملك الخصومة فيه بنفسه على كل حال فكذلك لا يملك أن يوكل به غيره بخلاف الصلح فانه أنشأ عقدا في كسبه و هو يملكه إذا كان الكسب حقه و كذلك لو و كل المكاتب وكيلا بتقاضى دين لابنه و بالخصومة في ذلك لم يجز ان كان على العبد دين أو لم يكن لان الابن هو الذي بأشر المداينة فحق القبض و التقاضى اليه دون المكاتب و الذى بينا في المكاتب مع ابنه فكذلك الجواب في المولى مع عبده قال و إذا كان دين بين رجلين فوكل أحدهما وكيلا فاقتضى منه شيأ كان نصف ما أخذ لشريكه لان أصل الدين مشترك بينهما و قبض وكيل أحدهما كقبض الموكل بنفسه و للشريك أن يأخذ منه نصفه و ان ضاع المقبوض من الوكيل فللشريك أن يضمن صاحبه نصف ما أخذ الوكيل لان الموكل صار قابضا بقبض وكيله فكان هلاكه في يد الوكيل كهلاكه في يد الموكل فلهذا يرجع الشريك عليه بنصفه قال و ان كان وكله بقبض ماله كله فقبضه فهلك منه فللشريك أن يضمن شريكه نصف ذلك كما لو قبضه بنفسه و ان شاء ضمن الوكيل لانه في قبض نصيب الشريك متعد في حق الشريك فكان له أن يضمنه نصيبه بتعديه ثم يرجع الوكيل بما ضمن لانه قائم مقام من ضمنه و لانه لحقه غرم فيما باشره بأمر الموكل فيرجع به عليه و ذكر في نسخ أبى حفص رحمه لله أن