بطريق الاولى و ان باع العبد فان رضى المشترى أن يكون العبد على وكالته فهو وكيل و ان لم يرض بذلك فله ذلك كما لو وكله بعد البيع و هذا لان منافع العبد صارت للمشتري فلا يكون له ان يصرفها إلى حاجة الموكل الا برضا المشترى قال و لو و كل المسلم الحربي في دار الحرب و المسلم في دار الاسلام أو وكله الحربي فالوكالة باطلة لانه لا عصمة بين من هو من أهل دار الحرب و بين من هو من أهل دار الاسلام ( ألا ترى ) أن عصمة النكاح مع قوتها لا تبقي بين من هو في دار الحرب و بين من هو في دار الاسلام فلان لا تثبت الوكالة أولى و هذا لان تصرف الوكيل برأى الموكل و من هو في دار الحرب في حق من هو في أهل دار الاسلام كالميت و الوكيل يرجع بما يلحقه من العهدة على الموكل و تباين الدارين يمنع من هذا الرجوع قال و ان و كل الحربي الحربي في دار الحرب ثم اسلما أو أسلم أحدهما فالوكالة باطلة لان النيابة بالوكالة تثبت حكما و دار الحرب ليست بدار أحكام بخلاف البيع و الشراء فان ثبوت الحكم هناك بالاستيلاء حسا على ما يقتضيه ( ألا ترى ) ان بعد ما أسلما لم يكن لاحدهما أن يخاصم صاحبه بشيء من بقايا معاملاتهم في دار الحرب فكذلك لا تعتبر تلك الوكالة و ان أسلما جميعا ثم و كل أحدهما صاحبه أجزت ذلك بمنزلة المسلمين من الاصل و إذا خرج الحربي إلينا بأمان و قد وكله حربى آخر في دار الحرب ببيع شيء أجزت ذلك لان ذلك الشيء معه يتمكن من التصرف فيه و قد ثبت حكم الامان فيه فكأنه وكله ببيعه و هما مستأمنان في دارنا بخلاف ما إذا لم يكن ذلك الشيء معه فان حكم الامان لم يثبت فيه و لا يقدر الوكيل على تسليمه بحكم البيع و ان كان وكله بخصومة لم يجز ذلك على الحربي لان الالزام بخصومة الوكيل انما تكون على الموكل و ليس للقاضي ولاية الالزام على من هو في دار الحرب قال و توكيل المرتد المسلم ببيع أو قبض أو خصومة أو ذلك موقوف في قول أبى حنيفة رحمه الله بمنزلة سائر تصرفاته عنده انها توقف بين أن تبطل بقتله أو موته أو لحوقه بدار الحرب و بين ان تنفذ بإسلامه فكذلك وكالته و عندهما تصرفات المرتد نافذة فكذلك وكالته و لو ارتد الوكيل و لحق بدار الحرب انتقضت الوكالة لانقطاع العصمة بين من هو في دار الحرب و بين من هو في دار الاسلام و إذا قضي القاضي بلحاقه بعد موته أو جعله من أهل دار الحرب فتبطل الوكالة ( ألا ترى ) ان ابتداء الوكيل لا يصح في هذه الحال فان عاد مسلما لم تعد الوكالة في قول أبى يوسف رحمه الله و عادت في قول محمد رحمه الله .وجه قول أبى يوسف رحمه الله ان قضأ
(15)
القاضي بلحوقه بمنزلة القضاء بموته و ذلك إبطال للوكالة و بعد ما تأكد بطلان الوكالة بقضاء القاضي لا تعود الا بالتجديد و لانه لما عاد مسلما كان بمنزلة الحربي إذا أسلم الآن ( ألا ترى ) ان الفرقة الواقعة بينه و بين زوجته لا ترتفع بذلك فكذلك الوكالة التي بطلت لا تعود و محمد رحمه الله يقول صحة الوكالة لحق الموكل و حقه بعد الحاقه بدار الحرب قائم و لكنه عجز عن التصرف لعارض و العارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن فيبقى الوكيل على وكالته بعد ردة الموكل على حاله و لكن تعذر على الوكيل بمنزلة ما لو اغمى على الوكيل زمانا ثم افاق فهو على وكالته فاما إذا ارتد الموكل و لحق بدار الحرب بطلت الوكالة لقضاء القاضي بلحاقه بدار الحرب فان عاد مسلما لم يعد الوكيل على وكالته في رواية الكتاب فابو يوسف رحمه الله سوى بين الفصلين و محمد رحمه الله يفرق فيقول الوكالة تعلقت بملك الموكل و قد زال ملكه بردته و لحاقه فبطلت الوكالة على البتات و اما بردة الوكيل فلم يزل ملك الموكل قائما فكان محل تصرف الوكيل باقيا و لكنه عجز عن التصرف لعارض فإذا زال العارض صار كان لم يكن و جعل على هذه الرواية ردة الموكل بمنزلة عزله الوكيل لانه فوت محل وكالته بمنزلة ما لو وكله ببيع عبد ثم أعتقه و فى السير الكبير يقول محمد رحمه الله يعود الوكيل على وكالته في هذا الفصل أيضا لان الموكل إذا عاد مسلما يعاد عليه ماله عل قديم ملكه و قد تعلقت الوكالة بقديم ملكه فيعود الوكيل على وكالته كما لو و كل ببيع عبد له ثم باعه الموكل بنفسه و يرد عليه بالعيب بقضاء القاضي عاد الوكل على وكالته فهذا مثله قال و إذا و كل رجلان رجلا وأحدهما يخاصم صاحبه لم يجز أن يكون وكيلهما في الخصومة لانه يؤدى إلى فساد الاحكام فانه يكون مدعيا من جانب جاحدا من الجانب الآخر و التضاد منهى عنه في البيع و الشراء فإذا كان في البيع لا يصلح الواحد ان يكون وكيلا من الجانبين ففى الخصومة أولى و ان كانت الخصومة لهما مع ثالث فوكل واحدا جاز لان الوكيل معبر عن الموكل و الواحد يصلح ان يكون معبرا عن اثنين كما يصلح ان يكون معبرا عن واحد و إذا و كل رجلا بالخصومة ثم عزله بغير علم منه لم ينعزل عندنا و قال الشافعي رحمه الله ينعزل لان نفوذ الوكالة لحق الموكل فهو بالعزل يسقط حق نفسه و ينفرد المرء باسقاط حق نفسه ( ألا ترى ) انه يطلق زوجته و يعتق عبده بغير علم منهما و يكون ذلك صحيحا و الثاني الوكالة للموكل لا عليه و لهذا لا يكون ملزما إياه فلو لم ينفرد بالعزل قبل علم الوكيل به كان ذلك عليه من وجه و ذلك لا يجوز و لكنا نقول
(16)
العزل خطاب ملزم للوكيل بان يمتنع من التصرف و حكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب ما لم يعلم به كخطاب الشرع فان أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد الامر بالتوجه إلى الكعبة و جوز لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم حين لم يعلموا به و كذلك كثير من الصحابة رضوان الله عليهم شربوا الخمر بعد نزول تحريمها قبل علمهم بذلك و فيه نزل قوله تعالى ليس على الذين آمنوا و عملوا الصالحات جناح فيما طعموا و لان هذا الخطاب مقصود للعمل و لا يتمكن من العمل ما لم يعلم و لو أثبتنا العزل في حق الوكيل قبل علمه أدى إلى الاضرار به و الغرر و لم يثبت للوكيل عليه ولاية الاضرار به و هذا بخلاف ما إذا أعتق العبد الذي وكله ببيعه لان العزل هناك حكمى لضرورة فوات المحل فلا يتوقف على العلم وهنا انما يثبت العزل قصدا فلا يثبت حكمه في حق الوكيل ما لم يعلم به دفعا للضرر عنه حتى إذا نفذ القاضي القضاء على الوكيل قبل علمه بالعزل كان نافذا و للوصى أن يوكل بالخصومة لليتامى لانه قائم مقام الاب و لانه يملك مباشرة الخصومة بنفسه فله أن يستعين بغيره بخلاف الوكيل فان هناك رأى الموكل قائم و إذا عجز الوكيل عن المباشرة بنفسه فلا حاجة له إلى الاستعانة بغيره بل يرجع إلى الموكل ليخاصم بنفسه أو يوكل غيره وهنا رأى الموصى ثابت و الصبي عاجز عن الخصومة بنفسه و انما يصير الاب وصيا له لدفع الضرر عن الصبي و ذلك انما يحصل بمباشرة الوصي بنفسه تارة و الاستعانة بغيره أخرى فلهذا ملك التوكيل قال و إذا و كل الرجل بالخصومة عند القاضي و القاضي يعرف الموكل فهو جائز لان علم القاضي بالوكالة يتم إذا عرف الموكل و علمه أقوى من شهادة الشهود عنده و ان لم يعرفه لم يقبل ذلك منه حتى يشهد للوكيل على الوكالة شاهدان يريد به أن الوكيل إذا حضر خصم يدعى لموكله قبله ما لا و ذلك الخصم يجحد وكالته فالقاضي يقول للوكيل قد عرفت أن رجلا من الناس قد وكلك و لكني لا أدري من يدعى له الحق الآن هو ذلك الرجل أم لا لانى ما كنت أعرف ذلك الرجل فلهذا لا يجد الوكيل بدا من اقامة البينة على الوكالة من جهة ذلك الرجل الذي يدعى الحق له و إذا و كل الرجل بقبض عبد له أو اجارته فادعى العبد العتق من مولاه و أقام البينة ففي القياس لا تقبل هذه البينة لانها قامت على من ليس بخصم فان الوكيل بقبض العين لا يكون خصما و العبد انما يدعى العتق على مولاه و المولى غائب و لكنه استحسن
(17)
فقال تقبل هذه البينة في قصر يد الوكيل عن العبد دون القضاء بالعتق لانها تتضمن العتق و من صيرورته قصر يد الوكيل عن قبضه و اجازته و الوكيل ليس بخصم في أحدهما و هو إثبات العتق على الموكل و لكنه خصم في إثبات قصر يده و ليس من ضرورة قصر يده القضاء بالعتق على الغائب فلهذا قلنا البينة في قصر يد الوكيل عنه و ان لم يقم العبد البينة و ادعى أن له بينة حاضرة أجله القاضي ثلاثا فان أحضر بينة و الا دفعه إلى الوكيل لانه لا يتمكن من إحضار الشهود الا بمهلة فلو لم يمهله القاضي أدى إلى الاضرار بالعبد و مدة الثلاث حسن لدفع الضرر وابلاغا للعذر كما اشترطت في الخيار و كذلك لو وكله بنقل إمرأته اليه فأقامت البينة أن زوجها طلقها ثلاثا أو وكله بقبض دار فأقام ذو اليد البينة انه اشتراها من الموكل لانه وكيل بقبض العين و الوكيل بقبض العين لا يكون خصما فيما يدعى على الموكل من شراء أو ذلك لكنه خصم في قصر يده عنه فتقبل البينة عليه في هذا الحكم و لو وكله بقبض دين له فأقام الغريم البينة انه قد أوفاه الطالب قبل ذلك منه في قول أبى حنيفة رحمه الله لان الوكيل بقبض الدين عنده يملك خصومته فيكون خصما عن الوكيل فيما يدعى عليه من وصول الحق اليه و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله الوكيل بقبض الدين كالوكيل بقبض العين في أنه نائب محض فتقصر وكالته على ما أمر به فلا يملك الخصومة و لا يكون خصما فيما يدعى على الموكل و قاساه بالرسول فان الرسول بقبض الدين لا يملك فكذلك الوكيل لان كل واحد منهما لا يلحقه شيء من العهدة و أبو حنيفة رحمه الله يقول الوكيل بقبض الدين وكيل بالمبادلة فيكون خصما كالوكيل بالبيع و بيان ذلك أن الديون تقضي بأمثالها فكان الموكل وكله بان يملك المطلوب ما في ذمته بما يستوفى منه بخلاف الوكيل بقبض الدين فليس فيه من معنى التمليك شيء ثم قبض الدين من وجه مبادلة من وجه كانه حق الموكل لان من الديون ما لا يجوز الاستبدال به فلاعتبار شبهه بقبض العين قلنا لا تلحقه العهدة في المقبوض و لاعتبار شبهه بالمبادلة قلنا يملك الخصومة و ليس هذا كالرسول فان الرسول في البيع لا يخاصم بخلاف الوكيل فكذلك في قبض الدين و هذا لان الرسالة الوكالة ( ألا ترى ) أن الله تعالى سمى محمدا صلى الله عليه و سلم رسولا إلى الخلق بقوله تعالى يا أيها الرسول و نفى عنه الوكالة بقوله قل لست عليكم بوكيل و قال الله تعالى و ما أنت عليهم بوكيل فظهرت المغايرة بينهما و الله أعلم
(18)
( باب الشهادة في الوكالة ) ( قال رحمه الله ) و يجوز من الشهادة في الوكالة ما يجوز في غيرها من حقوق الناس لان الوكالة لا تندرئ بالشبهات إذا وقع فيها الغلط أمكن التدارك و التلافى فتكون بمنزلة سائر الحقوق في الحجة و الاثبات أو دونه و لا تفسد باختلاف الشاهدين في الوقت و المكان لانها كلام يعاد و يكرر و يكون الثاني عين الاول فاختلاف الشاهدين فيه في المكان و الزمان لا يكون في المشهود به و ان شهدا على الوكالة و زادا انه كان عزله عنها جازت شهادتهما على الوكالة و لم تجز شهادة أحدهما على العزل عندنا و قال زفر رحمه الله لا يقضى بهذه الشهادة بالوكالة في الحال لان أحد الشاهدين يزعم انه ليس بوكيل في الحال فكيف يقضى بالوكالة بهذه الحجة و لكنا نقول العزل يكون إخراجا للوكيل من الوكالة و لا يتبين به أنه لم يكن وكيلا فقد اتفق الشاهدان على الوكالة و بعد ثبوتها تكون باقية إلى ان يظهر العزل فانما يقضى القاضي ببقاء الوكالة لان دليل العزل لم يظهر بشهادة الواحد و ان شهد أحدهما انه وكله بخصومة فلان في دار سماها و شهد الآخر انه وكله بالخصومة فيها و فى شيء آخر جازت الشهادة في الدار التي اجتمعا عليها لان الوكالة تقبل التخصيص فانه أنابه و قد ينيب الغير مناب نفسه في شيء دون شيء ففيما اتفق عليه الشاهدان تثبت الوكالة و فيما تفرد به أحدهما لم تثبت و هو قياس ما لو شهد أحد شاهدي الطلاق أنه طلق زينب و شهد الآخر انه طلقها و عمرة فتطلق زينب خاصة لاتفاق الشاهدين عليها فكذلك هنا و ان شهد له شاهدان بالوكالة و الوكيل لا يدرى انه وكله أو لم يوكله أنه قال أخبرني الشهود أنه وكلني بذلك فأنا أطلبها فهو جائز لان بخبر الشاهدين يثبت العلم للقاضي بالوكالة حتى يقضي بها فكذلك يثبت العلم للوكيل حتى يطلبها بل أولى لان دعوى الوكيل ملزمة و قضاء القاضي ملزم و هو نظير الوارث إذا أخبره الشاهدان بحق لمورثه على فلان جاز له أن يدعى ذلك ليشهدا له و ان شهدا على وكالته في شيء معروف و الوكيل يجحد الوكالة و يقول لم يوكلنى فان كان الوكيل هو الطالب فليس له ان يأخذ بتلك الوكالة لانه أكذب شهوده حين جحد الوكالة و إكذاب المدعى شهوده يبطل شهادتهم له بخلاف الاول فانه هناك ما أكذب شهوده بقوله لا أدري أو و كلي أم لا و لكنه احتاط لنفسه و بين انه ليس عنده علم اليقين بوكالته و انما يعتمد خبر الشاهدين إياه بذلك و ذلك يوجب العلم من حيث الظاهر فان كان الوكيل هو المطلوب فان شهدا انه قبل الوكالة لزمته الوكالة لان
(19)
توكيل المطلوب بعد قبول الوكالة مجبر على جواب الخصم دفعا للضرر عن الطالب فانا لو لم نجبره على ذلك و قد غاب المطلوب تضرر المدعى بتعذر إثبات حقه عليه فانما شهدا عليه بما هو ملزم إياه فقبلت الشهادة و ان يشهد على قبوله و له ان يقبل و له ان يرد لان الثابت من التوكيل بالبينة كالثابت بالمعاينة و لو عاين توكيل المطلوب إياه كان هو بالخيار ان شاء رد لان احدا لا يقدر على ان يلزم غيره شيئا بدون رضاه فكذلك هنا و لو لم نجبره على الجواب هنا لا يلحق المدعي ضرر من جهة الوكيل و انما يلحقه الضرر بترك النظر لنفسه فاما بعد القبول فلو لم يجبره على الجواب تضرر الطالب بمعنى من جهة الوكيل لانه انما ترك المطلوب اعتمادا على قبول الوكيل الوكالة و تجوز شهادة الذميين على توكيل المسلم مسلما أو ذميا بقبض دينه من مسلم أو ذمى لان في هذه البينة معنى الالزام على المسلم فان الوكالة متى ثبتت استفاد المطلوب البراءة من حقه بدفع الدين إلى الوكيل و كان المقبوض أمانة في يد الوكيل إذا هلك ضاع حق المسلم و شهادة أهل الذمة لا تكون حجة في إلزام شيء على المسلم و ان كان الطالب ذميا و الوكيل مسلما و المطلوب ذميا جازت شهادتهما لان الالزام في هذه الشهادة على الذمي فانها تلزم المطلوب دفع المال و هو ذمى و يبرأ بهذا الدفع عن حق الطالب و هو ذمى و شهادة أهل الذمة حجة على الذمي و ان كان المطلوب مسلما فان كان منكرا للوكالة لم يجز شهادتهما لان فيها إلزام قضأ الدين على المسلم المطلوب فيجبر على دفع المال إلى الوكيل متى ثبتت الوكالة و شهادة أهل الذمة لا تصلح للالزام على المسلم فان كان المطلوب مقرا بالدين و الوكالة جازت شهادتهم لان معنى الالزام فيها على الطالب فاما الالزام على الطالب فقد ثبت بإقراره بالدين و الوكالة ( ألا ترى ) أن هذه البينة و ان لم تقم كان هو مجبرا على دفع المال إلى الوكيل و انما تثبت بهذه البينة براءته عن حق الطالب بالدفع إلى الوكيل و الطالب ذمى و إذا كان المطلوب غائبا فادعى الطالب في داره دعوى و نفاها المطلوب فشهدا بنا المطلوب أنه قد و كل هذا الوكيل بخصومته في هذه الدار و الوكيل يجحد ذلك فهو باطل لانهما يشهدان لابيهما فانهما يثبتان بشهادتهما نائبا عن أبيهما ليخاصم الطالب و يقيم البينة حجة للدفع فيقرر به ملك أبيهما و شهادة الولد لا تقبل لابيه قال و كذلك لو كان الطالب يجحد الوكالة لان الوكيل ان كان جاحدا للوكالة فليس هنا من يدعيها و بدون الدعوي لا تقبل الشهادة على الوكالة و ان كان الوكيل مدعيا للوكالة فالطالب لا يكون مجبرا على الدعوي و ان كان هذا الرجل وكيلا كما لا يجبر على الدعوي
(20)
عند حضرة المطلوب مع ان الابنين نصبا نائبا عن أبيهما ليثبتا حجة الدفع لابيهما على الطالب و لو أن رجلا كان له على رجل مال فغاب الطالب و دفع المطلوب المال إلى رجل ادعي انه وكيل الطالب في قبضه فقبضه ثم قدم الطالب فجحد ذلك فشهد للمطلوب ابنا الطالب بالوكالة جازت الشهادة لانهما يشهدان على أبيهما فان هذه الشهادة لو انعدمت كان للطالب أن يرجع في حقه على المطلوب إذا حلف انه لم يوكل الوكيل و عند قبول هذه الشهادة يبطل حقه في الرجوع على المطلوب و يستفيد المطلوب البراءة بما دفع إلى الوكيل فظهر أنهما يشهدان على أبيهما و شهادة الواحد على والده مقبولة و لو و كل رجل رجلا بقبض دين له على رجل و غاب فشهد على ذلك ابنا الطالب و المطلوب يجحد الوكالة لم تجز الشهادة لانهما ينصبان نائبا عن أبيهما ليطالب المطلوب بالدين و يستوفيه فيتعين به حق أبيهما فكانا شاهدين له و ان أقر بها المطلوب و ادعاها أحدهما جازت لان المطلوب بإقراره بالوكالة صار مجبرا على دفع المال إلى الوكيل بدون هذه الشهادة فهذه الشهادة تقوم على الطالب في إثبات البراءة للمطلوب عن حقه بالدفع إلى الوكيل و شهادة الابنين على أبيهما مقبولة و ان كان في يديه فشهد ابنا الطالب أن أباهما و كل هذا بالخصومة فيها و جحد ذلك المطلوب أو أقر لم تجز الشهادة أما إذا جحد فلما بيناه في الفصل الاول و أما إذا أقر به فلانه بهذا الاقرار لم يصر مجبرا على الدفع إلى الوكيل و لا على جوابه ان خاصمه ( ألا ترى ) أن البينة لو لم تقم هنا لم يكن الوكيل مجبرا بشهادتهما على شيء و ان أقر بوكالته فانما يصير مجبرا بشهادتهما و هو بذلك يصير نائبا لابيهما ملزما على الغير فلا تقبل شهادتهما فيه ( وأصل هذه المسألة ) أن من جاء إلى المديون و قال أنا وكيل صاحب الدين في قبض الدين منك فصدقه فانه يجبر على دفع المال اليه و لو جاء إلى المودع و قال انا وكيل صاحب الوديعة في قبض الوديعة منك فصدقه فانه لا يجبر على الدفع اليه لان المديون انما يقضى الدين بملك نفسه فهو بالتصديق يثبت له حق القبض في ملكه و إقراره في ملك نفسه ملزم فاما في الوديعة فهو بالتصديق يقر بحق القبض له في ملك الغير و قوله ليس بملزم في حق الغير و قد روي عن ابي يوسف رحمه الله أن المودع إذا صدق مدعى الوكالة فيها يجبر على دفعها إلى الوكيل لان بإقرار الوكيل يكون أولى بإمساكها منه و اليد حقه فإقراره بها لغيره يكون ملزما و لانه يقر أنه يصير ضامنا بالامتناع من الدفع إلى الوكيل بعد طلبه و إقراره بسبب الضمان على نفسه مثبت إياه و لا يثبت ذلك الضمان