إلقاء الخطب في عرفات
المعروف عن سيرة رسول الله (صلى
الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) أنهم كانوا يلقون الخطب
لحجاج بيت الله الحرام، ويتطرقون في خطبهم إلى بيان المعارف الدينية
والأخلاقية. حتى إن الخلفاء والحكام وتأسياً بهم، كانوا يلقون الخطب في هذه
البقعة المقدسة، وشيئاً فشيئاً اُقيم منبرٌ لخطيب يوم عرفة، يرتقيه الخطباء
للتحدّث الى الحجاج.
وقال عمرو بن دينار: رأيت في زمن
ابن الزبير منبر عرفة، حيث يصلّي الظهر والعصر عشية عرفة، مبنياً بحجارة
صغيراً، فذهب به السيل، فجعل ابن الزبير حينئذ منبراً من عيدان57.
وقام الرسول الاكرم (صلى الله
عليه وآله) في حجة الوداع، وهي آخر حجة له، بإلقاء الخطبة مرتين; الأولى قبل
صلاة الظهر والعصر، والثانية بعدهما، وأبلغ الناس فيهما بقوانين الدين العامة
وأحكامه الأبدية58.
وخطب محمد بن هشام في عرفة أيضاً
وقال: «عرفة كلهّا موقف حتى منبري هذا»59.
ويدأب الحجاج الإيرانيون في الوقت
الحاضر على القيام بما يلي: في يوم
عرفة يبدأ رجل الدين المرافق للقافلة بإلقاءالخطبة للحجاج، ثم يشرعون
بقراءة دعاء عرفة، وفي مقر بعثة قائد الثورة الإسلامية أيضاً تقوم إحدى
الشخصيات الدينية المعروفة بالتحدث وإلقاء الخطبة، ثم يقوم أحد مدّاحي أهل
البيت (عليهم السلام)بقراءة الأشعار وذكر مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)،
وفي الختام يُقرأ دعاء عرفة.
وقال الأزرقي: «والمسافة بين
المسجد الحرام وبين موقف الإمام بعرفة، عشرة أذرع بريد سواء لا يزيد ولا
ينقص»60.