عوالم وجـود الاِنسان - عقائد الإسلامیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 1

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





يتوقف ذلك على صفة الصراحة، وإمكان الحمل على التمثيل لا يوجب الحمل
عليه ما لم يتحقق هناك مانع عن حمله على ظاهره، وقد تبين أن لا مانع من ذلك.


وإما أن الروايات ضعيفة لا معول عليها فليس كذلك، فإن فيها ما هو الصحيح
وفيها ما يوثق بصدوره كما سيجيء إن شاء الله تعالى، في البحث الروائي التالي.


هذا ملخص ما جرى بينهم من البحث فيما استفيد من الآية من حديث عالم الذر
إثباتاً ونفياً، واعتراضاً وجواباً. واستيفاء التدبر في الآية والروايات، والتأمل فيما
يرومه المثبتون بإثباتهم ويدفعه المنكرون بإنكارهم، يوجب توجيه البحث إلى جهة
أخرى غير ما تشاجر فيه الفريقان بإثباتهم ونفيهم.


فالذي فهمه المثبتون من الرواية ثم حملوه على الآية وانتهضوا لاِثباته محصله:
أن الله سبحانه بعد ما خلق آدم إنساناً تاماً سوياً أخرج نطفه التي تكونت في صلبه ثم
صارت هي بعينها أولاده الصلبيين إلى الخارج من صلبه، ثم أخرج من هذه النطف
نطفها التي ستتكون أولاداً له صلبيين ففصل بين أجزائها والاَجزاء الاَصلية التي
اشتقت منها، ثم من أجزاء هذه النطف أجزاء أخرى هي نطفها ثم من أجزاء الاَجزاء
أجزاءها، ولم يزل حتى أتى آخر جزء مشتق من الاَجزاء المتعاقبة في التجزي.
وبعبارة أخرى: أخرج نطفة آدم التي هي مادة البشر ووزعها بفصل بعض أجزائه من
بعض إلى ما لا يحصى من عدد بني آدم بحذاء كل فرد ما هو نصيبه من أجزاء نطفة
آدم، وهي ذرات منبثة غير محصورة، ثم جعل الله سبحانه هذه الذرات المنبثة عند
ذلك أو كان قد جعلها قبل ذلك كل ذرة منها إنساناً تاماً في إنسانيته هو بعينه الاِنسان
الدنيوي الذي هو جزء المقدم له، فالجزء الذي لزيد هناك هو زيد هذا بعينه والذي
لعمرو هو عمرو هذا بعينه، فجعلهم ذوي حياة وعقل و جعل لهم ما يسمعون به وما
يتكلمون به وما يضمرون به معاني فيظهرونها أو يكتمونها، وعند ذلك عرفهم نفسه
فخاطبهم فأجابوه وأعطوه الاِقرار بالربوبية، إما بموافقة ما في ضميرهم لما في
لسانهم أو بمخالفة ذلك.



ثم إن الله سبحانه ردهم بعد أخذ الميثاق إلى مواطنهم من الاَصلاب حتى
اجتمعوا في صلب آدم وهي على حياتها ومعرفتها بالربوبية وإن نسوا ما وراء ذلك
مما شاهدوه عند الاِشهاد وأخذ الميثاق، وهم بأعيانهم موجودون في الاَصلاب
حتى يؤذن لهم في الخروج إلى الدنيا فيخرجون، وعندهم ما حصلوه في الخلق
الاَول من معرفة الربوبية، و هي حكمهم بوجود رب لهم من مشاهدة أنفسهم
محتاجة إلى من يملكهم ويدبر أمرهم.


هذا ما يفهمه القوم من الخبر والآية ويرومون إثباته وهو مما تدفعه الضرورة
وينفيه القرآن والحديث بلا ريب، وكيف الطريق إلى اثبات أن ذرة من ذرات بدن زيد
وهو الجزء الذري الذي انتقل من صلب آدم من طريق نطفته إلى ابنه ثم إلى ابن ابنه
حتى انتهى إلى زيد هو زيد بعينه وله إدراك زيد وعقله وضميره وسمعه وبصره، وهو
الذي يتوجه إليه التكليف وتتم له الحجة ويحمل عليه العهود والمواثيق ويقع عليه
الثواب والعقاب، وقد صح بالحجة القاطعة من طريق العقل والنقل أن إنسانية
الاِنسان بنفسه التي هي أمر وراء المادة حادث بحدوث هذا البدن الدنيوي، وقد
تقدم شطر من البحث فيها.


على أنه قد ثبت بالبحث القطعي أن هذه العلوم التصديقية البديهية والنظرية،
ومنها التصديق بأن له رباً يملكه ويدبر أمره، تحصل للاِنسان بعد حصول التطورات،
والجميع تنتهي إلى الاِحساسات الظاهرة والباطنة، وهي تتوقف على وجود التركيب
الدنيوي المادي، فهو حال العلوم الحصولية التي منها التصديق بأن له رباً هو القائم
برفع حاجته.


على أن هذه الحجة إن كانت متوقفة في تمامها على العقل والمعرفة معاً فالعقل
مسلوب عن الذرة حين أرجعت إلى موطنها الصلبي حتى تظهر ثانياً في الدنيا، وإن
قيل إنه لم يسلب عنها ما تجري في الاَصلاب والاَرحام فهو مسلوب عن الاِنسان ما
بين ولادته وبلوغه أعني أيام الطفولية، ويختل بذلك أمر الحجة على الاِنسان وإن

كانت غير متوقفة عليه، بل يكفي في تمامها مجرد حصول المعرفة، فأي حاجة إلى
الاِشهاد وأخذ الميثاق، وظاهر الآية أن الاِشهاد وأخذ الميثاق إنما هما لاَجل إتمام
الحجة، فلا محالة يرجع معنى الآية إلى حصول المعرفة فيؤول المعنى إلى ما فسرها
به المنكرون.


وبتقرير آخر إن كانت الحجة إنما تتم بمجموع الاِشهاد والتعريف وأخذ الميثاق
سقطت بنسيان البعض وقد نسي الاِشهاد والتكليم وأخذ الميثاق، وإن كان الاِشهاد
وأخذ الميثاق جميعاً مقدمة لثبوت المعرفة ثم زالت المقدمة ولزمت المعرفة وبها
تمام الحجة، تمت الحجة على كل إنسان حتى الجنين والطفل والمعتوه والجاهل،
ولا يساعد عليه عقل ولا نقل، وإن كانت المعرفة في تمام الحجة بها متوقفة على
حصول العقل والبلوغ ونحو ذلك وقد كانت حصلت في عالم الذر فتمت الحجة ثم
زالت وبقيت المعرفة حجة ناقصة ثم كملت ثانياً لبعضهم في الدنيا فتمت الحجة ثانياً
بالنسبة إليهم، فكما أن لحصول العقل في الدنيا أسباباً تكوينية يحصل بها وهي
الحوادث المتكررة من الخير والشر، وحصول الملكة المميزة بينهما من التجارب
حصولاً تدريجياً ينتهي من جانب إلى حد من الكمال ومن جانب إلى حد من
الضعف لا يعبأ به، كذلك المعرفة لها أسباب إعدادية تهيَ الاِنسان إلى التلبس بها
وليست تحصل قبل ذلك، وإذا كانت تحصل في ظرفنا هذا بأسبابها المعدة لها
كالعقل، فأي حاجة إلى تكوينه تكويناً آخر في سالف من الزمان لاِتمام الحجة
والحجة تامة دونه وماذا يغني ذلك.


على أن هذا العقل الذي لا تتم حجة ولا ينفع إشهاد ولا يصح أخذ ميثاق بدونه
حتى في عالم الذر، المفروض هو العقل العملي الذي لا يحصل للاِنسان إلا في هذا
الظرف الذي يعيش فيه عيشة اجتماعية فتتكرر عليه حوادث الخير والشر وتهيج
عواطفه وإحساساته الباطنية نحو جلب النفع ودفع الضرر فتتعاقب عليه الاَعمال عن

علم وإرادة فيخطيء ويصيب، حتى يتدرب في تمييز الصواب من الخطأ والخير من
الشر والنفع من الضر.


والظرف الذي يثبتونه أعني ما يصفونه من عالم الذر ليس بموطن العقل العملي
إذ ليس فيه شرائط حصوله وأسبابه، ولو فرضوه موطناً له وفيه أسبابه وشرائطه كما
يظهر مما يصفونه تعويلاً على ما في ظواهر الروايات أن الله دعاهم هناك إلى التوحيد
فأجابه بعضهم بلسان يوافقه قلبه وأجابه آخرون وقد أضمروا الكفر وبعث إليهم
الاَنبياء والاَوصياء فصدقهم بعض وكذبهم آخرون، ولا يجري ما هاهنا إلا على ما
جرى به ما هنالك، إلى غير ذلك مما ذكروه، كان ذلك إثباتاً لنشأة طبيعية قبل هذه
النشأة الطبيعية في الدنيا نظير ما يثبته القائلون بالاَدوار والاَكوار، واحتاج إلى تقديم
كينونة ذرية أخرى تتم بها الحجة على من هنالك من الاِنسان، لاَن عالم الذر على
هذه الصفة لا يفارق هذا العالم الحيوي الذي نحن فيه الآن، فلو احتاج هذا الكون
الدنيوي إلى تقديم إشهاد وتعريف حتى تحصل المعرفة وتتم الحجة لاحتاج إليه
الكون الذري من غير فرق فارق البتة.


على أن الاِنسان لو احتاج في تحقق المعرفة في هذه النشأة الدنيوية إلى تقدم
وجود ذري يقع فيه الاِشهاد ويوجد فيه الميثاق حتى تثبت بذلك المعرفة بالربوبية،
لم يكن في ذلك فرق بين إنسان وإنسان، فما بال آدم وحواء استثنيا من هذه الكلية،
فإن لم يحتاجا إلى ذلك لفضل فيهما أو لكرامة لهما ففي ذريتهما من هو أفضل منهما
وأكرم، وإن كان لتمام خلقتهما يومئذ فأثبتت فيهما المعرفة من غير حاجة إلى
إحضار الوجود الذري، فلكل من ذريتهما أيضاً خلقة تامة في ظرفه الخاص به، فلم
لم يؤخر إثبات المعرفة فيهم ولهم إلى تمام خلقتهم بالولادة حتى تتم عند ذلك
الحجة، وأي حاجة إلى التقديم.


فهذه جهات من الاِشكال في تحقق الوجود الذري للاِنسان على ما فهموه من
الروايات لا طريق إلى حلها بالاَبحاث العلمية، ولا حمل الآية عليه معها حتى بناء

على عادة القوم في تحميل المعنى على الآية إذا دلت عليه الرواية وإن لم يساعد
عليه لفظ الآية، لاَن الرواية القطعية الصدور كالآية مصونة عن أن تنطق بالمحال.


وأما الحشوية وبعض المحدثين ممن يبطل حجة العقل الضرورية قبال الرواية
ويتمسك بالآحاد في المعارف اليقينية، فلا بحث لنا معهم.


هذا ما على المثبتين. بقي الكلام فيما ذكره النافون أن الآية تشير إلى ما عليه حال
الاِنسان في هذه الحياة الدنيا، وهو أن الله سبحانه أخرج كلا من آحاد الاِنسان من
الاَصلاب والاَرحام إلى مرحلة الاِنفصال والتفرق وركب فيهم ما يعرفون به ربوبيته
واحتياجهم إليه كأنه قال لهم إذا وجه وجوههم نحو أنفسهم المستغرقة في الحاجة:
ألست بربكم، وكأنهم لما سمعوا هذا الخطاب من لسان الحال قالوا: بلى أنت ربنا
شهدنا بذلك، وإنما فعل الله ذلك لتتم عليهم حجته بالمعرفة وتنقطع حجتهم عليه
بعدم المعرفة، وهذا ميثاق مأخوذ منهم طول الدنيا جار ما جرى الدهر والاِنسان
يجري معه.


والآية بسياقها لا تساعد عليه، فإنه تعالى افتتح الآية بقوله: وإذ أخذ ربك الآية،
فعبر عن ظرف هذه القضية بإذ وهو يدل على الزمن الماضي أو على أي ظرف محقق
الوقوع نحوه، كما في قوله: وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس، إلى أن
قال: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم. المائدة ـ 119 فعبر بإذ عن ظرف
مستقبل لتحقق وقوعه.


وقوله: وإذ أخذ ربك خطاب للنبي (ص) أو له ولغيره كما يدل عليه قوله: أن
تقولوا يوم القيامة الآية، إن كان الخطاب متوجهاً إلينا معاشر السامعين للآيات
المخاطبين بها والخطاب خطاب دنيوي لنا معاشر أهل الدنيا، والظرف الذي يتكي
عليه هو زمن حياتنا في الدنيا أو زمن حياة النوع الاِنساني فيها وعمره الذي هو طول
إقامته الاَرض، والقصة التي يذكرها في الآية ظرفها عين ظرف وجود النوع في الدنيا
فلا مصحح للتعبير عن ظرفها بلفظه إذ الدالة على تقدم ظرف القصة على ظرف

الخطاب، ولا عناية أخرى في المقام تصحح هذا التعبير من قبيل تحقق الوقوع
ونحوه وهو ظاهر. فقوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، في عين
أنه يدل على قصة خلقه تعالى النوع الاِنساني بنحو التوليد، وأخذ الفرد من الفرد
وبث الكثير من القليل، كما هو المشهود في نحو تكون الآحاد من الاِنسان
وحفظهم وجود النوع بوجود البعض من البعض على التعاقب، يدل على أن للقصة
وهي تنطبق على الحال المشهود نوعاً من التقدم على هذا المشهود من جريان
الخلقة وسيرها.


وقد تقدمت استحالة ما افترضوا لهذا التقدم من تقدم هذه الخلقة بنحو تقدماً
زمانياً بأن يأخذ الله أول فرد من هذا النوع فيأخذ منه مادة النطفة التي منها نسل هذا
النوع فيجزؤها أجزاء ذرية بعدد أفراد النوع إلى يوم القيامة، ثم يلبس وجود كل فرد
بعينه بحياته وعقله وسمعه وبصره وضميره وظهره وبطنه ويكسيه وجوده التي هي
له قبل أن يسير مسيره الطبيعي فيشهده نفسه ويأخذ منه الميثاق، ثم ينزعه منها
ويردها إلى مكانها الصلبي، حتى يسير سيره الطبيعي وينتهي إلى موطنها الذي لها
من الدنيا، فقد تقدم بطلان ذلك وأن الآية أجنبية عنه.


لكن الذي أحال هذا المعنى هو استلزامه وجود الاِنسان بماله من الشخصية
الدنيوية مرتين في الدنيا واحدة بعد أخرى، المستلزم لكون الشيء غير نفسه بتعدد
شخصيته، فهو الاَصل الذي تنتهي إليه جميع المشكلات السابقة.


وأما وجود الاِنسان أو غيره في امتداد مسيره إلى الله ورجوعه إليه في عوالم
مختلفة النظام متفاوتة الحكم فليس بمحال، وهو مما يثبته القرآن الكريم ولو كره
ذلك الكافرون الذين يقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر
فقد أثبت الله الحياة الآخرة للاِنسان وغيره يوم البعث وفيه هذا الاِنسان بعينه، وقد
وصفه بنظام وأحكام غير هذه النشأة الدنيوية نظاماً وأحكاماً. وقد أثبت حياة
برزخية لهذا الاِنسان بعينه وهي غير الحياة الدنيوية نظاماً وحكماً. وأثبت بقوله: وإن

من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم. الحجر ـ 21 أن لكل شيَ عنده
وجوداً وسيعاً غير مقدر في خزائنه وإنما يلحقه الاَقدار إذا نزله إلى الدنيا مثلاً،
فللعالم الاِنساني على سعته سابق وجود عنده تعالى في خزائنه، أنزله إلى
هذه النشأة.


وأثبت بقوله: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيَ. يس ـ 83 وقوله: وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر. القمرـ50 وما يشابههما من الآيات أن هذا الوجود التدريجي الذي للاَشياء ومنها الاِنسان هو أمر
من الله يفيضه على الشيء ويلقيه إليه بكلمة كن، إفاضة دفعية وإلقاء غير تدريجي.
فلوجود هذه الاَشياء وجهان: وجه إلى الدنيا وحكمه أن يحصل بالخروج من القوة
إلى الفعل تدريجاً ومن العدم إلى الوجود شيئاً فشيئاً، ويظهر ناقصاً ثم لا يزال
يتكامل حتى يفنى ويرجع إلى ربه.


ووجه إلى الله سبحانه وهي بحسب هذا الوجه أمور تدريجية وكل ما لها فهو لها
في أول وجودها من غير أن تحتمل قوة تسوقها إلى الفعل.


وهذا الوجه غير الوجه السابق وإن كانا وجهين لشيء واحد، وحكمه غير حكمه
وإن كان تصوره التام يحتاج إلى لطف قريحة، وقد شرحناه في الاَبحاث السابقة
بعض الشرح، وسيجيء إن شاء الله استيفاء الكلام في شرحه.


ومقتضى هذه الآيات أن للعالم الاِنساني على ما له من السعة وجوداً جميعاً عند
الله سبحانه، وهو الذي يلي جهته تعالى ويفيضه على أفراده لا يغيب فيها بعضهم
عن بعض ولا يغيبون فيه عن ربهم ولا هو يغيب عنهم، وكيف يغيب فعل عن فاعله
أو ينقطع صنع عن صانعه، وهذا هو الذي يسميه الله سبحانه بالملكوت، ويقول:
وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والاَرض وليكون من الموقنين. الاَنعام ـ 75
ويشير إليه بقوله: كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين.
التكاثر ـ 7.



وأما هذا الوجه الدنيوي الذي نشاهده نحن من العالم الاِنساني، وهو الذي يفرق
بين الآحاد ويشتت الاَحوال والاَعمال بتوزيعها على قطعات الزمان وتطبيقها على مر
الليالي والاَيام ويحجب الاِنسان عن ربه بصرف وجهه إلى التمتعات المادية الاَرضية
واللذائذ الحسية، فهو متفرع على الوجه السابق متأخر عنه. وموقع تلك النشأة وهذه
النشأة في تفرعها عليها موقعاً كن ويكون في قوله تعالى: أن نقول له كن فيكون.
يس ـ 82.


ويتبين بذلك أن هذه النشاة الاِنسانية الدنيوية مسبوقة بنشأة أخرى إنسانية هي
هي بعينها غير أن الآحاد موجودون فيها غير محجوبين عن ربهم يشاهدون فيها
وحدانيته تعالى في الربوبية بمشاهدة أنفسهم، لا من طريق الاِستدلال بل لاَنهم لا
ينقطعون عنه ولا يفقدونه ويعترفون به وبكل حق من قبله. وأما قذارة الشرك
وألواث المعاصي فهو من أحكام هذه النشأة الدنيوية دون تلك النشأة التي ليس فيها
إلا فعله تعالى القائم به، فافهم ذلك.


وأنت إذا تدبرت هذه الآيات ثم راجعت قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم
من ظهورهم ذريتهم، الآية، وأجدت التدبر فيها وجدتها تشير إلى تفصيل أمر تشير
هذه الآيات إلى إجماله، فهي تشير إلى نشأة إنسانية سابقة فرق الله فيها بين أفراد هذا
النوع وميز بينهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا.


ولا يرد عليه ما أورد على قول المثبتين في تفسير الآية على ما فهموه من معنى
عالم الذر من الروايات على ما تقدم، فإن هذا المعنى المستفاد من سائر الآيات
والنشأة السابقة التي تثبته لا تفارق هذه النشأة الاِنسانية الدنيوية زماناً، بل هي معها
محيطة بها لكنها سابقة عليها السبق الذي في قوله تعالى كن فيكون، ولا يرد عليه
شيء من المحاذير المذكورة.


ولا يرد عليه ما أوردناه على قول المنكرين في تفسيرهم الآية بحال وجود النوع
الاِنساني في هذه النشأة الدنيوية من مخالفته لقوله: وإذ أخذ ربك، ثم التجوز في

الاِشهاد بإرادة التعريف منه وفي الخطاب بقوله: ألست بربكم بإرادة دلالة الحال،
وكذا في قوله: قالوا بلى، وقوله: شهدنا، بل الظرف ظرف سابق على الدنيا وهو
غيرها، والاِشهاد على حقيقته والخطاب على حقيقته.


ولا يرد عليه أنه من قبيل تحميل الآية معنى لا تدل عليه، فإن الآية لا تأبى عنه
وسائر الآيات تشير إليه بضم بعضها إلى بعض.


وأما الروايات فسيأتي أن بعضها يدل على أصل تحقق هذه النشأة الاِنسانية
كالآية، وبعضها يذكر أن الله كشف لآدم عليه السلام عن هذه النشأة الاِنسانية وأراه هذا العالم
الذي هو ملكوت العالم الاِنساني وما وقع فيه من الاِشهاد وأخذ الميثاق، كما أرى
إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات والاَرض.


رجعنا إلى الآية، قوله: وإذ أخذ ربك، أي واذكر لاَهل الكتاب في تتميم البيان
السابق، أو واذكر للناس في بيان ما نزلت السورة 20: لاَجل بيانه، وهو أن لله عهداً
على الاِنسان وهو سائله عنه وأن أكثر الناس لا يفون به وقد تمت عليهم الحجة، أذكر
لهم موطناً قبل الدنيا أخذ فيه ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فما من أحد
منهم إلا استقل من غيره وتميز منه فاجتمعوا هناك جميعاً وهم فرادى فأراهم
ذواتهم المتعلقة بربهم وأشهدهم على أنفسهم فلم يحتجبوا عنه وعاينوا أنه ربهم،
كما أن كل شيَ بفطرته يجد ربه من نفسه من غير أن يحتجب عنه، وهو ظاهر الآيات
القرآنية كقوله: وإن من شيَ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.
إسراء ـ 44.


ألست بربكم، وهو خطاب حقيقي لهم لا بيان حال، وتكليم إلَهي لهم فإنهم
يفهمون مما يشاهدون أن الله سبحانه يريد به منهم الاِعتراف وإعطاء الموثق، ولا
نعني بالكلام إلا ما يلقى للدلالة به على معنى مراد، وكذا الكلام في قوله: قالوا
بلى شهدنا.


وقوله: أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، الخطاب للمخاطبين بقوله
ألست بربكم القائلين بلى شهدنا، فهم هناك يعاينون الاِشهاد والتكليم من الله

والتكلم بالاِعتراف من أنفسهم، وإن كانوا في نشأة الدنيا على غفلة مما عدا المعرفة
بالاِستدلال، ثم إذا كان يوم البعث وانطوى بساط الدنيا وانمحت هذه الشواغل
والحجب عادوا إلى مشاهدتهم ومعاينتهم، وذكروا ما جرى بينهم وبين ربهم.


ويحتمل أن يكون الخطاب راجعاً إلينا معاشر المخاطبين بالآيات أي إنما فعلنا
ببني آدم ذلك حذر أن تقولوا أيها الناس يوم القيامة كذا وكذا، والاَول أقرب ويؤيده
قراءة أن يقولوا بلفظ الغيبة.


وقوله: أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل، هذه حجة الناس إن فرض الاِشهاد
وأخذ الميثاق من الآباء خاصة دون الذرية، كما أن قوله أن تقولوا الخ، حجة للناس
إن ترك الجميع فلم يقع إشهاد ولا أخذ ميثاق من أحد منهم.


ومن المعلوم أن لو فرض ترك الاِشهاد وأخذ الميثاق في تلك النشأة كان لازمه
عدم تحقق المعرفة بالربوبية في هذه النشأة إذ لا حجاب بينهم وبين ربهم في تلك
النشأة، فلو فرض هناك علم منهم كان ذلك إشهاداً وأخذ ميثاق، وأما هذه النشأة
فالعلم فيها من وراء الحجاب وهو المعرفة من طريق الاِستدلال، فلو لم يقع هناك
بالنسبة إلى الذرية إشهاد وأخذ ميثاق كان لازمه في هذه النشأة أن لا يكون لهم سبيل
إلى معرفة الربوبية فيها أصلاً، وحينئذ لم يقع منهم معصية شرك بل كان ذلك فعل
آبائهم وليس لهم إلا التبعية العملية لآبائهم والنشوء على شركهم من غير علم، فصح
لهم أن يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل
المبطلون.


قوله تعالى: وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون، تفصيل الآيات تفريق بعضها
وتمييزه من بعض ليتبين بذلك مدلول كل منها ولا تختلط وجوه دلالتها، وقوله:
ولعلهم يرجعون، عطف على مقدر والتقدير لغايات عالية كذا وكذا ولعلهم يرجعون
من الباطل إلى الحق.


(ثم أورد صاحب الميزان رحمه الله رواية ابن الكوا المتقدمة، وقال):



أقول والرواية كما تقدم وبعض ما يأتي من الروايات يذكر مطلق أخذ الميثاق من
بني آدم من غير ذكر إخراجهم من صلب آدم وإراءتهم إياه. وكان تشبيههم بالذر كما
في كثير من الروايات تمثيل لكثرتهم كالذر لا لصغرهم جسماً أو غير ذلك، ولكثرة
ورود هذا التعبير في الروايات سميت هذه النشأة بعالم الذر.


وفي الرواية دلالة ظاهرة على أن هذا التكليم كان تكليماً حقيقياً لا مجرد دلالة
الحال على المعنى. وفيها دلالة على أن الميثاق لم يؤخذ على الربوبية فحسب، بل
على النبوة وغير ذلك. وفي كل ذلك تأييد لما قدمناه.


وفي تفسير العياشي عن رفاعة قال: سالت أبا عبدالله عن قول الله: وإذ أخذ ربك
من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، قال نعم لله الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم
أخذ الميثاق هكذا وقبض يده.


أقول: وظاهر الرواية أنها تفسر الاَخذ في الآية بمعنى الاِحاطة والملك.


وفي تفسير القمي عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد
الله عليه السلام في قوله: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى، قلت معاينة كان هذا قال نعم.... (إلى آخر الرواية
المتقدمة)..


أقول: والرواية ترد على منكري دلالة الآية على أخذ الميثاق في الذر تفسيرهم
قوله: وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، أن المراد به أنه عرفهم آياته الدالة
على ربوبيته، والرواية صحيحة ومثلها في الصراحة والصحة ما سيأتي من رواية
زرارة وغيره.


وفي الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زرارة: أن
رجلاً سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: وإذ أخذ ربك من بني آدم من
ظهورهم ذريتهم.. إلى آخر الآية، فقال وأبوه يسمع: حدثني أبي أن الله عز وجل
قبض قبضه من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم

تركها أربعين صباحاً، ثم صب عليها الماء المالح الاَجاج، فتركها أربعين صباحاً،
فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً شديداً، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله،
وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار، فدخلها أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً
وسلاماً، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها.


أقول وفي هذا المعنى روايات أخر، وكأن الاَمر بدخول النار كناية عن الدخول
حظيرة العبودية والاِنقياد للطاعة.


وفيه بإسناده عن عبدالله بن محمد الحنفي وعقبه جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن الله عز وجل خلق الخلق، فخلق من أحب مما أحب، فكان ما أحب أن خلقه من
طينة الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض، وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم
بعثهم في الظلال، فقيل: وأي شيء الظلال قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء
وليس بشيء، ثم بعث معهم النبيين فدعوهم إلى الاِقرار بالله، وهو قوله ولئن سألتهم
من خلقهم ليقولن الله، ثم دعوهم إلى الاِقرار فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم
إلى ولايتنا، فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض، وهو قوله: وما كانوا ليؤمنوا
بما كذبوا به من قبل، ثم قال أبوجعفر عليه السلام كان التكذيب ثَمَّ.


أقول: والرواية وإن لم تكن مما وردت في تفسير آية الذر غير أنا أوردناها
لاشتمالها على قصة أخذ الميثاق وفيها ذكر الظلال، وقد تكرر ذكر الظلال في لسان
أئمة أهل البيت عليهم السلام والمراد به كما هو ظاهر الرواية وصف هذا العالم الذي هو بوجه
عين العالم الدنيوي وبوجه غيره، وله أحكام غير أحكام الدنيا بوجه وعينها بوجه،
فينطبق على ما وصفناه في البيان المتقدم.


وفي الكافي وتفسير العياشي عن أبي بصير قال: قلت لاَبي عبدالله عليه السلام كيف
أجابوا وهم ذر ؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه، وزاد العياشي يعني
في الميثاق.


أقول وما زاده العياشي من كلام الراوي، وليس المراد بقوله جعل فيهم ما إذا

سألهم أجابوه دلالة حالهم على ذلك، بل لما فهم الراوي من الجواب ما هو من نوع
الجوابات الدنيوية استبعد صدوره عن الذر، فسأل عن ذلك فأجابه عليه السلام بأن الاَمر
هناك بحيث إذا نزلوا في الدنيا كان ذلك منهم جواباً دنيوياً باللسان والكلام اللفظي،
ويؤيده قوله عليه السلام ما إذا سألهم ولم يقل ما لو تكلموا ونحو ذلك.


وفي تفسير العياشي أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام: في قول الله: ألست
بربكم، قالوا بألسنتهم ؟ قال نعم وقالوا بقلوبهم، فقلت وأين كانوا يومئذ ؟ قال صنع
منهم ما اكتفى به..


أقول جوابه عليه السلام إنهم قالوا بلى بألسنتهم وقلوبهم مبني على كون وجودهم يومئذ
بحيث لو انتقلوا إلى الدنيا كان ذلك جواباً بلسان على النحو المعهود في الدنيا، لكن
اللسان والقلب هناك واحد، ولذلك قال عليه السلام نعم وبقلوبهم فصدق اللسان وأضاف
إليه القلب. ثم لما كان في ذهن الراوي أنه أمر واقع في الدنيا ونشأة الطبيعة وقد
ورد في بعض الروايات التي تذكر قصة إخراج الذرية من ظهر آدم تعيين المكان له
وقد روى بعضها هذا الراوي أعني أبا بصير، سأله عليه السلام عن مكانهم بقوله وأين كانوا
يومئذ فأجابه عليه السلام بقوله صنع منهم ما اكتفى به، فلم يجبه بتعيين المكان بل بأن الله
سبحانه خلقهم خلقاً يصح معه السؤال والجواب، وكل ذلك يؤيد ما قدمناه في
وصف هذا العالم.


والرواية كغيرها مع ذلك كالصريح في أن التكليم والتكلم في الآية على الحقيقة
دون المجاز، بل هي صريحة فيه.


وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الاَصول،
وأبوالشيخ في العظمة، وابن مردويه، عن أبي إمامة أن رسول الله (ص) قال: خلق
الله الخلق وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين
بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الاَخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا
أصحاب اليمين، فاستجابوا له فقالوا لبيك ربنا وسعديك، قال ألست بربكم قالوا:

بلى. قال يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له فقالوا لبيك ربنا وسعديك، قال ألست
بربكم قالوا بلى. فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا، قال
ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
غافلين، ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها وأهل النار أهلها.


فقال قائل يا رسول الله فما الاَعمال ؟ قال: يعمل كل قوم لمنازلهم، فقال عمر بن
الخطاب: إذاً نجتهد.


أقول قوله (ص) وعرشه على الماء، كناية عن تقدم أخذ الميثاق وليس المراد به
تقدم خلق الاَرواح على الاَجساد زماناً، فإن عليه من الاِشكال ما على عالم الذر
بالمعنى الذي فهمه جمهور المثبتين، وقد تقدم.


وقوله (ص) يعمل كل قوم لمنازلهم، أي أن كل واحد من المنزلين يحتاج إلى
أعمال تناسبه في الدنيا، فإن كان العامل من أهل الجنة عمل الخير لا محالة وإن كان
من أهل النار عمل الشر لا محالة، والدعوة إلى الجنة وعمل الخير لاَن عمل الخير
يعين منزله في الجنة وإن عمل الشر يعين منزله في النار لا محالة، كما قال تعالى:
ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات. البقره ـ 148 فلم يمنع تعين الوجهة عن الدعوة إلى استباق الخيرات، ولا منافاة بين تعين السعادة والشقاوة بالنظر إلى العلل
التامة، وبين عدم تعينها بالنظر إلى اختيار الاِنسان في تعيين عمله، فإنه جزء العلة
وجزء علة الشيء لا يتعين معه وجود الشيء ولا عدمه بخلاف تمام العلة، وقد تقدم
استيفاء هذا البحث في موارد من هذا الكتاب، وآخرها في تفسير قوله تعالى: كما بدأكم تعودون فريقاً هدى و فريقاً حق عليهم الضلالة ـ الاَعراف ـ 30، وأخبار الطينة
المتقدمة من أخبار هذا الباب بوجه.


وفيه، أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم،
وأبوالشيخ، عن ابن عباس: في قوله إذ أخذ ربك من بني آدم الآية، قال: خلق الله
آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه، وكتب أجله ورزقه ومصيبته، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة

الذر، فأخذ مواثيقهم أنه ربهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم.


أقول: وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس بطرق كثيرة في ألفاظ مختلفة، لكن
الجميع تشترك في أصل المعنى وهو إخراج ذرية آدم من ظهره وأخذ الميثاق منهم.


وفيه، أخرج ابن عبدالبر في التمهيد من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي
صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود وناس من الصحابة: في
قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، قالوا: لما أخرج الله آدم
من الجنة، قبل تهبيطه من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذرية بيضاء
مثل اللؤلؤ كهيئة الذر، فقال لهم أدخلوا الجنة برحمتي، ومسح صفحة ظهره اليسرى
فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال ادخلوا النار ولا أبالي، فذلك قوله أصحاب
اليمين وأصحاب الشمال. ثم أخذ منهم الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى،
فأعطاه طائفة طائعين، وطائفة كارهين على وجه التقية فقال هو والملائكة: شهدنا
أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل، قالوا
فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله أنه ربه وذلك قوله عز وجل: وله أسلم من
في السماوات والاَرض طوعاً وكرهاً، وذلك قوله: فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم
أجمعين، يعني يوم أخذ الميثاق.


أقول: وقد روى حديث الذر كما في الرواية موقوفة وموصولة عن عدة من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كعلي عليه السلام وابن عباس وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر
وسلمان وأبي هريرة وأبي أمامة وأبي سعيد الخدري وعبدالله بن مسعود
وعبدالرحمان بن قتادة و أبي الدرداء وأنس ومعاوية وأبي موسى الاَشعري.


كما روي من طرق الشيعة عن علي وعلي بن الحسين، (ومحمد بن علي)،
وجعفر بن محمد، والحسن بن علي العسكري عليهم السلام.


ومن طرق أهل السنة أيضاً عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن

محمد بطرق كثيرة، فليس من البعيد أن يدعي تواتره المعنوي.


واعلم أن الروايات في الذر كثيرة جداً، وقد تركنا إيراد أكثرها لوفاء ما أوردنا من
ذلك بمعناها. وهنا روايات أخر في أخذ الميثاق عن النبي صلى الله عليه وآله وسائر الاَنبياء عليهم السلام
سنوردها في محلها إن شاء الله تعالى. انتهى.


عوالم وجـود الاِنسان


تحصل من بحث صاحب الميزان رحمه الله أنه جعل الاَقوال في عالم الذر ثلاثة:


الاَول: نفي وجود عالم الذر، والقول بأن ما ورد في الآية من إشهاد الناس
وإقرارهم بالربوبية، إنما هو تعبير مجازي عن تكوينهم الذي يهديهم إلى ربهم
تعالى. وهو قول عدد من المتأثرين بالفلسفة اليونانية من القدماء، وبالثقافة الغربية
من المتأخرين.


الثاني: أن عالم الذر بمعنى أن الله تعالى استخرج نطف أبناء آدم عليه السلام من ظهره،
ثم من ظهور أبنائه إلى آخر أب، ثم كونهم بشكل معين وأشهدهم فأقروا، ثم
أعادهم إلى حالتهم الاَولى في ظهر آدم عليه السلام. وقد ذهب إليه بعض المفسرين من
السنة والشيعة.


الثالث: أن عالم الذر هو عالم الملكوت والخزائن، وهو الوجه الذي اختاره
صاحب الميزان رحمه الله وأطال في الكلام حوله واختصر في الاِستدلال عليه.


ولكن يرد عليه إشكالات متعددة، أهمها:


أولاً، أن عالم الملكوت اسم عام لكل عوالم ملك الله تعالى، وتفسير عالم الذر
به لا يحل المشكلة، لاَنه يبقى السؤال وارداً: في أي عالم من ملكوت الله تعالى تم
خلق الناس وأخذ الميثاق منهم ؟


ثانياً، أن تفسير عالم الذر بعالم الملكوت تفسير استحساني لا دليل عليه،
وطريقنا إلى معرفة عوالم خلق الله وأفعاله سبحانه وتعالى، محصور بما أخبرنا به

النبي وآله صلى الله عليهم، وما دل العقل عليه بدلالة قطعية، لا ظنية أو احتمالية.


ثالثاً، أن عوالم وجود النبي وآله صلى الله عليه وآله ووجود الناس قبل هذا العالم، وردت فيها
أحاديث كثيرة لا يمكن إغفالها في البحث، كما فعل بعضهم، ولا نفيها بجرة قلم كما
فعل بعضهم، كما لا يمكن دمجها في عالم واحد كعالم الملكوت أو الخزائن كما
فعل صاحب الميزان رحمه الله بل هي عوالم متعددة قد تصل إلى عشرة عوالم، نذكر منها:


عالم الاَنوار الاَولى، أو عالم الاَشباح، وهو أول ظلال أو فيء خلقه الله تعالى من
نور عظمته، وهو نور نبينا وآله صلى الله عليه وعليهم.


عالم الاَظلة، الذي تم فيه خلق جميع الناس وتعارفهم.


عالم الذر الذي أخذ فيه الميثاق على الناس، وتدل الاَحاديث على أنه نفس عالم
الاَظلة أو مرتبط به بنحو من الاِرتباط.


عالم الطينة التي خلق منها الناس.


وذكرت أحاديث أخرى أن خلق الاَرواح تم قبل خلق الاَجساد.. الخ.


كما ذكرت الآيات والاَحاديث عوالم أخرى مثل قوله تعالى (هل أتى على
الاِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) أي كان في ذلك الحين شيئاً، ولكنه
غير مذكور، كما ورد في الرواية عن الاِمام الباقر عليه السلام.


وهذه العوالم كلها من عالم الملكوت ومن خزائن ملكه تعالى، ولكنها ليست
نفس عالم الملكوت ولا الخزائن.


وقد تقدم عدد من روايات العوالم الاَربعة الاَولى، ونورد فيما يلي عدداً آخر،
وبعضها نص على أن عالم الذر هو عالم الاَظلة.


من روايات عالم الاَشباح (ظلال النور)


ـ الاَصول الستة عشر ص 15


عباد عن عمرو، عن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: إن الله

خلق محمداً وعلياً وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحاً في ضياء
نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه. وهم الاَئمة من ولد رسول
الله صلى الله عليه وآله.


ـ ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 530، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن
أحمد، عن محمد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري، عن عمرو بن ثابت، عن
أبي حمزة.... كما في الاَصول الستة عشر.


ـ الكافي ج 1 ص 442


الحسين (عن محمد) بن عبد الله، بن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر
بن يزيد قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً صلى الله عليه وآله
وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله، قلت: وما الاَشباح ؟ قال:
ظل النور، أبدان نورانية بلا أرواح، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس، فبه
كان يعبد الله وعترته، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء، يعبدون الله بالصلاة
والصوم والسجود والتسبيح والتهليل، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون.
انتهى. ورواه البحراني في حلية الاَبرار ج 1 ص 19


ـ علل الشرائع ج 1 ص 208


حدثنا إبراهيم بن هارون الهاشمي قال: حدثنا محمدبن احمد بن أبي الثلج قال:
حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا منذر الشراك قال: حدثنا إسماعيل بن علية قال:
أخبرني أسلم بن ميسرة العجلي، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل: أن رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل خلقني وعلياً وفاطمة والحسن
والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام. قلت فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال:
قدام العرش نسبح الله تعالى ونحمده ونقدسه ونمجده. قلت: على أي مثال ؟ قال:
أشباح نور، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور، ثم قذفنا في
صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الاَمهات، ولا يصيبنا نجس الشرك

ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون، فلما صيرنا إلى صلب عبد
المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبي
طالب، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة والنصف إلى فاطمة بنت أسد
فأخرجتني آمنة وأخرجت فاطمة علياً، ثم أعاد عز وجل العمود إلي فخرجت مني
فاطمة، ثم أعاد عز وجل العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين ـ يعني من
النصفين جميعاً ـ فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن، وما كان من نوري صار
في ولد الحسين، فهو ينتقل في الاَئمة من ولده إلى يوم القيامة.


ـ شرح الاَخبار ج 3 ص 6


صفوان الجمال قال: دخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام وهو يقرأ هذه
الآية: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. ثم التفت الي فقال:
يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم عليه السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش، فإذا هو بخمسة
أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه، فقال آدم: يا رب من هؤلاء ؟ قال: يا آدم
صفوتي من خلقي، لولاهم ماخلقت الجنة ولاالنار، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم،
والنار لمن عاداهم. لو أن عبداً من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ثم توسل
الي بحق هؤلاء لعفوت له.


فلما أن وقع آدم في الخطيئة قال: يا رب بحق هؤلاء الاَشباح اغفر لي، فأوحى
الله عز وجل إليه: إنك توسلت إلي بصفوتي وقد عفوت لك. قال آدم: يا رب
بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم. فأوحى الله إليه: يا آدم هؤلاء خمسة من
ولدك، لعظيم حقهم عندي اشتققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، فأنا المحمود
وهذا محمد، وأنا الاَعلى وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا المحسن وهذا
الحسن، وأنا الاِحسان وهذا الحسين.


ـ شرح الاَخبار ج 3 ص 514


عن عبدالقادر بن أبي صالح، عن هبة الله بن موسى، عن هناد بن إبراهيم، عن

الحسن بن محمد، عن محمد بن فرحان، عن محمد بن يزيد، عن الليث بن سعد،
عن العلاء بن عبدالرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه لما خلق
الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور
خمسة أشباح.... الحديث.


ـ شرح الاَخبار ج 2 ص 500


أحمد بن محمد بن عيسى المصري، بإسناده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لما خلق الله عز وجل آدم (عليه السلام) ونفخ فيه من روحه، نظر آدم
(عليه السلام) يمنة العرش، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعاً سجداً فقال: يا
رب هل خلقت أحداً من البشر قبلي ؟ قال: لا. قال: فمن هؤلاء الذين أراهم على
هيئتي وعلى صورتي ؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك، لولاهم ما خلقتك ولا خلقت
الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الاَرض ولا الملائكة ولا الاِنس
ولا الجن. هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي، فأنا المحمود وهذا محمد
، وأنا الاَعلى وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الاِحسان وهذا حسن، وأنا
المحسن وهذا الحسين....


ـ تحف العقول ص 163


... بل اشتقاق الحقيقة والمعنى من اسمه تعالى كما جاء في حديث المعراج:
إن الله تعالى قال لي: يا محمد اشتققت لك إسماً من أسمائي فأنا المحمود وأنت
محمد، واشتققت لعلي إسماً من أسمائي فأنا الاَعلى وهو علي، وهكذا فاطمة
والحسن والحسين عليهم السلام فكلهم أشباح نور من نوره تعالى جل اسمه.


ـ كفاية الاَثر ص 70


قال هارون: حدثنا حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي، قال حدثني أبوالنصر
محمد بن مسعود العياشي، عن يوسف بن المشحت البصري، قال حدثنا إسحق بن

الحارث، قال حدثنا محمد بن البشار، عن محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة، عن
هشام بن يزيد، عن أنس بن مالك قال: كنت أنا وأبوذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد
بن أرقم عند النبي صلى الله عليه وآله ودخل الحسن والحسين عليهما السلام فقبلهما رسول الله صلى الله عليه وآله وقام
أبوذر فانكب عليهما وقبل أيديهما، ثم رجع فقعد معنا، فقلنا له سراً: رأيت رجلاً
شيخاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما
ويقبل أيديهما ؟ فقال: نعم، لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلى الله عليه وآله لفعلتم
بهما أكثر مما فعلت. قلنا: وماذا سمعت يا أباذر ؟ قال: سمعته يقول لعلي ولهما: يا
علي والله لو أن رجلاً صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذاً ما نفعه صلاته وصومه
إلا بحبكم. يا علي من توسل إلى الله بحبكم فحق على الله أن لا يرده. يا علي من
أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى. قال: ثم قام أبوذر وخرج. وتقدمنا
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبوذر عنك بكيت وكيت.


قال: صدق أبوذر، صدق والله، ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي
لهجة أصدق من أبي ذر. ثم قال: خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد
قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا إلى صلب آدم، ثم نقلنا من صلبه في
أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات. فقلت: يا رسول الله فأين كنتم وعلى أي
مثال كنتم ؟ قال: كنا أشباحاً من نور تحت العرش نسبح الله تعالى ونمجده. ثم قال:
لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل عليه السلام فقلت:
حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني ؟ فقال: يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع
فتحترق أجنحتي.


ثم زج بي في النور ما شاء الله، فأوحى الله إلي: يا محمد إني اطلعت إلى الاَرض
اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً، ثم اطلعت ثانياً فاخترت منها علياً فجعلته
وصيك ووارث علمك والاِمام بعدك، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والاَئمة
المعصومين خزان علمي، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار. يا

محمد أتحب أن تراهم قلت: نعم يا رب. فنوديت: يا محمد إرفع رأسك، فرفعت
رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي
وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن
محمد والحسن بن علي، والحجة يتلاَلاَ من بينهم كأنه كوكب دري. فقلت: يا رب
من هؤلاء ومن هذا ؟ قال: يا محمد هم الاَئمة بعدك المطهرون من صلبك، وهو
الحجة الذي يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين.


قلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً. فقال عليه السلام: وأعجب من هذا
أن قوماً يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله، ويؤذوني
فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي.


ـ بصائر الدرجات ص 83


أحمد بن محمد ويعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي
جميلة، عن محمد بن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله
مثَّل لي أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كلها، كما علم آدم الاَسماء كلها، فمر بي
أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة.
قيل يا رسول الله وما هي ؟ قال المغفرة منهم لمن آمن واتقى، لا يغادر منهم صغيرة
ولا كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات.


الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام أن بعض قريش قال
لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شيَ سبقت الاَنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال: إني
كنت أول من أقر بربي وأول من أجاب، حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى، وكنت أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالاِقرار بالله.


حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن النعمي، عن ابن مسكان، عن
عبدالرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أمتي عرضت


/ 18