قدوات البشرية في فطرتهم المستقيمة - عقائد الإسلامیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 1

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





يحل الله فيه وصار إلَها، فقال: لا تبديل لخلق الله بل كلهم عبيد لا خروج لهم عن
ذلك. إنتهى.


وفيه، أنه مغالطة بين الملك والعبادة التكوينيين والملك والعبادة التشريعيين، فإن
ملكه تعالى الذي لا يقبل الاِنتقال والبطلان ملك تكويني بمعنى قيام وجود الاَشياء
به تعالى، والعبادة التي بإزائه عبادة تكوينية وهو خضوع ذوات الاَشياء له تعالى،
ولا تقبل التبديل والترك كما في قوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده: إسراء ــ 44
وأماالعبادة الدينية التي تقبل التبديل والترك فهي عبادة تشريعية بإزاء الملك
التشريعي المعتبر له تعالى، فافهمه. ولو دل قوله لا تبديل لخلق الله على عدم تبديل
الملك والعبادة والعبودية لدل على التكويني منهما، والذي يبدله القائلون بارتفاع
التكليف عن الاِنسان الكامل أو بعبادة الكواكب أو المسيح، فإنما يعنون به
التشريعي منهما.


ـ تفسير الميزان ج 5 ص 312


البيانات القرآنية تجري في بث المعارف الدينية وتعليم الناس العلم النافع هذا
المجرى، وتراعي الطرق المتقدمة التي عينتها للحصول على المعلومات، فما كان
من الجزئيات التي لها خواص تقبل الاِحساس فإنها تصريح فيها إلى الحواس كالآيات
المشتملة على قوله: ألم تر، أفلا يرون، أفرأيتم، أفلا تبصرون، وغير ذلك.


وما كان من الكليات العقلية مما يتعلق بالاَمور الكلية المادية، أو التي هي وراء
عالم الشهادة، فإنها تعتبر فيها العقل اعتباراً جازماً وإن كانت غائبة عن الحس خارجة
عن محيط المادة والماديات كغالب الآيات الراجعة إلى المبدأ والمعاد المشتملة
على أمثال قوله: لقوم يعقلون، لقوم يتفكرون، لقوم يتذكرون، يفقهون، وغيرها.


وما كان من القضايا العملية التي لها مساس بالخير والشر والنافع والضار في العمل
والتقوى والفجور، فإنها تستند فيها إلى الاِلهام الاِلَهي بذكر ما بتذكره يشعر الاِنسان
بإلهامه الباطني كالآيات المشتملة على مثل قوله: ذلكم خير لكم، فإنه آثم قلبه،

والاِثم والبغي بغير الحق، إن الله لا يهدي، وغيرها، وعليك بالتدبر فيها.


ومن هنا يظهر أولاً أن القرآن الكريم يخطيء طريق الحسيين وهم المعتمدون
على الحس والتجربة النافون للاَحكام العقلية الصرفة في الاَبحاث العلمية، وذلك أن
أول ما يهتم القرآن به في بيانه هو أمر توحيد الله عز اسمه، ثم يرجع إليه ويبني عليه
جميع المعارف الحقيقية التي يبينها ويدعو إليها.


ومن المعلوم أن التوحيد أشد المسائل ابتعاداً من الحس وبينونة للمادة وارتباطاً
بالاَحكام العقلية الصرفة. والقرآن يبين أن هذه المعارف الحقيقية من الفطرة، قال:
فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله. الروم ــ
30 أي أن الخلقة الاِنسانية نوع من الاِيجاد يستتبع هذه العلوم والاِدراكات، ولا معنى
لتبديل خلق إلا أن يكون نفس التبديل أيضاً من الخلق والاِيجاد، وأما تبديل الاِيجاد
المطلق أي إبطال حكم الواقع فلا يتصور له معنى، فلن يستطيع الاِنسان وحاشا ذلك
أن يبطل علومه الفطرية ويسلك في الحياة سبيلاً آخر غير سبيلها البتة.


وأما الاِنحراف المشهود عن أحكام الفطرة فليس إبطالاً لحكمها بل استعمالاً لها
غير ما ينبغي من نحو الاِستعمال، نظير ما ربما يتفق أن الرامي لا يصيب الهدف في
رميته، فإن آلة الرمي وسائر شرائطه موضوعة بالطبع للاِصابة، إلا أن الاِستعمال
يوقعها في الغلط، والسكاكين والمناشير والمثاقب والابر وأمثالها إذا عبئت في
الماكينات تعبئة معوجة تعمل عملها الذي فطرت عليه بعينه من قطع أو نشر أو ثقب
وغير ذلك، لكن لا على الوجه المقصود، وأما الاِنحراف عن العمل الفطري كأن
يخاط بنشر المنشار بأن يعوض المنشار فعل الاِبرة من فعل نفسه فيضع الخياطة
موضع النشر، فمن المحال ذلك.


وهذا ظاهر لمن تأمل عامة ما استدل به القوم على صحة طريقهم، كقولهم إن
الاَبحاث العقلية المحضة والقياسات المؤلفة من مقدمات بعيدة من الحس يكثر
وقوع الخطأ فيها، كما يدل عليه كثرة الاِختلافات في المسائل العقلية المحضة، فلا

ينبغي الاِعتماد عليها لعدم اطمئنان النفس إليها. وقولهم في الاستدلال على صحة
طريق الحس والتجربة إن الحس آلة لنيل خواص الاَشياء بالضرورة وإذا أحس بأثر
في موضوع من الموضوعات على شرائط مخصوصة ثم تكرر مشاهدة الاَثر معه مع
حفظ تلك الشرائط بعينها من غير تخلف واختلاف، كشف ذلك عن أن هذا الاَثر
خاصة الموضوع من غير اتفاق، لاَن الاِتفاق (الصدفة) لا يدوم البتة.


والدليلان كما ترى سيقا لاِثبات وجوب الاِعتماد على الحس والتجربة ورفض
السلوك العقلي المحض، مع كون المقدمات المأخوذة فيهما جميعاً مقدمات عقلية
خارجة عن الحس والتجربة، ثم أريد بالاَخذ بهذه المقدمات العقلية إبطال الاَخذ
بها، وهذا هو الذي تقدم أن الفطرة لن تبطل البتة، وإنما يغلط الاِنسان في كيفية
استعمالها.


قدوات البشرية في فطرتهم المستقيمة


آدم عليه السلام فطرة الله تعالى


ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 39


في الصلاة على آدم عليه السلام: اللهم وآدم بديع فطرتك، وأول معترف من الطين
بربوبيتك، وبكر حجتك على عبادك وبريتك.


ـ بحار الاَنوار ج 101 ص 230


(زيارة أخرى) رواها الكفعمي في البلد الاَمين عن الصادق عليه السلام قال: إذا وصلت
إلى الفرات فاغتسل والبس أنظف ثوب تقدر عليه، ثم صر إلى القبر حافياً وعليك
السكينة والوقار، وقف بالباب وكبر أربعاً وثلاثين تكبيرة وقل: السلام عليك يا وارث
آدم فطرة الله، السلام عليك يا وارث نوح صفوة الله.



إبراهيم عليه السلام إمام الاِستقامة على الفطرة


ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 256


يا موضع كل شكوى، ويا شاهد كل نجوى، ويا عالم كل خفية، ويادافع كل بلية،
يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، توفني على ملة إبراهيم وفطرته، وعلى دين محمد
وسنته، وعلى خير الوفادة فتوفني، موالياً لاَوليائك ومعادياً لاَعدائك. اللهم إني
أسألك التوفيق لكل عمل أو قول أو فعل يقربني إليك زلفى، يا أرحم الراحمين.


ـ الكافي ج 8 ص 366


علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان
عن حجر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خالف إبراهيم عليه السلام قومه وعاب آلهتهم حتى
أدخل على نمرود فخاصمه، فقال إبراهيم عليه السلام: ربي الذي يحيي ويميت قال: أنا
أحيي وأميت. قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب،
فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين.


وقال أبو جعفر عليه السلام: عاب آلهتهم فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم، قال أبو
جعفر عليه السلام: والله ما كان سقيماً وما كذب، فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل
إبراهيم عليه السلام إلى آلهتهم بقدوم فكسرها إلا كبيراً لهم ووضع القدوم في عنقه، فرجعوا
إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا: لا والله ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى
الذي كان يعيبها ويبرأ منها، فلم يجدوا له قتلةً أعظم من النار، فجمعوا له الحطب
واستجادوه، حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء
لينظر إليه كيف تأخذه النار، ووضع إبراهيم عليه السلام في منجنيق، وقالت الاَرض: يا رب
ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار ؟ قال الرب: إن دعاني كفيته.


فذكر أبان عن محمد بن مروان، عمن رواه عن أبي جعفر عليه السلام أن دعاء إبراهيم عليه السلام
يومئذ كان (يا أحد يا أحد، يا صمد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً

احد. ثم قال: توكلت على الله) فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت، فقال للنار: كوني
برداً. قال فاضطربت أسنان إبراهيم عليه السلام من البرد حتى قال الله عز وجل: وسلاماً
على إبراهيم. وانحط جبرئيل عليه السلام وإذا هو جالس مع إبراهيم عليه السلام يحدثه في النار، قال
نمرود: من اتخذ إلَهاً فليتخذ مثل إلَه إبراهيم ! قال: فقال عظيم من عظمائهم: إني
عزمت على النار أن لا تحرقه، قال فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه !


قال: فآمن له لوط، وخرج مهاجراً إلى الشام هو وسارة ولوط.


ــ علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن
الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام
يقول: ان إبراهيم عليه السلام كان مولده بكوثى رباً، وكان أبوه من أهلها وكانت أم إبراهيم
وأم لوط سارة ورقة وفي نسخة رقية أختين، وهما ابنتان للاحج، وكان لاحج نبياً
منذراً ولم يكن رسولاً، وكان إبراهيم عليه السلام في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز
وجل الخلق عليها، حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، وإنه تزوج سارة
ابنة لاحج وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال
حسنة، وكانت قد ملكت إبراهيم عليه السلام جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه
وكثرت الماشية والزرع، حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالاً منه.


وإن إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق، وعمل له حيراً وجمع
له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها
حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليماً مطلقاً من وثاقه
فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم عليه السلام من بلاده وأن يمنعوه من الخروج
بماشيته وماله، فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن
حقي عليكم أن تردوا عليَّ ما ذهب من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضي
نمرود فقضى على إبراهيم عليه السلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، وقضى
على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم !



فأخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وما له وأن يخرجوه،
وقال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم، فأخرجوا إبراهيم ولوطاً
معه صلى الله عليهما من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه
وسارة وقال لهم: إني ذاهب إلى ربي سيهدين، يعني بيت المقدس.


فتحمل إبراهيم عليه السلام بماشيته وماله وعمل تابوتاً وجعل فيه سارة وشد عليها
الاَغلاق غيرةً منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان
رجل من القبط يقال له عرارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما
انتهى إلى العاشر ومعه التابوت.


قال العاشر لاِبراهيم عليه السلام: إفتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه.


فقال له إبراهيم عليه السلام: قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا
نفتحه.


قال فأبى العاشر إلا فتحه، قال وغضب إبراهيم عليه السلام على فتحه، فلما بدت له
سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال، قال له العاشر: ما هذه المرأة منك ؟


قال إبراهيم عليه السلام: هي حرمتي وابنة خالتي.


فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت ؟


فقال إبراهيم عليه السلام: الغيرة عليها أن يراها أحد.


فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك، قال: فبعث
رسولاً إلى الملك فأعلمه فبعث الملك رسولاً من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا
به. فقال لهم إبراهيم عليه السلام: إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي،
فأخبروا الملك بذلك فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه، فحملوا إبراهيم عليه السلام
والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك فقال له الملك: إفتح التابوت.


فقال إبراهيم عليه السلام: أيها الملك إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع
ما معي.



قال: فغضب الملك وأجبر إبراهيم عليه السلام على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك
حلمه سفهه أن مد يده إليها فأعرض إبراهيم عليه السلام بوجهه عنها وعنه غيرة منه وقال:
اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه !


فقال له الملك: إن إلَهك الذي فعل بي هذا ؟


فقال له: نعم، إن إلَهي غيور يكره الحرام وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من
الحرام.


فقال له الملك: فادع إلَهك يرد عليَّ يدي فإن أجابك فلم أعرض لها.


فقال إبراهيم عليه السلام: إلَهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي.


قال: فرد الله عز وجل عليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره، ثم أعاد بيده نحوها
فأعرض إبراهيم عليه السلام عنه بوجهه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عنها، قال فيبست
يده ولم تصل إليها !


فقال الملك لاِبراهيم عليه السلام: ان إلَهك لغيور وإنك لغيور فادع إلَهك يرد علي يدي
فإنه إن فعل لم أعد.


فقال له إبراهيم عليه السلام: أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله.


فقال الملك: نعم.


فقال إبراهيم عليه السلام: اللهم إن كان صادقاً فرد عليه يده، فرجعت إليه يده !


فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية في يده، عظم إبراهيم عليه السلام
وهابه وأكرمه واتقاه، وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشيء مما معك، فانطلق
حيث شئت ولكن لي إليك حاجة.


فقال إبراهيم عليه السلام: ما هي ؟


فقال له: أحب ان تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادماً.


قال: فأذن له إبراهيم عليه السلام فدعا بها فوهبها لسارة وهي هاجر أم إسماعيل عليه السلام.


فسار إبراهيم عليه السلام بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم عليه السلام

إعظاماً لاِبراهيم عليه السلام وهيبة له، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم أن قف ولا تمش
قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه
وهبه، فإنه مسلط ولابد من إمرة في الاَرض برة أو فاجرة، فوقف إبراهيم عليه السلام وقال
للملك: إمض فإن إلَهي أوحى إليَّ الساعة أن أعظمك وأهابك وأن أقدمك أمامي
وأمشي خلفك إجلالاً لك.


فقال له الملك: أوحى إليك بهذا ؟ فقال له إبراهيم عليه السلام: نعم.


فقال له الملك: أشهد أن إلَهك لرفيق حليم كريم، وإنك ترغبني في دينك.


قال: وودعه الملك فسار إبراهيم عليه السلام حتى نزل بأعلى الشامات وخلف لوطاً عليه السلام
في أدنى الشامات.


ثم إن إبراهيم عليه السلام لما أبطأ عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن
يرزقنا منها ولداً فيكون لنا خلفاً، فابتاع إبراهيم عليه السلام هاجر من سارة فوقع عليها
فولدت اسماعيل. انتهى. ورواه في تفسير نور الثقلين ج 4 ص 416 ورواه المجلسي في
بحار الاَنوار ج 12 ص 48


وفي هذا الحديث من الحقائق والاَضواء على حياة سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وآله ما يرد
كثيراً من الشبه الواردة في الاِسرائيليات، والتهم التي اتهمه بها اليهود، وقلدهم
بعض المسلمين !!


نبينا صلى الله عليه وآله رائد العارفين ورائد سعادتنا


ـ نهج البلاغة ج 3 ص 44


... والرسول قد عرف عن الله وأخبرنا، فهو رائد سعادتنا.


ـ مروج الذهب للمسعودي ج 1 ص 32


فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه
علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه:



إن الله حين شاء تقدير الخليقة وذرأ البرية وإبداع المبدعات، نصب الخلق في
صور كالهباء قبل دحو الاَرض ورفع السماء، وهو في انفراد ملكوته وتوحد جبروته
فأتاح (فأساح) نوراً من نوره فلمع، و [ نزع ] قبساً من ضيائه فسطع، ثم اجتمع النور
في وسط تلك الصور الخفية فوافق ذلك صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،
فقال الله عز من قائل: أنت المختار المنتخب، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي،
من أجلك أسطح البطحاء، وأمرج الماء، وارفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب
والجنة والنار، وأنصب أهل بيتك للهداية، وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل
عليهم دقيق ولا يعييهم خفي، وأجعلهم حجتي على بريتي، والمنبهين على قدرتي
ووحدانيتي، ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والاِخلاص بالوحدانية. فبعد أخذ
ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمد وآله (فقبل أخذ ما أخذ جل
شأنه ببصائر الخلق انتخب محمد وآله) وأراهم أن الهداية معه والنور له والاِمامة في
آله، تقديماً لسنة العدل، وليكون الاِعذار متقدماً.


ثم أخفى الله الخليقة في غيبه، وغيبها في مكنون علمه، ثم نصب العوامل وبسط
الزمان، ومرج الماء، وأثار الزبد، وأهاج الدخان، فطفا عرشه على الماء، فسطح
الاَرض على ظهر الماء [ وأخرج من الماء دخاناً فجعله السماء ] ثم استجلبهما إلى
الطاعة فأذعنتا بالاِستجابة.


ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن بتوحيده نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم، فشهرت في السماء قبل بعثته في الاَرض، فلما خلق
آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث عرفه عند
استنبائه إياه أسماء الاَشياء، فجعل الله آدم محراباً وكعبة وباباً وقبلة أسجد إليها
الاَبرار والروحانيين الاَنوار، ثم نبه آدم على مستودعه، وكشف له [ عن ] خطر ما
ائتمنه عليه، بعد ما سماه إماماً عند الملائكة، فكان حظ آدم من الخير ما أراه من
مستودع نورنا، ولم يزل الله تعالى يخبىء النور تحت الزمان إلى أن فضل محمداً
صلى الله عليه وسلم في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهراً وباطناً، وندبهم سراً
وإعلاناً، واستدعى عليه السلام التنبيه على العهد الذي قدمه إلى الذر قبل النسل، فمن

وافقه وقبس من مصباح النور المقدم اهتدى إلى سره، واستبان واضح أمره، ومن
أبلسته الغفلة استحق السخط.


ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الاَرض،
فبنا النجاء، ومنا مكنون العلم، والينا مصير الاَمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة
الائمة، ومنقذ الاَمة، وغاية النور، ومصدر الاَمور، فنحن أفضل المخلوقين،
وأشرف الموحدين، وحجج رب العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا،
وقبض على عروتنا.انتهى.وروى شبيهاً به ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص128 ـ 130


ـ علل الشرائع ج 1 ص 5


حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات
الكوفي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال حدثني أبوالفضل
العباس بن عبدالله البخاري، قال حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد بن
عبدالله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال حدثنا عبدالسلام بن صالح الهروي،
عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه
محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن
أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه
مني، قال علي عليه السلام فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟ فقال: يا علي إن الله
تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع
النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللاَئمة من بعدك، وإن الملائكة
لخدامنا وخدام محبينا. يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد
ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا
الجنة ولا النار ولا السماء ولا الاَرض، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة، وقد
سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لاَن أول ما خلق الله عز وجل
خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا

نوراً واحداً استعظموا أمرنا، فسبحنا لتعلم الملائكة إنا خلق مخلوقون، وإنه منزه
عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم
شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إلَه إلا الله وأنَّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو
دونه، فقالوا: لا إلَه إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرَّنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من
أن ينال عظم المحل إلا به، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العز والقوة قلنا لا حول
ولا قوة إلا بالله لتعلم الملائكة أن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله
به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا الحمد الله لتعلم الملائكة ما يحق الله تعالى
ذكره علينا من الحمد على نعمته، فقالت الملائكة الحمد لله.


فبنا اهتدي إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده، ثم أن الله
تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً.


ـ علل الشرائع ج 1 ص 117


ــ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري عن
أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالرحمان بن كثير، عن داود الرقي
عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما أراد الله عز وجل أن يخلق الخلق خلقهم ونشرهم بين
يديه، ثم قال لهم: من ربكم ؟ فأول من نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والاَئمة
صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا: أنت ربنا، فحمَّلهم العلم والدين، ثم قال للملائكة:
هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثم قيل لبني آدم
أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة والولاية، فقالوا نعم ربنا أقررنا، فقال الله جل
جلاله للملائكة: إشهدوا، فقالت الملائكة شهدنا... على أن لا يقولوا غداً إنا كنا عن
هذا غافلين، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعد هم أفتهلكنا بما
فعل المبطلون، يا داود الاَنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق.



ـ الاِعتقادات للصدوق ص 67


... وأن محمداً صلى الله عليه وآله سيدهم وأفضلهم، وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين، وأن
الذين كذبوه لذائقوا العذاب الاَليم. وأن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون الفائزون. ويجب أن يعتقد أن الله عز وجل لم
يخلق خلقاً أفضل من محمد صلى الله عليه وآله والاَئمة عليهم السلام، وأنهم أحب الخلق إلى الله وأكرمهم،
وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا
بلى. وأن الله بعث نبيه محمد صلى الله عليه وآله للاَنبياء في الذر. وأن الله عز وجل أعطى ما أعطى
كل نبي على قدر معرفته، ومعرفة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، وسبقه إلى الاِقرار به. ونعتقد:
أن الله تبارك وتعالى خلق جميع الخلق له ولاَهل بيته عليهم السلام، وأنه لولاهم ما خلق الله
سبحانه السماء والاَرض ولا الجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة، ولا شيئاً
مما خلق، صلوات الله عليهم أجمعين. انتهى.


وقد أوردنا في فصل الفطرة تحت عنوان: عوالم وجود الاِنسان، عدداً من
أحاديث خلق نور النبي وآله صلى الله عليه وعليهم قبل الخلق.


خط الفطرة لم ينقطع من ذرية إبراهيم


ـ بحار الاَنوار ج 15 ص 117


بيان: اتفقت الاِمامية رضوان الله عليهم على أن والدي الرسول وكل أجداده إلى
آدم عليه السلام كانوا مسلمين، بل كانوا من الصديقين: إما أنبياء مرسلين، أو أوصياء
معصومين، ولعل بعضهم لم يظهر الاِسلام لتقية أو لمصلحة دينية....


ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام
المطهرات، حتى أخرجني في عالمكم هذا، لم يدنسني بدنس الجاهلية. ولو كان
من آبائه عليه السلام كافر لم يصف جميعهم بالطهارة، مع قوله سبحانه: إنما المشركون
نجس....


وهذا المسلك ذهبت إليه طائفة، منهم الاِمام فخر الدين الرازي فقال في كتابه

أسرار التنزيل ما نصه: قيل: إن آزر لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه واحتجوا
عليه بوجوه:


منها، أن آباء الاَنبياء ما كانوا كفاراً، ويدل عليه وجوه: منها قوله تعالى: الذي
يراك حين تقوم. وتقلبك في الساجدين....


الثانية: أن الاَحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الاَرض من عهد نوح عليه السلام إلى
بعثة النبي صلى الله عليه وآله إلى أن تقوم الساعة من ناس على الفطرة يعبدون الله ويوحدونه
ويصلون له، وبهم تحفظ الاَرض، ولولاهم لهلكت الاَرض ومن عليها....


وأما المخالفون: فذهب أكثرهم إلى كفر والدي الرسول صلى الله عليه وآله وكثير من أجداده
كعبد المطلب وهاشم وعبد مناف صلوات الله عليهم اجمعين، وإجماعنا وأخبارنا
متظافرة.... وقال في هامشه:


وذهب بعضهم إلى إيمان والديه صلى الله عليه وآله وأجداده، واستدلوا عليه بالكتاب والسنة،
منهم السيوطي، قال في كتاب مسالك الحنفاء: المسلك الثاني أنهما أي عبد الله
وآمنة لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على الحنيفية دين جدهما إبراهيم على نبينا
وعليه الصلاة والسلام....


ثم قال (السيوطي) وعندي في نصرة هذا المسلك وما ذهب إليه الاِمام فخر
الدين أمور: أحدها دليل استنبطه مركب من مقدمتين.


الاَولى: أن الاَحاديث الصحيحة دلت على أن كل أصل من أصول النبي صلى الله عليه وآله من
آدم عليه السلام إلى أبيه عبدالله، فهو خير أهل قرنه وأفضلهم، ولا أحد في قرنه ذلك خير
منه ولا أفضل.


الثانية: إن الاَحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الاَرض من عهد نوح عليه السلام أو
آدم عليه السلام إلى بعثة النبي صلى الله عليه وآله إلى أن تقوم الساعة من ناس على الفطرة يعبدون الله
ويوحدونه ويصلون له، وبهم تحفظ الاَرض ولولا هم لهلكت الاَرض ومن عليها،

وإذا قرنت بين هاتين المقدمتين أنتج منهما قطعاً أن آباء النبي صلى الله عليه وآله لم يكن فيهم
مشرك، لاَنه ثبت في كل منهم أنه خير قرنه.... (ثم ذكر عن السيوطي آيات
وأحاديث لاِثبات ذلك منها): ما ورد في تفسير قوله تعالى: وجعلها كلمة باقية في
عقبه، تدل على أن التوحيد كان باقياً في ذرية إبراهيم عليه السلام ولم يزل ناس من ذريته
على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة....


فحصل مما أوردناه أن آباء النبي صلى الله عليه وآله من عهد إبراهيم إلى كعب بن لؤي كانوا
كلهم على دين إبراهيم عليه السلام....


ـ الدر المنثور ج 3 ص 341


وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي الله عنه قال قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها
الملائكة عليهم السلام يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب، فقالت
الملائكة ترد على سارة: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه
حميد مجيد، قال فهو كقوله: وجعلها كلمة باقية في عقبه، بمحمد صلى الله عليه
وسلم من عقب إبراهيم.


ـ الدر المنثور ج 4 ص 87


وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن
ذريتي، قال فلن يزال من ذرية إبراهيم عليه السلام ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى
تقوم الساعة.


ـ الدر المنثور ج 6 ص 16


وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة: وجعلها كلمة باقية في عقبه، قال: في الاِسلام
أوصى بها ولده.


وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد: وجعلها كلمة باقية في عقبه،
قال: الاِخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يقولها من بعده.



وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس: وجعلها كلمة باقية في عقبه، قال: لا إله إلا
الله، في عقبه: قال عقب إبراهيم ولده.


عمار علم الثابتين على الفطرة بعد النبي صلى الله عليه وآله


ـ بحار الاَنوار ج 22 ص 320


لي: بهذا الاِسناد عن إبراهيم بن الحكم، عن عبيدالله بن موسى، عن سعد بن
أوس، عن بلال بن يحيى العبسي قال: لما قتل عمار (كذا والصحيح عثمان) أتوا
حذيفة فقالوا: يا عبدالله قتل هذا الرجل وقد اختلف الناس، فما تقول ؟ قال إذا أتيتم
فأجلسوني، قال: فأسندوه إلى صدر رجل منهم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
أبو اليقظان على الفطرة ثلاث مرات، لن يدعها حتى يموت. انتهى. ورواه في بحار
الاَنوار ج 33 ص 9


ـ شرح الاَخبار ج 1 ص 412


أبو أحمد بإسناده عن حذيفة بن اليمان، أنه لما احتضر قيل له أوصنا، فقال: أما
إذا قلتم ذلك فأسندوني، فأسندوه فقال: سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله
يقول: أبو اليقظان على الفطرة لا يدعها ثلاث مرات، لا يدعها حتى يموت.


ـ روضة الواعظين للنيسابوري ص 286


.... وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أبواليقظان على الفطرة ثلاث مرات لن
يدعها حتى يموت، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما.


ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 393


... عن عائشة أنها قالت: أنظروا عمار بن ياسر فإنه يموت على الفطرة، إلا أن
تدركه هفوة من كبر. صحيح الاِسناد.


.... عن قيس بن أبي حازم قال قال عبدالله: ما أعلم أحداً خرج في الفتنة يريد به
وجه الله تعالى والدار الآخرة إلا عمار بن ياسر. صحيح الاِسناد.



ـ مجمع الزوائد ج 9 ص 295


وعن بلال بن يحيى قال لما قتل عثمان رضي الله عنه أتى حذيفة فقيل له يا أبا عبدالله قتل
هذا الرجل، وقد اختلف الناس فما تقول ؟ قال أسندوني فأسندوه إلى ظهر رجل
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة لا
يدعها حتى يموت أو يمسه الهرم. رواه البزار والطبراني في الاَوسط باختصار،
ورجالهما ثقات.


ـ كنز العمال ج 11 ص 723


أبو اليقظان على الفطرة، أبواليقظان على الفطرة، أبو اليقظان على الفطرة، لا
يدعها حتى يموت أو يمسه الهرم. ن، وابن سعد، عد وضعفه، عن حذيفة.


ـ كنز العمال ج 13 ص 532 و 537


عن حذيفة قال: إن عماراً لا تصيبه الفتنة حتى يخرف، سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: أبواليقظان على الفطرة لم يدعها حتى يموت، أو ينسيه الهرم.
كر. انتهى.


ملاحظة: من واضحات تاريخنا الاِسلامي أن عمار بن ياسر رضي الله عنه وقف بعد
النبي صلى الله عليه وآله مع علي عليه السلام في مواجهة بيعة السقيفة، ثم في عهد أبي بكر وعمر،
وأحداث خلافة عثمان، وكان عمار من قادة جيش علي عليه السلام في حرب الجمل وله
فيها مواقف سجلها التاريخ، ومنها مواقف مع عائشة، ثم ختم الله له بالشهادة تحت
راية علي في صفين، وقتلته فئة معاوية الباغية كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله.. ولذلك لا
يشك الاِنسان بأن جعل النبي عماراً علماً على خط الفطرة من بعده، يعني جعله
علياً عليه السلام علماً للاَمة، وتأكيده بأن خط علي من بعده هو خط الفطرة.


ومن الطبيعي أن تكون مواقف عمار إلى جانب علي ثقيلة على عائشة وعلى
قريش، وأن لا يرووا في حقه مثل هذه الشهادة النبوية التي تدينهم، ولكنها كانت
شهادة معروفة بين المسلمين، ومن هنا أدخل خصوم علي عليه السلام في روايتها غمغمة

واستثناءات وشروطاً لغرض إحباط مفعولها !


ويدل على بطلان هذه الاِضافات أن الشهادة النبوية وردت في حق عمار مطلقة
بنصوص صحيحة عندنا وعند إخواننا وليس فيها تلك الاِستثناءات. مضافاً إلى أن
طبيعة مثل هذه الشهادة لا تقبل الاِستثناء، لاَنه يؤدي إلى نسبة التناقض إلى
النبي صلى الله عليه وآله حيث يشهد لشخص بأنه على الفطرة حتى يموت، ويجعله علماً لاَمته من
بعده ويأمرهم بأن يكونوا في خطه، ثم يستثني من ذلك ويشترط شرطاً مبهماً يبطل
كلامه الاَول، ويوقع الاَمة في الشك والريب ! !


ـ وقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 243 حديثاً يدل على مدى تأثير هذه
الشهادة النبوية ومدى حسد قريش لعلي عليه السلام قال:


وعن سيار أبي الحكم قال: قالت بنو عبس لحذيفة: إن أمير المؤمنين عثمان قد
قتل فما تأمرنا ؟ قال آمركم أن تلزموا عماراً. قالوا إن عماراً لا يفارق علياً ! قال إن
الحسد هو أهلك الجسد وإنما ينفركم من عمار قربه من علي ؟ ! فوالله لعلي أفضل
من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً لمن الاَحباب. وهو يعلم أنهم إن
لزموا عماراً كانوا مع علي. رواه الطبراني ورجاله ثقات، إلا أني لم أعرف الرجل
المبهم. انتهى. ولا يبعد أن يكون إسم بني عبس وضع في هذه الرواية بدل قريش
لاَن حسدة بني هاشم الذين عناهم حذيفة والذين تحدث عنهم القرآن هم قبائل
قريش، وليسوا بني عبس أو تميم.


علي عليه السلام إمام الثابتين على الفطرة


ـ نهج البلاغة ج 1 ص 105


ومن كلام له عليه السلام لاَصحابه: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم
مندحق البطن يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم

بسبي والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا
تتبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الاِيمان والهجرة.


ـ شرح الاَخبار ج 1 ص 159


عن الشعبي أنه كان يقول: سمعت رشيد الهجري والحارث الاَعور الهمداني
وصعصعة بن صوحان العبدي وسالم بن دينار الاَزدي، كلهم يذكرون أنهم سمعوا
علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة يقول في خطبته: يا معشر أهل الكوفة، والله
لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم أقواماً أنتم أولى بالحق منهم،
فيعذبكم الله بهم ثم يعذبهم بما شاء من عنده، أَوَ من قتلة بالسيف تفرون إلى الموت
على الفراش. فإني أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن معالجة ملك الموت
لاَشد من ضربة ألف سيف، أخبرني جبرئيل يا علي إنه يصيبكم بعدي أَثَرةٌ وزلزال،
فعليكم بالصبر الجميل.


وقال لي أيضاً: قضاء مقضي على لسان النبي الاَمي: إنه لا يبغضك يا علي مؤمن
ولا يحبك كافر، وقد خاب من حمل ظلماً وافترى. ثم جعل يقول لنفسه: يا علي
إنك ميت مقتول، بل مقتول إن شاء الله، فما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من هذا،
ثم أمرَّ يده اليمنى على لحيته، ثم وضعها على رأسه، ثم قال: أما لقد رأيت في
منامي أنه يهلك في اثنان ولا ذنب لي: محب غالٍ، ومبغض قالٍ. ثم قال: إلا أنكم
ستعرضون على البراءة مني فلا تتبرأوا مني، فإن صاحبكم والله على فطرة الله التي
فطر الناس عليها. ثم نزل عن المنبر.


ـ شرح الاَخبار ج 1 ص 169


....ثم قال: سيظهر عليكم بعدي رجل وإنه سيعرضكم على سبي والبراءة مني،
فإن خفتموه فسبوني فإنما هي زكاة ونجاة، وإن سألكم البراءة مني فلا تبرؤوا مني
فإني على الفطرة.



ثم قال: يكون بعدي أئمة يأمرونكم بسبي والبراءة مني، أما السب فسبوني، ولا
تتبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وأموت على الفطرة إن شاء الله.


ـ بحار الاَنوار ج 36 ص 350


عن سعيد بن المسيب قال: سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن علي بن أبي طالب
فقال له ابن عباس: إن علي بن أبي طالب صلى القبلتين وبايع البيعتين، ولم يعبد
صنماً ولا وثناً، ولم يضرب على رأسه بزلم ولا قدح، ولد على الفطرة ولم يشرك
بالله طرفة عين. فقال الرجل: إني لم أسألك عن هذا إنما أسألك عن حمله سيفه
على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفاً، ثم سار إلى الشام فلقي
حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم مسلمون
فقتلهم عن آخرهم !


فقال له ابن عباس: أعليٌّ أعلم عندك أم أنا ؟ فقال: لو كان علي أعلم عندي منك
ما سألتك !


قال: فغضب ابن عباس حتى اشتد غضبه ثم قال: ثكلتك أمك عليٌّ علمني،
وكان علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله علمه الله من فوق عرشه، فعلم النبي من
علم الله وعلم علي من علم النبي وعلمي من علم علي، وعلم أصحاب محمد كلهم
في علم علي كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر !!


ـ بحار الاَنوار ج 43 ص 316


ما: بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:
إلا أنكم ستعرضون على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبوني، إلا وأنكم
ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإني على الفطرة....


فإن قيل: كيف علل نهيه لهم من البراءة منه بقوله: فإني ولدت على الفطرة، فإن
هذا التعليل لا يختص به لاَن كل ولد يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه وينصرانه ؟


والجواب: أنه علل نهيه لهم عن البراءة منه بمجموع أمور وهو كونه ولد على

الفطرة وسبق إلى الاِيمان والهجرة، ولم يعلل بآحاد هذا المجموع. ومراده هنا
بالولادة على الفطرة أنه لم يولد في الجاهلية لاَنه ولد لثلاثين عاماً مضت من عام
الفيل، والنبي أرسل لاَربعين مضت من عام الفيل، وقد جاء في الاَخبار الصحيحة
أنه مكث قبل الرسالة سنين عشراً يسمع الصوت ويرى الضوء ولا يخاطبه أحد،
وكان ذلك إرهاصاً لرسالته، فحكم تلك السنين العشر حكم أيام رسالته صلى الله عليه وآله فالمولود
فيها إذا كان في حجره وهو المتولي لتربيته مولود في أيام كأيام النبوة، وليس بمولود
في جاهلية محضة، ففارقت حاله حال من يدعى له من الصحابة مماثلته في الفضل.


وقد روي أن السنة التي ولد فيها هذه السنة التي بديَ فيها رسول الله صلى الله عليه وآله فأسمع
الهتاف من الاَحجار والاَشجار وكشف عن بصره، فشاهد أنواراً وأشخاصاً ولم
يخاطب منها بشيء، وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والاِنقطاع والعزلة
في جبل حراء، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة وأنزل عليه الوحي، وكان رسول
الله صلى الله عليه وآله يتيمن بتلك السنة وبولادة علي عليه السلام فيها، ويسميها سنة الخير وسنة البركة،
وقال لاَهله ليلة ولادته وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الاِلَهية ولم يكن
من قبلها شاهد من ذلك شيئاً: لقد ولد لنا مولود يفتح الله علينا به أبواباً كثيرة من
النعمة والرحمة. وكان كما قال صلوات الله عليه، فإنه كان ناصره والمحامي
عنه وكاشف الغم عن وجهه، وبسيفه ثبت دين الاِسلام ورست دعائمه وتمهدت
قواعده.


وفي المسألة تفصيل آخر، وهو أن يعني بقوله: فإني ولدت على الفطرة التي لم
تتغير ولم تحل، وذلك أن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على الفطرة، أن كل
مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه وبصحة الحواس والمشاعر لاَن
يتعلم التوحيد والعدل، ولم يجعل فيه مانعاً يمنعه من ذلك، ولكن التربية والعقيدة
في الوالدين والاَلف لاعتقادهما وحسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه، وأمير
المؤمنين عليه السلام دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل، ولم يصد عن مقتضاها مانع،

لا من جانب الاَبوين ولا من جهة غيرهما.


وغيره ولد على الفطرة ولكنه حال عن مقتضاها وزال عن موجبها.


ويمكن أن يفسر أنه أراد بالفطرة العصمة، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحاً ولا كان
كافراً طرفة عين، ولا مخطئاً ولا غالطاً في شيء من الاَشياء المتعلقة بالدين وهذا
تفسير الاِمامية. انتهى.


أقول: التفسيران الاَخيران اللذان ذكرهما المجلسي رحمه الله متحدان، لاَن قصد أمير
المؤمنين عليه السلام والله أعلم، إني ولدت على فطرة الله الصافية ولم أدنسها بعبادة وثن ولا
بارتكاب ذنب، وسبقت إلى الاِيمان بالنبي صلى الله عليه وآله والوقوف معه والهجرة معه..


ولا شك أن فطرة الله تعالى التي خلق عليها وليه ووزير رسوله صلى الله عليهما
أرقى من الفطرة العادية التي يولد عليها كل مولود، فالنبي وآله خيرة الله تعالى
وفطرتهم خيرة الفطر، وقد ورد في الدعاء: يا دائم الفضل على البرية، يا باسط
اليدين بالعطية، يا صاحب المواهب السنية، صل على محمد وآله خير الورى
سجية، واغفر لنا ياذا العلى في هذه العشية.


وتوجد هنا مسألتان في هذا الحديث يناسب التعرض لهما، وإن كان محلهما
باب الاِمامة.


المسألة الاَولى: أن الفرق بين السب والبراءة من وجهين:


أولهما، أن البعد السياسي في السب أقوى وأظهر منه في البراءة، والبعد
العقائدي في البراءة أقوى وأظهر. فالخطر العقائدي على المسلمين في البراءة أكثر،
بينما سب السلطة له عليه السلام وإجبارها المسلمين على ذلك لاتصل خطورته إلى خطورة
البراءة، وإن كان فيه خطر كبير على أجيال المسلمين.


ولعل هذا هو مقصود الفقهاء الذين اعتبروا أن البراءة شهادة بالكفر بعكس السب
واللعن، قال السيد الگلپايگاني رحمه الله في الدر النضيد ج 2 ص 253: ولعل الفرق بين
السب والبراءة حيث أمر بالاَول ونهى عن الثاني، أن السب صادر بالنسبة إلى المسلم

أيضاً، بخلاف البراءة فإنها تكون عن المشركين والكافرين، كما قال الله تعالى: براءة
من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين. وكان من كان يأمر بالبراءة عن
الاِمام عليه السلام يريد أن يجعل الاِمام في عداد المشركين والخارجين عن الدين، ومن كان
يتبرأ منه صلوات الله عليه يعده من الكفار، وبهذه المناسبة علل الاِمام عليه السلام نهيه عن
البراءة بقوله: فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الاِيمان والهجرة، وعلى هذا فلو
أكره على السب فسب فلا شيء عليه، بل وربما كان محموداً على فعله كما يشهد
بذلك حكاية عمار ونزول الآية الكريمة: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه
مطمئن بالاِيمان. انتهى.


والفرق الثاني، أن الحق الشخصي في السب أقوى منه في البراءة، فالحق العام
في السب وإن كان عظيماً بسبب أنه ظلم وعدوان على وصي النبي صلى الله عليه وآله الذي يمثل
دين الله تعالى، ولكن فيه حقاً شخصياً أيضاً لاَنه ظلم وعدوان على شخص علي عليه السلام
وباعتبار هذا الحق الشخصي كان له عليه السلام أن يجعل المؤمنين في حل عند الضرورة
بخلاف البراءة منه. فكأنه عليه السلام قال: بما أن السب مركب من حقين، فأنتم في حل من
حقي، ويبقى حق الله تعالى فهو حكم شرعي بينكم وبينه، وهو تعالى يجيزه عند
الضرورة. أما البراءة فحقها الاِلَهي غالب، لاَن البراءة مني براءة من الفطرة النقية التي
أنا عليها، وبراءة من إيماني بالله ورسوله وجهادي وهجرتي، فلا أستطيع أن أجعلكم
في حل منها، بل يجري عليها الحكم الشرعي.


والمسألة الثانية: أن فقهاءنا رضوان الله عليهم أفتوا بجواز البراءة عند الضرورة
المهمة كالخوف من القتل، ولم يفت أحد منهم بوجوب تحمل القتل للتخلص من
البراءة، إلا ما يظهر من المفيد كما سيأتي، وذلك لاَنه لم يثبت عندهم النص الذي
تضمن النهي عن البراءة، بل رووا تكذيب حديث علي عليه السلام فقد روى الحميري في
قرب الاِسناد ص 12:



ــ عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، قال قيل له: إن الناس يروون أن
علياً عليه السلام قال على منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم
ستدعون إلى البراءة مني، وإني لعلى دين محمد. ولم يقل وتبرؤوا مني، فقال له
السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة منه ؟


فقال: والله ما ذلك عليه، وما له إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل
مكة وقلبه مطمئن بالاِيمان، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه: إلا من أكره وقلبه مطمئن
بالاِيمان، فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عز وجل
عذرك في الكتاب وأمرك ان تعود إن عادوا. انتهى. وقد أفتى بهذا الحديث ابن
إدريس في السرائر ج 3 ص 624 وأكثر فقهائنا.


لكن اختلفوا في أن أيهما أرجح، ولعل الذين ثبت عندهم النهي عن البراءة
حملوه على كراهة البراءة وترجيح تحمل القتل عليها، ويشهد له ما رواه في وسائل
الشيعة ج 11 ص 475 عن الكشي في رجاله عن جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن
عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد عن يوسف بن
عمران الميثمي قال: سمعت ميثم النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى
البراءة مني ؟


فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك ؟


قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك.


قلت: أصبر فذاك في الله قليل !


فقال: يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي.. الحديث. انتهى. وقال في الوسائل:
رواه الراوندي في الخرائج والجرائح عن عمران عن أبيه ميثم.


وفي المقابل توجد روايات يفهم منها ترجيح التقية والبراءة، ففي الوسائل ج 11

ص 475.... عن عبدالله بن عطاء قال: قلت لاَبي جعفر عليه السلام: رجلان من أهل الكوفة
أخذا فقيل لهما إبرآ من أمير المؤمنين عليه السلام فبرىَ واحد منهما وأبى الآخر، فخلي
سبيل الذي برىء وقتل الآخر، فقال: أما الذي بريَ فرجل فقيه في دينه، وأما الذي
لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة.


ولعل تعارض روايات الترجيح جعل السيد الخوئي رحمه الله يفتي بتخيير المكلف
وعدم ترجيح أي من التقية أو الشهادة، قال في مستند العروة (التنقيح) ج 4 ص 264:
وقد يقال إن ترك التقية أرجح من التقية بإظهار التبريَ منه عليه السلام وعليه فيكون المقام من
موارد التقية المكروهة والمرجوحة، وإذا قلنا بعكس ذلك وإن التقية بإظهار التبريَ
أرجح من تركها فيكون المقام مثالاً للتقية المستحبة لا محالة. والصحيح أن الاَمرين
متساويان ولا دلالة لشيء من الروايات على أرجحية أحدهما عن الآخر، أما رواية
عبدالله بن عطاء فلاَنها إنما دلت على أن من ترك التقية فقتل فقد تعجل إلى الجنة،
ولا دلالة لذلك على أن ترك التقية باختيار القتل أرجح من فعلها، وذلك لاَن
العامل بالتقية أيضاً من أهل الجنة وإنما لم يتعجل بل تأجل، فلا يستفاد منه إلا
تساويهما. انتهى.


لكن يبدو من المفيد رحمه الله أنه يفتي بحرمة البراءة ووجوب تحمل القتل، فقد عبر
عن حديث نهج البلاغة بأنه مستفيض، وفيه نهي مشدد عن البراءة، قال في الاِرشاد
ج 1 ص 322:


ومن ذلك ما استفاض عنه عليه السلام من قوله: إنكم ستعرضون من بعدي على سبي
فسبوني، فإن عرض عليكم البراءة مني فلا تبرؤوا مني فإني ولدت على الاِسلام،
فمن عرض عليه البراءة مني فليمدد عنقه، فمن تبرأ مني فلا دنيا له ولا آخرة، وكان
الاَمر ذلك كما قال عليه السلام. انتهى.


وقد رد الشيخ الاَنصاري على القول بوجوب تحمل القتل، فقال في المكاسب ص

325: بل عن المفيد في الاِرشاد أنه قد استفاض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
ستعرضون من بعدي على سبي فسبوني، ومن عرض عليه البراءة فليمدد عنقه،
فإن برأ مني فلا دنيا له ولا آخرة. وظاهرها حرمة التقية فيها كالدماء، ويمكن حملها
على أن المراد الاِستمالة والترغيب إلى الرجوع حقيقة عن التشيع إلى النصب،
مضافاً إلى أن المروي في بعض الروايات أن النهي من التبري مكذوب على أمير
المؤمنين عليه السلام وأنه لم ينه عنه. انتهى.


وذكر السيد الگلپايگاني أنه قد يجب العمل بالتقية أحياناً فلا بد من ملاحظة
المصالح والمفاسد، قال رحمه الله في الدر النضيد ج 4 ص 253:


قلت: بل وربما يستفاد منه (حديث مسعدة) ومن غيره أن الاَفضل له ذلك وإن
كان لو لم يجبهم إلى ذلك ولم يسب وقتل لذلك لم يكن آثماً ومؤاخذاً عليه، بل هو
مأجور وقد تعجل إلى جنات النعيم وإلى جوار الله رب العالمين، على حسب ما ورد
في بعض الروايات، إلا أن التقية أفضل. ومع ذلك كله لابد من ملاحظة المصالح
والمفاسد والعمل على وفقها، فربما يترتب على ترك التقية وعلى قتله مثلاً مفاسد
عظيمة، فهنا لابد له من التقية. انتهى.


ولا يبعد أن يكون أصل الحكم في المسألة جواز الاَمرين للمكلف، وأنه قد يطرأ
عنوان من المصلحة أو المفسدة الملزمة فيوجب اختيار التقية أو اختيار تحمل
الشهادة. ويكون تشخيص ذلك راجعاً إلى المكلف نفسه، أو الى أهل الخبرة.


ولاية علي عليه السلام علامة على صحة الفطرة وطيب المولد


ـ شرح الاَخبار ج 3 ص 449


.... عمران بن ميثم قال: دخلت على حبابة الوالبية فسمعتها تقول: والله ما أحد
على الفطرة إلا نحن وشيعتنا، والناس براء. وهذا صحيح لاَن من لم يكن من شيعة
محمد وآل محمد فهو من عدوهم، وقال الله تعالى: هذا من شيعته وهذا من عدوه،

ومن كان عدواً لمحمد وآله لم يكن على فطرة الاِسلام. انتهى. وروى نحوه في ج 3
ص 573


ـ وسائل الشيعة ج 20 ص 160


أقول: وفي الكشي، عن محمد بن مسعود بإسناده عن عمران بن ميثم قال:
دخلت أنا وعباية الاَسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية، فقال لها
عباية: تدرين من هذا الشاب الذي هو معي ؟ قالت: لا، قال: مه ابن أخيك ميثم.
قالت: إي والله إي والله، ثم قالت: ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عبدالله
الحسين بن علي عليهم السلام قلنا بلى، قالت: سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: نحن
وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمداً صلى الله عليه وآله وسائر الناس منها براء.


ـ مناقب أمير المؤمنين ج 1 ص 226


.... سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي أنت وشيعتك على الفطرة، وسائر
الناس منهم براء.


ـ بحار الاَنوار ج 67 ص 23


.... يخرجونهم من النور إلى الظلمات، قيل من نور الفطرة إلى فساد الاِستعداد،
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام: النور آل محمد، والظلمات عدوهم.


ـ تهذيب الاَحكام ج 4 ص 145


.... عن الحرث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فجلست
عنده، فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له، فدخل فجثى على ركبتيه ثم قال: جعلت
فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار، فكأنه
رق له فاستوى جالساً فقال له.... وقال: يا نجية ما على فطرة إبراهيم عليهم السلام غيرنا
وغير شيعتنا. انتهى. وروى نحوه في الاِختصاص ص 107 عن الاِمام زين العابدين عليه السلام.



ـ بحار الاَنوار ج 3 ص 276


فس: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن جعفر
بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: فأقم
وجهك للدين حنيفاً، قال: الولاية.


كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير،
عن علي بن حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز
وجل: فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، قال: هي الولاية.
انتهى. ورواه أيضاً في ج 23 ص 365


ـ تفسير القمي ج 2 ص 154 و 155


حدثنا الهيثم بن عبدالله الرماني قال حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن
جده محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام في قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها، قال:
هو لا إلَه إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين ولي الله، إلى هاهنا التوحيد.


ـ التوحيد للصدوق ص 328


حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن
الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن الحسن بن يونس، عن عبدالرحمن بن
كثير مولى جعفر، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس
عليها، قال: التوحيد، ومحمد رسول الله، وعلي أمير المؤمنين. انتهى. ورواه فرات
الكوفي في تفسيره ص 322 والمجلسي في بحار الاَنوار ج 3 ص 276 وج 26 ص 277
والحويزي في نور الثقلين ج 4 ص 182


ـ وفي بصائر الدرجات ص 78:


أحمد بن موسى، عن الحسين بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن
عبدالرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها،
قال: فقال: على التوحيد، ومحمد رسول الله، وعلي أمير المؤمنين.



ـ وفي بحار الاَنوار ج 3 ص 276


شي: عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله: صبغة الله ومن
أحسن من الله صبغة، قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية في الميثاق.


ـ وفي المحاسن ج 1 ص 138


عن أبي عبدالله المدايني قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: إذا برد على قلب أحدكم حبنا
فليحمد الله على أولى النعم، قلت: على فطرة الاِسلام ؟ قال: لا، ولكن على طيب
المولد، إنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلا الملزق الذي تأتي به أمه من
رجل آخر فتلزقه زوجها، فيطلع على عوراتهم ويرثهم أموالهم فلا يحبنا ذلك أبداً،
ولا يحبنا إلا من كان صفوة، من أي الجِبَل كان. انتهى، والجِبَل هي الجِبِلاَّت، جمع
جِبِلَّة. انتهى. ورواه في بحار الاَنوار ج 27 ص 152


ـ مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 11


وقال آخر:



أحب النـبـي وآل النبي * لأني ولدت على الفطرة


إذا شـك فـي ولـد والـد * فآيـته الـبـغـض للـعـتـرة


ـ ثواب الاَعمال ص 174


أبي رحمه الله قال حدثني سعد بن عبدالله، قال حدثني الحسن بن موسى الخشاب،
عن عقيل بن المتوكل المكي، يرفعه عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده عليهم السلام
قال: من صاغ خاتماً عقيقاً فنقش فيه (محمد نبي الله وعلي ولي الله) وقاه الله ميتة
السوء ولم يمت إلا على الفطرة. ورواه في وسائل الشيعة ج 3 ص 403


* *


/ 18