الفطرة بمعنى الولادة في الاِسلام - عقائد الإسلامیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 1

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





الفطرة بمعنى الولادة في الاِسلام


ـ الكافي ج 8 ص 340


قال علي بن الحسين: ولم يولد لرسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة على فطرة الاِسلام إلا
فاطمة عليها السلام وقد كانت خديجة عليها السلام ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت
خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد
وأشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل عليه السلام ذلك، فأوحى الله عز وجل
إليه: أخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر،
وانصب للمشركين حرباً. فعند ذلك توجه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة. انتهى. ورواه
في بحار الاَنوار ج 19 ص 117


ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 58


وعن إسماعيل بن موسى، بإسناده عن أبي البختري قال: لما انتهى علي عليه السلام إلى
البصرة خرج أهلها.... إلى أن قال: فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين، فأمر
علي منادياً ينادي: لا تطعنوا في غير مقبل، ولا تطلبوا مدبراً، ولا تجهزوا على
جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، وما كان بالعسكر فهو
لكم مغنم، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل، فقام
إليه قوم من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم
وحرمت علينا نساءهم ؟ فقال: لاَن القوم على الفطرة، وكان لهم ولاء قبل الفرقة،
وكان نكاحهم لرشدة. فلم يرضهم ذلك من كلامه. فقال لهم: هذه السيرة في أهل
القبلة فأنكرتموها، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه ؟ ! فرضوا بما قال، فاعترفوا
صوابه وسلموا لاَمره. انتهى. ورواه المغربي في شرح الاَخبار ج 1 ص 395، وروته أيضاً
مصادر التاريخ.



القول بأن من ولد في الاِسلام فهو من أهل الجنة


ـ الدر المنثور ج 2 ص 115


وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في
جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب: لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل
فاجر، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس قال: هل رآه أحد منكم
على الاِسلام ؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله، فصلى عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثى عليه التراب وقال: أصحابك يظنون أنك من
أهل النار، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة. وقال: يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال
الناس ولكن تسأل عن الفطرة.


ـ صحيح مسلم ج 2 ص 4


.... فسمع رجلاً يقول الله اكبر، الله اكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
على الفطرة ثم قال: أشهد أن لا إلَه إلا الله أشهد أن لا إلَه إلا الله، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: خرجت من النار، فنظروا فإذا هو راعي معزى.


ـ كنز العمال ج 8 ص 366


كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فسمعنا منادياً ينادي: الله اكبر،
الله اكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على الفطرة فقال: أشهد أن لا إلَه إلا الله،
قال: خرج من النار، فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنماً له في واد، فأدرك
صلاة المغرب فأذن لنفسه ــ أبو الشيخ.


ـ سنن الترمذى ج 3 ص 87


.... واستمع ذات يوم فسمع رجلاً يقول: الله اكبر، الله اكبر، فقال: على الفطرة،
فقال: أشهد أن لا إلَه إلا الله، قال خرجت من النار.



ـ مسند أحمد ج 3 ص 241


... نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ سمع رجلاً يقول الله اكبر،
الله اكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على الفطرة، قال أشهد ان لا إلَه إلا الله
وأشهد أن محمداً رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خرج هذا من النار.
انتهى.


وقد صحت الروايات عند اخواننا أن الخليفة عمر قد وسع دائرة شفاعة
النبي صلى الله عليه وآله حتى تشمل المنافقين بل والكفار، بل صحت رواياتهم بأن مذهب
الخليفة عمر أن جهنم تنتهي بعد مدة وينقل أهلها إلى الجنة.. إلخ. وسيأتي ذلك في
بحث الشفاعة إن شاء الله تعالى.


الفطرة والنبوة والشرائع الاِلَهية


ـ الكافي ج 8 ص 424


علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان
، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت شريعة نوح عليه السلام أن يعبد الله
بالتوحيد والاِخلاص وخلع الاَنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله
ميثاقه على نوح وعلى النبيين أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئاً، وأمر
بالصلاة والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام، ولم يفرض عليه
أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته، فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا
خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانية، فلما أبوا وعتوا قال: رب إني مغلوب فانتصر.
فأوحى الله عز وجل إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا
يعملون. فلذلك قال نوح عليه السلام: ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً. فأوحى الله عز وجل إليه:
أن اصنع الفلك. انتهى. ورواه العياشي في تفسيره ج 2 ص 144، ورواه في بحار الاَنوار
ج 11 ص 331



ـ الكافي ج 2 ص 17


علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، وعدة من أصحابنا
عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن مروان،
جميعاً عن أبان بن عثمان، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى
أعطى محمداً صلى الله عليه وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام: التوحيد والاِخلاص
وخلع الاَنداد والفطرة الحنفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة، أحل فيها الطيبات
وحرم فيها الخبائث، ووضع عنهم إصرهم والاَغلال التي كانت عليهم، ثم افترض
عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال
والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله، وزاده الوضوء،
وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة والمفصل، وأحل له المغنم والفيء،
ونصره بالرعب، وجعل له الاَرض مسجداً وطهوراً، وأرسله كافة إلى الاَبيض
والاَسود والجن والاِنس، وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم، ثم كلفه ما لم
يكلف أحداً من الاَنبياء، أنزل عليه سيف من السماء في غير غمد وقيل له: قاتل في
سبيل الله لا تكلف إلا نفسك.


ـ ورواه في بحار الاَنوار ج 72 ص 317 وقال:


تبيين: قوله عليه السلام (شرايع نوح) يحتمل أن يكون المراد بالشرايع أصول الدين
ويكون التوحيد والاِخلاص وخلع الاَنداد بياناً لها، والفطرة الحنيفية معطوفة على
الشرايع، وإنما خص عليه السلام ما به الاِشتراك بهذه الثلاثة، مع اشتراكه عليه السلام معهم في كثير
من العبادات لاختلاف الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة، ولعله عليه السلام لم يرد حصر
المشتركات فيما ذكر لعدم ذكر السائل أصول الدين كالعدل والمعاد، مع أنه يمكن
إدخالها بعض ما ذكر، لا سيما الاِخلاص بتكلف.


ويمكن أن يكون المراد منها الاَصول وأصول الفروع المشتركة وإن اختلفت في

الخصوصيات والكيفيات، وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله عليه السلام (وزاده)
بياناً للشرايع، ويشكل حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة، إذ المشهور أن عدمهما من
خصائص نبينا صلى الله عليه وآله، إلا أن يقال المراد عدم الوجوب وهو مشترك، أو يقال إنهما لم
يكونا في شريعة عيسى عليه السلام أيضاً.


وإن استشكل بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسى عليه السلام فالجواب أنه يمكن أن يكون
واجباً عليه لكن لم يتحقق شرائطه، ولذا لم يجاهد.


ولعل قوله عليه السلام (زاده وفضله) بهذا الوجه أوفق.


وكأن المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق، وبالاِخلاص نفي الشريك في
العبادة، و خلع الاَنداد تأكيد لهما، أو المراد به ترك أتباع خلفاء الجور وأئمة الضلالة
أو نفي الشرك الخفي، أو المراد بالاِخلاص نفي الشرك الخفي، وبخلع الاَنداد نفي
الشريك في استحقاق العبادة.


والاَنداد: جمع ند، وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره، ويناده أي يخالفه.


والفطرة: ملة الاِسلام التي فطر الله الناس عليها، كما مر.


والحنيفية: المائلة من الباطل إلى الحق، أو الموافقة لملة إبراهيم عليه السلام قال
في النهاية: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم، وأصل الحنف الميل،
ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة، وفي القاموس: السمحة الملة التي
ما فيها ضيق.


ـ بحار الاَنوار ج 76 ص 68


مكا: عن الصادق عليه السلام قال: كان بين نوح وإبراهيم عليهما السلام ألف سنة، وكانت شريعة
إبراهيم بالتوحيد والاِخلاص وخلع الاَنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي
الحنيفية. وأخذ عليه ميثاقه وأن لا يعبد إلا الله، ولا يشرك به شيئاً، قال: وأمره
بالصلاة والاَمر والنهي ولم يحكم له أحكام فرض المواريث، وزاده في الحنيفية:

الختان وقص الشارب ونتف الاِبط وتقليم الاَظفار وحلق العانة، وأمره ببناء البيت
والحج والمناسك، فهذه كلها شريعته عليه السلام.


معنى الفطرة والصبغة


ـ تفسير التبيان ج 1 ص 485


قوله تعالى: صبغة الله، معناه فطرة الله في قول الحسن وقتادة وأبي العالية
ومجاهد وعطية وابن زيد والسدي.


وقال الفراء والبلخي: إنه شريعة الله في الختان الذي هو التطهير.


وقوله صبغة الله، مأخوذ من الصبغ، لاَن بعض النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود
جعلوه في ماء طهور يجعلون ذلك تطهيراً له ويسمونه العمودية، فقيل صبغة الله أي
تطهير الله، تطهيركم بتلك الصبغة وهو قول الفراء.


وقال قتادة: اليهود تصبغ أبناءها يهوداً والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، فهذا غير
المعنى الاَول، وإنما معناه أنهم يلقنون أولادهم اليهودية والنصرانية، فيصبغونهم
بذلك لما يشربون قلوبهم منه، فقيل صبغة الله التي أمر بها ورضيها يعني الشريعة، لا
صبغتكم.


وقال الجبائي: سمي الدين صبغة لاَنه هيئة تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة
والصلاة وغير ذلك من الآثار الجميلة التي هي كالصبغة، وقال أمية:



في صبغة الله كان إذ نسي الــ * ـعهد وخلى الصواب إذ عزما


ـ تفسير التبيان ج 3 ص 334


وقوله: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله: اختلفوا في معناه فقال ابن عباس، والربيع بن
أنس، عن أنس: إنه الاِخصاء، وكرهوا الاِخصاء في البهائم، وبه قال سفيان، وشهر
بن حوشب، وعكرمة، وأبوصالح. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: فليغيرن دين
الله، وبه قال إبراهيم ومجاهد، وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام. قال

مجاهد: كذب العبد يعني عكرمة في قوله إنه الاِخصاء، وإنما هو تغيير دين الله الذي
فطر الناس عليه في قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك
الدين القيم. وهو قول قتادة والحسن والسدي والضحاك وابن زيد.


ـ وقال الكفعمي في المصباح ص 340


الفاطر أي المبتدع لاَنه فطر الخلق أي ابتدعهم، وخلقهم من الفطر وهو الشق،
ومنه: إذا السماء انفطرت، أي انشقت، وقوله: تكاد السموات يتفطرن، أي يتشققن
كأنه سبحانه شق العدم بإخراجنا منه، وقوله تعالى: فاطر السموات أي مبديء خلقها.


ـ بحار الاَنوار ج 3 ص 276 ـ 281


سن: المحسن بن أحمد، عن أبان الاَحمر، عن أبي جعفر الاَحول، عن محمد
بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عروة الله الوثقى التوحيد، والصبغة الاِسلام.


بيان: قال البيضاوي في قوله تعالى: صبغة الله: أي صبغنا الله صبغته وهي فطرة
الله التي فطر الناس عليها، فإنها حلية الاِنسان، كما أن الصبغة حلية المصبوغ، أو
هدانا هدايته وأرشدنا حجته، أو طهر قلوبنا بالاِيمان تطهيره. وسماه صبغة لاَنه ظهر
أثره عليهم ظهور الصبغ على المصبوغ، وتداخل قلوبهم تداخل الصبغ الثوب، أو
للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية
ويقولون هو تطهير لهم وبه تحقق نصرانيتهم.


ـ مع: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان،
عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة، قال:
هي الاِسلام.


ـ شف: من كتاب القاضي القزويني، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد
بن سهل، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن
كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها، قال

: هي التوحيد، وأن محمداً رسول الله، وأن علياً أمير المؤمنين.


ـ شي: عن زرارة، عن أبي جعفر وحمران، عن أبي عبدالله عليهما السلام قال:
الصبغة الاِسلام.


شي: عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: صبغة الله ومن
أحسن من الله صبغة، قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية في الميثاق.


ـ بحار الاَنوار ج 1 ص 209


ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاَشعري، عن أحمد بن محمد، عن ابن
معروف، عن ابن مهزيار، عن حكم بن بهلول، عن ابن همام، عن ابن أذينة، عن
أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياً عليه السلام يقول لاَبي
الطفيل عامر بن واثلة الكناني: يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس إلا النظر
فيه وهو صبغة الاِسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عز وجل.


بيان: قال الفيروزآبادي: الصبغة بالكسر: الدين والملة، وصبغة الله: فطرة الله، أو
التي أمر الله بها محمداً صلى الله عليه وآله وهي الختانة. انتهى.


أقول: المراد بالصبغة هنا الملة أوكل ما يصبغ الاِنسان بلون الاِسلام من العقائد
الحقة، والاَعمال الحسنة، والاَحكام الشرعية.


وقدرة الله تعالى لعل المراد بها هنا تقدير الاَعمال، وتعلق قدرة الله بخلقها، أي
علم القضاء والقدر والجبر والاِختيار، فإنه قد نهي عن التفكر فيها.


وفي نهج البلاغة: أنه قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد سئل عن القدر فقال: طريق
مظلم فلا تسلكوه. انتهى.


ـ بحار الاَنوار ج 67 ص 130


البقرة ــ 138: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون.


الروم ــ 30: فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل
لخلق الله، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.



ـ كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن ابن
محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: صبغة الله
ومن أحسن من الله صبغة، قال: الاِسلام.


بيان: قيل على هذه الاَخبار يحتمل أن تكون (صبغة) منصوبة على المصدر من
مسلمون في قوله تعالى قبل ذلك: لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. ثم
يحتمل أن يكون معناها وموردها مختصاً بالخواص والخلص المخاطبين بـ (قولوا)
في صدر الآيات حيث قال: قولا آمنا بالله وما أنزل إلينا، دون سائر أفراد بني آدم، بل
يتعين هذا المعنى إن فسر الاِسلام بالخضوع والاِنقياد للاَوامر والنواهي كما فعلوه،
وإن فسر بالمعنى العرفي فتوجيه التعميم فيه كتوجيه التعميم في فطرة الله....


وقيل: صبغة الله إبداع الممكنات وإخراجها من العدم إلى الوجود وإعطاء كل ما
يليق به من الصفات والغايات وغيرهما....


وقيل: معناه كل مولود يولد على معرفة الله والاِقرار به، فلا تجد أحداً إلا وهو يقر
بأن الله صانعه، وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره، ومنه حديث حذيفة (على
غير فطرة محمد) أراد دين الاِسلام الذي هو منسوب إليه. انتهى.


وقال بعضهم: المراد بالفطرة كونه خلقاً قابلاً للهداية ومتهيئاً لها، لما أوجد فيه
من القوة القابلة لها، لاَن فطرة الاِسلام وصوابها موضوع في العقول، وإنما يدفع
العقول عن إدراكها تغيير الاَبوين، أو غيرهما.


وأجيب عنه بأن حمل الفطرة على الاِسلام لا يأباه العقل، وظاهر الروايات يدل
عليه. وحملها على خلاف الظاهر لا وجه له من غير مستند.


.... لا تبديل لخلق الله: أي بأن يكونوا كلهم أو بعضهم عند الخلق مشركين، بل
كان كلهم مسلمين مقرين به أو قابلين للمعرفة، وأراهم نفسه: أي بالرؤية العقلية
الشبيهة بالرؤية العينية في الظهور ليرسخ فيهم معرفته، ويعرفوه في دار التكليف،
ولولا تلك المعرفة الميثاقية لم يحصل لهم تلك القابلية، وفسر عليه السلام الفطرة في

الحديث بالمجبولية على معرفة الصانع والاِذغان به. كذلك قوله في هذه الآية أيضاً
محمولة على هذا المعنى: ولئن سألتهم، أي كفار مكة كما ذكره المفسرون، أو الاَعم
كما هو الاَظهر من الخبر، ليقولن الله، لفطرتهم على المعرفة. وقال البيضاوي:
لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره، بحيث اضطروا إلى إذعانه.


والمشهور أنه مبنى على أن كفار قريش لم يكونوا ينكرون أن الصانع هو الله، بل
كانوا يعبدون الاَصنام لزعمهم أنها شفعاء عند الله، وظاهر الخبر أن كل كافر لو خلي
وطبعه وترك العصبية ومتابعة الاَهواء وتقليد الاَسلاف والآباء، لاَقر بذلك، كما ورد
ذلك الاَخبار الكثيرة.


قال بعض المحققين: الدليل على ذلك ما ترى أن الناس يتوكلون بحسب الجبلة
على الله ويتوجهون توجهاً غريزياً إلى مسبب الاَسباب ومسهل الاَمور الصعاب، وإن
لم يتفطنوا لذلك، ويشهد لهذا قول الله عز وجل قال: أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو
أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين. بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون
إليه إن شاء وتنسون ما تشركون.


وفي تفسير مولانا العسكري عليه السلام أنه سئل مولانا الصادق عن الله فقال للسائل: يا
عبدالله هل ركبت سفينة قط ؟ قال: بلى، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك
ولا سباحة تغنيك ؟ قال بلى، قال: فهل تعلق قلبك هناك أن شيئاً من الاَشياء قادر
على أن يخلصك من ورطتك ؟ قال: بلى، قال الصادق: فذلك الشيء هو الله القادر
على الاِنجاء حين لا منجي، وعلى الاِغاثة حين لا مغيث.


ولهذا جعلت الناس معذورين في تركهم اكتساب المعرفة بالله عز وجل متروكين
على ما فطروا عليه، مرضياً عنهم بمجرد الاِقرار بالقول، ولم يكلفوا الاِستدلالات
العلمية في ذلك، وإنما التعمق لزيادة البصيرة ولطائفة مخصوصة. وأما الاِستدلال
فللرد على أهل الضلال.


ثم إن أفهام الناس وعقولهم متفاوتة في قبول مراتب العرفان، وتحصيل

الاِطمينان كماً وكيفاً شدةً وضعفاً سرعةً وبطئاً حالاً وعلماً وكشفاً وعياناً، وإن كان
أصل المعرفة فطرياً، إما ضروري أو يهتدي إليه بأدنى تنبيه، فلكل طريقة هداه الله
عز وجل إليها إن كان من أهل الهداية، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، وهم
درجات عند الله، يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات.


قال بعض المنسوبين إلى العلم: إعلم أن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله عز
وجل، فكأن هذا يقتضي أن يكون معرفته أول المعارف، وأسبقها إلى الاَفهام
وأسهلها على العقول، ونرى الاَمر بالضد من ذلك، فلا بد من بيان السبب فيه.


وإنما قلنا إن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله فمعنى لا تفهمه إلا بمثال، هو: أنا
إذا رأينا إنساناً يكتب أو يخيط مثلاً، فإن كونه حياً من أظهر الموجودات فحياته
وعلمه وقدرته للخياطة أجلى عندنا من سائر صفاته الظاهرة والباطنة، إذ صفاته
الباطنة كشهوته وغضبه وخلقه وصحته ومرضه، وكل ذلك لا نعرفه، وصفاته
الظاهرة لا نعرف بعضها، وبعضها نشك فيه، كمقدار طوله، واختلاف لون بشرته
وغير ذلك من صفاته. أما حياته وقدرته وإرادته وعلمه وكونه حيواناً فإنه جلي عندنا
من غير أن يتعلق حس البصر بحياته وقدرته وإرادته، فإن هذه الصفات لا تحس
بشيَ من الحواس الخمس، ثم لا يمكن أن يعرف حياته وقدرته وإرادته إلا بخياطته
وحركته، فلو نظرنا إلى كل ما في العالم سواء لم نعرف به صفاته، فما عليه إلا دليل
واحد، وهو مع ذلك جلي واضح.


ووجود الله وقدرته وعلمه وسائر صفاته يشهد له بالضرورة كل ما نشاهده وندركه
بالحواس الظاهرة والباطنة من حجر ومدر، ونبات وشجر، وحيوان وسماء، وأرض
وكوكب، وبر وبحر، ونار وهواء، وجوهر وعرض، بل أول شاهد عليه أنفسنا،
وأجسامنا وأصنافنا، وتقلب أحوالنا، وتغير قلوبنا، وجميع أطوارنا، في
حركاتنا وسكناتنا.


وأظهر الاَشياء في علمنا أنفسنا، ثم محسوساتنا بالحواس الخمس، ثم مدركاتنا

بالبصيرة والعقل، وكل واحد من هذه المدركات له مدرك واحد، وشاهد ودليل
واحد، وجميع ما في العالم شواهد ناطقة، وأدلة شاهدة بوجود خالقها ومدبرها
ومصرفها ومحركها، ودالة على علمه وقدرته ولطفه وحكمته. والموجودات
المدركة لا حصر لها.


فإن كانت حياة الكاتب ظاهرة عندنا وليس يشهد له إلا شاهد واحد، وهو ما
أحسسنا من حركة يده، فكيف لا يتصور في الوجود داخل نفوسنا وخارجها إلا وهو
شاهد عليه وعلى عظمته وجلاله، إذ كل ذرة فإنها تنادي بلسان حالها أنه ليس
وجودها بنفسها، ولا حركتها بذاتها وإنما يحتاج إلى موجد ومحرك لها، يشهد بذلك
أولاً تركيب أعضائنا وائتلاف عظامنا، ولحومنا وأعصابنا ونبات شعورنا، وتشكل
أطرافنا، وسائر أجزائنا الظاهرة والباطنة، فإنا نعلم أنها لم تأتلف بنفسها، كما نعلم أن
يد الكاتب لم تتحرك بنفسها. ولكن لما لم يبق في الوجود مدرك، ومحسوس
ومعقول، وحاضر وغائب إلا وهو شاهد ومعرف عظم ظهوره، فانبهرت العقول،
ودهشت عن إدراكه.


فإذن ما يقصر عن فهمه عقولنا له سببان: أحدهما خفاؤه في نفسه وغموضه،
وذلك لا يخفى مثاله، والآخر ما يتناهى وضوحه. وهذا كما أن الخفاش يبصر بالليل
ولا يبصر بالنهار، لا لخفاء النهار واستتاره، ولكن لشدة ظهوره، فإن بصر الخفاش
ضعيف يبهره نور الشمس إذا أشرق، فيكون قوة ظهوره مع ضعف بصره سبباً لامتناع
أبصاره فلا يرى شيئاً إلا إذا امتزج الظلام بالضوء، وضعف ظهوره. فكذلك عقولنا
ضعيفة، وجمال الحضرة الاِلَهية في نهاية الاِشراق والاِستنارة وفي غاية الاِستغراق
والشمول، حتى لا يشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السماوات والاَرض، فصار
ظهوره سبب خفائه، فسبحان من احتجب بإشراق نوره، واختفى عن البصائر
والاَبصار بظهوره. ولا تتعجب من اختفاء ذلك بسبب الظهور، فإن الاَشياء تستبان
بأضدادها وما عم وجوده حتى لا ضد له عسر إدراكه، فلو اختلفت الاَشياء فدل

بعضها دون البعض أدركت التفرقة على قرب، ولما اشتركت في الدلالة على نسق
واحد أشكل الاَمر. ومثاله نور الشمس المشرق على الاَرض، فإنا نعلم أنه عرض من
الاَعراض يحدث في الاَرض، ويزول عند غيبة الشمس....


ـ الدر المنثور ج 5 ص 155


فأقم وجهك.... الآية. أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن
مجاهد رضي الله عنه قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها، قال: الدين الاِسلام، لا تبديل
لخلق الله، قال لدين الله.


ــ وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: لاتبديل لخلق
الله، قال: دين الله. ذلك الدين القيم، قال: القضاء القيم.


دور الفطرة في المعرفة والثقافة والحضارة


ـ تفسير نور الثقلين ج 4 ص 175


ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام في الرد على
الدهرية:


تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الاِنسان من هذا النطق الذي
يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره، به يفهم غيره ما في نفسه،
ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشيء، ولا تفهم عن
مخبر شيئاً، وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين للباقين وأخبار الباقين للآتين
وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الاِنسان ذكر ما يجري بينه
وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاها لا نقطع أخبار بعض الاَزمنة عن بعض
وأخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل
على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر
دينهم وما روي لهم مما لايسعهم جهله.



ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الاِنسان من
خلقه وطباعه. وكذلك الكلام إنما هو شيء يصطلح عليه الناس فيجري بينهم، ولهذا
صار يختلف في الاَمم المختلفة بألسن مختلفة، وكذلك الكتابة ككتابة العربي
والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الاَمم،
إنما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام.


فيقال لمن ادعى ذلك إن الاِنسان وإن كان له في الاَمرين جميعاً فعل أو حيلة،
فإن الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من الله عز وجل في خلقه،
فإنه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدي به للاَمور، لم يكن ليتكلم أبداً، ولو
لم يكن له كف مهيأة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبداً، واعتبر ذلك من البهائم التي
لا كلام لها ولا كتابة. فأصل ذلك فطرة الباري عز وجل، وما تفضل به على خلقه،
فمن شكر أثيب، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.


بحث في دور الفطرة والنبوة في الحياة الاِنسانية


ـ تفسير الميزان ج 10 ص 128


قوله تعالى: وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه بغياً بينهم.


قد مر أن المراد به الاِختلاف الواقع في نفس الدين من حملته، وحيث كان الدين
من الفطرة كما يدل عليه قوله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر
الناس عليها. الروم ــ 30....


على أن الفطرة لا تنافي الغفلة والشبهة ولكن تنافي التعمد والبغي، ولذلك خص
البغي بالعلماء ومن استبانت له الآيات الاِلَهية، قال تعالى: والذين كفروا وكذبوا
بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. البقره ــ 39، والآيات في هذا المعنى
كثيرة، وقد قيد الكفر في جميعها بتكذيب آيات الله ثم أوقع عليه الوعيد. وبالجملة
فالمراد بالآية أن هذا الاِختلاف ينتهي إلى بغي حملة الكتاب من بعد علم....



وقد تبين من الآية: أولاً، حد الدين ومعرفته وهو أنه نحو سلوك في الحياة الدنيا
يتضمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الاَخروي والحياة الدائمة الحقيقية عند الله
سبحانه، فلابد في الشريعة من قوانين تتعرض لحال المعاش على قدر الاِحتياج.


وثانياً، أن الدين أول ما ظهر ظهر رافعاً للاِختلاف الناشيء عن الفطرة، ثم
استكمل رافعاً للاِختلاف الفطري وغير الفطري معاً.


وثالثاً، أن الدين لا يزال يستكمل حتى تستوعب قوانينه جهات الاِحتياج في
الحياة فإذا استوعبها ختم ختماً فلا دين بعده، وبالعكس إذا كان دين من الاَديان
خاتماً كان مستوعباً لرفع جميع جهات الاِحتياج، قال تعالى: ما كان محمد أبا أحد
من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. الاَحزاب ــ 40 وقال تعالى: ونزلنا عليك
الكتاب تبياناً لكل شيء. النحل ــ 89 وقال تعالى: وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه.


حم السجده ــ 42.


ورابعاً، أن كل شريعة لاحقة أكمل من سابقتها.


وخامساً، السبب في بعث الاَنبياء وإنزال الكتب، وبعبارة أخرى العلة في الدعوة
الدينية هو أن الاِنسان بحسب طبعه وفطرته سائر نحو الاِختلاف، كما أنه سالك نحو
الاِجتماع المدني، وإذا كانت الفطرة هي الهادية إلى الاِختلاف لم تتمكن من رفع
الاِختلاف، وكيف يدفع شيء ما يجذبه إليه نفسه، فرفع الله سبحانه هذا الاِختلاف
بالنبوة والتشريع بهداية النوع إلى كماله اللائق بحالهم المصلح لشأنهم.


وهذا الكمال كمال حقيقي داخل في الصنع والاِيجاد، فما هو مقدمته كذلك،
وقد قال تعالى: الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. طه ــ 50، فبين أن من شأنه
وأمره تعالى أن يهدي كل شيء إلى ما يتم به خلقه، ومن تمام خلقة الاِنسان أن يهتدي
إلى كمال وجوده في الدنيا والآخرة، وقد قال تعالى أيضاً: كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من
عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا. الاِسراء ــ 20 وهذه الآية تفيد أن شأنه تعالى

هو الاِمداد بالعطاء يمد كل من يحتاج إلى إمداده في طريق حياته ووجوده ويعطيه
ما يستحقه، وأن عطاءه غير محظور ولا ممنوع من قبله تعالى إلا أن يمتنع ممتنع
بسوء حظ نفسه من قبل نفسه لا من قبله تعالى.


ومن المعلوم أن الاِنسان غير متمكن من تتميم هذه النقيصة من قبل نفسه، فإن
فطرته هي المؤدية إلى هذه النقيصة، فكيف يقدر على تتميمها وتسوية طريق
السعادة والكمال في حياته الاِجتماعية.


وإذا كانت الطبيعة الاِنسانية هي المؤدية إلى هذا الاِختلاف العائق للاِنسان عن
الوصول إلى كماله الحري به، وهي قاصرة عن تدارك ما أدت إليه وإصلاح ما أفسدته
فالاِصلاح لو كان يجب أن يكون من جهة غير جهة الطبيعة وهي الجهة الاِلَهية التي
هي النبوة بالوحي، ولذا عبر تعالى عن قيام الاَنبياء بهذا الاِصلاح ورفع الاِختلاف
بالبعث، ولم ينسبه في القرآن كله إلا إلى نفسه، مع أن قيام الاَنبياء كسائر الاَمور له
ارتباطات بالمادة بالروابط الزمانية والمكانية.


فالنبوة حالة إلَهية، وإن شئت قل غيبية، نسبتها إلى هذه الحالة العمومية من
الاِدراك والفعل نسبة اليقظة إلى النوم بها يدرك الاِنسان المعارف التي بها يرتفع
الاِختلاف والتناقض في حياة الاِنسان، وهذا الاِدراك والتلقي من الغيب هو المسمى
في لسان القرآن بالوحي، والحالة التي يتخذها الاِنسان منه لنفسه بالنبوة.


ومن هنا يظهر أن هذا أعني تأدية الفطرة إلى الاِجتماع المدني من جهة وإلى
الاِختلاف من جهة أخرى وعنايته تعالى بالهداية إلى تمام الخلقة، مبدأ حجة على
وجود النبوة، وبعبارة أخرى دليل النبوة العامة.


تقريره: أن نوع الاِنسان مستخدم بالطبع وهذا الاِستخدام الفطري يؤديه إلى
الاِجتماع المدني وإلى الاِختلاف والفساد في جميع شئون حياته الذي يقضي
التكوين والاِيجاد برفعه، ولا يرتفع إلا بقوانين تصلح الحياة الاِجتماعية برفع
الاِختلاف عنها. وهداية الاِنسان إلى كماله وسعادته بأحد أمرين، إما بفطرته وإما

بأمر وراءه، لكن الفطرة غير كافية فإنها هي المؤدية إلى الاِختلاف فكيف ترفعه،
فوجب أن يكون بهداية من غير طريق الفطرة والطبيعة وهو التفهيم الاِلَهي غير
الطبيعي المسمى بالنبوة والوحي، وهذه الحجة مؤلفة من مقدمات مصرح بها في
كتاب الله تعالى كما عرفت فيما تقدم، وكل واحدة من هذه المقدمات تجربية بينتها
التجربة للاِنسان تاريخ حياته واجتماعاته المتنوعة التي ظهرت وانقرضت في طي
القرون المتراكمة الماضية إلى أقدم أعصار الحياة الاِنسانية التي يذكرها التاريخ. فلا
الاِنسان انصرف في حين من أحيان حياته عن حكم الاِستخدام ولا استخدامه لم
يؤد إلى الاِجتماع وقضى بحياة فردية، ولا اجتماعه المكون خلا عن الاِختلاف، ولا
الاِختلاف ارتفع بغير قوانين اجتماعية، ولا أن فطرته وعقله الذي يعده عقلاً سليماً
قدرت على وضع قوانين تقطع منابت الاِختلاف وتقلع مادة الفساد.


وناهيك في ذلك ما تشاهده من جريان الحوادث الاِجتماعية وما هو نصب
عينيك من انحطاط الاَخلاق وفساد عالم الاِنسانية والحروب المهلكة للحرث
والنسل والمقاتل المبيدة للملايين بعد الملايين من الناس، وسلطان التحكم ونفوذ
الاِستعباد في نفوس البشر وأعراضهم وأموالهم في هذا القرن الذي يسمى عصر
المدنية والرقي والثقافة والعلم، فما ظنك بالقرون الخالية أعصار الجهل والظلمة.


وأما أن الصنع والاِيجاد يسوق كل موجود إلى كماله اللائق به فأمر جار في كل
موجود بحسب التجربة والبحث، وكذا كون الخلقة والتكوين إذا اقتضى أثراً لم
يقتض خلافه بعينه أمر مسلم تثبته التجربة والبحث، وأما أن التعليم والتربية الدينيين
الصادرين من مصدر النبوة والوحي يقدران على دفع هذا الاِختلاف والفساد، فأمر
يصدقه البحث والتجربة معاً، أما البحث فلاَن الدين يدعو إلى حقائق المعارف
وفواضل الاَخلاق ومحاسن الاَفعال، فصلاح العالم الاِنساني مفروض فيه، وأما
التجربة فالاِسلام أثبت ذلك في اليسير من الزمان الذي كان الحاكم فيه على الاِجتماع
بين المسلمين هو الدين، وأثبت ذلك بتربية أفراد من الاِنسان صلحت نفوسهم

وأصلحوا نفوس غيرهم من الناس على أن جهات الكمال والعروق النابضة في هيكل
الاِجتماع المدني اليوم التي تضمن حياة الحضارة والرقي مرهونة للتقدم الاِسلامي
وسريانه في العالم الدنيوي على ما تعطيه التجزية والتحليل من غير شك. انتهى.


وأنت تلاحظ أن صاحب الميزان رحمه الله فسر الفطرة بالغرائز الخيرة والشريرة معاً،
ولكن والذي يظهر من الاَحاديث الشريفة اختصاصها ببعض الغرائز الخيرة.


ـ تفسير الميزان ج 11 ص 151


فلو كان في الدنيا خير مرجو وسعادة لوجب أن ينسب إلى الدين وتربيته. ويشهد
بذلك ما نشاهده من أمر الاَمم التي بنت اجتماعها على كمال الطبيعة وأهملت أمر
الدين والاَخلاق فإنهم لم يلبثوا دون أن افتقدوا الصلاح والرحمة والمحبة وصفاء
القلب وسائر الفضائل الخلقية والفطرية، مع وجود أصل الفطرة فيهم، ولو كانت
أصل الفطرة كافية ولم تكن هذه الصفات بين البشر من البقايا الموروثة من الدين، لما
افتقدوا شيئاً من ذلك.


على أن التاريخ أصدق شاهد على الاِقتباسات التي عملتها الاَمم المسيحية بعد
الحروب الصليبية فاقتبسوا مهمات النكات من القوانين العامة الاِسلامية فتقلدوها
وتقدموا بها، والحال أن المسلمين اتخذوها وراءهم ظهرياً فتأخر هؤلاء وتقدم
أولئك.. والكلام طويل الذيل.


وبالجملة الاَصلان المذكوران أعني السراية والوراثة وهما التقليد الغريزي في
الاِنسان والتحفظ على السيرة المألوفة، يوجبان نفوذ الروح الديني في الاِجتماعات
كما يوجبان في غيره ذلك وهو تأثير فعلي.


فإن قلت: فعلى هذه فما فائدة الفطرة فإنها لا تغني طائلاً، وإنما أمر السعادة بيد
النبوة، وما فائدة بناء التشريع على أساس الفطرة على ما تدعيه النبوة.


قلت: ما قدمناه في بيان ما للفطرة من الاِرتباط بسعادة الاِنسان وكماله يكفي في
حل هذه الشبهة، فإن السعادة والكمال الذي تجلبه النبوة إلى الاِنسان ليس أمراً

خارجاً عن هذا النوع ولا غريباً عن الفطرة، فإن الفطرة هي التي تهتدي إليه لكن هذا
الاِهتداء لا يتم لها بالفعل وحدها من غير معين يعينها على ذلك، وهذا المعين الذي
يعينها على ذلك وهو حقيقة النبوة ليس أيضاً أمراً خارجاً عن الاِنسانية وكمالها
منضماً إلى الاِنسان كالحجر الموضوع في جنب الاِنسان مثلاً، وإلا كان ما يعود منه
إلى الاِنسان أمراً غير كماله وسعادته كالثقل الذي يضيفه الحجر إلى ثقل الاِنسان في
وزنه، بل هو أيضاً كمال فطري للاِنسان مذخور في هذا النوع وهو شعور خاص
وإدراك مخصوص مكمون في حقيقته لا يهتدي إليه بالفعل إلا آحاد من النوع
أخذتهم العناية الاِلَهية، كما أن للبالغ من الاِنسان شعوراً خاصاً بلذة النكاح لا تهتدي
إليه بالفعل بقية الاَفراد غير البالغين بالفعل، وإن كان الجميع من البالغ وغير البالغ
مشتركين في الفطرة الاِنسانية والشعور شعور مرتبط بالفطرة. وبالجملة لا حقيقة
النبوة أمر زائد على إنسانية الاِنسان الذي يسمى نبياً وخارج عن فطرته، ولا السعادة
التي تهتدي سائر الاَمة إليها أمر خارج عن إنسانيتهم وفطرتهم غريب عما يستأنسه
وجودهم الاِنساني، وإلا لم تكن كمالاً وسعادة بالنسبة إليهم.


فإن قلت: فيعود الاِشكال على هذا التقرير إلى النبوة فإن الفطرة على هذا كافية
وحدها والنبوة غير خارجة عن الفطرة. فإن المتحصل من هذا الكلام هو أن النوع
الاِنساني المتمدن بفطرته والمختلف في اجتماعه يتميز من بين أفراده آحاد من
الصلحاء فطرتهم مستقيمة وعقولهم سليمة عن الاَوهام والتهوسات ورذائل
الصفات، فيهتدون باستقامة فطرتهم وسلامة عقولهم إلى ما فيه صلاح الاِجتماع
وسعادة الاِنسان فيضعون قوانين فيها مصلحة الناس وعمران الدنيا والآخرة، فإن
النبي هو الاِنسان الصالح الذي له نبوغ اجتماعي.


قلت: كلا وإنما هو تفسير لا ينطبق على حقيقة النبوة ولا ما تستتبعه.


أما أولاً، فلان ذلك فرض افترضه بعض علماء الاِجتماع ممن لا قدم له في
البحث الديني والفحص عن حقائق المبدأ والمعاد. فذكر أن النبوة نبوغ خاص

اجتماعي استتبعته استقامة الفطرة وسلامة العقل، وهذا النبوغ يدعو إلى الفكر في
حال الاِجتماع وما يصلح به هذا الاِجتماع المختل وما يسعد به الاِنسان الاِجتماعي
فهذا النابغة الاِجتماعي هوالنبي والفكر الصالح المترشح من قواه الفكرية هو الوحي،
والقوانين التي يجعلها لصلاح الاِجتماع هو الدين، وروحه الطاهر الذي يفيض هذه
الاَفكار إلى قواه الفكرية ولا يخون العالم الاِنساني باتباع الهوى هو الروح الاَمين وهو
جبرائيل، والموحى الحقيقي هو الله سبحانه والكتاب الذي يتضمن أفكاره العالية
الطاهرة هو الكتاب السماوي، والملائكة هي القوى الطبيعية أو الجهات الداعية إلى
الخير، والشيطان هي النفس الاَمارة بالسوء أو القوى أو الجهات الداعية إلى الشر
والفساد، وعلى هذا القياس. وهذا فرض فاسد وقد مر في البحث عن الاِعجاز، وأن
النبوة بهذا المعنى لاَن تسمى لعبة سياسية أولى بها من أن تسمى نبوة إلَهية.


وقد تقدم أن هذا الفكر الذي يسمى هؤلاء الباحثون نبوغه الخاص نبوة، من
خواص العقل العملي الذي يميز بين خير الاَفعال وشرها بالمصلحة والمفسدة، وهو
أمر مشترك بين العقلاء من أفراد الاِنسان ومن هداية الفطرة المشتركة، وتقدم أيضاً إن
هذا العقل بعينه هو الداعي إلى الاِختلاف، وإذا كان هذا شأنه لم يقدر من حيث هو
كذلك على رفع الاِختلاف واحتاج فيه إلى متمم يتمم أمره، وقد عرفت أنه يجب أن
يكون هذا المتمم نوعاً خاصاً من الشعور يختص به بحسب الفعلية بعض الآحاد من
الاِنسان، وتهتدي به الفطرة إلى سعادة الاِنسان الحقيقية في معاشه ومعاده.


ومن هنا يظهر أن هذا الشعور من غير سنخ الشعور الفكري، بمعنى أن ما يجده
الاِنسان من النتائج الفكرية من طريق مقدماتها العقلية، غير ما يجده من طريق
الشعور النبوي والطريق غير الطريق.


ولا يشك الباحثون في خواص النفس في أن في الاِنسان شعوراً نفسياً باطنياً،
ربما يظهر في بعض الآحاد من أفراده يفتح له باباً إلى عالم وراء هذا العالم، ويعطيه
عجائب من المعارف والمعلومات وراء ما يناله العقل والفكر، صرح به جميع علماء

النفس من قدمائنا وجمع من علماء النفس من أوروبا مثل جمز الاِنجليزي وغيره.


فقد تحصل أن باب الوحي النبوي غير باب الفكر العقلي، وأن النبوة وكذا
الشريعة والدين والكتاب والملك والشيطان لا ينطبق عليها ما اختلقوه من المعاني.


أمور ورد أنها من الفطرة


ـ من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 130


وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم، وإنا نجز
الشوارب ونعفي اللحى، وهي الفطرة. انتهى. ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 423


ـ الخصال ص 310


حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر البندار، قال حدثنا جعفر بن محمد بن نوح،
قال حدثنا أبو محمد عبدالله بن أحمد بن حماد من أهل قومس، قال حدثنا
أبومحمد الحسن بن علي الحلواني، قال حدثنا بشر بن عمر، قال حدثنا مالك بن
أنس، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خمس من الفطرة: تقليم الاَظفار: وقص الشارب، ونتف الاِبط، وحلق العانة،
والاِختتان. انتهى. ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 434


ـ مستدرك الوسائل ج 2 ص 120


دعائم الاِسلام: عن أمير المؤمنين أنه قال: من الفطرة أن يستقبل بالعليل القبلة
إذا احتضر. انتهى. ورواه في بحار الاَنوار ج 85 ص 243 وروى نحوه الحاكم في
المستدرك ج 1 ص 353 والبيهقى في سننه ج 3 ص 384


ـ الكافي ج 5 ص 496


عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن
عبدالله بن عبدالرحمن، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح.



ـ بحار الاَنوار ج 22 ص 263


كا: العدة، عن سهل، عن جعفر بن محمد الاَشعري، عن ابن القداح عن أبي
عبدالله عليه السلام قال: جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله
إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله مغضباً يحمل نعليه حتى
جاء إلى عثمان فوجده يصلي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: يا
عثمان لم يرسلني الله بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة، أصوم
وأصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح.


ـ بحار الاَنوار ج 103 ص 220


جع: قال صلى الله عليه وآله: النكاح سنتي فمن رغب، عن سنتي فليس مني.


وقال: تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الاَمم يوم القيامة ولو بالسقط.


ـ وروى البخاري في صحيحه ج 7 ص 56


.... عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة
قص الشارب.... عن أبي هريرة رواية الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان،
والاِستحداد، ونتف الاِبط، وتقليم الاَظفار، وقص الشارب.


.... عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من الفطرة حلق العانة، وتقليم الاَظفار، وقص الشارب.


.... عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الفطرة خمس:
الختان، والاِستحداد، وقص الشارب، وتقليم الاَظفار، ونتف الاِباط.


.... عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، ووفروا
اللحى واحفوا الشوارب.انتهى. وروى نحوه في ج 7 ص 143 ورواه النسائي ج 1 ص 14


ـ وروى مسلم في ج 1 ص 153:


عن عائشة.... قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة: قص

الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الاَظفار، وغسل
البراجم، ونتف الاِبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال زكريا قال مصعب ونسيت
العاشرة إلا أن تكون المضمضة، زاد قتيبة قال وكيع. انتقاص الماء، يعني الاِستنجاء.
انتهى. ورواه النسائي ج 8 ص 126 ونحوه في سنن ابن ماجة ج 1 ص 107 والبيهقي في
سننه ج 1 ص 3


ـ وروى في كنز العمال ج 9 ص 520: عن مجاهد قال: غسل الدبر من الفطرة.


أمور ورد أنها تضر بالفطرة


ـ الكافي ج 2 ص 400


عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمان بن عيسى، عن رجل
عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من شك في الله بعد مولده على الفطرة لم يفىء إلى خير أبداً.


ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 2 ص 43


اللهم إن الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك، فهب لي ما يسرك، واغفر لي ما لا
يضرك، يا أرحم الراحمين.


أي: لو خليتني يا إلَهي ونفسي الخائنة الجانية وأوهامي المؤملة المرجية، فمن
يزيل آثار زلاتي الجمة الكثيرة، كما هو مقتضى الجمع المضاف المفيد للعموم، لاَن
إمهال العظيم الصبور مديد موفور، فإذا استحكمت الملكات الرذيلة وتجوهرت
العادات السيئة صارت طبيعة ثانية مخالفة للفطرة الاَولى الاِسلامية (المحكمة
الراسخة كيفاً) والذاتي لا يتبدل، والنفس موضوع بسيط ولا ضد له.


ـ تهذيب الاَحكام ج 3 ص 269


.... عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا: قال أبو جعفر عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السلام
يقول: من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة.



ـ كنز العمال ج 8 ص 286


عن علي قال: من قرأ خلف الاِمام فقد أخطأ الفطرة. ليس من الفطرة القراءة مع
الاِمام.


ـ كنز العمال ج 3 ص 62


لن تزال أمتي على الفطرة ما لم يتخذوا الاَمانة مغنماً، والزكاة مغرماً. ص، عن
ثوبان.


ـ صحيح البخاري ج 1 ص 192


شعبة عن سليمان، قال سمعت زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع
والسجود قال: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى
الله عليه وسلم. انتهى. ونحوه في سنن البيهقي ج 2 ص 386 وكنز العمال ج 8 ص 200
ومسند أحمد ج 5 ص 384


تقوية الفطرة وتضعيفها وإساءة استعمالها


ـ بحار الاَنوار ج 73 ص 269


... ثم الناس في هذه القوة على درجات ثلاث في أول الفطرة وبحسب ما يطرأ
عليها من الاَمور الخارجة من التفريط والاِفراط والاِعتدال، أما التفريط فيفقد هذه
القوة أو يضعفها بأن لا يستعملها فيما هو محمود عقلاً وشرعاً مثل دفع الضرر عن
نفسه على وجه سائغ، والجهاد مع أعدائه والبطش عليهم، وإقامة الحدود على
الوجه المعتبر، والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتحصل فيه ملكة الجبن بل
ينتهي إلى عدم الغيرة على حرمه وأشباه ذلك. انتهى. أقول: ويدل عليه أيضاً
قوله صلى الله عليه وآله (ولكن أبواه يهودانه أو ينصرانه).


ـ بحار الاَنوار ج 60 ص 372


الاِقبال: عن الحسين بن علي عليهما السلام في دعاء يوم عرفة:



ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئاً مذكوراً وخلقتني من التراب، ثم أسكنتني
الاَصلاب، آمناً لريب المنون واختلاف الدهور، فلم أزل ظاعناً من صلب إلى رحم
في تقادم الاَيام الماضية والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك لي
وإحسانك إلي في دولة أئمة الكفرة الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك
أخرجتني رأفةً منك وتحنناً علي للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني وفيه
أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك، وسوابغ نعمتك، فابتدعت
خلقي، من مني يمني، ثم اسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم، لم
تشهرني بخلقي، ولم تجعل إليَّ شيئاً من أمري، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاماً سوياً،
وحفظتني في المهد طفلاً صبياً، ورزقتني من الغذاء لبناً مرياً، وعطفت على قلوب
الحواضن، وكفلتني الاَمهات الرحائم، وكلاَتني من طوارق الجان، وسلمتني من
الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمان.


حتى إذا استهللت ناطقاً بالكلام، أتممت على سوابغ الاَنعام، فربيتني زائداً في
كل عام حتى إذا كملت فطرتي، واعتدلت سريرتي، أوجبت عليَّ حجتك بأن
ألهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب فطرتك، وأنطقتني لما ذرأت لي في سمائك
وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لذكرك وشكرك، وواجب طاعتك وعبادتك،
وفهمتني ما جاءت به رسلك.. إلخ. انتهى.


قال المجلسي رحمه الله الفطرة إشارة إلى قوة الاَعضاء والقوى الظاهرة، واعتدال
السريرة إلى كمال القوى الباطنة.... ألقيت في روعي أي قلبي عجائب الفطرة، لكنه
بعيد عن الشائع في إطلاق هذا اللفظ بحسب اللغة. انتهى.


أقول: الظاهر أن معناه: جعلتني أدرك روائع وعجائب ما فطرته من مخلوقاتك.


ـ تفسير الميزان ج 16 ص 178


الفطرة بناء نوع من الفطر بمعنى الاِيجاد والاِبداع، وفطرة الله منصوب على
الاغراء أي إلزم الفطرة، ففيه إشارة إلى أن هذا الدين الذي يجب إقامة الوجه له، هو

الذي تهتف به الخلقة وتهدي إليه الفطرة الاِلَهية التي لا تبديل لها.


وذلك أنه ليس الدين إلا سنة الحياة والسبيل التي يجب على الاِنسان أن يسلكها
حتى يسعد في حياته، فلا غاية للانسان يتبعها إلا السعادة، وقد هدى كل نوع من
أنواع الخليقة إلى سعادته التي هي بغية حياته بفطرته ونوع خلقته، وجهزه في
وجوده بما يناسب غايته من التجهيز، قال تعالى: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم
هدى. طه ــ 50 وقال: الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى. الاَعلى ــ 3.


فالاِنسان كسائر الاَنواع المخلوقة مفطور بفطرة تهديه إلى تتميم نواقصه ورفع
حوائجه وتهتف له بما ينفعه وما يضره في حياته، قال تعالى: ونفس وما سواها
فألهمها فجورها وتقواها: الشمس ــ 8 وهو مع ذلك مجهز بما يتم له به ما يجب له أن
يقصده من العمل، قال تعالى: ثم السبيل يسره: عبس ــ 20.


فللانسان فطرة خاصة تهديه إلى سنة خاصة في الحياة وسبيل معينة ذات غاية
مشخصة ليس له إلا أن يسلكها خاصة، وهو قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها،
وليس الاِنسان العائش في هذه النشأة إلا نوعاً واحداً لا يختلف ما ينفعه وما يضره
بالنظر إلى هذه البنية المؤلفة من روح وبدن، فما للاِنسان من جهة أنه إنسان إلا
سعادة واحدة وشقاء واحد، فمن الضروري حينئذ أن يكون تجاه عمله سنة واحدة
ثابتة يهديه اليها هاد واحد ثابت، وليكن ذاك الهادي هو الفطرة ونوع الخلقة، ولذلك
عقب قوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها، بقوله: لا تبديل لخلق الله، فلو اختلفت
سعادة الاِنسان باختلاف أفراده لم ينعقد مجتمع واحد صالح يضمن سعادة الاَفراد
المجتمعين، ولو اختلفت السعادة باختلاف الاَقطار التي تعيش فيها الاَمم المختلفة
بمعنى أن يكون الاَساس الوحيد للسنة الاِجتماعية، أعني الدين هو ما يقتضيه حكم
المنطقة، كان الاِنسان أنواعاً مختلفة باختلاف الاَقطار، ولو اختلفت السعادة
باختلاف الاَزمنة بمعنى أن تكون الاَعصار والقرون هي الاَساس الوحيد للسنة
الدينية، اختلفت نوعية كل قرن وجيل مع من ورثوا من آبائهم أو أخلفوا من أبنائهم،

ولم يسر الاِجتماع الاِنساني سير التكامل، ولم تكن الاِنسانية متوجهة من النقص إلى
الكمال، إذ لا يتحقق النقص والكمال إلا مع أمر مشترك ثابت محفوظ بينهما.


وليس المراد بهذا إنكار أن يكون لاختلاف الاَفراد أو الاَمكنة أو الاَزمنة بعض
التأثير في انتظام السنة الدينية في الجملة، بل إثبات أن الاَساس للسنة الدينية هو
البنية الاِنسانية التي هي حقيقة واحدة ثابتة مشتركة بين الاَفراد، فللاِنسانية سنة
واحدة ثابتة بثبات أساسها الذي هو الاِنسان، وهي التي تدير رحى الاِنسانية مع ما
يلحق بها من السنن الجزئية المختلفة باختلاف الاَفراد أو الاَمكنة أو الاَزمنة. وهذا
هو الذي يشير إلى قوله بعد ذلك: الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون....


وللقوم في مفردات الآية ومعناها أقوال أخر متفرقة، منها: أن المراد بإقامة الوجه
تسديد العمل، فإن الوجه هو ما يتوجه إليه وهو العمل وإقامته تسديده. وفيه أن
وجه العمل هو غايته المقصودة منه وهي غير العمل، والذي في الآية هو: فأقم
وجهك، ولم يقل فأقم وجه عملك....


ومنها، أن لا في قوله: لا تبديل لخلق الله، تفيد النهي أي لا تبدلوا خلق الله أي
دينه الذي أمرتم بالتمسك به، أولا تبدلوا خلق الله بإنكار دلالتة على التوحيد، ومنه
من نسب إلى ابن عباس أن المراد به النهي عن الخصاء.


وفيه، أن لا دليل على أخذ الخلق بمعنى الدين ولا موجب لتسمية الاِعراض عن
دلالة الخلقة أو إنكارها تبديلاً لخلق الله، وأما ما نسب إلى ابن عباس ففساده ظاهر.


ومنها، ما ذكره الرازي في التفسير الكبير قال: ويحتمل أن يقال خلق الله الخلق
لعبادته وهم كلهم عبيده لا تبديل لخلق الله، أي ليس كونهم عبيداً مثل كون المملوك
عبداً للاِنسان فإنه ينتقل عنه إلى غيره ويخرج عن ملكه بالعتق، بل لا خروج للخلق
عن العبادة والعبودية. وهذا لبيان فساد قول من يقول العبادة لتحصيل الكمال والعبد
يكمل بالعبادة فلا يبقى عليه تكليف، وقول المشركين إن الناقص لا يصلح لعبادة
الله، وإنما الاِنسان عبد الكواكب والكواكب عبيد الله، وقول النصارى إن عيسى كان


/ 18