قال تعالى: (وَإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَرَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأتَمَّهُنَّقَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماًقَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَيَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(1).
الرشد في المصطلح الإسلامي
لاجل التعرّف على الإدارة والقيادة فيالإسلام يلزم علينا في البداية أن نتعرفعلى مفهومين من المصطلحات الإسلامية.
الأوّل: الرشد، وهو اِصطلاح تذكره الكتبالفقهية بالخصوص، وقد استُمِدَّ منالقرآن الكريم.
والثاني: وهو الأهمّ مفهوم (الإمامة).
(الرشد) كلمة اقتُبِست من القرآن الكريم،واستعملها في الأطفال الذين يمتلكونثروة، ولكن لا وليَّ لهم.
فذكر بأنّه لابدّ من جعل القيّم عليهم إلىسنّ البلوغ، لادارة شؤونهم وثروتهم، فلاتبقى هذه الثروة تحت تصرفهم، فالبلوغ شرط،ولكنه لا يكفي لوحده؛ بل لابدّ من الرشدأيضاً.
يقول القرآن الكريم: (حَتَّى إذَابَلَغُوا النِّكَاحَ فَإنْ آنَسْتُمْمِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إلَيْهِمْأمْوَالَهُمْ)(2)؛ أي أنّ البلوغ الجنسي لايكفي لوحده؛ بل لابدّ من الوصول لرشدهم،كشرط لايداع الثروة في أيديهم.
ومن المسلّمات الفقهية: أنه لا يكفي فيالزواج البلوغ والعقل فحسب، بالنسبةللولد والبنت كليهما؛ بل لابد، بالإضافةإليهما، أن يتّصف الولد أو البنت بميزة(الرشد).
والعقل غير الرشد؛ فالإنسان إما أن يكونعاقلاً أو مجنوناً؛ والعاقل إمّا أن يكونرشيداً أو غير رشيداً؛ فالعاقل البالغ قديكون رشيداً وقد لا يكون رشيداً.
والملاحظ أن الذي يُفهم اليوم من المفهومالرشيد، في أذهان البعض، هو الرشاقة، فإذاكان الإنسان رشيقاً، حسن المظهر يقال له(رشيد)، وهذا المفهوم غريب عن المصطلحالإسلامي الأصيل، دخل في الأذهان نتيجةالفهم السيّىء للمفاهيم الإسلامية.
تعريف الرشد
إن أردنا تعريف الرشد تعريفاً شاملاًلجميع أنواعه، وفي مختلف المجالات،فلابدّ أن نقول بأنّه: عبارة عن نوع منالكمال الروحي والمعنوي، بمعنى أن تكونللإنسان قدرة الإدارة والمحافظة علىإمكاناته وطاقاته الماديّة والمعنوية،وحسن الانتفاع بها.
(1). البقرة:124.
(2). النساء: 6.