كان حطّاب فقير، يحمل حُزمة من الأغصان تغطّي كلِ جسْمه.وكان ينوء بحملها كما ينوء بعبءِ السنين.يسير منحني الظهر، متثاقل الخطا، ويئن من ثقل ذلك الحِمْل، ليبلغ كوخه الذي تغلفه سحابة من الدخان.وأخيراً لما وجد نفسه عاجزاً أمام أعبائه وألمه، أنزل الحزمة، وراح يفكّر في شقائه:أيّةَ مَسَرةٍ ذاقَ منذ وُلد؟ أليسَ أفقر إنسان على هذه الأرض؟ فأحياناً يُعوزه الخبز وأحياناً يفتقر إلى الراحة، زوجُهُ وأولاده والجنود والضرائب والدائنون والسُّخْرة، كل هؤلاء يجعلون منه الصورة الكاملة لأتعسِ مخلوق.فياموت أقبِلْ..!وعلى الفور، أتى ملك الموت قائلاً: "ما تريدني أن أفعل"؟ أجابه: "أظنك لا تتردّد في مساعدتي برفع هذا الحطب"..!إنّ الموتَ يأتي ليشفي كل الآلام ولكنْ، لنبق حيث نحن، الألم خيرٌ من الموت؛ هذا هو شعار البشر.
2-العربة والذُّبابة
كانت ستّةُ جياد تجرُّ عربةً، في طريق صاعدٍ رمليّ عسير السلوك، كانت أشعة الشمس تحيط بها من كل الجهات، وقد ترجّل منها كاهنٌ وعددٌ من النساء والشيوخ وفيما كانت الجياد تسبح في عرقها ويتعالى زفيرها جاءت ذبابة واقتربت من الجياد تريد أن تشحذ عزمها بطنينها أخذت تلسع هذا ثم ذاك معتقدةً أنها هي التي تُسيِّر العربة تحطّ على العريش، وعلى أنف السائق..ولما سارت العربة، ورأت الركب يتابع المسير نسبت إلى نفسها وحدها هذا الفوز أخذت تذهب وتجيء كالمستعجلة، كأنها قائد في معركة يذهب في كل اتجاه، حاثّاً جنوده مستعجلاً النصر وعلى الرغم من هذا العمل المشترك،