أعلامٌ واقعيون ونصوص واقعيّة بلزاك Honoré de Balzac 1799-1850
استهلّ بلزاك حياته في سلك الكهنوت، ثم ما لبث أن اتجه إلى الأدب والعمل في الطباعة والنشر، وغرق في الديون، فكان لابد له من مضاعفة عمله الشاق في الكتابة والتصحيح الطباعي على حساب راحته وصحته.بدأ بكتابة بعض الروايات الضعيفة ثم برزت مواهبه في عام 1828. جمع رواياته التي قاربت المئة في (الكوميديا البشريّة) وجعلها مقسمّة في محاور رئيسة: (الأول): للعادات الشائعة في المجتمع الفرنسي بعد الثورة وفي أثناء الامبراطورية الأولى. (والثاني) عرضٌ مفلسف ومعلّل لمظاهر ذلك المجتمع. (والثالث) تحليل أدبيّ للقوانين التي تنظم حياة المجتمع.انتقد بلزاك سلطة الكنيسة ووقوفها في وجه العلم، وفضح مثالب رجال الدين وأدان حكومة عصره الملكية وسخر من الأبهة البورجوازية الفارغة ومن الذين يعيشون على ذكريات الماضي، ومجدّ المتمردين من العمال والفلاحين وتنبأ بانتصار ثورتهم، ولم ينفصل عن الحياة الحقيقية بما تحويه من طبقات وتجار ورأسماليين ومرابين وكوارث مالية وموظفين وسكان قصور وعسكريين وشرطة ومحتالين وغانيات وسيّدات مجتمع. وحرص على عرض ما يتردّد في المجتمع من الأفكار والعادات والتقاليد والعقائد ولم يكتف بالوصف، بل حلّل المشاعر وبحث عن الدوافع السلوكية وربطها في الغالب بالأحوال الاقتصادية وأكد على تأثير البيئة في الفرد، وعالج مشكلات سيادة المال، وأساليب المستغلين والجشعين والتهافت على المناصب بمنأى عن الفضيلة وشقاء الفقراء وتفكك الأسرة وكل الرذائل ولم ينج من سوط نقده أية شريحة اجتماعية. وقد قال في مقدمة ملهاته البشرية: " لقد أضفتُ إلى عمل المؤرخين فصلاً منسياً هو تاريخ العادات والتقاليد".وكان يكتب رواياته بمعزل عن عواطفه