ملامح الآداب الغربية في النصف الثاني من القرن العشرين - مذاهب الأدبیة لدی الغرب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مذاهب الأدبیة لدی الغرب - نسخه متنی

عبدالرزاق الأصفر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أسخيلوس وسوفوكليس. فقد صاغها صياغة عصرية أسْهم فيها الديكور والرقص الرمزي الإيمائي، وأكّد من خلالها حرية الإنسان وإرادته وحقه في اتخاذ قراره واختيار مصيره وتحمله مسؤوليته الكاملة بعد ذلك.

فقد كان أورست عند سارتر فتىً مسالماً لايفكّر بالانتقام ويعزف عن الخصومات والتدخل في شؤون الموتى ؛ ولكن رقصة إليكترا الرمزية حركتْ فيه دواعي الانتقام والثأر فاستقر رأيه على قتل أمه وزوجها وتحرير المدينة من ذلك الطاغية المستبد؛ ثم نفذ وأخته مؤامرتهما من دون أي ندم أو شعور بالإثم.

تقول إيليكترا لدى مصرع إيجيست:

.... "أنا التي أردتُ ذلك، ولا أزال أريده، ويجب أن أستمر في إرادته".

وتقول عند مصرع أمّها وهي تسمع استغاثتها:

"فلتصحْ ماتشاء؛ أريد أن تصيح فزعاً وألماً؛ ياللفرحة عيناي تبكيان من فرط السرور. لقد ماتت عدوّتي وانتقمت لأبي...".

أما أورست الذي شعر بسعادة الحرية لأول مرة فيقول: "إنني حرٌّ يا إيليكترا؛ لقد انقضت عليّ الحرية انقضاض الصاعقة.. لقد فعلتُ فعلي.. وهو أمرٌ حسن، سأحمله على كاهلي كما يحمل المسافرون الماء؛ وكلما ثقل عليَّ حِملُهُ قرَّتْ به عيناي، لأنه هو حريتي، وحريتي ليست شيئاً سواه..."

وفي حين ترضخ إيليكترا لسلطان الندم، لايندم أورست ولا يتراجع، وينتصب عملاقاً أمام الإله جوبيتر في المشهد الآتي:

-أورست : أنتَ ملكُ الآلهة، وملك الصخور والكواكب وملك الأمواج في كلّ البحار؛ لكنك لستَ مَلِك الإنسان.

-جوبيتر : ألستُ مليكك أيتها الدودة الغبيّة؟ فمن الذي خلقكَ إذن؟

-أورست : أنت؛ ولكن كان يجب ألاّ تخلقني حراً.

-جوبيتر : إنما وهبتك حريتك لتخدمني...!

-أورست : ولكنها انقلبت ضدك، ولاحيلة لي في ذلك- أنا لست العبد ولا السيّد؛ أنا حريتي...!

من مسرحية "الذباب" لسارتر

ترجمة د. محمد قصاص-روائع المسرحيات العالمية

المشهد الثاني من الفصل الثالث بتصرّف

ولابد من الإشارة إلى الظرف الزمني الذي أُلِّفتْ فيه هذه المسرحية، إنها فترة الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية. وكان الأمر من الخطورة بحيث يتطلب حشد الفكر والفن وكل شيء في سبيل التحرير.

ومن المعروف أن سارتر انتمى بقلمه وشخصه إلى حركة المقاومة السريّة والجهرية؛ وحين عُرضت مسرحيته هذه على المسارح منعتها السلطات الألمانية لأنها تحرّض على الثأر والانتقام والحرب وتدعو إلى الحريّة...

ملامح الآداب الغربية في النصف الثاني من القرن العشرين

لمّا كان الأدب وليد الواقع ومُرْتَسم التطوّرات الإنسانيّة، وكانت فترة مابعد الحرب حتى أواخر القرن تحمل مياسم تلك الحرب الهائلة ونتائجها المشؤومة وتستدعي تغيراتٍ جذريةً في حياة الغرب الأوربيّ بخاصةٍ والعالم بعامّة، تعاقبت حتى نهاية القرن؛ فمما لاشك فيه أنّ أي حديث في سمات آداب تلك المرحلة وتياراتها ومنطلقاتها ودوافعها وطوابعها يستلزم بالضرورة تصوراً عاماً لتلك المرحلة التي استمد منها الأدب نسْغَه وحياته:

أسْدَل انتهاء الحرب العالمية الثانية الستار على فترةٍ عصيبةٍ هزّت العالم هزّاً عنيفاً؛ وخلفت الدمار والموت والفوضى والقلق والاضطراب والتمزّق لتعِلن بزوغ عصرٍ جديد التفت فيه العالم لمداواة جراحه النازفة والشروع في بناء مستقبلٍ يغيب منه شبح الحرب إلى الأبد...

فهذي جيوش الحلفاء المنتصرة تغطّي الساحة الأوروبية والآسيوية وتفرض سلاماً تحرسُه

/ 104