تأثير سلبي شديد ومباشر على اقتصاد المجتمع، خصوصاً طبقة العلماء المناوئين للسياسة الحاكمة، ولم
يكن التأثير الاقتصادي في كثير من
الأحيان بأقلّ من التأثير السياسي؛ فالمجتمع الذي لا يستطيع طلبة العلم فيه من توفير أبسط
المقوّمات الاقتصادية اللازمة لهم، لا يستطيع صرف الوقت والاهتمام في سبيل حفظ تراثه واستمرار
نموّه وحياته على طول الأيام، فيوماً بعد يوم يبتعد عن علومه وتراثه حتى يأتي زمان يؤول الأمر فيه
إلى تعسّر معرفة شيء لأحد عن بعض تلك العلوم كما في العصر الحاضر. وهذا مصداق كلام مولانا أمير
المؤمنين -عليه أفضل صلاة المصلّين حيث قال: «يموت العلم بموت حامليه».فتلفت الكتب وضاعت واندرست ولم يبقَ منها حتّى أسماؤها، اللّهمّ إلّا عند بعض أهل العلم ممّن يهتمّ
بعلوم أهل البيتعليهم السلام، وقد ذكر بعض أهل العلم أنّه بعد انقراض الدولة الصفويّة تدهورت
الأوضاع الاقتصاديّة بشدة، ولم يكن للكتب الدينية آنذاك قيمة تُذكر، بحيث إنّ كمّيات كبيرة منها
كانت تباع بأسعار زهيدة جداً، حتّى إنّ السيّد نصراللَّه الحسيني الحائريرحمه الله - الشهيد في
إسلامبول - عندما سافر من الحائر إلى أصفهان اشترى في صفقة واحدة ألفي كتاب -من أحسن الكتب بسعر زهيد
جداً، فأخذها معه إلى العراق وحفظها. ولا يعرف عدد الكتب التي خرجت من محالّها وضاعت وذهب أثرها من
صفحة الوجود!
التعريف بكتب المجموعة واعتبارها
يعود تاريخ التعرّف على هذه المجموعة الثمينة إلى العصر الصفوي، وبالتحديد من قِبل العلّامةالمجلسي، حيث أدرج الكثير من محتوياتها في البحار. ولمّا كانت هذه المجموعة تتمتّع بأهمية قصوى فقد
اعتنى بها بعض أرباب الفن ممّن اطّلعوا عليها، فتكثّرت نسخها من بعد العلّامة المجلسي، لكن رغم ذلك
نرى أنّها كانت مستورة عن أنظار الكثيرين ولم يطّلعوا عليها. أمّا الشيخ الحرّ فالظاهر أنّه لم تصل
إليه إلّا بعد الفراغ من تأليف كتاب الوسائل، حيث لم تسمح له الظروف بأن يدرجها في الوسائل. ويُنقل
أنّه كان على علم بموضع النسخة، فطلبها من أصحابها فلم يلبّوا طلبه
وبخلوا بها عليه (11).