اصول الستة عشر من الاصول الاولیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
هذا مضافاً إلى أنّ علماءنا في السابق لم يولوا مسألة تدوين تلك النكات
الضرورية والهامّة مزيد اهتمام واعتناء؛ حيث إنّهم لم يخطر في أذهانهم ما يدعو إلى ذلك. ومن هذا
المنطلق غشي الجهل كثيراً من حقائق العصور الاُولى، لذلك كثرت الأسئلة والمناقشات والفروض حولها،
وإن كان العديد منها مجرّد تصوّرات واحتمالات ضعيفة لا تمتّ إلى الحقيقة والصواب بصلة.ولذلك أيضاً تغيّرت صورة العديد من الأبحاث والحقائق والملاكات التي كانت مورد بحث ونقاش عند
المتقدّمين فانقلبت وتحوّلت إلى شكل آخر عند المتأخّرين، فضلاً عن أنّ قسماً كبيراً منها لم يبحث
بشكل مناسب عندهم، من جملتها عدد لايستهان به من الأبحاث الرجاليّة التي يُتعرّض لها في مواضع
التعارض بين الأدلّة والأخبار، والتي يعسر حلّها على الباحث؛ فيعجز عن معرفة وجه هذه المعارضة
الظاهرية، وطريقةِ التخلّص منها عند عدم التمكن من حلّها، والمعنى الذي يكمن في بعض هذه الأحاديث،
ومسائل اُخرى في الاُصول والحديث ودرايته التي نرى فيها خلافاً كبيراً ونقاشاً طويلاً في زماننا
هذا.وقد عكس هذا الغموض آثاراً سلبية عديدة؛ كحدوث مخاصمات وتعصّبات كثيرة، وحصول انقسامات في الصفوف،
وكذلك اندلاع نيران الغضب بين بعض الضعفاء والجهّال. ولا ريب أنّ ذلك كلّه إنّما نجم عن ضعف الأدلّة
والمعلومات، أو قلّة الممارسة والخبرة، أو التقليد في المسائل التي لا ينبغي التقليد فيها.هذا عن الظروف الماضية، وأمّا بالنسبة إلى الظروف الحاليّة والمستقبليّة فيمكن تفادي مقدار كثير
من هذه الأبحاث والمناقشات - الناتجة عن خفاء أمارات العلم والمعرفة - بإحياء حركة علم الحديث في
عصرنا هذا الذي لايزال بعيداً عن تسنّم موقعه اللائق به، والذي افتقده تدريجياً من بعد الشيخ
الطوسيرحمه الله. على أنّ في أحاديث الأئمّةعليهم السلام ثمّة ثروة علميّة عظيمة لا تسمح بظهور
الخلافات، فكثير من المناقشات التي يتوهّم أنّها فاقدة للأدلّة تمتاز بكونها ذات أدلّة في النصوص،
ولكن لايعرفها إلّا من كان له إلمام بها ومعرفة بمحالّها، وكذلك هناك الكثير من أمارات العلم
والمعرفة
التي يتصوّر أنّها مفقودة كانت ولا تزال موجودة في مصادرنا الحديثية المهمّة، فيجب على أهل الجدّ
دراستها والنظر فيها وإحياؤها بنشرها في مجامعنا العلمية، فضعف علم الحديث كان له آثار سلبية
كثيرة.