ص212 - إمام زین العابدین السجاد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام زین العابدین السجاد - نسخه متنی

محمدرضا الحسینی الجلالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فأجابه الإمام عليه السلام :

.

أما بعد :

.

فإنّ الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون ، والرزق من حيث لا يحتسبون ، وقال جلّ ذكره :

( إنّ الله لا يحبّ كل خوّان كفور ) .

[ سورة الحج - 22 - الاَية - 38 - ].

فانظر أيّنا أولى بهذه الاَية (43) .

.

إنّ طلب عبد الملك ، للسيف من الإمام عليه السلام بهذه الشدّة إلى حدّ التهديد ، ليس ناشئاً من مجرّد الرغبة ، وإلاّ فعبد الملك هو ذا مُعرض عن الاحتفاء بأقدس الأشياء المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم و أعزَ من سيف الرسول ، وهاهم أهله يعرَضون من قبله بالتهديد بقطع الرزق .

فإنّ موقف الإمام عليه السلام بإبائه إعطائه السيف ، إذا كانت الأمور في حالتها الطبيعيّة ، لا يبرره شيء .

إلاّ أن الوضع ليس طبيعياً قطعاً .

وتشير بعض الأحاديث إلى بلوغ حدّة التوتّر بين الإمام وبين النظام إلى حدّ أنّ الحجّاج الثقفيّ ، وهو من أعتى ولاة الأمويين ، يكتب إلى عبد الملك بما نصه :

- إن

( 42) إقرأ عن سلاح رسول الله الموجود عند الإمام حديث ابي خالد الكابلي في المناقب لابن شهرآشوب ( 4 :

148 ) .

(43) عوالم العلوم ( ص 117 ) عن المحاسن للبرقي ، والمناقب لابن شهرآشوب ( 4 :

302 ) وانظر بحار الأنوار ( 46 :

95 )

ص212


أردتَ أن يثبت ملكك فاقتل عليّ بن الحسين - (44) .

فلو كان الإمام زين العابدين عليه السلام كما هو المعروف زاهداً في السياسة ، فما معنى ربط الحجّاج الذي لا يرتاب في دهائه بين الإمام وبين الملك .

فكلام الحجّاج واضح الدلالة على أنّ وجود الإمام عليه السلام أصبح يشكّل خطراً عظيماً على الملك ، يزعزعه ويزيله ، فهو لا يثبت إلاّ بقتل الإمام .

وأما عبد الملك ، فقد حاول أن يحدّد الإمام عليه السلام ، كما يقوله الحديث التالي :

.

قال الزهري :

شهدتُ عليّ بن الحسين ، يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام ، فأثقله حديداً ، ووكّل به حفاظاً عدّة .

فاستأذنتُهم في التسليم عليه ، والتوديع له ، فأذنوا لي ، فدخلتُ عليه ، وهو في قبّة ، والأقياد في رجليه ، والغلّ في يديه ، فبكيتُ ، وقلتُ :

وددتُ أني مكانك ، وأنت سالم .

فقال :

يا زهريّ ، أوَ تظنّ هذا مما ترى عليَ وفي عنقي يكرثني ، أما لو شئتُ ما كانَ ، فإنّه وإن بلغ فيك وفي أمثالك ليذكّرني عذاب الله .

ثمَ أخرج يديه من الغلّ و رجليه من القيد ، وقال :

لاجزتُ معهم على ذا منزلتين من المدينة .

قال الزهريّ :

فما لبثتُ إلاّ أربع ليالٍ ، حتّى قدم الموكّلون به ، يظنّون أنّه بالمدينة ، فما وجدوه .

فكنتُ فيمن سألهم عنه ? .

فقال لي بعضهم :

إنّا نراه متبوعاً ، إنّه لنازل ، ونحن حوله لا ننام ، نرصده ، إذ
أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلاّ حديده .

قال الزهريّ :

فقدمتُ بعد ذلك على عبد الملك بن مروان ، فسألني عن علي بن الحسين ? فأخبرته ، فقال لي :

إنّه قد جاءني في يوم فقدوه الأعوان ، فدخلَ عليَ فقال :

ما أنا وأنت ? .

فقلت :

أقم عندي .

فقال :

لا أحبّ .

(44) بحار الأنوار ( ج 46 ص 28 ح 19 ) .

ص213


ثم خرج ، فو الله ، لقد امتلأ ثوبي منه خيفةً .

قال الزهري :

فقلت :

يا أمير المؤمنين ليس عليّ بن الحسين حيث تظنّ ، إنّه مشغول بنفسه .

فقال :

حبّذا شغل مثله ، فنعم ما شغل به (45) .

إنّ هذا الحديث على طوله فيه من الدلالات على أن وضع الإمام عليه السلام السياسيّ أصبح بمستوى يُلجىء الدولة إلى اعتقال الإمام وتقييده وتكبيله الغلّ ، وتطويقه بالحرس .

فهل يعامل المنعزل عن السياسة والزاهد فيها ، بهذا الشكل حتّى لو فرضنا أنّ الضرورة اقتضت جلبه إلى العاصمة ? .

إنّ أسلوب الجلب هذا فيه الدلالة القويّة على أن تحرّك الإمام عليه السلام كان على مستوى بالغ الخطورة على الدولة .

ثم ماذا كان يظنّ الخليفة في الإمام حتّى التجأ إلى فعل كلّ هذا ضدّه ، لو لم
يتوجّس منه خيفة التحرّك السياسي .

ويبدو الإمام عليه السلام مصمّماً على التزامه ، فقد أجاب الخليفة بما أحبّ هو ، لا ما أراد الخليفة .

وفي التجاء الإمام عليه السلام إلى إعمال قدراته الملهمة من الله كإمام للأمة ، ووليّ من أولياء الله المخلصين ، فأظهر للملك وللزهري إعجازه الخارق ، تأكيد على ما نريد إثباته وهو أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام صرّح بأنّه يقوم بمهمّة الإمامة الإلهيّة ، ويثبتُ للملك وأعوانه ولكل من اطّلع على مجاري الأحداث ، أنّه الإمام الحقّ ، والأولى بمقام الحكم الذي يدّعيه عبد الملك .

وهذا هو أظهر أشكال النضال السياسيّ .

(45) حلية الأولياء ( 3 :

135 ) تاريخ دمشق ( الحديث 42 ) مختصر ابن منظور ( 17 :

234 ) ورواه ابن شهرآشوب في المناقب ( 4 :

145 ) .

ص214


وموقفه من هشام بن عبد الملك :

.

وموقف الإمام زين العابدين عليه السلام من هشام ، من أشهر المواقف بين المسلمين ، وقد تناقله الأعلام في صُحفهم وكتبهم ، وأرسلوه إرسال المسلمات ، وفيه من الدلالات الواضحة على قيام الإمام عليه السلام بالاستفزاز السياسيّ ، مالا يخفى على أحد .

والحديثُ :

أنّ هشام بن عبد الملك حجّ في خلافة أبيه ، فطاف بالبيت ، وأراد أن يستلم الحَجَر الأسود ، فلم يقدر عليه من الزحام ، فنُصِبَ له مِنْبَر فجلس عليه .

فبينا هو كذلك إذ أقبل عليّ بن حسين عليه السلام ، عليه إزار وردأ ، أحسن لناس وجهاً ، وأطيبهم رائحةً ، وبين عينيه سجّادة ، كأنّها ركبة بعير .

فجعل يطوف بالبيت ، فإذا هو بلغ إلى موضع الحَجَر تنحّى الناس له عنه ، حتّى يستلمه ، هيبةً له وإجلالاً .

فقال رجل من أهل الشام لهشامٍ :

مَنْ هذا الذي قد هابه الناسُ هذه الهيبة ،
فأفرجوا له عن الحَجَر ? .

فقال هشام :

لا أعرفه , لئلاّ يرغبَ فيه أهل الشام !.

فقال الفرزدقُ وكان حاضراً :

أنا أعرفه :

.

هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وَطْأتَهُ

***

والبيتُ يعْرِفُهُ والحل والحَرَمُ
هذا ابنُ خَيْر عبادِ الله كُلهِمُ

***

هذا التقي النقي الطاهِرُ العَلَمُ
هذا ابن فاطمةٍ إن كُنْتَ جاهِلَهُ

***

بِجَدهِ أنبياءُ الله قد خُتِمُوْا
يكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحَتِهِ

***

ركنُ الحطيمِ إذا ما جاء يستلمُ
من معشرٍ حُبهم دِيْن وبُغْضُهُمُ

***

كُفْر وقُرْبُهُمُ منجى ومُعْتَصَمُ
إن عُدَ أهْلُ التُقى كانوا أئمّتَهُمْ

***

أوقيل مَنْ خَيْرُ أهل الأرض قيل هُمُ
هُمُ الغُيُوثُ إذا ما أزمة أزمَتْ

***

والاُسْدُ اُسْدُ الشَرى والبأسُ محتدِمُ (46)

( 49) هذه الأبيات هي التي اختارها الاستاذ الفاضل المحقق الدكتور السيد جعفر الشهيدي، من مجموع ما نسب إلى الفرزدق في مدح الإمام السجادعليه السلام بعنوان-الميميّة- بعد أنْ أشبعها بحثاً وتحقيقاً في كتابه القيّم-زندكاني عليّ بن الحسين عليه السلام -(الصفحات112-133) وقد فصّل فيه الحديث عمّا وقع من الاختلاف في ما ورد من أبيات على وزن الميميّة في التراث العربي، من حيث قائلها، والممدوح الذي قيلتْ في حقّه، وفي عدد أبيات ما قيل في كلّ مناسبة، وفي خصوص ما نُسِبَ إلى الفرزدق في مدح الإمام عليه السلام في مقام الحجر الأسود، من حيث عدد الأبيات، ودقّق في مضمون الأبيات المنسوبة، فتوصّل إلى أنّ الأنسب بالمقام- زماناً و مكاناً و وضعاً - هو هذه الأبيات السبعة التي اختارها، وأنّها الأنسب بالشاعر وبالمناسبة لفظاً وبلاغة، ومعنى ودلالةً.

وأبان الوجوه التي استبعد بها الأبيات الاُخر، بتفصيل وافٍ، ومما يحسن ترجمته من كلامه، بعد إيراده البحث المذكور، قوله:

إن كان الفرزدق قد أنشأ هذه الأبيات في حقّ الإمام علي بن الحسين، فقد أدّى جُزءاً ضئيلاً من دَيْنه، وخَفّفَ شيئاً من أثقال جرائمه التي يحملها على عاتقه، حيث يعجّ ديوان هذا الشاعر بمدائح معاوية، وعبد الملك بن مروان، وابنه الوليد ، ويزيد بن عبد الملك ، وعمّالهم مثل :

الحجاج بن يوسف، ويُعثر في ديوانه على أكثر من عشرة قصائد في مديح هشام وابنه بالخصوص.

إنماكتبه اليافعي-في حقّ الفرزدق- يبدو وافياً جدّاً، حيث قال:

-وتنْسَبُ إلى الفرزدق مكرمة يُرتجى له بها الرحمةُ في دار الاَخرة- وأورد حديث الميميّة، في مرآة الجنان (ج1ص239) طبع مؤسسة الاعلمي بيروت - عن طبعة حيدرآباد الهند 1337.

وإليك بعض مصادر هذه القصيدة:

تاريخ دمشق (الحديث133) مختصره (17:

6-247) ديوان الفرزدق (2:

178) الأغاني (15:

327) و (15:

261ثقافة) وصفوة الصفوة (2:

8-99) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي(1:

153) وأمالي المرتضى(621) وانظر الإمام زين العابدين عليه السلام للمقرم (ص385)ومابعدها.

ص215


إنّ الموقف لم يكن بحيث يخفى شي من أبعاده على الإمام عليه السلام ، ولم يكن هو عليه السلام بحيث يقوم بما قام متجاهلاً عواقبه وآثاره ، فلابدّ لمن يحضر المطاف أن ينتبه لحضور مثل هشام وليّ العهد على المِنْبَر ، وحوله الجلاوزة من أهل الشام .

لكنّ الإمام زين العابدين عليه السلام تجاهل وجود هشام ، قاصداً إلى عواقب إقدامه الجرىء ذلك :

.

فهو يسير في إكمال أشواط الطواف ، متزيياً بزيّ الأنبياء ، والناس يتنسّمون منه ريح النبّوة وعبق الرسالة ، وهذا واحد من آثار نضال السنوات الطويلة العجاف
الشداد ، التي كابد فيها الإمام أنواع الصعاب ، ليفتح أمام الناس طريق معرفة الإمام والوصول إلى الإمامة ، بينما كانت الخلافة في غفلة عن هذا كلّه ، ومنهمكة في عتوّها

ص216


وظلمها ولهوها وبذخها وترفها وطغيانها ، بعيداً عن الناس .

والناسُ ، أولئك الذين تجاهلوا ابن الخليفة ، ولم يأبهوا به ، ولم يفتحوا له طريقاً إلى لمس الحجر الأسود ، هاهم يقفون سماطين ، هيبةً للإمام زين العابدين عليه السلام ، يُفْرِجون له عن الحَجَر ، ليستلمه !.

ومثل هذا العمل يخدش غرور هشام الذي يمثّل الخلافة ، ويغيض المنتمين إلى الدولة ، ولذلك تجاهل هشام شخص الإمام عليه السلام .

ومما يدلّ على حدّة تأثير الموقف فيهم رواية المدائني , عن كيسان , عن الهيثم أن عبد الملك قال للفرزدق :

أوَ رافضي أنت يا فرزدق ? !.

فقال :

إن كان حبّ أهل البيت رفضاً ، فنعم (47) .

والشاعر الشعبيّ الفرزدق الذي يعيش بين العامة ، استصعَبَ ذلك التجاهل ، وانبرى بإنشاد الميمية العصماء ، التي طار صيتها مع الحُجّاج عندما عادوا إلى مختلف البقاع .

إنّ أيّ حكم سياسيّ لا يتحمّل مثل هذه المواقف التي تحطّ من كرامة رجال الدولة ، وخاصّةً رجال البلاط ، وبهذه الصورة .

ولذلك ، فإنّ الأمويين سجنوا الفرزدق على هذا الشعر الذي اعتبروه إهانةً للنظام .

فكيف لا يكون عمل الإمام زين العابدين عليه السلام استفزازاً سياسيّاً ? !.

وممّا يؤكّد على استهداف الإمام عليه السلام للنظام في هذا التصرّف هو أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام سارع إلى الاتصال بالفرزدق في السجن ، ووصله بشي رمزيّ من المال ، مكافأة لموقفه السياسي ذلك .

ولا ريب أنّ في هذا أيضاً إعلاناً لدعم المعارضة المعلنة من قبل الفرزدق ، لا يمكن إغفاله عن سجلّ الأعمال السياسيّة التي قام بها الإمام عليه السلام .

وموقفه من عمر بن عبد العزيز :

.

كان عمر بن عبد العزيز ، قبل تولّيه الخلافة ، يسكن المدينة ، يَرْفُلُ أثوابَ التَرَف ،

(47) المحاسن والمساوي للبيهقي ( ص 22 -213)

ص217


باعتباره من العائلة المالكة .

وكان من ترفه انّه يلبس الثوب بأربعمائة دينار ، ويقول :

- ما أخْشَنَهُ - (48) .

وقال بعضهم :

كنّا نعطي الغسّال الدراهم الكثيرة حتّى يغسل ثيابنا في إثر ثياب عمر بن عبد العزيز ، من كثرة الطيب الذي فيها (49) .

قال عبد الله بن عطاء التميمي :

كنت مع علي بن الحسين في المسجد فمرّ عمر بن العزيز ، وعليه نعلان شراكهما فضَة ، وكان من أمجن الناس ، وهو شاب .

.

.

(50) .

ولما كان يتمتع به من ذكاء وتدبير ، كان يُراقب أعمال الإمام زين العابدين عليه السلام عن كَثَب ، فيجد أنّه عليه السلام قد هيّأ بجهاده وصبره الأرضيّة الصالحة لانقلابٍ اجتماعي جذري على الحكم الأمويّ المروانيّ .

وكان الإمام يتوسّم في عُمَرَ التطلّع إلى الخلافة ، فقد قال عليه السلام لعبد الله بن عطاء ذيل حديثه السابق :

أترى هذا المترَف -مُشيراً إلى عمر - إنّه لن يموت حتّى يلي الناس ، فلا يلبث إلاّ يسيراً حتّى يموت ، فإذا مات لعنه أهلُ السماء ، واستغفر له أهلُ الأرض (51) .

ففي هذا الحديث :

.

1-يشاهد توسّم الإمام عليه السلام في عُمَرَ أنّه يتطلّع إلى الحكم والولاية ، رغم بعده عنها ، واشتغاله في المدينة بما لا يمتّ إلى ذلك .

وإعلانه عن هذا التوسّم يدل بوضوح على أنّ الإمام كان يفكّر في شؤون الحكومة لا حاضرها بل ومستقبلها ، وأنّه كان مفتوحاً أمامه بوضوح .

2-إنّ الإمام عليه السلام كان يعرف من ذكاء عمر ودهائه أنّه سوف يُنافق في ولايته ،

(48 ) طبقات ابن سعد ( 5 :

246 ) .

(49) الأغاني ( 9 262 ) .

(50) مناقب ابن شهرآشوب ( 4 :

/ 38