الفصل الاول: فيما فيه الجماعة
و فيه ثلاث مسائل:
الاولى: تجب الجماعة في الجمعة و العيدين مع الشرائط المتقدمة
لوجوبهما في بحثهما كما مر مفصلا فيه. و على جاهل القراءة مع ضيق الوقت عن التعلم كما مر ايضا. و لا تجب في غيرهما بالاجماع كما مر;لاصالة عدم وجوب متابعة شخص في الافعال، و
عدم سقوط ما ثبت وجوبه من الاعمال.و ما دل بظاهره على حرمة الترك مطلقا او في
اليومية مؤولة، كما مر.
الثانية: تستحب في الفرائض كلها
ذهب اليه علماؤنا اجمع كما عن المنتهى (1) ، بل قيل: انه من الضروريات الدينية (2) . و مقتضى اطلاقهما دعوى الاجماع و الضرورة في جميع الفرائض، بل في الاخير: و لا
سيما في الفرائض اليومية.و هو كالصريح في التعميم للجميع حتى المنذورة و صلاة
الاحتياط و ركعتي الطواف اداء او قضاء.و بالتعميم للمنذورة و القضاء صرح في روض
الجنان و الذكرى (3) ، بل يفهم من الاخير كونه اجماعيا بيننا، و هذا القدر كاف في
اثبات التعميم لكون المقام مقام الاستحباب. و لا يضر استلزامه سقوط الواجب الغير الثابت فيه المسامحة;لانه من
اللوازم و الاعتبار في ذلك بالملزوم، كما تثبت النافلة بالتسامح مع
استلزامه حرمة القطع على القول بها، و الوضوء و الغسل المستحبان به مع سقوط
الواجب منهما بهما. و لا احتمال التحريم;لعموم ادلة التسامح. مضافا الى شمول اطلاق كثير من الاخبار، منها صحيحة ابن سنان و حسنة زرارة
المتقدمتين (4) ، و صحيحة سليم الآتية في المسالة الآتية، للجميع.بل يشمله عموم مثل
قوله: لا صلاة لمن لم يشهد الجماعة كما في صحيحة محمد و رواية ابن ابي يعفور
السالفتين (5) . فالاشكال في التعميم مطلقا او في خصوص صلاة الاحتياط و ركعتي الطواف-كما في
المدارك و الذخيرة و الحدائق (6) -غير جيد. ثم انه يتاكد الاستحباب في الفرائض الخمس اليومية بالاجماع و الاخبار (7) ، و
منها في الغداة و العشاء كما يظهر من بعض الروايات (8) .
الثالثة: لا تجوز الجماعة في غير ما ثبت استثناؤه من النوافل
بالاجماع المحقق و المحكي عن المنتهى و التذكرة و كنز العرفان (9) ، له، و للاصل
المتقدم ذكره، و المستفيضة من النصوص، منها: صحيحة سليم بن قيس في خطبة مولانا
امير المؤمنين: «و امرت الناس ان لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة، و
اعلمتهم ان اجتماعهم في النوافل بدعة » (10) . و رواية سماعة بن مهران و اسحاق بن عمار: «ان هذه الصلاة نافلة و لن يجتمع
للنافلة، فليصل كل رجل منكم وحده و ليقل ما علمه الله[من]كتابه، و اعلموا انه لا
جماعة في نافلة » (11) . و المروي في الخصال: «و لا يصلى التطوع في جماعة، لان ذلك بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل
ضلالة في النار» (12) . و في العيون: «لا جماعة في نافلة » (13) . و ضعف سند بعضها-لو كان-بما مر مجبور. و النصوص المستفيضة المانعة عن الاجتماع في النافلة بالليل في شهر رمضان مطلقا
الشاملة لكل النوافل، منها: صحيحة الفضلاء: «ان الصلاة بالليل في شهر رمضان النافلة
في جماعة بدعة » (14) . و اخصيتها عن المدعى تجبر بعدم القول بالفصل، فان التجويز لو كان لكان اما
في مطلق النوافل سوى التراويح، او في مجرد الاستسقاء و الغدير.و اما المنع في
النوافل الليلية من رمضان و التجويز في البواقي فاحداث قول ثالث. خلافا للمحكي عن الحلبي بل المفيد و اللمعة و المحقق الثاني (15) ، و بعض متاخري
المتاخرين في رسالته الصلاتية (16) ، فجوزوها في نافلة الغدير، و نفى عنه البعد
المحقق الاردبيلي (17) . لما يظهر من الاول في كافيه ان به رواية، و ما علله به في الروضة من ثبوت
الشرعية في صلاة العيد و هو عيد (18) ، و ما ذكره الاخير من انحصار دليل المنع
بالاجماع و هو في المقام مفقود. و الرواية لنا غير معلومة فلعلها غير تامة الدلالة، بل انفهام ورودها من عبارته
(التي فهموه منها) (19) غير معلومة. قال: و من وكيد السنن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه و آله في يوم الغدير
بالخروج الى ظاهر المصر عند الصلاة...الى آخره. و يمكن ان يكون نظره في ذلك الى ما ورد من حكاية الرسول في غدير خم دون رواية اخرى،
بل هو الظاهر من آخر كلامه حيث قال: و ليصعد المنبر قبل الصلاة، و يخطب خطبة مقصورة
على حمد الله و الثناء عليه و الصلاة على محمد و آله و التنبيه على عظم حرمة يومه و
ما اوجب الله فيه من امامة امير المؤمنين-الى ان قال-: فاذا انقضت الخطبة
تصافحوا و تهانووا و تفرقوا (20) . و شرعية الجماعة في مطلق صلاة العيد ممنوعة، مع ان العيد في عهدهم الى اليومين
منصرف. و انحصار المانع بالاجماع غير مسلم كما مر. الا ان المقام مقام المسامحة، فالاكتفاء فيه بفتوى هؤلاء ممكن.و لكن العدول عن
ظاهر الاجماع و عمومات التحريم بذلك جدا مشكل. و للمحكي في المفاتيح (21) عن بعضهم، فجوزها في النافلة مطلقا، و ربما استفيد وجود
القول به عن الشرائع بل الذكرى (22) .و صريح الذخيرة و ظاهر المدارك (23) التوقف. لاطلاق بعض الروايات باستحباب الجماعة في الصلاة من غير تقييد بالفريضة. و خصوص صحيحة هشام: عن المراة تؤم النساء؟ فقال: «تؤمهن في النافلة، فاما في
المكتوبة فلا» (24) . و البصري: «صل باهلك في رمضان الفريضة و النافلة، فاني افعله » (25) . و اجيب عن الاول: بمنع الاطلاق بالنسبة الى النافلة;لاختصاصه -بحكم التبادر و
الغلبة-بالفريضة، مع انه منساق لاثبات اصل استحبابها في الجملة من دون نظر
الى شخص، فيكون بالنسبة الى الافراد كالقضية المهملة يكفي في صدقها الثبوت في
فرد (26) . و فيه: منع الغلبة بالنسبة الى الفريضة، كيف؟ ! و الامر بالعكس جدا.بل و كذا
التبادر سيما مع شيوع الجماعة في النافلة في تلك الاعصار.و اختصاص الانسياق
المذكور-لو كان-بالمطلقات، و في الاخبار المرغبة عمومات كما مر، فلا يجري
فيها ذلك. فالصواب ان يجاب عن الاطلاق: بوجوب التقييد بما مر. و عن الصحيحين: بعدم صلاحيتهما للمقاومة مع ما مر;للشذوذ، و مرجوحيتهما عنه
بالموافقة القطعية للعامة (27) ، كيف؟ ! مع انهم بعد منع الامير عليه السلام عنها
رفعوا اصواتهم بواعمراه و وا رمضاناه و ضجوا و قالوا: يا اهل الاسلام غيرت
سنة عمر (28) . مضافا الى انهما غير دالتين على ذلك اصلا: اما الاولى: فلعدم دلالتها الا على جواز امامتها في النافلة لا على جوازها في
مطلق النافلة، فيحتمل ارادة النافلة المشروع فيها الجماعة. و اما الثانية: فلاحتمال كون المراد من الصلاة بالاهل الصلاة معهم او فيهم
اي في البيت لا في الخارج، فان الصلاة بالاهل ليست حقيقة و لا ظاهرة في
الايتمام لهم.و حينئذ يكون الامر بذلك لاجل ردع الراوي عن الابتلاء بالدخول في
البدعة حيث ان الصلاة في الخارج في شهر رمضان جماعة في الفريضة و النافلة كانت
توجب البدعة، و في الفريضة خاصة توجب البلية.و يؤكده التخصيص برمضان الذي هو
زمان البدعة، و ذكر الفريضة مع انها في المسجد تتضمن ما لا يحصى من الفضيلة. مع انه يرد عليهما ما اورده بعض المجوزين على الاخبار الناهية عن الاجتماع
بالنوافل في ليل شهر رمضان من الاخصية من المدعى;فان الاولى منهما مخصوصة
بالنساء، و الثانية برمضان.و الدفع بالاجماع المركب مشترك كما مر. و الترجيح مع الناهية بوجوه عديدة. تعليقات: 1) المنتهى 1: 363. 2) كما في المفاتيح 1: 159. 3) روض الجنان: 363، الذكرى: 265. 4) في ص 7. 5) في ص 10. 6) المدارك 4: 310، الذخيرة: 389، الحدائق 11: 83. 7) الوسائل 8: 285 ابواب صلاة الجماعة ب 1. 8) الوسائل 8: 294 ابواب صلاة الجماعة ب 3. 9) المنتهى 1: 364، التذكرة 1: 170، كنز العرفان: 194. 10) الكافي 8: 62-21، الوسائل 8: 309 ابواب صلاة الجماعة ب 10 ح 4. 11) التهذيب 3: 64-217، الاستبصار 1: 464-1801، الوسائل 8: 32 ابواب نافلة شهر
رمضان ب 7 ح 6.بدل ما بين المعقوفين في النسخ: في، و ما اثبتناه موافق للمصادر. 12) الخصال: 606، الوسائل 8: 335 ابواب صلاة الجماعة ب 20 ح 5. 13) لم نجده في العيون، و هو موجود في التهذيب و الاستبصار في ضمن حديث طويل،
راجع التهذيب 3: 64-217، و الاستبصار 1: 464-1801. 14) الفقيه 2: 87-394، التهذيب 3: 69-266، الاستبصار 1: 467-1807، الوسائل 8: 45 ابواب نافلة شهر رمضان ب 10 ح 1. 15) الحلبي في الكافي: 160، المفيد في المقنعة: 204، اللمعة (الروضة 1) : 377، المحقق
الثاني في جامع المقاصد 2: 502، و فيه: و في الغدير خلاف. 16) حكاه صاحب الحدائق 11: 87 عن شيخه ابي الحسن في رسالته في الصلاة، و الظاهر
مما ذكره في الحدائق 10: 17 انه الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني. 17) مجمع الفائدة 3: 243. 18) الروضة 1: 378. 19) ما بين القوسين غير موجود في «ق » و «ه » . 20) الكافي في الفقه: 160، و قوله: تهانووا، غير موجود فيه، و قد ورد بدله في
المختلف: 128:تعانقوا. 21) المفاتيح 1: 159. 22) الشرائع 1: 123، و راجع الذكرى: 266. 23) الذخيرة: 389، المدارك 4: 316. 24) الفقيه 1: 259-1176، التهذيب 3: 205-487، الوسائل 8: 333 ابواب صلاة الجماعة
ب 20 ح 1. 25) التهذيب 3: 267-762، الوسائل 8: 337 ابواب صلاة الجماعة ب 20 ح 13. 26) الرياض 1: 229. 27) انظر المغني 1: 811، و الام 1: 142. 28) الكافي 8: 58-21، الوسائل ج 8: 46 ابواب نافلة شهر رمضان ب 10 ح 4.