بسم الله الرحمن الرحيم و عليه توكلي
كتاب النكاح
و هو في اللغة: عقد التزويج خاصة على الاصح، لتبادره عرفا، و اصالة عدم النقل، و كون
العقد مستحدثا ممنوع، بل لكل دين و ملة عقد. و قيل: حقيقة في الوط ء خاصة (1) . بل هو الاشهر كما قيل (2) . بل عليه الاجماع عن المختلف (3) . لظهور ذلك من جماعة من اهل اللغة، و منهم: الجوهري (4) . و يرد بمعارضته مع تصريح جمع آخر بخلافه، منهم: الراغب (5) و الزجاج (6) . و قيل: حقيقة بينهما، لاستعماله فيهما (7) . و يرد باعميته لو سلم. و قيل: مجاز كذلك، لاخذهما من الضم و الاختلاط و الغلبة (8) . و يرد بعدم ثبوت الماخذ. نعم، لو ثبت لتم مطلوبه بضميمة اصالة عدم النقل، و لا يلزم منه حقيقية الوط ء لوجود
احد المعاني فيه، لانها موقوفة على ارادته من حاق اللفظ و فهم الخصوصية من
الخارج، و ليس الكلام فيه. و مما ذكر - بضميمة اصالة عدم النقل - يظهر انه حقيقة في العقد ايضا خاصة في الشرع، و
تؤيده غلبة استعماله فيه كذلك، لكونها مظنة التبادر و اشتهاره، بل دعوى الاجماع
عليه، كما عن الشيخ و الحلي و الايضاح (9) . و فيه ايضا قولان آخران: العكس، و الاشتراك، و دليلهما ضعيف. و هاهنا فصول:
الاول في المقدمات
اعلم ان النكاح سنة سنية من سنن المرسلين، و هو من عدو الله حصن حصين، و هو مستحب
لمن اشتاقت نفسه اليه من الرجال و النساء، بالكتاب (10) ، و السنة (11) ، و الاجماع. و القول بوجوبه - كما حكي عن بعضهم (12) - شاذ، بل للاجماع مخالف، و به تخرج
العمومات الظاهرة في الوجوب عن ظواهرها، مضافا الى شمولها لغير السابق
المنتفي في حقه الوجوب قطعا، فيعارض التجوز بارادة الندب التخصيص، و اولوية
الثاني - كما اشتهر - غير معلومة. و في استحبابه - لمن لم يشتق - قولان. اشهرهما و اصحهما ذلك، و ان لم يقدر على اهبة النكاح اذا قدر على ايقاعه و لم يكن
مزاحما لواجب، لوجوه عديدة عمدتها: عموم اكثر النصوص. و ابن حمزة (14) ، فقالا باستحباب تركه له، اما مطلقا كالاول،
او مع عدم القدرة على اهبة النكاح كالثاني، لوجوه غير تامة. لو تعارض مع الفراغة لسائر العبادات فهل هو افضل، ام هي؟ فيه خلاف، و الاشهر الاقوى: الاول، لانه ايضا في نفسه عبادة، و ما يتبعه من
اداء حقوق الزوجة - و هو المزاحم للتفرغ - عبادات اخر شاقة، و يزيد ذلك من سائر
العبادات بمزيد التاكيدات و الترغيبات سيما بما يدل على افضليته من غيره: كرواية ابن ميمون: «ما استفاد امرؤ فائدة بعد الاسلام افضل من زوجة مسلمة »
الحديث (15) . و ابن مهران: «ما من شي ء احب الى الله من بيت يعمر في الاسلام بالنكاح » (16) . و في رواية: «شرار موتاكم العزاب » (17) . و لا يعارضها ما ورد في فضيلة بعض العبادات، كالصلاة و الجهاد و نحوهما، لان
الكلام في افضليته عن نفس التفرغ لا عن جميع سائر العبادات. و يتاكد رجحانه مع خوف الوقوع في المحرم بتركه، بل صرح جماعة بوجوبه حينئذ (18) ، و
الدليل لا يساعده. و الظاهر نقص الرجحان بما اذا صعبت معه المعيشة، روي عن النبي صلى الله عليه و آله
انه قال: «اذا اتى على امتي مائة و ثمانون سنة - اي من هجرتي - فقد حلت لهم العزوبة و
العزلة و الترهب على رؤوس الجبال » . و في حديث آخر: «ياتي على الناس زمان لا تنال المعيشة فيه الا بالمعصية، فاذا كان
ذلك الزمان حلت العزوبة » (19) . و له و للدخول بالزوجة آداب مستحبة:
اما آداب النكاح:
فمنها: اختيار البكر من النساء، الولود، العفيفة، الكريمة الاصل، بكونها من اهل
بيت الايمان او الصلاح، او غير الناشئة هي او آباؤها او امهاتها من زنى او
حيض و شبهة، او البعيدة هي و ابواها عن الالسن. كل ذلك للروايات (20) و الاعتبارات. و منها: ان يقصد بالنكاح اتباع السنة و الولد الصالح و المعونة على الطاعة و
المحافظة عن المعصية كلا او بعضا - دون التلذذ او نحوه من الامور الدنيوية -
ليكون فعله موردا للثواب و اطاعة لله سبحانه. و لو قصد الامرين من الدينية و الدنيوية فمع استقلال احدهما في المطلوبية فالحكم
له، و مع استقلال كل منهما فالظاهر كونه مؤديا للسنة مستحقا للثواب، و مع عدم
استقلال شي ء منهما فلا يكون مثابا، لان المركب من الدينية و الدنيوية ليس دينيا. و منها: ان بعد قصد السنة بالنكاح يتبعها في تعيين الزوجة ايضا، فيرجح بالمرجحات
الواردة في السنة من العفيفة الكريمة، لا بالمرجحات الدنيوية من الحسن و
الجمال و الثروة و المال.. ففي حسنة هشام: «اذا تزوج الرجل المراة لجمالها او مالها وكل الى ذلك، و
اذا تزوجها لدينها رزقه الله الجمال و المال » (21) . و في رواية العجلي: «من تزوج امراة لا يتزوجها الا لجمالها لم ير فيها ما يحب،
و من تزوجها لمالها لا يتزوجها الا له وكله الله اليه، فعليكم بذات الدين » (22) . و مقتضى الروايتين: كراهة قصد المال و الجمال خاصة، كان يرجح ذات المال او
الجمال الغير العفيفة على العفيفة مثلا، فلو قصدهما مع ما يترجح بالسنة لم يكن
مكروها، كان يرجح ذات المال او الجمال العفيفة على العفيفة الكريهة اذا لم يكن
المال او الجمال مستقلا في التعيين، اذ ليس قصد المركب من العفة و المال مثلا
قصد المال فلا تشمله الحسنة و نحوها، مع انها لو شملته يجب التخصيص بمفهوم رواية
العجلي. و لذا عبر جماعة منهم الروضة بقوله: و لا يقتصر على الجمال او الثروة من دون
مراعاة الاصل و العفة (23) . و منها: ان يصلي قبل تعيين المراة ركعتين و يحمد الله تعالى. ثم يدعو بالماثور في رواية ابي بصير: «اذا هم بذلك فليصل ركعتين و يحمد الله
تعالى و يقول: اللهم اني اريد ان اتزوج فقدر لي من النساء اعفهن فرجا، و احفظهن لي
في نفسها و في مالي، و اوسعهن رزقا، و اعظمهن بركة، و قدر لي منها ولدا طيبا تجعله
خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي » (24) . و منها: ايقاع العقد معلنا في حضور شاهدين. لمكاتبة المهلب: «التزويج الدائم لا يكون الا بولي و شاهدين » (25) . و صحيحة زرارة: عن الرجل يتزوج المراة بغير شهود، فقال: «لا باس بتزويج البتة فيما بينه و بين الله، انما جعل الشهود في تزويج البتة
من اجل الولد، لو لا ذلك لم يكن به باس » (26) . و رواية محمد: «انما جعلت البينة في النكاح من اجل المواريث » (27) . و صحيحة محمد: «انما جعلت البينات للنسب و المواريث » (28) . و لانه انفى للتهمة و ابعد عن الخصومة. و هل استحبابه مخصوص بالدائم؟ كما في الروضة و شرح القواعد (29) ، و غيرهما (30) ، للاصل،
و اختصاص الروايتين الاوليين بل الاخيرتين ايضا، اذ لا ميراث لغير الدائم
بالدائم، بل نفي مفهوم الاوليين عن غيره. او مطلق؟ كما يقتضيه اطلاق النافع و القواعد و اللمعة (31) ، و غيرها (32) - و ان امكن
حمله على الشائع الغالب - لامكان التهمة و الخصومة في غير الدائم ايضا، بل لعموم
الروايتين الاخيرتين، اذ الميراث لا يختص بارث الزوجة، بل يرث ولد المتمتعة
ايضا، و بهما يندفع الاصل، و اما المفهومان فلا اعتبار بهما، لكونهما وصفين،
فالتعميم اولى. و لا يشترط الاشهاد في صحة العقد اجماعا في غير الدائم، و على الاصح الاشهر فيه
ايضا، بل بالاجماع ايضا، كما عن الانتصار و الناصريات و الخلاف و الغنية و
السرائر و التذكرة و التنقيح و المسالك (33) . للاصل، و عموم بعض الروايات، و خصوص الصحيحة المتقدمة. و رواية محمد بن الفضيل: قال: قال ابو الحسن موسى عليه السلام لابي يوسف القاضي:
«ان الله تبارك و تعالى امر في كتابه بالطلاق و وكده فيه بشاهدين و لم يرض بهما
الا بعدلين، و امر في كتابه بالتزويج فاهمله بلا شهود فاثبتم شاهدين فيما
اهمل و ابطلتم الشاهدين فيما اكد» (34) ، فان النكاح الدائم هو الذي اثبتوهما فيه.
خلافا للمحكي عن العماني (35) . للمكاتبة المتقدمة المردودة بالقصور دلالة على الوجوب، لمكان الجملة الخبرية، و
الضعف لاجل الشذوذ، و المعارضة مع ما ذكر، المرجوحة بالنسبة اليه، لموافقة
العامة (36) ، كما صرح به جمع الخاصة (37) ، و دلت عليها الرواية الاخيرة. و منها: ان يخطب الزوج او وليه او وكيله امام العقد، للتاسي، و استفاضة الاخبار
في خطبة الاطهار امام الانكحة، و ليس بواجب اجماعا، و تصرح به رواية عبيد بن
زرارة (38) . و يتحقق بالحمد و الصلاة و الاستغفار، بل الحمد خاصة ايضا، كما صرح به في رواية
القداح: «ان علي بن الحسين عليهما السلام كان يتزوج و هو يتعرق عرقا ياكل فما
يزيد على ان يقول: الحمد لله و صلى الله على محمد و آله، و يستغفر الله، و قد زوجناك على
شرط الله، ثم قال علي بن الحسين عليهما السلام: اذا حمد الله فقد خطب » (39) . و مقتضاها: حصولها بمطلق الحمد و لو بغير العربية. و اكملها الخطب المروية عنهم عليهم السلام و هي كثيرة (40) . و هذه الخطبة غير الخطبة - بالكسر - و هي: التماس قبول المراة التزويج قبل ارادة
العقد، و يستحب فيها ايضا الخطبة - بضم الخاء - كما فعله الائمة و ابو طالب و
غيره، فتكون قبل النكاح خطبتان. و منها: ايقاعه ليلا. كما في صحيحة الوشاء: «ان من السنة التزويج في الليل » (41) ، و في رواية ميسر: «تزوج
بالليل » (42) . و التزويج هو النكاح. و منها: ان يجتنب ايقاعه و القمر في برج العقرب. لخبر حمران: «من تزوج و القمر في العقرب لم ير الحسنى » (43) . و كذا في محاق الشهر، و هو زمان كون القمر تحت شعاع الشمس. لمرسلة الفقيه: و روي انه يكره التزويج في محاق الشهر (44) . و كذا في ساعة حارة من انصاف النهار. لرواية ضريس، و فيها: «ما اراهما يتفقان » (45) . و اما آداب الدخول بالزوجة: فمنها: ان يتوضا الزوج قبل وصول الزوجة اليه و يصلي ركعتين، و يامر من مع الزوجة
ان يامروها بصلاة ركعتين بعد ان تتوضا قبل وصولها اليه، ثم الزوج يمجد الله و
يصلي على محمد و آله، ثم يدعو الله بالدعاء الماثور، و يامر من معها ان يؤمنوا على
دعائه. كما ورد كل ذلك في صحيحة ابي بصير (46) ، فهي الحجة عليه. و غيرهما (48) - من دعاء الزوجة ايضا بهذا الدعاء -
فلا يستفاد من هذا الحديث و لا من غيره، و كذا ما في طائفة من الكتب من كون ذلك
عند ارادة الدخول بالزوجة ان اريد به الوقاع، و اما ان اريد به الوصول و اللقاء -
كما هو ظاهر القواعد، حيث عبر بقوله: عند الدخول - فهو كذلك. اما في صلاة الزوج: فللتصريح به في الصحيح. و اما في صلاة الزوجة: فبقرينة قوله: مرهم ان يامروها فيه، اذ لو كانت واصلة
اليه لم يحتج الى امر اهلها بامرها. و منها: ان يكون الزفاف ليلا. لقول الصادق عليه السلام: «زفوا عرائسكم ليلا» (49) . و منها: ان يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة، و يدعو بالماثور. و منها: ان يسمي الله تعالى عند الجماع ابدا، و ان يدعو بالماثور، و يسال الله
تعالى ان يرزقه ولدا ذكرا سويا صالحا. و منها: ان يولم عند التزويج يوما او يومين، و الافضل ان يكون في الضحى، كما
صرح به الشيخ في النهاية (50) ، و يكره ما زاد على اليومين. كل ذلك للروايات (51) . و اما ما في بعض الروايات الواردة في كتاب المطاعم: ان ابا الحسن او لم
على بعض ولده ثلاثة ايام (52) ، فليس صريحا في كونه في التزويج، بل الظاهر كونه في
الولادة او الختان، مع ان الفعل لا يعارض القول. و يستحب ان يكون بعد التزويج، لان النبي اولم بعده كما في الروايات. و الظاهر من الاخبار انها مستحبة للتزويج، و اما استحبابها عند الزفاف -
كما في كثير من العبارات (53) - فلا تساعده الاخبار. و لا تجب الاجابة الى الدعوة الى وليمة العرس عند علمائنا اجمع - كما في شرح
القواعد (54) - بل تستحب. و منها: ان يجتنب المجامعة مطلقا بعد الظهر. لمرسلة الفقيه: «يا علي، لا تجامع زوجتك بعد الظهر، فانه ان قضي بينكما ولد في ذلك
الوقت يكون احول، و الشيطان يفرح بالحول » (55) . و في النافع و القواعد و اللمعة (56) و غيرها (57) : عند الزوال. و استند بعضهم له بذلك الحديث، و هو اعم، بل غير دال، لان بعد الظهر عرفا مغاير لعند
الزوال، و لم اعثر على مستند آخر الا ان يثبت الحكم بفتاواهم تسامحا في ادلة
السنن. و حينئذ، فيستثنى منه عند زوال يوم الخميس، كما ذكره جماعة (58) . لتلك المرسلة ايضا، فقال: «و ان جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عند كبد
السماء فقضي بينكما ولد، فان الشيطان لا يقربه حتى يشيب، و يكون قيما، و يرزقه الله
عز و جل السلامة في الدين و الدنيا» . و عند الغروب حتى يغيب الشفق، و بعد الفجر حتى تطلع الشمس، و ليلة الخسوف، و يوم
الكسوف، و في اليوم او الليل اللذين تكون فيهما الريح السوداء او الحمراء او
الصفراء او الزلزلة. كل ذلك لصحيحة سالم (59) . و مقتضى التخصيص و الاصل اختصاص الكراهة في الخسوف بالليل و في الكسوف
بالنهار، فلا يكره في يوم الخسوف و ليلة الكسوف، كما اذا انكسفت الشمس ابتداء
الغروب و غربت منكسفة. و لا تختص الكراهة بما اذا وقعا، فلو علم احد بوقوع احدهما في ليلة او يوم بحساب
النجوم يكره قبل الوقوع ايضا. و في اول ليلة من كل شهر - الا شهر رمضان - و وسطه و آخره. لدلالة الروايات على كل ذلك (60) . و عاريا. لمرسلة الفقيه: اجامع و انا عريان؟ فقال: «لا، و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها» (61) .
و مقتضى الاصل: اختصاص الكراهة بكون الزوج عريانا، فلا كراهة في الزوجة. و تؤيده رواية اسحاق بن عمار: في الرجل ينظر الى امراته و هي عريانة، قال: «لا باس
بذلك، و هل اللذة الا ذاك » (62) . و عقيب الاحتلام قبل الغسل. لمرسلة الفقيه: «يكره ان يغشى الرجل المراة و قد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي
راى » (63) . و مقتضاها: اختصاص ارتفاع الكراهة بالغسل خاصة، كما عن الحلي و في المفاتيح (64) . فالاجتزاء بالوضوء ايضا مطلقا - كما في النافع و القواعد و شرحه و اللمعة (65) ، و عن
النهاية و المهذب و الوسيلة (66) - او مع تعذر الغسل - كما عن ابن سعيد (67) - خلاف
مفهومها و لا يتضح دليله، و فتوى الفقهاء انما تنفع في اثبات الاستحباب او
الكراهة دون رفعهما. و لا تكره معاودة الجماع بغير غسل، للاصل. و اما ما في الرسالة الذهبية لمولانا الرضا عليه السلام: «الجماع بعد الجماع
من غير فصل بينهما بغسل يورث الولد الجنون » (68) . فليس صريحا فيه، لاحتمال فتح الغين، فغايته استحباب غسل الفرج، كما نفى عنه
الخلاف في المبسوط مع ضم وضوء الصلاة (69) . و تدل على الوضوء رواية التميمي: في الجارية ياتيها ثم يريد اتيان اخرى توضا (70) .
فيكره قبل غسل الفرج و الوضوء، لما ذكر. و الحكم بالكراهة قبل الغسل للالحاق بالاحتلام و احتمال الضم لا وجه له و ان
احتملت المقام المسامحة، اذ لم يثبت هذا القدر من التسامح. و المجامعة و في البيت صبي مستيقظ يراهما و يسمع كلامهما و نفسهما. لرواية الحسين بن زيد (71) . بل يتعدى الى غير سامع الكلام و النفس اذا راى ايضا. للمروي في طب الائمة: «اياك و الجماع حيث يراك صبي يحسن ان يصف حالك » (72) . و في بعض الكتب عن الصادق عليه السلام: «نهى ان توطا المراة و الصبي في المهد
ينظر اليهما» (73) . بل يمكن التعدي الى مطلق الصبي و ان لم يكن يرى، كما هو مقتضى اطلاق كلام النهاية (74)
و غيره (75) . لرواية راشد: «لا يجامع الرجل امراته و لا جاريته و في البيت صبي » (76) . و مقتضى اطلاق بعض تلك الاخبار و تصريح بعضها: عدم اختصاص الحكم بالصبي
المميز، بل يتعدى الى غيره و لو كان رضيعا ايضا، كما عليه المحقق (77) و جماعة (78) ، بل هو
مقتضى اطلاق اكثر الاصحاب. فالتقييد بالمميز - كما عن بعضهم (79) - لا وجه له، و التوصيف بقوله: «يحسن ان يصف
حالك » في الثانية لا يوجب تقييد المطلق و طرح الصريح، لانه وصف لا يعتبر مفهومه،
و كذا التوصيف بسماع الكلام و النفس في الاولى، ان جعلناه مشعرا بالتمييز كما
في الروضة (80) . ثم تلك الروايات و ان اختصت بالصبي، الا انه يتعدى الى غيره بالفحوى و عدم
الفصل، و لعل التخصيص لندرة المجامعة في حضور غير الصبي. و مقتضى صريح الاخيرة و اطلاق الثانية بل الثالثة: عموم الكراهة لجماع الحرة
و الامة، كما صرح به بعضهم (81) ، و يقتضيه اطلاق كلام جماعة، منهم: النافع و القواعد
و اللمعة (82) . و عن المشهور: الاختصاص بالحرة (83) . لصحيحة ابن ابي يعفور: عن الرجل ينكح الجارية من جواريه و معه في البيت من يرى
ذلك و يسمعه، قال: «لا باس » (84) . و فيه: ان نفي الباس لا ينفي الكراهة. ثم ان منهم من قيد الكراهة بما اذا لم ير العورة، قال: و الا فيحرم (85) . و فيه نظر، لان حرمة النظر الى العورة او كشفها لا يحرم الجماع. و النظر الى فرج المراة عند المجامعة. لموثقة سماعة (86) . و مرسلة الفقيه في وصايا النبي صلى الله عليه و آله: «لا ينظرن احد الى فرج امراته
و ليغض بصره عند الجماع، لان النظر الى الفرج يورث العمى في الولد» (87) . بل مطلقا كما قال جماعة (88) - و ان جعلوا المقيد اشد كراهة - لظهور المرسلة في الاطلاق. و لا يقيده قوله: «عند الجماع » ، لان الاصل رجوع القيد الى الاخير. و لا التعليل، لاحتمال كونه لغض البصر، حيث ان فتحه معرض النظر، او المراد
بالغض: غضه عن النظر الى الفرج، و حينئذ يتضح وجه الاشدية، لانها مقتضى ذكر
الخاص بعد العام. و لا يحرم ذلك على الاشهر، بل بالاجماع كما عن الخلاف (89) ، خلافا لابن حمزة (90) ، و
هي - مع عدم صراحتها - معارضة بنفي الباس عنه في الموثقة و في رواية ابي حمزة (91) . و
الجماع مستقبل القبلة و مستدبرها. لما مر. و للمرسلة: «نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن الجماع مستقبل القبلة و
مستدبرها» (92) . و الاجماع على عدم الحرمة اوجب صرف النهي الى الكراهة. و التكلم عند
الجماع. لقوله: «اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين » (93) . و تشتد الكراهة مع تكثيره الكلام. للمرسلة الواردة في الوصية لعلي عليه السلام: «لا تتكلم عند الجماع كثيرا» (94) . و جعلها دليلا على اشدية الكراهة في الرجل مطلقا او مع الكثرة غير جيد، لعدم دلالتها
عليها. و استثنى جماعة (95) من الكلام: ذكر الله سبحانه، و الروايتان مطلقتان. و لعله لقوله عليه السلام: «ذكر الله حسن على كل حال » (96) . او لما ورد من استحباب التسمية عند الجماع. و للمرتضوي: «اذا جامع احدكم فليقل: اللهم جنبني الشيطان » الى آخر الدعاء (97) . و لكن الاول عام ينبغي تخصيصه بما مر، و الثاني ظاهر في ارادة الجماع كما
يستفاد من روايات اخر (98) . الا ان يقال: ان الاول اعم من وجه مما مر، فيرجع في محل التعارض الى اصالة عدم
الكراهة. تعليقات: 1) المختلف: 523. 2) انظر كشف اللثام 2: 6، الرياض 2: 68. 3) المختلف: 523. 4) الصحاح 1: 413. 5) مفردات الراغب: 505. 6) معاني القرآن 1: 295. 7) انظر المصباح المنير للفيومي: 624. 8) انظر المصباح المنير: 624. 9) الشيخ في عدة الاصول 1: 170، الحلي في السرائر 2: 524، الايضاح 3: 2. 10) النساء: 3، النور: 32. 11) الوسائل 20: 13 و 43 ابواب مقدمات النكاح و آدابه ب 1 و 11. 12) حكاه في المغني و الشرح الكبير 7: 334 عن ابي بكر بن عبد العزيز، و نسبه الشيخ
في الخلاف 4: 246 الى داود. 13) المبسوط 4: 160. 14) الوسيلة: 289. 15) الكافي 5: 327 - 1، الفقيه 3: 246 - 1168، التهذيب 7: 240 - 1047، المقنعة: 497،
الوسائل 20: 40 ابواب مقدمات النكاح ب 9 ح 10. 16) الكافي 5: 328 - 1، الوسائل 20: 16 ابواب مقدمات النكاح ب 1 ح 10. 17) الكافي 5: 329 - 3، الفقيه 3: 242 - 1148، التهذيب 7: 239 - 1045، الوسائل 20: 19
ابواب مقدمات النكاح ب 2 ح 3، و في الجميع: «ارذال » بدل: «شرار» ، و في الفقيه:
«اراذل » ، و التعبير بالشرار موجود في المقنعة: 497. 18) كالعلامة في القواعد 2: 2، فخر المحققين في الايضاح 3: 3، الشهيد الثاني في
الروضة 5: 85. 19) التحصين لابن فهد الحلي: 4، مستدرك الوسائل 11: 387 ابواب جهاد النفس ب 51 ح
19، بتفاوت. 20) الوسائل 20: 27 ابواب مقدمات النكاح ب 6. 21) الكافي 5: 333 - 3، الفقيه 3: 248 - 1180، التهذيب 7: 403 - 1609، الوسائل 20: 49
ابواب مقدمات النكاح ب 14 ح 1. 22) التهذيب 7: 399 - 1592، الوسائل 20: 50 ابواب مقدمات النكاح ب 14 ح 4. 23) الروضة 5: 87. 24) الكافي 5: 501 - 3، الفقيه 3: 249 - 1187، التهذيب 7: 407 - 1627، الوسائل 20: 113
ابواب مقدمات النكاح ب 53 ح 1. 25) التهذيب 7: 255 - 1101، الاستبصار 3: 146 - 529، الوسائل 21: 34 ابواب المتعة
ب 11 ح 11. 26) الكافي 5: 387 - 1، التهذيب 7: 249 - 1077، الوسائل 20: 98 ابواب مقدمات النكاح
ب 43 ح 3. 27) التهذيب 7: 248 - 1076 و 409 - 1635، الوسائل 20: 99 ابواب مقدمات النكاح ب 43
ح 6. 28) رواها في الكافي 5: 387 - 2، و الوسائل 20: 97 ابواب مقدمات النكاح ب 43 ح 1،
باسناده عن ابن ابي عمير عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله عليه السلام، و لا
توجد روايتها عن محمد بن مسلم. 29) الروضة 5: 88، جامع المقاصد 12: 13، كشف اللثام 2: 7. 30) كما في النهاية: 450، السرائر 2: 550، 603، 620، التحرير 2: 4. 31) النافع: 171، القواعد 2: 2، اللمعة (الروضة البهية 5) : 88. 32) كما في الشرائع 2: 267 و الارشاد 2: 4. 33) حكاه عنهم في كشف اللثام 2: 7، الانتصار: 118، الناصريات (الجوامع الفقهية) :
210، الخلاف 4: 261، 262، الغنية (الجوامع الفقهية) : 610، السرائر 2: 550، 603، 620،
التذكرة 2: 571، التنقيح 3: 12، المسالك 1: 432. 34) الكافي 5: 387 - 4، الوسائل 20: 98 ابواب مقدمات النكاح ب 43 ح 5. 35) حكاه عنه في المختلف: 535. 36) انظر بداية المجتهد 2: 17، المغني 7: 339، مغني المحتاج 3: 144. 37) كالشيخ في الخلاف 4: 261، الشهيد الثاني في المسالك 1: 431، صاحب الحدائق 23:
33. 38) الكافي 5: 368 - 1، التهذيب 7: 249 - 1078 و 408 - 1629، الوسائل 9620 ابواب
مقدمات النكاح ب 41 ح 1. 39) الكافي 5: 368 - 2، التهذيب 7: 408 - 1630، الوسائل 20: 96 ابواب مقدمات النكاح
ب 41 ح 2، و العرق، بالفتح فالسكون: العظم الذي اخذ عنه اللحم - مجمع البحرين 5:
213. 40) انظر الوسائل 20: 97 ابواب مقدمات النكاح ب 42. 41) الكافي 5: 366 - 1، التهذيب 7: 418 - 1675، الوسائل 20: 91 ابواب مقدمات النكاح
ب 37 ح 3. 42) الكافي 5: 366 - 3، الوسائل 20: 91 ابواب مقدمات النكاح ب 37 ح 1. 43) الفقيه 3: 250 - 1188، التهذيب 7: 407 - 1628 و 461 - 1844، المقنعة:514، الوسائل
20: 114 ابواب مقدمات النكاح ب 54 ح 1. 44) الفقيه 3: 250 - 1189، الوسائل 20: 115 ابواب مقدمات النكاح ب 54 ح 2. 45) الكافي 5: 366 - 1، الوسائل 20: 93 ابواب مقدمات النكاح ب 38 ح 1. 46) الكافي 5: 500 - 1، التهذيب 7: 409 - 1636، الوسائل 20: 115 ابواب مقدمات
النكاح ب 55 ح 1. 47) الروضة 5: 92، القواعد 2: 2. 48) كالنافع: 171، الكفاية: 152، الرياض 2: 71. 49) الكافي 5: 366 - 2، الفقيه 3: 254 - 1203، التهذيب 7: 418 - 1675، الوسائل 20: 91
ابواب مقدمات النكاح ب 37 ح 2. 50) النهاية: 481. 51) الوسائل 20: 94 ابواب مقدمات النكاح ب 40. 52) الكافي 6: 281 - 1، الوسائل 24: 307 ابواب آداب المائدة ب 31 ح 2. 53) كما في الشرائع 2: 267 و القواعد 2: 2 و الكفاية: 153. 54) جامع المقاصد 12: 19. 55) الفقيه 3: 359 - 1712، الوسائل 20: 251 ابواب مقدمات النكاح ب 149 ح 1. 56) النافع: 171، القواعد 2: 2، اللمعة (الروضة البهية 5) : 93. 57) كالشرائع 2: 268. 58) منهم الشهيد الثاني في الروضة 5: 93، الفاضل الهندي في كشف اللثام 2: 8، صاحب
الرياض 2: 71. 59) الكافي 5: 498 - 1، المحاسن: 311 - 26، طب الائمة: 131، الوسائل 20:125 ابواب
مقدمات النكاح ب 62 ح 1. 60) الوسائل 20: 128 ابواب مقدمات النكاح ب 64. 61) التهذيب 7: 412 - 1646، الوسائل 20: 119 ابواب مقدمات النكاح ب 58 ح 2. 62) الكافي 5: 497 - 6، التهذيب 7: 413 - 1652، الوسائل 20: 120 ابواب مقدمات
النكاح ب 59 ح 1. 63) الفقيه 3: 256 - 1212، الوسائل 20: 139 ابواب مقدمات النكاح ب 70 ح 1. 64) الحلي في السرائر 2: 606، المفاتيح 2: 286. 65) النافع: 171، القواعد 2: 2، جامع المقاصد 12: 24، اللمعة (الروضة البهية 5) : 94. 66) النهاية: 482، المهذب 2: 222، الوسيلة: 314. 67) الجامع للشرائع: 453. 68) الرسالة الذهبية: 28، البحار 59: 321. 69) المبسوط 4: 243. 70) التهذيب 7: 459 - 1837، الوسائل 21: 200 ابواب نكاح العبيد و الاماء ب 84 ح 2.
71) الكافي 5: 500 - 2، الوسائل 20: 133 ابواب مقدمات النكاح ب 67 ح 8. 72) طب الائمة «ع » : 133، الوسائل 20: 134 ابواب مقدمات النكاح ب 67 ح 8. 73) دعائم الاسلام 2: 213 - 784، 781، مستدرك الوسائل 14: 227 ابواب مقدمات النكاح
ب 50 ح 1، بتفاوت يسير. 74) النهاية: 482. 75) المراسم: 151. 76) الكافي 5: 499 - 1، المحاسن: 317 - 42، الوسائل 20: 132 ابواب مقدمات النكاح ب
67 ح 1. 77) المختصر النافع: 171. 78) كالعلامة في التحرير 2: 4، الشهيد في اللمعة (الروضة البهية 5) : 94، الفاضل الهندي
في كشف اللثام 2: 8. 79) كالشهيد الثاني في المسالك 1: 435. 80) الروضة 5: 95. 81) انظر التنقيح الرائع 3: 20. 82) النافع 1: 171، القواعد 2: 2، اللمعة (الروضة البهية 5) : 94. 83) كما في المقنعة: 515، المراسم: 151، المفاتيح 2: 287، الحدائق 23: 137. 84) التهذيب 8: 208 - 735، الوسائل 21: 194 ابواب نكاح العبيد و الاماء ب 75 ح 1. 85) الرياض 2: 72. 86) التهذيب 7: 414 - 1656، الوسائل 20: 121 ابواب مقدمات النكاح ب 59 ح 3. 87) الفقيه 3: 359 - 1712، الوسائل 20: 121 ابواب مقدمات النكاح ب 59 ح 5. 88) كالشهيد الثاني في الروضة: 95 و صاحب الرياض 2: 72. 89) الخلاف 4: 249. 90) الوسيلة: 314. 91) الكافي 5: 497 - 5، التهذيب 7: 413 - 1651، الوسائل 20: 120 ابواب مقدمات
النكاح ب 59 ح 2، في النسخ: ابن حمزة، و ما اثبتناه من المصادر. 92) الفقيه 1: 180 - 851، الوسائل 4: 319 ابواب القبلة ب 12 ح 3. 93) الكافي 5: 498 - 7، التهذيب 7: 413 - 1653، الوسائل 20: 123 ابواب مقدمات
النكاح ب 60 ح 1. 94) الفقيه 3: 359 - 1712، الوسائل 20: 123 ابواب مقدمات النكاح ب 60 ح 3. 95) منهم ابن حمزة في الوسيلة: 314، الحلي في السرائر 2: 606، المحقق في النافع: 171،
الشهيد في اللمعة (الروضة البهية 5) : 96. 96) الكافي 2: 497 - 6، الوسائل 1: 310 ابواب احكام الخلوة ب 7 ح 2. 97) الكافي 5: 503 - 3، الوسائل 20: 136 ابواب مقدمات النكاح ب 68 ح 3. 98) الوسائل 20: 135 ابواب مقدمات النكاح ب 68.