مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 16

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 16

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الفصل الثالث: في النكاح الدائم


و فيه فصول:

الفصل الاول: في العقد


و فيه مسائل:

المسالة الاولى:


تجب في النكاح الصيغة، باتفاق علماء الاسلام، بل الضرورة من دين خير الانام،
له، و لاصالة عدم ترتب آثار الزوجية بدونها.

و لا بد فيها من ايجاب و قبول لفظيين، بالاجماع، و اصالة الفساد في المعاملات،
فلا يحكم بترتب الاثر ما لم يعلم تحقق التزويج و النكاح، و لا يعلم تحققهما بدون
اللفظ.

و تؤيده رواية العجلي: عن قول الله سبحانه: «و اخذنا منكم ميثاقا غليظا» (1) قال:
«الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح » (2) .

ثم انهم بعد الاتفاق على ذلك اختلفوا في اللفظ المنعقد به النكاح من وجوه كثيرة، لا
بد في تحقيق المقام فيه من تقديم مقدمات:

احداها:

ما مر في صدر كتاب البيع مفصلا، و نقول هنا اجمالا: ان الشارع رتب احكاما على
التزويج و النكاح، و اثبت امورا لكل من الزوج و الزوجة و الناكح و المنكوحة، فلو
كنا نعلم لهذه الالفاظ معاني لغوية او عرفية للشارع يصح ارادتها لكان اللازم
الحكم بثبوت هذه الاحكام لكل من صدق عليه تلك الالفاظ، كما في البيع.

و لكن معنى التزويج في اللغة امر غير مراد هنا، و لا نعلم في عرف الشارع او العام
له معنى مضبوطا معينا بخصوصه و ان علمنا القدر المجمع عليه منه.

و اما النكاح، فقد عرفت انه العقد، و لكن المراد من العقد هنا غير معلوم لنا.

و كذا قد تترتب الآثار على مثل قوله: امراته او حليلته، و الاضافة و ان افادت
الاختصاص لكن جهة الخصوصية لنا غير معلومة.

و على هذا، فيجب في الحكم بتحقق الزوجية و النكاح الاقتصار على ما دل دليل على
تحقق النكاح به.

الثانية: اعلم ان ها هنا اخبارا يمكن ان يستفاد منها اللفظ المتحقق به النكاح، و
هي كثيرة:

الاولى: صحيحة زرارة الواردة في تزويج آدم و حواء، و فيها بعد امر الله سبحانه
آدم ان يخطب اليه جل شانه حواء و قول آدم: «اني اخطبها اليك، فقال عز و جل: و قد
شئت ذلك و قد زوجتكها فضمها اليك، فقال لها آدم: الي فاقبلي » الحديث (3) .

الثانية: رواية الهاشمي في تزويج خديجة، و فيها - بعد ان خطب ابو طالب الى عمها
و تلجلج العم - : قالت خديجة لعمها: «فلست اولى بي من نفسي، قد زوجتك يا محمد نفسي و
المهر علي في مالي، فمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها، و ادخل على اهلك » (4) .

الثالثة: مرفوعة البغدادي في جواب ابي عبد الله عليه السلام خطبة نكاح، قال
عليه السلام بعد الخطبة: «اما بعد، فقد سمعنا مقالتكم و انتم الاحبة و الاقربون
نرغب في مصاهرتكم و نسعفكم بحاجتكم و نضن باخائكم، فقد شفعنا شافعكم و انكحنا خاطبكم،
على ان لها من الصداق ما ذكرتم، فنسال الله الذي ابرم الامور بقدرته ان يجعل
عاقبة مجلسنا الى محابة، انه ولي ذلك و القادر عليه » (5) .

الرابعة: مرسلة الفقيه الواردة في تزويج الجواد بنت المامون، و فيها:

لما تزوج ابو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ابنة المامون خطب لنفسه ثم
ذكر الخطبة الى ان قال: «و هذا امير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عز و جل
للمسلمات » الى ان قال: «و بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله صلى الله عليه و
آله » الى ان قال بعد ذكر الصداق: «زوجتني يا امير المؤمنين؟ » قال:

بلى، قال: «قبلت و رضيت » (6)

الخامسة: رواية القداح: «ان علي بن الحسين عليه السلام كان يتزوج و هو يتعرق
عرقا ياكل فما يزيد على ان يقول: الحمد لله و صلى الله على محمد و آله و يستغفر الله
و قد زوجناك على شرط الله » (7) .

السادسة: رواية عبيد بن زرارة: عن التزويج بغير خطبة، فقال:

«او ليس عامة ما يتزوج فتياننا، و نحن نتعرق الطعام على الخوان نقول: يا فلان
زوج فلانا فلانة، يقول: نعم قد فعلت » (8) .

السابعة: موثقة سماعة في عقد التمتع: لا بد من ان يقول فيه هذه الشروط: اتزوجك متعة
كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما نكاحا غير سفاح على كتاب الله و سنة نبيه صلى
الله عليه و آله الحديث (9) .

الثامنة: رواية ابان بن تغلب: كيف اقول لها اذا خلوت بها؟ قال:

تقول: اتزوجك متعة على كتاب الله و سنة نبيه لا وارثة و لا مورثة كذا و كذا يوما»
الى ان قال: «فاذا قالت: نعم فقد رضيت، فهي امراتك » و في بعض النسخ: فاذا قالت:
نعم قد رضيت فهي امراتك «و انت اولى الناس بها»

قلت: فاني استحيي ان اذكر شرط الايام، قال: «هو اضر عليك » قلت:

و كيف؟ قال: «انك ان لم تشترط كان تزويج مقام، و لزمتك النفقة في العدة، و كانت
وارثة، و لم تقدر على ان تطلقها الا طلاق السنة » (10) .

التاسعة: حسنة ثعلبة: تقول: اتزوجك متعة على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و
آله نكاحا غير سفاح، الحديث (11) .

العاشرة: مرسلة الفقيه: عن مؤمن الطاق قال: سالت ابا عبد الله عليه السلام عن
ادنى ما يتزوج به الرجل المتعة،

قال: «كف من بر، يقول لها: زوجيني نفسك متعة على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه
و آله نكاحا غير سفاح » الحديث (12) .

الحادية عشرة: صحيحة هشام: كيف يتزوج المتعة؟ قال: «يقول: يا امة الله اتزوجك
كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما» (13) .

الثانية عشرة: روايته، و فيها: قلت: ما اقول لها؟ «تقول لها:

اتزوجك على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله، و الله وليي و وليك، كذا و
كذا شهرا بكذا و كذا درهما» .الحديث (14) .

الثالثة عشرة: رواية ابي بصير: «لا باس بان تزيدك و تزيدها اذا انقطع الاجل فيما
بينكما، تقول لها: استحللتك باجل آخر، برضا منها» الحديث (15) .

الرابعة عشرة: رواية بكار: الرجل يلقى المراة فيقول لها: زوجيني نفسك شهرا، و لا
يسمي الشهر بعينه، ثم يمضي فيلقاها بعد سنين، قال:

فقال: «له شهره ان كان سماه و ان لم يكن سماه فلا سبيل له عليها» (16) .

الخامسة عشرة: رواية الفتح بن يزيد: عن الشروط في المتعة، فقال:

«الشرط فيها بكذا و كذا الى كذا و كذا، فان قالت: نعم، فذاك له جائز» (17) .

السادسة عشرة: موثقة عبيد: «اذا قال الرجل لامته: اعتقك و اتزوجك و اجعل مهرك
عتقك فهو جائز» (18) .

السابعة عشرة: صحيحة علي: عن الرجل قال لامته: اعتقتك و جعلت عتقك مهرك، قال:
«اعتقت، و هي بالخيار ان شاءت تزوجت و ان شاءت فلا، فان تزوجته فليعطها شيئا،
فان قال: قد تزوجتك و جعلت مهرك عتقك، فان النكاح واقع و لا يعطيها شيئا» (19) .

و الثامنة عشرة: رواية السكوني: «جاءت امراة الى النبي صلى الله عليه و آله فقالت:

زوجني فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: من لهذه؟ فقام رجل » الى ان قال: «قال: قد
زوجتكها على ما تحسن من القرآن، فعلمها اياه » (20) .

الثالثة: اعلم انهم قد يحكمون بكفاية بعض الالفاظ في النكاح الدائم - مثلا -
مستدلين بان اللفظ حقيقة فيه، و مستندين الى دلالته على المقصود.

و قد يحكمون بعدم كفاية بعض الالفاظ فيه، مستدلين بكونه مجازا، او بعدم دلالته
على المقصود.

و يرد على الاول: انه ان اريد ان للحقيقية مدخلية في الصحة فهو مما لا دليل عليه، و
يلزمه عدم صحة الصيغ الاخبارية، لمجازيتها في الانشاء.

و ان اريد[ان] (21) الحقيقية توجب الدلالة على المقصود و المستفاد من الاخبار
كفاية كلما يدل على المقصود، فلا يحسن الاقتصار على لفظ خاص، بل تجب صحة الاتيان
بكل مجاز مع القرينة المقالية او الحالية، نحو: استحللت فرجها دائما، او: جعلتها
حليلتي او زوجتي، و نحو ذلك.

و الظاهر انهم لا يقولون به.

هذا كله، مضافا الى ما يرد عليهم من مطالبة الدليل على كفاية كل لفظ حقيقي فيه،
او كل لفظ دال على المقصود.

و على الثاني: انه ان اريد ان للمجازية مدخلية في عدم الصحة فهو مما لا دليل عليه،
و يلزمه عدم صحة الصيغ الاخبارية.

و ان اريد ان المجازية توجب عدم الصراحة في المقصود، فيلزم صحة كل مجاز مقترن
بالقرينة، فلا يصح نفي صحة بعض الصيغ مطلقا، استنادا الى مجازيته، بل يلزم نفي
صحته بدون القرينة.

و بالجملة: كلامهم في المقام خال عن النظام.

اذا عرفت تلك المقدمات فاعلم: انه لا خلاف في انعقاد ايجاب النكاح الدائم بلفظي
التزويج و النكاح العربيين الماضيين المتقدم ايجابهما على القبول المقارن
له، بل هو اجماعي محققا و منقولا في كفاية «زوجتك » و «انكحتك » عن الناصريات و
الانتصار و التذكرة و الروضة (22) ، و عن ظاهر المسالك و الكفاية (23) و غيرهما (24) .

فهو الدليل في كفايتهما، مضافا الى استفادة الانعقاد بالاول من كثير من
الاخبار المتقدمة، و بالثاني من الثالثة.

و قد وقع الخلاف في الانعقاد بغير اللفظين، او بغير العربي - اي الترجمة - او بغير
الماضي منهما، او من غيرهما و مع تقديم القبول او تراخيه.

فالحق في الاول: عدم الانعقاد، وفاقا للاسكافي و السيد و الحلبي و الحلي و ابن
، بل الاكثر، كما صرح به جمع ممن تاخر (27) ،
بل عن السيد في المسائل الطبريات: الاجماع عليه (28) .

للاصل المستفاد من المقدمة الاولى، الموجب للاقتصار على ما علم الانعقاد به و لم
يعلم الانعقاد بغير اللفظين.

و اما ما في الرواية الثالثة عشرة من كفاية قوله: «استحللت » فانما هو في المتعة،
و عدم الفصل هنا غير ثابت، و لو سلم فالرواية بالشذوذ مطروحة، مضافا الى انها
مروية عن ابي بصير غير مسندة الى امام، و قوله ليس بحجة.

و من بعض ما ذكر يظهر الجواب عن رواية الهاشمي ايضا: «جاءت امراة الى عمر
فقالت: اني زنيت فطهرني، فامر بها ان ترجم، فاخبر بذلك امير المؤمنين عليه
السلام، فقال: كيف زنيت؟ قالت: مررت بالبادية و اصابني عطش شديد، فاستسقيت
اعرابيا، فابى ان يسقيني الا ان امكنه من نفسي، فلما اجهدني العطش و خفت على نفسي
سقاني فامكنته من نفسي، فقال امير المؤمنين: تزويج و رب الكعبة » (29) .

فانها - مع انها لو دلت لدلت في المتعة، كما حملها عليها في الوافي (30) ، و
معارضته فيها ايضا مع الاخبار الكثيرة الدالة على اشتراط تعيين الاجل
باللفظ و عدم كفاية المرة، سيما مع استفادتها من الاطلاق - شاذة، و لعمل
الاصحاب مخالفة، فهي به مطروحة.

و مع ذلك و ردت الواقعة بسند آخر، و فيها بعد اخبارها عن التمكين، فقال له علي
عليه السلام: «هذه ما قال الله تعالى: «فمن اضطر غير باغ و لا عاد» (31) هذه غير باغية
و لا عادية » (32) فخلى سبيلها، فدفع الحد بالاضطرار دون التزويج.

و خلافا للنهاية و الشرائع و النافع و الارشاد و القواعد و اللمعة (33) ، فجوز و
الايجاب بقوله: متعتك، لبعض ما مر مع ضعفه في المقدمة الثالثة، و لعدم دليل على
الحصر في لفظ.

و فيه: ان المحتاج الى الدليل هو الكفاية دون الحصر.

ثم مرادنا من اللفظين ليس هما بخصوصهما، بل اعم منهما و مما يفيد مفادهما و يقيم
مقامهما، اي ايجاد معنى التزويج او النكاح مع الصورة الماضوية، نحو: بلى، او: نعم،
بعد قوله: زوجتني، او: نعم فعلت، بعده او بعد الامر بالتزويج، او: اوقعت التزويج، و
نحو ذلك، فيصح لو عقد كذلك، للروايات: الرابعة و السادسة و الثامنة..فانه ليس
المراد بقوله:

«زوجتني » او «زوج » التلفظ بلفظ زوجتك، بل المراد ايجاد هذا المعنى، و قوله: «بلى » و
«فعلت » ايجاد له، فكل ما دل على ايجاده يكون كافيا.

و كذا في الثاني مع القدرة على العربية، وفاقا لغير من شذ و ندر، بل باجماعنا، كما
في التذكرة (34) و عن المبسوط (35) ، لما مر من الاصل.

و احتمال اقتصارهم في التوقيف على العربي - لكونه عرفهم، فلا يمنع عن جواز غيره
- حسن مع وجود دليل على صحة غير العربي عموما او خصوصا، و هو مفقود.

خلافا للمحكي عن ابن حمزة (36) ، فاستحب العربية، و اختاره في المفاتيح (37) و شرحه، و
استقربه في الكفاية (38) .

لان الغرض ايصال المعنى المقصود الى الغير، فيتادى ذلك باي لغة اتفقت، مع ان
غير العربية من اللغات من قبيل المترادف الذي يصح ان يقوم مقام العربية.

و رد بمنع كون الغرض ايصال المعنى فقط، لجواز ان يكون للفظ العربي مدخلية، و كذا
بمنع جواز قيام المترادف.

الا انه يمكن ان يقال: ان المراد من قوله: «زوجتني » في الرواية الرابعة، و من قوله:
«زوج » في السادسة استفهام ايقاع هذا المعنى و الامر به، لا اللفظ قطعا، و معنى قوله:
«بلى » و: «نعم قد فعلت » انه اوقعت المعنى، و المتبادر من وقوع المقصود بعده ترتبه على
ايقاع المعنى من غير مدخلية لعربية قوله: «بلى » و: «قد فعلت » ، فالظاهر كفاية ما يفيد
ايقاع التزويج بغير العربية، الا ان الاحوط ما ذكرنا اولا.

و اما مع عدم القدرة على العربية - و لو بالتعلم بلا مشقة او بالتوكيل - فالاكثر
على الجواز، بل قيل: قطع به الاصحاب (39) . لدفع الحرج. و فحوى الاجتزاء باشارة
الاخرس.

و يرد بمنع لزوم الحرج، فان تعلم كلمة واحدة ليس باشق من تعلم جميع اجزاء الصلاة
بالعربية و عمدة مسائل النكاح.

و دلالة الفحوى عليه ممنوعة، فالظاهر - كما هو ظاهر بعض الاجلة (40) - تساوي صورة
العجز و غيرها.

و كذا الثالث، فلا يجزي الايجاب بغير الماضي او ما يفيد مفاده، نحو: بلى، و: نعم،
بعد قوله: زوجتني مستفهما، وفاقا لابني حمزة و سعيد (41) ، بل الاشهر كما عن المسالك (42) .
لما مر من الاصل.

و قيل: يجوز بلفظ المستقبل قاصدا به الانشاء (43) . لصحة قصده منه.

و فيه: عدم الملازمة بين الصحتين.

و لوقوعه في كثير من الاخبار المتقدمة.

و فيه: ان الواقع فيها انما هو في القبول دون الايجاب، و الاجماع المركب
غير ثابت و ان ادعاه بعضهم (44) ، كيف؟ ! و ظاهر القواعد بل الشرائع و النافع (45)
اختصاص القول بالجواز بالقبول، و لا اقل من احتمال اختصاصه به، بل هو الظاهر
من الاكثر، حيث ذكروا المستقبل في القبول.

و اما الرابع، فان كان المراد به المقارنة الحقيقية الحاصلة بعدم تخلل امر بين
الايجاب و القبول - و لو مثل: ابتلاع ريق، او التكلم بلفظ - فالحق:

عدم التوقف عليه، للرواية الثالثة المتضمنة لتخلل الخطبة و كلمات اخر من
متعلقاتها بين الايجاب و القبول المتقدم، بل الثامنة المتضمنة لتخلل قوله:

«على كتاب الله » و ما تعقبه بينهما.

بل المستفاد منهما جواز تخلل كلام كثير، و هو كذلك اذا كان ذلك الكلام من
متعلقات ذلك الامر، كالخطبة له و ذكر الصداق و الشروط و نحوها.

بل يمكن ان يستدل له بعموم قوله في الثامنة: «فاذا قالت: نعم » فانه يشمل التراخي
ايضا.

و اما تخلل غير ذلك - مما ينافي المقارنة العرفية - فلا يجوز، للاصل المذكور، و
عدم ظهور تام في العموم المتقدم.

و منهم من فرق بين اتحاد المجلس و تفريقه (46) .

و اما الخامس، فالاظهر الاشهر كما قيل (47) بل بالاجماع كما عن المبسوط و
السرائر (48) : عدم التوقف عليه، فيجوز تقدم القبول، سواء كان المراد به ما يكون
من جانب الزوج او ما يتضمن معنى القبول، نحو: قبلت، و: تزوجت، و نحوهما.

للروايات الثلاثة الاولى، حيث ان تعقيب الامر بالضم في الاولى و بالنحر في
الثانية و كونه جوابا في الثالثة يدل على تقدم القبول، و كذا الرواية الثامنة،
و بهذه الروايات يخرج عن الاصل دون سائر ما قيل في المقام من الوجوه الضعيفة.

و اما ما قيل من ان القبول انما هو رضى بمضمون الايجاب، فلا معنى له مع
التقدم (49) .

ففيه - مع انه اجتهاد في مقابلة الرواية - : منع عدم معقوليته مع التقدم، اذ
المؤخر هو لفظ الايجاب، و اما الرضا بايقاعه فقد وقع بالاذن في التزويج، و هذا
القدر كاف في معقولية القبول، فيقبل القابل ما سيوجبه الموجب.

نعم، لو قيل بما لا يتم معناه بدون الايجاب اتجه تاخره، نحو:

قبلت، و: رضيت، بدون ذكر التزويج او النكاح، و اما لو قال: قبلت تزويج فلانة لفلان،
او: رضيت بتزويج فلانة بفلان، فلا باس.

و منهم من منع من تقديم نحو لفظ: قبلت و رضيت مطلقا، لعدم صدق المعنى (50) .و ضعفه ظاهر.

هذا كله في الايجاب، و اما القبول فهو ايضا كالايجاب في الاول، فيجب
كونه قبولا للتزويج او النكاح، نحو قوله: نكحت، او: تزوجت، او: قبلت النكاح او:
التزويج، او: رضيت به، او: قبلت، او: رضيت مطلقا، بعد تقدم ايجاب التزويج او
النكاح، فلا يجوز: تمتعت، او: قبلت التمتع، او نحو ذلك، للاصل المذكور.

و كذا يجب كونه عربيا على الاحوط.

و اما الماضوية فالظاهر عدم اشتراطها، فيصح.اتزوجك.

لا لجميع الروايات المتضمنة له في عقد التمتع، لاختصاصها به، و عدم الفصل غير
ثابت، بل صرح بعض شراح المفاتيح بذهاب جماعة من اصحابنا الى جواز المستقبل
في المتعة خاصة.

بل لخصوص الرواية الثامنة، المصرحة: بانه لو لم يذكر الاجل يصير تزويج مقام.

و كذا: زوج نفسك، بصيغة الامر، للرواية السادسة.

و اما غير المستقبل و الامر - كالاستفهام بان يقول: هل زوجت؟ بدون ذكر قبول
بعده - فلا دليل على كفايته.

فروع:


ا: يجب ان يكون الايجاب من جانب الزوجة و القبول من جانب الزوج. لانها
التي تاخذ العوض.

و لانه الوارد في الاخبار، فيعمل في غيره بالاصل المتقدم.

ب: يجب قصد الانشاء في كل من الايجاب و القبول، بالاجماع.

و هو يحصل بمجرد قصد انه يوقع النكاح او قبوله بهذا اللفظ و ان لم يعلم معنى الانشاء
و الاخبار.

ج: الظاهر وجوب فهم كل من المتعاقدين معنى الصيغة التي يتلفظ بها، و لو بالتلقين
و التعليم. د: لو لحن في الصيغة، فان كان مغيرا لمعناها لم يصح، و الا فكذلك على
الاحتياط ان كان في نفس لفظ الايجاب او القبول، دون ما اذا كان في سائر ما
يذكر، كذكر الصداق و الشروط و نحوها.

المسالة الثانية:


يشترط في العاقد - سواء كان احد الزوجين او وكيله او وليه - الكمال بالبلوغ و العقل.
فلا يجوز عقد الصبي و لا المجنون في حال جنونه، للاصل المتقدم، و فقد دليل خاص او
عام.

و لا يتوهم اطلاق بعض الاخبار المتقدمة المتضمنة لكفاية قول:

اتزوجك، لانها اما متضمنة للرجل، او خطاب الى البالغ العاقل فلا يشمل غيره، مع
انها في مقام بيان حكم آخر، و هو يوهن في الاطلاق.

و لا السكران، لما ذكر، الا السكرى اذا اجازت بعد الافاقة، فيصح عقدها لنفسها لا
للغير، وفاقا للصدوق و النهاية و القاضي و اختاره في الكفاية (51) و شرح المفاتيح.

لصحيحة ابن بزيع: عن امراة ابتليت بشرب النبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلا في
سكرها، ثم افاقت و انكرت، ثم ظنت انه يلزمها ففزعت منه، فاقامت مع الرجل على ذلك
التزويج، احلال هو لها ام التزويج فاسد لمكان السكر و لا سبيل للزوج عليها؟
فقال عليه السلام: «اذا قامت معه بعد ما افاقت فهو رضا منها» قلت: و يجوز ذلك
التزويج عليها؟ قال: «نعم » (52) .

و حملها على سكر لم يبلغ حد عدم التحصيل - كما في المختلف (53) - بعيد.

و على صورة جهل الزوج بالسكر و ارادة الحلية الظاهرية له - كما قاله بعض الاجلة (54)
- ابعد، و ياباه لفظ: و يجوز ذلك التزويج عليها؟ و اشتمالها على الانكار اولا،
فلا يفيد الرضا بعده.

و الرضا لمظنة اللزوم - و هو غير الرضا المعتبر - غير ضائر، لعدم كونه من قبيل
الفضولي، الذي يجب فيه عدم مسبوقية الاجازة بالانكار، مع ان العبرة بعموم
الجواب، فلا يضر خروج هذا الفرد الذي في السؤال بدليل لو كان.

و احتمال ان يكون حكم الامام بالجواز لمحض رضاها لا لاجل ما فعل في حال
السكر، فيفيد عدم اشتراط لفظ، و يضعف الخبر بالشذوذ.

مردود بانه و ان احتمل بعيدا و لكن شذوذه في صورة مسبوقيته بنحو هذا التزويج
ايضا غير معلوم.

خلافا للاكثر، للاصل، و ضعف الرواية بمخالفتها الاصول القطعية و الشهرة العظيمة.

و الاصل يندفع بالرواية، و الاصول انما تصير قطعية بالادلة الشرعية، فكيف يقبل
الاصل مع مخالفته لها؟ !

و الشهرة انما توجب الضعف لو بلغت حدا يكون مخالفها شاذا، و هو في المقام غير
معلوم، كيف؟ ! و مذهب اكثر القدماء فيه غير محقق.

هذا، ثم انه عطف في النافع و الروضة (55) الدخول بالسكرى و اقرارها اياه بعد
الافاقة على التزويج و الافاقة في النسبة الى الرواية، و الرواية عنه خالية.

و لا يلحق بالسكرى السكران، للاصل.و كذا يشترط في العاقد: الحرية. او اذن المولى و
لو بشاهد الحال. للاصل المتقدم. و عدم وجود دليل شامل لغير الماذون من
المماليك.

و قد يقال: ان عقد المملوك تصرف في ملك الغير بغير اذنه، فيكون منهيا عنه، و النهي
موجب لفساد المعاملة.

و فيه: منع دليل على حرمة مثل ذلك التصرف بدون اذن المولى.

و لا تشترط فيه الذكورية، فيصح عقد الانثى اصالة و وكالة، ايجابا و قبولا.
بالاجماع المحقق، و المحكي (56) .

و لرواية تزويج خديجة و كثير من الروايات المتقدمة في المسالة الاولى (57) ، و هي و
ان دلت على الجواز في الجملة، الا انه يتم المطلوب بعدم الفصل.

المسالة الثالثة:


يشترط في صحة النكاح تعيين الزوج و الزوجة بالاشارة الذهنية او الخارجية، او
الاسم او الوصف القاطعين للشركة.

و لا بد في الاشارة الذهنية من امر خارجي دال على المعين الذهني، كاضافة، او لام،
او تقديم ذكر، او مثل: التي قصدناها، و اما بدون ذلك فلا يصح، كما لو قصد الولي
الكبرى و اتفق قصد الزوجة لها ايضا بالاجماع، له، و للاصل المتقدم.

فلو لم يتعين احدهما عند احد العاقدين بطل النكاح، فان اختلفا: فاما ان يكون
الاختلاف في تعيين الزوجة او الزوج.

و على التقديرين: اما يكون الاختلاف بين الزوجين. او بين وليهما.او بين
الزوج و ولي الزوجة. او بالعكس اذا كان الزوج صغيرا.

و الحكم في الجميع الرجوع الى القواعد المقررة للمرافعات في احكام المدعي و
المنكر، مثلا: اذا اختلف ولي الزوجة و الزوج في تعيين الزوجة فله ثلاث صور:

احداها: ان يتفقا على التعيين عندهما و تنازعا في المعين مع اتفاقهما على
التعيين عندهما في الواقع، كان يقول الزوج للاب: عينا الصغرى و عقدنا عليها، و قال
الولي: عينا الكبرى و عقدنا عليها، فحينئذ ان ادعى الزوج نكاح الصغرى يكون الولي
منكرا فيحلف و تتخلص الصغرى، فان لم يتكلم الولي في حق الكبرى بدعوى فلا نزاع، و ان
ادعى في حقها يكون الزوج منكرا فيحلف.

و الثانية: ان يتفقا على التعيين عندهما، و لكن اختلفا واقعا في المعين من غير
نزاع، كان يقصد الولي الكبرى و الزوج الصغرى، و صدق كل منهما الآخر في ذلك القصد، و
النكاح حينئذ.باطل، لعدم ورود الايجاب و القبول على محل واحد.

و الثالثة: ان يتعين عند الولي دون الزوج، و لكن علم الزوج تعينها عند الولي و قبل
ما عينه، ثم اختلفا فيمن عينه، فقال الولي: اني قصدت الكبرى، و قال الزوج: بل انت
قصدت الصغرى، و الحكم حينئذ كما في الصورة الاولى.

و من ذلك تظهر كيفية الحكم و المرافعة في سائر الصور.

و قد خالف في صورة الاختلاف مع ولي الزوجة في التعيين جماعة، منهم: النهاية و
القاضي و الشرائع و النافع و الفاضل و اللمعة (58) ، بل الاكثر كما في المسالك (59) ،
فقالوا بالتفصيل فيه، بانه: يقدم قول الولي مع حلفه ان كان الزوج رآهن جميعا، و
يبطل العقد ان لم يكن رآهن.

و استندوا فيه الى صحيحة الحذاء (60) .

و هي مردودة لا بما قيل من انها مخالفة للقواعد المرعية من التفرقة بين صورة الرؤية
و عدمها، لان القواعد كما بالادلة الشرعية تؤسس كذلك بها تخصص.

بل بالاجماع، لاحتمالها كلا من الصور الثلاث، فيكون معنى قوله فيها: فقال
الزوج: انما تزوجت منك الصغيرة، على الاولى: ان قرارنا كان على الصغيرة و كان
قصدك و قصدي الصغيرة، فهي التي صارت زوجتي و ان لم يسم حين التزويج حتى يسمعه
الشهود.

و على الثانية: ان مقصودي كان الصغيرة و تزوجتها و يظهر من ادخالك الكبرى انك
قصدتها.

و على الثالثة: ان مقصودك هي الصغيرة فهي صارت زوجتي بقبولي تزوج من قصدت دون
الكبيرة.

و على هذا، فلا تكون الرواية حجة في شي ء من الصور و ان كانت في احد الوجهين
الاولين اظهر، لمكان قوله: «و عليه فيما بينه و بين الله تعالى » .

مسالة:


المعتبر في التعيين: القصد، فلا عبرة بالاسم لو اخطئ فيه و يرجع النكاح الى
المقصود.

لرواية محمد بن شعيب: كتبت اليه: ان رجلا خطب الى عم له ابنته، فامر بعض
اخوانه ان يزوجه ابنته التي خطبها، و ان الرجل اخطا باسم الجارية فسماها
بغير اسمها، و كان اسمها فاطمة فسماها بغير اسمها، و ليس للرجل ابنة باسم التي
ذكر المزوج، فوقع: «لا باس به » (61) .

المسالة الرابعة:


اختلفوا في ثبوت ولاية الاب على البكر البالغة الرشيدة في النكاح الدائم على
ثلاثة اقوال:

الاول: سقوطها عنها و استقلالها.

و هو مذهب السيد و الاسكافي و الحلي و المفيد في احكام النساء و الديلمي و المحقق
و شرح القواعد و التنقيح (63) ، بل في الانتصار و الناصريات (64)
الاجماع عليه.

و نسب هذا القول الى التبيان و الوسيلة (65) - و الحق: قصور كلامهما عن الدلالة
عليه - و هو مذهب ابي حنيفة من العامة (66) .

الثاني: ثبوتها عليها و استقلال الاب.

و هو مختار الصدوق و المعاني و الصهرشتي (67) و النهاية و التهذيب و الاستبصار و
الخلاف و المبسوط (68) و القاضي و الراوندي في فقه القرآن (69) ، و هو ظاهر موضع من
الوسيلة (70) - حيث جعل نكاح البكر الرشيدة على نفسها مع حضور وليها فضوليا موقوفا
على الاجازة - و الكفاية و شرح النافع لصاحب المدارك (71) ، و جمع من علمائنا
البحرانيين (72) ، و المحدث الكاشاني في رسالة افردها للمسالة، و يميل اليه كلام
الهندي في شرح القواعد (73) ، و اليه ذهب مالك و الشافعي من العامة (74) .

الثالث: عدم استقلال واحد منهما، بل اشتراكهما.

و هو الذي ذهب اليه الشيخ المفيد في المقنعة و الحلبي و ابن زهرة (75) ، و قد ينسب الى
، بل عن المسالك: انه متين (78) ، و
قواه في شرح المفاتيح.

دليل الاول: الاصل. و الآيات:

كقوله سبحانه: «فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف » (79) .

و قوله تعالى: «حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا» (80) .

فان المراد: التراجع بالعقد، و الا فالرجعة من عمل الزوج.

و قوله عز شانه: «فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن » (81) .

و الروايات و هي كثيرة:

منها: صحيحة الفضلاء: «المراة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة و المولى عليها ان
تزويجها بغير ولي جائز» (82) .

وجه الاستدلال: ان غير السفيهة - الى آخره - اما بيان للتي ملكت نفسها بكونه صفة
موضحة او بدلا او عطف بيان، او يكون استثناء، و على التقديرين لا يمكن ان يكون
المولى عليها المولى عليها في التزويج او الاعم منه و من التصرف في المال،
لان غير المولى عليها حينئذ من جاز تزويجه بغير ولي، فيصير المعنى: من يجوز
تزويجها بغير ولي يجوز تزويجها بغير ولي، و حزازته معلومة، فالمراد: المولى
عليها في المال.

فالمعنى على الاول: التي ملكت نفسها - و هي غير السفيهة و المحجور عليها في
المال - يجوز تزويجها بغير ولي، سواء كانت باكرة ام لا.

و على الثاني: التي ملكت نفسها - اي كانت بالغة - يجوز تزويجها بغير ولي..الا
اذا كانت سفيهة او مولى عليها في المال.

و منها: خبر زرارة: «اذا كانت المراة مالكة امرها تبيع و تشتري و تعتق و تشهد و
تعطي من مالها ما شاءت، فان امرها جائز، تزوج ان شاءت بغير اذن وليها، و ان لم
يكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا باذن وليها» (83) .

فان الظاهر منها ان قوله: «تبيع » و ما عطف عليه جملة مفسرة، و قوله: «فان امرها»
جزاء الشرط، فدلالتها ظاهرة.

و منها: خبر ابي مريم: «الجارية التي لها اب لا تتزوج الا باذن ابيها»و قال:
«اذا كانت مالكة لامرها تزوجت من شاءت » (84) .

و موثقة البصري: «تتزوج المراة من شاءت اذا كانت مالكة لامرها، فان شاءت جعلت
وليا» (85) .

فان المراد ب: «المالكة امرها» التي لا ولي عليها في المال، بقرينة خبر زرارة
المتقدم.

و منها: صحيحة ابن حازم: «تستامر البكر و غيرها و لا تنكح الا بامرها» (86) .

و منها: خبر سعدان: «لا باس بتزويج البكر اذا رضيت من غير اذن ابيها» (87) .

و منها: العاميان، احدهما: «الايم احق بنفسها من وليها، و البكر تستاذن في
نفسها و اذنها صماتها» (88) .

و الآخر: ان جارية بكرا جاءت اليه صلى الله عليه و آله فقالت: ان ابي زوجني من
ابن اخ له ليرفع خسيسته و انا له كارهة، فقال صلى الله عليه و آله: «اجيزي ما صنع
ابوك »

فقالت: لا رغبة لي فيما صنع ابي، قال: «فاذهبي فانكحي من شئت »

فقالت: لا رغبة لي عما صنع ابي، و لكن اردت ان اعلم النساء ان ليس للآباء في امور
بناتهم شي ء (89) .

اقول: اما الاصل فيرد عليه المنع، لان المراد: اما اصالة عدم اختيار الاب،
او عدم ترتب الاثر على فعله، او اصالة جواز نكاح البنت، و الكل معارض باصالة
عدم ثبوت اختيار التزويج للبنت، لانه امر شرعي يحتاج الى مثبت، و اصالة
عدم ترتب الاثر على فعلها، و اصالة جواز نكاح الاب ان اريد من الجواز
الاباحة، و رجوعه الى ترتب الاثر ان كان المراد الصحة و اصالته ممنوعة، مع ان
الاصل الاستصحابي مع ثبوت الولاية له و صحة فعله و عدم اختيارها، بل اصل العدم
ايضا، لان الاصل عدم ثبوت الاختيار للبكر.

و اما الآيات فيرد عليها جميعا: ان النسبة كما تصح مع استقلالهن تصح بدونه
ايضا، مع ان المعروف في الاولى يصرفها عن الاطلاق لو كان، اذ لا يعلم ان النكاح
بدون اذن الولي معروف، مع انها واردة في المعتدة، و هي لا تكون الا مدخولة.

و مفاد الثانية - على فرض التسليم - : انها لا تحل حتى تنكح بنفسها زوجا، لا ان
لها نكاح نفسها مطلقا، فلو ثبتت الولاية عليها تكون حلية الباكرة المطلقة ثلاثا
بعد تزويج الاب بدليل خارجي، و نمنع كون عقد نفسها نكاحا حينئذ، ثم التراجع بعد هذا
النكاح لا يكون الا للمدخولة.

و الاخيرة واردة في المعتدة المطلقة ايضا، و هي مدخولة.

و اما الروايات، فالاخيرتان منها عاميتان، و عن حيز الحجية خارجتان و لو
قلنا بانهما بنحو من الشهرة منجبرتان، لان الجبر انما يفيد في رواياتنا و
اما في العاميات فلا، كيف؟ ! و امرنا بترك رواياتهم، بل ترك ما يوافق
رواياتهم من رواياتنا.

و البواقي عامة بالنسبة الى صورة عضل الاب اياها و غيبته المضرة لها، بل غير
خبر سعدان عام بالنسبة الى البكر و الثيب، بل بالنسبة الى فاقدة الاب و
واجدته.

و الضمير في قوله: «اذا كانت » في خبر ابي مريم لا يجب ان يكون راجعا الى
الجارية التي لها اب، بل راجع الى الجارية.

كما ان الولي في قوله: «بغير اذن وليها» في خبر زرارة لا يتعين ان يكون ابا،
لاطلاق الولي على اقرب الناس، كالاخ و العم و الخال ايضا كما يظهر من اولياء
الصلاة على الميت، مع انه لو كان المراد الاب ليس صريحا في وجود الاب لها و
ان كان له نوع اشعار به، فيمكن ان يكون ذلك في مقام الرد على ما ورد من انه لا
نكاح الا باذن الولي، فيصح ان يقال: من لا ولي لها يجوز نكاحها بدون اذن الولي.

و منه يظهر ثبوت هذا العموم لخبر سعدان ايضا.

هذا، مع ما في صحيحة الفضلاء من عدم الدلالة، اذ لا دليل على اختصاص المولى عليها
في القيد بالمولى عليها في المال، بل يمكن ان يكون الاعم او خصوص التزويج.

و لا يلزم حزازة اصلا، اذ ليس معنى غير المولى عليها: من يجوز تزويجها بغير ولي،
بل: من لا ولي لها، اما لسقوط الولاية عليها او لفقد الولي، فيكون المعنى: التي ملكت
نفسها - و هي غير السفيهة و غير من لها ولي، او البالغة سوى السفيهة و سوى من لها
ولي - يجوز تزويجها بغير ولي.

و تكون الفائدة: الرد على عموم قول من قال: لا نكاح الا بولي، او دفع توهم انه لا
يجوز نكاح غير المولى عليها، لما روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه: «لا نكاح
الا بولي » (90) .

هذا، مع احتمال ان يكون المراد ب «المولى عليها» الباكرة، او من [لها اب] (91) ،
لجواز شيوع استعماله فيها، و هو ليس بابعد من ارادة البالغة من: «التي ملكت
نفسها» ، و يتاكد ارادة من لا اب لها منها بملاحظة رواية ابي مريم، حيث جعل المالكة
لامرها مقابلة للتي لها اب.

و منه يظهر الخدش في رواية زرارة ايضا، لمنع ظهور كون قوله: «تبيع » و ما بعده مفسرا،
بل يجوز ان يكون خبرا ثانيا.

و القول - بانه لا داعي لذلك - مردود بان الاحتمالين بالنسبة اليه متساويان، و
ليس الاول موافقا لاصل حتى يحتاج الثاني الى الداعي.

و المراد ب: «المالكة امرها» : الخالية عن الولي في النكاح او الثيب، فلا حزازة
في العبارة كما مر، و يناسبه قوله: «فان امرها جائز» حيث فسره بقوله: «تزوج ان
شاءت » ، دل على ان المراد بالامر: التزويج، و فائدة: «تبيع » و ما عطف عليه اخراج
السفيهة، كما نص عليه في الصحيحة الاولى.

و من هذا يظهر الخدش في رواية ابي مريم و الموثقة ايضا، مع ان التقابل في الرواية
كالتصريح بان المراد بالمالكة امرها: من لا اب لها، و تخصيص البكر بالصغيرة
خلاف الظاهر و تخصيص بلا موجب.

بل لا يخلو الاستدلال بصحيحة ابن حازم عن نظر، لانها لا تثبت ازيد من استحباب
استئمارها و عدم نكاحها الا مع امرها، لمكان الجملة الخبرية، مع انه لو سلمت
دلالتها على الوجوب لم يثبت منها استقلالها، لجواز التشريك.

و دعوى ظهور: «لا تنكح الا بامرها» في استقلالها انما يتم لو كانت الباء سببية، و
هي ممنوعة، بل الظاهر كونها للمصاحبة، و مقتضى الحصر ليس الا حصر النكاح الجائز او
المستحب بما كان مع امرها، لا حصر الامر في امرها.

نعم، مقتضى اطلاق مفهوم الاستثناء جواز النكاح مع امرها، سواء كان معه امر آخر
او لا، و لكن في اطلاقه نظرا، و لو سلم فغايته العموم الاطلاقي.

هذا كله، مع ما في كثير من هذه الروايات من اشتمالها للفظ المراة و صدقها على
الباكرة محل نظر، بل قيل: انها تختص بالثيب، و يشعر به بعض الروايات الآتية.

ثم على تقدير تسليم دلالة الجميع، فلا تدل الا على جواز نكاح البنت و كفاية اذنها،
لا على عدم جواز نكاح الاب و عدم كفاية اذنه، كما هو احد جزئي مطلوبهم.

حجة القول الثاني - بعد بعض الاعتبارات - : الاستصحاب.

و اصالة عدم اختيارها في التزويج.

و عموم قوله سبحانه: «و انكحوا الايامى منكم » (92) .

و قوله تعالى: «الذي بيده عقدة النكاح » (93) .

و النصوص المستفيضة:

الاولى: صحيحة محمد: «لا تستامر الجارية اذا كانت بين ابويها ليس لها مع
الاب امر» و قال: «يستامرها كل احد عدا الاب » (94) .

و المراد بالجارية: البالغة، بقرينة قوله: «مع الاب » ، فان الصغيرة ليس لها امر
سواء كانت مع الاب ام لا، و بقرينة قوله: «يستامرها» ، فان الضمير للجارية
المتقدمة، و الصغيرة لا يستامرها احد، بل لا يزوجها غير الاب، بل يدل ذلك على عدم
كونها سفيهة، و لا تضر الجملة الخبرية هنا ايضا، اذ جواز عدم استئمارها كاف
لاثبات المطلوب.

و الثانية: موثقة البقباق: «لا تستامر الجارية التي بين ابويها اذا اراد
ان يزوجها هو انظر لها، و اما الثيب فانها تستاذن و ان كانت بين ابويها» (95)
، و المراد: الجارية الكبيرة الرشيدة بالتقريب المتقدم.

و الثالثة: صحيحة ابن الصلت، و فيها: عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء الها مع
ابيها امر؟ قال: «لا ما لم تثيب » (96) ، هذا على نسخ التهذيب.

و في بعض نسخ الكافي: «ما لم تكبر» مقام: «ما لم تثيب » .

و الظاهر ان الاول هو الاصح، لما في الثاني من فهاهة المعنى، و لذا اقتصر في
الوافي على الاول (97) مع نقله من الكافي ايضا.

و الرابعة: حسنة الحلبي: في الجارية يزوجها ابوها بغير رضاها، قال: «ليس لها مع
ابيها امر اذا انكحها جاز نكاحه و ان كانت كارهة » (98) .

و ظاهر التقييد بقوله: «مع ابيها» و قوله: «و ان كانت كارهة » انها بالغة.

الخامسة: رواية عبيد: «لا تستامر الجارية اذا كانت بين ابويها، فاذا كانت
ثيبا فهي اولى بنفسها» (99) .

السادسة: رواية ابن ميمون: «اذا كانت الجارية بين ابويها فليس لها مع
ابويها امر، و ان كانت قد تزوجت لم يزوجها الا برضا منها» (100) .

و المراد بها هنا و في السابقة: الكبيرة، بقرينة التقييد بقوله: «مع ابويها» ، و
الرشيدة بقرينة قوله: «الا برضا منها» و قوله: «فهي اولى بنفسها» .

السابعة: رواية ابان: «اذا زوج الرجل ابنه كان ذلك الى ابنه، و اذا زوج ابنته
جاز ذلك » (101) ، و المراد بالابن: الكبير قطعا، فكذا البنت.

و بمضمونها موثقة البقباق، و فيها: «اذا زوج الرجل ابنه فذلك الى ابنه، و
اذا زوج الابنة جاز» (102) .

الثامنة: صحيحة ابن ابي يعفور: «لا تنكح ذوات الآباء من الابكار الا باذن آبائهن » (103) .

و هي بالمنطوق و ان لم يثبت سوى رجحان الاذن من الاب، الا ان مفهوم الاستثناء:
انهن ينكحن باذن آبائهن و ان لم يكن معه اذنهن.

التاسعة: صدر رواية ابي مريم المتقدمة (104) ، و التقريب كما في السابقة.

العاشرة: الرواية المتقدمة في تزويج الجواد عليه السلام (105) ، بضميمة اصالة عدم
توكيلها ابيها.

الحادية عشرة و الثانية عشرة: صحيحة زرارة (106) و موثقة محمد (107) :

«لا ينقض النكاح الا الاب » .

الثالثة عشرة: المروي في كتاب علي: عن الرجل هل يصلح ان يزوج ابنته بغير اذنها؟
قال: «نعم، ليس يكون للولد امر الا ان يكون امراة قد دخلت بها قبل ذلك، فتلك لا يجوز
نكاحها الا ان تستامر» (108) .

الرابعة عشرة: صحيحة الحذاء المتقدمة (109) ، الحاكمة بتقديم قول الاب مع الاختلاف في
التعيين، فان الظاهر منها وقوع النكاح بدون اذن البنت كما لا يخفى.

الخامسة عشرة: مفهوم الشرط في مرسلة ابن بكير: «لا باس ان تزوج المراة نفسها
اذا كانت ثيبا بغير اذن ابيها اذا كان لا باس بما صنعت » (110) اي لم تكن سفيهة.

السادسة عشرة الى العشرين: مفهوم صحيحتي الحلبي (111) و صحيحة ابن سنان (112) و موثقة
البصري (113) و روايتي عبد الخالق (114) و ابن زياد (115) :

«في شاءت اذا كان كفوا بعد ان تكون قد نكحت رجلا قبله » .

و يدل عليه ايضا عموم المستفيضة الواردة في نكاح الاب و الجد.

كرواية السكوني: «اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه، و لابنه ايضا ان
يزوجها» الحديث (116) .

و صحيحة هشام: «اذا زوج الاب و الجد كان التزويج للاول » (117) .

و موثقة عبيد: الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل و يريد جدها ان يزوجها من
رجل آخر، فقال: «الجد اولى بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الاب زوجها قبله » (118)
الى غير ذلك.

و تؤيده ايضا الاخبار الكثيرة الواردة في باب الكفاءة و غيرها، المتضمنة
لامرهم عليهم السلام بعض الآباء بتزويج البنات (119) .

و الجواب عن هذه الاخبار - بالحمل على الندب او المتعارف، مع اباء بعضها
عنهما - مردود بانه خلاف الاصل و الظاهر، مع انه يجري في كثير من اخبار القول
الاول ايضا، فلا وجه لارتكابه في ذلك بخصوصه.

اقول: اما الاستصحاب و الاصل، فلا يخلوان عن المعارض.

و اما الآيتان، فغير تامتين، كما يظهر على المتامل.

و اما الروايات العشرون، فالخامسة عشرة الى آخر الاخبار لا تثبت استقلال
الاب، و ان كان ظاهرها ينفي استقلال البنت.

و الرابعة عشرة محتملة لكون البنات المذكورة فيها صغارا.

و الثالثة عشرة ضعيفة غير صالحة للاستناد.

و المتقدمتان عليها غير دالتين الا على نقض الاب النكاح في الجملة، فيمكن ان
يكون ذلك في الصغيرة او السفيهة.

فلم تبق الا العشرة الاولى، و هي و ان كانت دالة، الا ان الاخيرتين منها
عامتان بالنسبة الى ضم اذن البنت و عدمه و الصغيرة و السفيهة.

بل الحق احتمال عموم الكل بالنسبة الى السفيهة، و ما مر دليلا للاختصاص
بالرشيدة لم يثبت ازيد من احتماله لدوران الامر بين تخصيص الجارية بها او
تخصيص المستتر، فالكل محتمل، بل الكل - سوى صحيحة ابن الصلت - اعم من الصغيرة
ايضا، و ما مر دليلا على التخصيص بالكبيرة فانما كان بمفهوم غير معتبر.و
الصحيحة ايضا موهونة باختلاف النسخ كما مر.

و على هذا، فلو كان بين الفريقين من الاخبار تعارض فيعارض هذه الاخبار مع
ما كان دالا من اخبار القول الاول - كخبر سعدان و صحيحة منصور - و لا مرجح مقبولا
لاحدهما، لانه لا موافق تاما لاحدهما من الكتاب، و لا مخالفة تامة لاحدهما
للعامة، بل كل يوافق فريقا منهم.

و الشهرة المحققة - سيما من القدماء - على احد الطرفين غير معلومة بحيث توجب
الترجيح، و اما المحكية منها و من الاجماع فصلاحيتهما للترجيح غير ثابتة، مع
ان الظاهر ان الشهرة رواية - التي هي المرجح حقيقة - مع القول الثاني، و كذا
الاصحية، الا ان الحكم بالترجيح بهما مشكل جدا.

و على هذا، فاما يجب الرجوع الى اصالة عدم ترتب الاثر على نكاح واحد منهما، و
مقتضاه القول بتشريكهما.

و تؤيده ايضا موثقة صفوان: استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر عليه السلام في
تزويج ابنته لابن اخيه، فقال: «افعل و يكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها
نصيبا» قال: و استشار خالد بن داود موسى بن جعفر عليه السلام في تزويج ابنته علي
بن جعفر، فقال: «افعل و يكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها حظا» (120) .

او القول بالتخيير، بمعنى: صحة عقد كل منهما و كفايته و ان لم ياذن الآخر.

و لكن المرجع عند الياس عن الترجيح عند اهل التحقيق هو التخيير، فهو الحق عندي في
المسالة، و لا يضر عدم قول احد ممن تقدم به لو سلم، لظنهم ترجيح احد الطرفين و حكم
الامام بالتخيير عند التعارض، مع ان قوله في الواقع ليس الا احد المتعارضين.

مع ان هاهنا كلاما آخر، و هو: انه لا تعارض بين هذه الاخبار اصلا.

اذ اخبار الاول لم تدل الا على تجويز نكاح البنت و كفايته، من غير دلالة و لا
اشعار بعدم تجويز نكاح الاب و كفايته.

و اخبار الثاني لم تدل الا على تجويز نكاح الاب و كفايته، من غير دلالة على عدم
جواز نكاح البنت.

و لا منافاة بين الحكمين اصلا، لجواز كفاية نكاح كل منهما، كما في الاب و الجد
في نكاح الصغيرة.

و لا يتوهم قوله: «ليس لها مع ابيها امر» - في الروايات الاولى و الثالثة و
الرابعة و السادسة من روايات القول الثاني - يدل على نفي اختيارها، اذ المراد:
انه ليس مع اذن ابيها امر، و هو كذلك، الا ترى انه اذا وكل احد زيدا و عمروا
مستقلا في امر يصح ان يقال: ليس لزيد مع اذن عمرو امر و بالعكس.

او المراد: انه ليس لها منضمة مع ابيها امر، و ليس المراد انه ليس لها مع وجود
ابيها امر، اذ قوله: «اذا كانت بين ابويها» كان دالا على وجود الاب، فلا معنى
لقوله: «مع الاب » بل يكون لغوا.

فالمراد: انه اذا كانت بين ابويها فليس مع اذن الاب او تزويجه او حضوره
او انضمامه امر، و هو كذلك، و لا اقل من احتمال ذلك، فلا يدل على انتفاء الامر
لها مطلقا، و انما يدل على انتفائه مع الاب.

و كذا لا يتوهم ان قوله: «لا تنكح الا بامرها» (121) او: «لا تنكح الا باذن آبائهن » (122)
[يدلان] (123) على انتفاء استقلال احدهما، اذ غاية ما يدلان عليه رجحان ذلك، و هو مسلم.

و لا ان قوله في الرواية السادسة عشرة و ما بعدها: «هي املك بنفسها بعد ان نكحت قبله »
يدل على عدم اختيارها، اذ مفهومه ان قبل النكاح ليست باملك، و هو كذلك، لان
الاب ايضا مالك لها.

نعم، مفهوم قوله في الخامسة عشرة: «لا باس ان تزوج نفسها اذا كانت ثيبا» انها
اذا كانت بكرا يكون باس في تزويجها، و اذا لوحظ ذلك مع خبر سعدان (124) يصير قرينة
على ان المراد بالباس هو الكراهة.

و على هذا، فلا يكون تعارض بين الاخبار، و لا وجه لرفع اليد عن احد القسمين، بل
يجب العمل بكليهما، فيحكم باستقلال كل منهما.

لا يقال: ان بضم الاجماع المركب مع كل منهما يصير معارضا مع الآخر، و حاصله: ان
القول باستقلال احدهما لا يجتمع مع استقلال الآخر بالاجماع المركب.

قلنا: من اين نعلم الاجماع على ذلك و متى نسلمه، كيف؟ ! و كلام الفقيه (125) لا يدل
الا على جواز نكاح الاب و الجد على الباكرة و ثبوت ولايتهما لها، و لا يدل على
عدم جواز نكاحها اصلا، فانه في مقام تعداد الاولياء لا في مقام بيان حكم
البنت، فلعله يرى استقلال البنت ايضا.

و كذا التهذيب (126) ، بل و كلام كثير من الفقهاء الذين لم يذكروا الا احد طرفي
المسالة، فانه يمكن ان يكون قائلا باستقلال كل منهما و ذكر احدهما ردا على من لا
يجوز نكاحه.

و يظهر من الوافي ايضا هذا القول (127) ، حيث حمل روايات الطرفين على الرخصة.

و لا يتوهم ان موثقة صفوان المتقدمة (128) تدل على التشريك فينفى استقلال كل منهما.

لانها لا تدل على ازيد من جواز نكاح الاب، لان «افعل » فيها ليس للوجوب قطعا، و
رجحان كون ذلك برضا البنت، لان الجملة الخبرية لا تفيد ازيد منه، و قوله: «ان لها
نصيبا او حظا» لا يدل على ازيد من اثبات حظ لها، فيمكن ان يكون هو القدر الذي
يقتضي رجحان الاستئذان منها، او جواز نكاحها ايضا.

و من ذلك يظهر دليل القول بالتشريك و جوابه ايضا، و احتج له في الغنية بطريقة
الاحتياط (129) .

و جوابه: انه ليس بواجب.

ثم بما ذكرنا يظهر الحكم في النكاح المنقطع و انه جواز نكاح كل منهما. لما مر
بعينه.

مضافا في جواز نكاحها فيه الى مرسلة القماط (130) و حسنة الحلبي (131) .

و في جواز نكاحه الى مفهوم الاستثناء في رواية ابي مريم: «العذراء التي لها اب
لا تتزوج الا باذن ابيها» (132) .

و كذا يظهر حكم الجد، و هو جواز نكاحه ايضا.

لما مر من صحيحة هشام و موثقة عبيد و رواية السكوني (133) .

فروع:


ا: لو ذهبت بكارتها بغير الوط ء فحكمها حكم البكر. للاستصحاب. و لامكان صدق
الباكرة عليها، لانها من لم تمس. و لعدم صدق الثيب، لانها من تزوجت.

و منه يظهر الحكم فيمن ذهبت بكارتها بالزنى ايضا، فتكون ولاية الاب باقية
عليها. لعدم معلومية صدق الثيب فيستصحب الحكم، مع ان في بعض الاخبار المتقدمة
تعليق الحكم بانتفاء الولاية على النكاح و التزويج.

و لو تزوجت و مات زوجها او طلقها قبل الوط ء لم تسقط الولاية. للاجماع. و صدق
الباكرة و الجارية.

ب: لو عضلها الولي - اي منعها - فلم يزوجها من الاكفاء مع رغبتها، فالمعروف من
مذهب الاصحاب استقلالها و سقوط ولايته على القول بانفراده بالاستقلال، بل في
الخلاف و النافع و التذكرة و القواعد (134) و غيرها (135) : الاجماع عليه، و الظاهر
كونه اجماعيا، و هو الحجة عليه.

لا ما ذكره في شرح المفاتيح و غيره (136) من انتفاء العسر و الحرج و الضرر،
لاخصيته من المدعى، و لامكان دفع العسر بمراجعة الحكم مع وجوده و عدول المسلمين
مع عدمه.

و على هذا، فاللازم الاقتصار على موضع الاجماع، و هو ما اذا لم يزوجها و يدعها
معطلة، كما يستفاد من بعض العبارات، حيث عبر بالمنع من الاكفاء (137) لا مجرد ان
لا يزوجها من كفو او كفوين لاجل التزويج بعده بغيره.

الا انه يمكن ان يقال: انك قد عرفت ان غاية ما تدل عليه اخبار استقلال الاب هو:
جواز نكاحه لا عدم جواز نكاحها، و لو قيل به لكان للاجماع المركب، و هو في صورة
العضل مطلقا غير ثابت، فلها التزويج معه مطلقا.

ج: ذكر الشيخ في الخلاف (138) و بعض آخر (139) : ان الغيبة المنقطعة للاب بحكم العضل،
فيجوز لها تزويج نفسها.

و قد يستدل له بنفي العسر و الحرج.

و قد عرفت ما فيه.

فالاولى الاستدلال له بما ذكرنا من انتفاء الاجماع المركب الدال على عدم
جواز نكاحها على القول باستقلاله.

المسالة الخامسة:


لا ولاية في النكاح لاحد على احد، سوى الاب و الجد له و المولى و الحاكم و الوصي،
اجماعا منا محققا، و محكيا مستفيضا في غير الام و الجد لها (140) ، و وفاقا لغير
الاسكافي فيهما ايضا (141) .

للاصل الخالي عما يصلح لدفعه جدا، اذ ليس الا بعض الاخبار في بعض ذوي الانساب،
الذي ان سلمت دلالته و خلوه عن المعارض يكون مردودا بالشذوذ و مخالفة الشهرة
العظيمة، بل مهمل رواته.

المسالة السادسة:


ولاية الاب و الجد (142) ثابتة على الصغيرة و الصغير، وفاقا للجميع في الاب، و
لغير العماني في الجد (143) .

اما دليل ولاية الاب على الصغيرة - فبعد الاجماع المحقق - : عموم الاخبار
المتقدمة في ولايته على البكر او اطلاقها، و خصوص المستفيضة:

كصحيحة ابن الصلت: عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها، الها امر اذا بلغت؟
قال: «لا» (144) .

و ابن بزيع: عن الصبية يزوجها ابوها و هي صغيرة، فتكبر قبل ان يدخل بها زوجها،
ايجوز عليها التزويج او الامر اليها؟ قال: «يجوز عليها تزويج ابيها» (145) ، و
غير ذلك.

و اما دليل ولايته على الصغير - فبعد الاجماع - : موثقة البقباق: عن الرجل يزوج
ابنه و هو صغير، قال: «لا باس » (146) .

و صحيحة محمد: في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ قال: «اذا كان ابواهما
اللذان زوجاهما فنعم » (147) . و صحيحة الحذاء الآتية.

و تؤيده ايضا موثقة عبيد (148) و صحيحة محمد (149) المثبتتين للمهر على الاب مع تزويجه
ابنه.

و صحيحة الحلبي: الغلام له عشر سنين فيزوجه ابوه في صغره، ايجوز طلاقه و هو ابن
عشر سنين؟ قال: «اما التزويج فصحيح، و اما طلاقه فينبغي ان يحبس عليه امراته
حتى يدرك فيعلم انه كان قد طلق، فان اقر بذلك و امضاه فهي واحدة بائنة و هو خاطب من
الخطاب، و ان انكر ذلك و ابى ان يمضيه فهي امراته » قلت: فان ماتت او مات؟
فقال: «يعزل الميراث حتى يدرك ايهما بقي، ثم يحلف بالله ما دعاه الى اخذ
الميراث الا الرضا بالنكاح، ثم يدفع اليه الميراث » (150) .

و اما دليل ولاية الجد عليهما - فبعد ظاهر الاجماع ايضا، لعدم قدح مخالفة من ذكر
فيه، و لذا ادعى الاجماع عليه في الناصريات و التذكرة (151) و نفى الخلاف عنه في
السرائر (152) - :

صحيحة هشام: «اذا زوج الاب و الجد كان التزويج للاول، فان كانا جميعا في
حالة واحدة فالجد اولى » (153) .

و رواية ابي العباس: «اذا زوج الرجل فابى ذلك والده فان تزويج الاب جائز، و
ان كره الجد ليس هذا مثل الذي يفعله الجد ثم يريد الاب ان يرده » (154) .

و موثقة عبيد: الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل و يريد جدها ان يزوجها من
رجل آخر، فقال: «الجد اولى بذلك » الى ان قال: «و يجوز عليها تزويج الاب و الجد» (155) .

و رواية السكوني: «اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه و لابنه ايضا ان
يزوجها» فقلنا: فان هوى ابوها رجلا و جدها رجلا آخر، قال:

«الجد اولى بنكاحها» (156) .

و موثقة البقباق: «ان الجد اذا زوج ابنة ابنه و كان ابوها حيا و كان الجد
مرضيا جاز» قلنا: فان هوى ابو الجارية هوى و هوى الجد هوى، و هما سواء في العدل و
الرضا، قال: «احب الي ان ترضى بقول الجد» (157) .

و التزويج في الاوليين مطلق شامل لتزويج الصغير و الصغيرة، و في البواقي و ان
اختص بالصغيرة الا انه لا قائل بالفصل.

ثم بهذه الاخبار يخصص عموم ما دل على عدم ولاية غير الاب، كقوله عليه السلام:
«يستامرها كل احد عدا الاب » (158) ، او على انهن لا يتزوجن الا باذن آبائهن (159) ، مع
ان ارادة ما يشمل الجد من الاب ممكنة.

ثم الجد في بعض تلك الاخبار و ان كان مطلقا شاملا لاب الام و اب ام الجد
للاب، الا انه خرج الاول بالاجماع، بل - كما قيل - بعدم تبادر غير اب الاب منه (160) ،
و اما الثاني فلا دليل على خروجه، بل عن التذكرة النظر في حقه مع عدم اب الاب (161) ،
بل و كذا معه ايضا، الا ان الاحتياط يقتضي الاقتصار على الاول.

فروع:


ا: ثبوت ولايتهما على الصغيرة عام للباكرة و الثيبة بالزنى او غيره. لظواهر
الاخبار المثبتة لولايتهما عليها و على الجارية الشاملتين باطلاقهما لهما،
و لا دلالة فيما مر من الاخبار النافية لها عن الثيب منافاة له بعد ما مر من
عدم ظهور الثيب في غير المتزوجة، و نسبة التزويج و النكاح فيما تضمنهما بقوله:
ما لم تتزوج و بعد ان نكحت الى نفسها، الدالة على عدم صغرها.

ب: الحق اشتراط بقاء الاب في ولاية الجد.

وفاقا للصدوق و الشيخ في الخلاف و النهاية بل مطلقا (162) ، و الاسكافي و الحلبي و
الديلمي - على ما حكي عنه - و الصهرشتي و الراوندي و ابني زهرة و حمزة (163) ، و مال اليه
الفاضل الهندي من المتاخرين (164) ، و في الخلاف الاجماع عليه. للاصل. و اختصاص
اخبار ولايته طرا بما اذا كان الاب حيا. و مفهوم الشرط في موثقة البقباق
المتقدمة.و جعله تنبيها على الفرد الاخفى خلاف الاصل.

خلافا للمحكي عن المفيد و السيد و الحلي و صاحب الجامع و الفاضلين و الفخري (165) ، و
نسبه الاخير الى الديلمي ايضا. للاستصحاب.

و كونه اقوى من الاب عند التعارض، و لا يفوت الاقوى بفوت الاضعف.

و صحيحة ابن سنان: «الذي بيده عقدة النكاح هو ولي امرها» (166) .

و لا خلاف في ان الجد ولي امرها.

و الاول: مردود بمعارضته باستصحاب حال العقل، و مدفوع بالمفهوم المتقدم.

و الثاني: بانه اجتهاد ضعيف في مقابلة الاصل و النص.

و الثالث: بانه اعم مطلقا من المفهوم، فيجب تخصيصه به.

و قد يرد بعدم الدلالة ايضا، لاحتمال ان تكون الرواية مسوقة لبيان ولي الامر دون
الذي بيده عقدة النكاح اولا.

او ان يكون المراد بولي الامر: ولي الامر في النكاح، فتكون الرواية مسوقة
لبيان من بيده عقدة النكاح، الذي له العفو عن الصداق ثانيا.

او ان يكون المراد بالذي بيده عقدة النكاح: الذي له العفو لا من بيده التزويج، يعني:
من له العفو هو ولي الامر.

و يدل على ذلك الاخبار المتكثرة المصرحة بان من بيده النكاح الاخ و الوصي و
الوكيل في المعاملات (167) .

و فيه: ان الاول - مع كونه خلاف الظاهر من السياق و من الروايات المتكثرة
المشتملة على السؤال عمن بيده عقدة النكاح - مثبت للمطلوب ايضا، اذ بعد ثبوت ان
ولي الامر من بيده عقدة النكاح و ثبوت ان الجد ولي الامر يعلم ان بيده عقدته ايضا.

و الاخيرين مجازان مخالفان للاصل، فلا يصار اليهما من غير دليل.

ج: لا خيار للصبية مع البلوغ لو زوجها الولي قبله، بلا خلاف فيه كما قيل (168) ، بل
اجماعها كما حكاه جماعة (169) . للاصل.

و صحيحتي ابني الصلت و بزيع المتقدمتين (170) .

و في صحيحة ابن يقطين: اذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها؟

قال: «لا باس اذا رضي ابوها او وليها» (171) .

و في صحيحة الحذاء: فان كان ابوها هو الذي زوجها قبل ان تدرك؟

قال: «يجوز عليها تزويج الاب و يجوز على الغلام، و المهر على الاب للجارية » (172) .

و لا ينافيه صدرها المثبت لهما الخيار بعد الادراك مع تزويج الولي لهما، لان
ذيلها هذا قرينة على ان المراد بالولي في الصدر: المعنى العرفي، و هو اقرب الناس
بهما، دون الشرعي.

و اما ما في صحيحة محمد: الصبي يزوج الصبية، قال: «ان كان ابواهما اللذان
زوجاهما فنعم جائز، و لكن لهما الخيار اذا ادركا» (173) .

و حسنة الكناسي الطويلة، و فيها: «فان زوجها قبل بلوغ تسع سنين كان الخيار لها
اذا بلغت تسع سنين » الى ان قال: «ان الغلام اذا زوجه ابوه و لم يدرك كان له
الخيار اذا بلغ خمس عشرة سنة او يشعر في وجهه او ينبت في عانته قبل ذلك » (174) .

فلا يصلحان لمعارضة ما مر، لشذوذهما، بل مخالفتهما الاجماع، و اشهريته رواية و
احدثيته.

و كذا الصبي عند الاكثر، لاصالة بقاء الصحة، و صحيحة الحذاء المتقدمة، و صحيحة محمد
السابقة (175) المثبتة لتوارثهما، المنافي ذلك للالحاق بالفضولي، و ما دل على ان
التزويج للجد اذا تعارض مع الاب و لو كان له الخيار كان منوطا باختياره.

خلافا للمحكي عن النهاية و الحلي و القاضي و ابن حمزة (176) ، فاثبتوا التخيير له بعد
البلوغ.

لعموم رواية ابان السالفة (177) ، و نحوها رواية البقباق، و في آخرها:

«اذا زوج الرجل ابنه فذلك الى ابنه، و اذا زوج الابنة جاز» (178) .

و خصوص صحيحة محمد و حسنة الكناسي السابقتين.

و الاولان عامان بالنسبة الى صحيحة الحذاء، لشمولهما الكبير ايضا، فيخصصان
به.

و رد الثالث ايضا بانه لا قائل به في الصغيرة، فيجب رده، لعدم قبوله التخصيص،
لان ارادة المفرد من التثنية ليس تخصيصا.

و الرابع باشتماله ايضا على احكام كثيرة مخالفة للاجماع.

اقول: الاشتمال على مثل ذلك لا يوجب خروج الباقي عن الحجية، و عدم القول به في
الصغيرة ايضا لا يوجب رد الخبر في الصغير، غاية الامر انه لا يكون من باب
التخصيص، بل يكون من قبيل ما لجزء منه معارض دون الآخر.

هذا، مع ما في اخبار اللزوم ايضا من ضعف الدلالة و خفائها.

فتتعارض ادلة الطرفين، و التخيير بينهما في المقام غير ممكن، فيجب الرجوع
الى الاصل، و هو مع القول الاول، لان الاصل الصحة، لصحيحة الحلبي المتقدمة (179)
المصرحة بذلك، و الاصل ترتب الاثر على فعل الاب و الجد، حيث انه التزويج
الثابت شرعيته، فتستصحب الصحة الى ان يعلم المزيل، و لم يعلم كون رد الولد مزيلا.

و اما جعل الاصل مع الثاني، حيث ان الاصل عدم اللزوم و عدم ترتب الاثر.

ففيه: ان ثبوتهما في النكاح الثابت شرعا يقيني، فالذي للولد - على فرض ثبوته -
هو خيار الفسخ، و ثبوته امر خلاف الاصل، لا ان يكون رضاه جزء السبب، لعدم دليل
عليه، فهو ايضا مخالف آخر للاصل.

هذا، مع ان صحيحة الحلبي دالة على اللزوم ايضا.

المسالة السابعة:


لا يجوز تزويج فاسد العقل لسفه او جنون، ذكرا كان او انثى، مع البلوغ بغير ولي،
اجماعا، بل ضرورة، بل بالاخبار التي تشير اليها.

و يجوز باذن الولي كذلك ايضا.

لمفهوم صحيحة الفضلاء و منطوق خبر زرارة، المتقدمتين في ادلة القول الاول من
المسالة الرابعة (180) .

ثم ولاية الاب و الجد مع وجودهما عليه مع اتصال الفساد بالصغر ثابتة عند
الاصحاب، كما في بعض العبارات (181) .

و بلا خلاف كما في بعض آخر (182) .

و اجماعا كما في كلام جماعة (183) .

بل هو اجماع محققا، و هو الدليل عليه.

مضافا الى عمومات ولايتهما على الباكرة او الجارية او البنت (184) ، الخالية
عن معارضة ما تضمن استقلالها (185) ، لانتفاء الاستقلال في حق المجنون من جهة
التفصيل بين التزويج و الطلاق، و اثبات الخيار في الثاني.

و خصوص مفهوم الرواية الخامسة عشرة من اخبار القول الثاني من المسالة
الرابعة (186) ، دلت على عدم الباس في تزويج البنت باذن ابيها اذا كان باس بما
صنعت، اي كانت فاسدة العقل.

بل صحيحة الفضلاء و خبر زرارة السابقة لكون الاب و الجد وليا عرفا، لان اولي
الارحام بعضهم اولى ببعض.

و للاجماع على ولايتهما في ماله، كما في التذكرة (187) و غيره (188) .

و لان الاب بيده عقد النكاح، كما صرح به في الاخبار الكثيرة (189) ، و الذي بيده ذلك
ولي الامر، لصحيحة ابن سنان المتقدمة (190) .

و يثبت الحكم في الابن بضميمة عدم القول بالفصل، مضافا الى عموم الرواية
الثالثة عشرة (191) ، المنجبر ضعفها بما ذكر.

و كذا مع تجدد الجنون، وفاقا لجماعة، منهم: النافع و القواعد و التحرير و
، بل عن ظاهر[بعضهم] (193) الاجماع عليه.

لا لبعض الاعتبارات الاستحسانية - التي ذكرها بعضهم - لعدم اعتبارها.

بل للعمومات المشار اليها.

خلافا لمن قال: ان الولاية حينئذ للحاكم - و منهم: صاحب المدارك في شرح النافع -
لاصالة عدم عود ولاية الاب و الجد.

و فيه: ان ولاية الحاكم ايضا خلاف الاصل، فهما بالنسبة الى الاصل متساويان.

فرعان:


ا: لاخيار لفاسد العقل بعد الافاقة، اجماعا كما في المسالك (194) .

للاصل.

ب: لا شك في اشتراط جواز التزويج له بانتفاء المفسدة له.

و هل يشترط بوجود المصلحة له، كما في التذكرة و عن المحقق الثاني (195) ؟

او لا، كما يقتضيه اطلاق الاكثر؟

الظاهر: الثاني، لاطلاق ما مر.

المسالة الثامنة:


ولاية الملك ثابتة للمولى على رقيقه، ذكرا كان او انثى، صغيرا او كبيرا، عاقلا
او مجنونا، دواما او متعة، اجماعا محكيا مستفيضا (196) و محققا، فتوى و دليلا،
كتابا و سنة.

قال عز شانه: «و الصالحين من عبادكم و امائكم » (197) .

و قال جل جلاله: «فانكحوهن باذن اهلهن » (198) .

و قال سبحانه: «عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء» (199) .

و في صحيحة زرارة: «المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه الا باذن سيده » (200) .

و رواية العقرقوفي في العبد، و فيها: «لا يقدر على طلاق و لا نكاح الا باذن مولاه » (201) .

و ابي بصير: «لا يصلح نكاح الامة الا باذن مولاها» (202) .

و البقباق: عن الامة تتزوج بغير اذن اهلها؟ قال: «يحرم ذلك عليها و هو زنى » (203) ،
الى غير ذلك.

و لان بضعهما من المنافع المملوكة للمولى و الناس مسلطون على اموالهم كما ورد (204) ،
فله ان يتصرف فيه كيف شاء من دون اختيار له فيه.

و مقتضى اطلاق الاكثر: ان للمولى اجباره على النكاح، فليس له الامتناع.

و يدل عليه ايضا قوله سبحانه: «لا يقدر على شي ء» .

و للولي تزويج امة المولى عليه و عبده اذا كانت فيه مصلحة.

لعمومات جواز تصرفه في ماله.

خلافا لبعض العامة (205) .

و لا يكون له فسخه بعد الكمال، كسائر تصرفاته في امواله.

و ليس له الولاية على المبعض، بمعنى اجباره عليه، و ان ثبتت له بمعنى عدم
استقلاله به بدون اذنه اجماعا، كما عن التذكرة (206) .

المسالة التاسعة:


في ولاية الوصي للاب او الجد له في النكاح للصغير او الصغيرة اقوال:

الاول: نفي الولاية مطلقا.

اختاره في موضع من المبسوط و الشرائع و النافع و القواعد و التذكرة و اللمعة و
الكفاية (207) ، بل هو المشهور كما في المسالك و الروضة (208) .

الثاني: ثبوتها كذلك.

و هو للمبسوط ايضا (209) ، و عن المختلف و شرح الارشاد للشهيد و الروضة (210) .

الثالث: ثبوتها اذا نص الموصي على النكاح و عدمه بدونه.

و هو المحكي عن الخلاف و الجامع و المحقق الثاني (211) و غيرهم (212) .

حجة الاول: اصالة عدم الولاية و عدم انتقالها من الموصي مع انقطاعها عنه
بموته.

و مفهوم صحيحتي محمد المتقدمتين (213) ، المتضمنتين لقوله: «ان كان ابواهما
اللذان زوجاهما فنعم » .

و منطوق صحيحته الاخرى المتقدمة (214) : «و يستامرها كل احد عدا الاب » .

و ما صرح: بانهن لا ينكحن الا باذن آبائهن (215) .

و صحيحة ابن حازم: «تستامر البكر و غيرها و لا تنكح الا بامرها» (216) .

و مقطوعة ابن بزيع الصحيحة: رجل مات و ترك اخوين و بنتا، و البنت صغيرة، فعمد احد
الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه، ثم مات ابو الابن المزوج، فلما ان مات
قال الآخر: اخي لم يزوج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية: اي الزوجين احب
اليك: الاول او الآخر؟

قالت: الآخر، ثم ان الاخ الثاني مات و للاخ الاول ابن اكبر من الابن المزوج،
فقال للجارية: اختاري ايهما احب اليك: الزوج الاول او الزوج الآخر؟ فقال:
«الرواية فيها: انها للزوج الآخر، و ذلك انها قد كانت ادركت حين زوجها، و ليس
لها ان تنقض ما عقدته بعد ادراكها» (217) .

و دليل الثاني: صحيحة ابن ابي عمير: في قول الله عز و جل: «او يعفو الذي بيده عقدة
النكاح » (218) قال: «هو الاب و الاخ و الرجل يوصى اليه، و الرجل يجوز امره في مال
المراة، فيبيع لها و يشتري، فاذا عفا جاز» (219) .

و نحوها موثقة سماعة (220) و رواية ابي بصير (221) و صحيحة محمد (222) ، الا ان فيها: «الموصى
اليه » .

و صحيحة ابن سنان المتقدمة (223) : «الذي بيده عقدة النكاح ولي امرها» .

و دليل الثالث: ما مر، مضافا الى ان مع التفويض ينتقل فلا ينقطع بالموت، و الى
انه تثبت الوصية بالمال و تنفذ فكذا في النكاح.

و لعموم قوله سبحانه: «فمن بدله » (224) .

اقول: الآية مخصوصة بالوصية للوالدين و الاقربين بما ترك من الخير، و التلازم
بين نفوذ الوصية بالمال و النكاح غير ثابت، و القياس باطل، و الانتقال مع الوصية
ممنوع، لان الاصل عدمه.

فلم يبق للقول الثالث الا الاخبار، و غير صحيحة ابن سنان منها مجملة،
لاشتمالها على الوكيل في المال، و لا شك انه ليس بيده عقدة النكاح، و تخصيصه
بالوكيل في النكاح اضا ليس باولى من ارادة من له العفو ممن بيده عقدة النكاح، بل
هو الظاهر، مع انها مشتملة على الاخ ايضا، و لا بد له من ارتكاب تجوز او تخصيص،
فتصير الروايات مجملة، مع ان المراد بالرجل الذي يوصى اليه ايضا يمكن ان
يكون وصي المراة المطلقة قبل المس، فان له العفو ايضا بعد موتها.

و اما حمل هذه الاخبار على الاستحباب - فمع بعده عن السياق للسؤال عن المراد
عن الذي بيده عقدة النكاح في الآية - لا يلائم اشتمالها على الوكيل في المال، لعدم
استحباب الاستئذان منه قطعا، و ابعد منه حمل الوصي على الامام او الجد كما قيل (225) .

نعم، تتم دلالة صحيحة ابن سنان عليهما لو لا معارضتها بالعموم من وجه مع
المفهومين، و بالعموم المطلق مع الصحيحة الاخيرة، و لكن معارضتها معها تمنع من
العمل بها.

فلا يبقى لهذين القولين دليل يركن اليه.

فالحق هو: الاول: لان غير المفهومين و الصحيحة و الاصل من ادلته و ان كان محل
الخدش، و المفهومين و ان يعارض صحيحة ابن سنان بالعموم من وجه، و لكن الصحيحة
الاخيرة و الاصل كافيان في اثباته.

المسالة العاشرة:


الحق: ولاية الوصي في النكاح للبالغ فاسد العقل، وفاقا لمن تثبت له الولاية على
الصغير، و لجمع آخر غيرهم، منهم: الفاضلان، بل الاكثر كما قيل.

لا لما قيل (226) من الضرورة مع عدم توقع زوال العذر و خوف المرض او الوقوع في الزنى،
لامكان اندفاعها بولاية الحاكم مع وجوده، او عدول المسلمين مع عدمه.

بل لصحيحة ابن سنان الخالية هنا عن معارضة المفهومين و مكاوحة الصحيحة.

/ 13