المبحث الثاني
الشفاعة في القرآن الكريم
وردت مادة الشفاعة في القرآن الكريم بصورها المتنوعة ثلاثين مرّة في سور شتّى، ووقعت فيها مورداً للنفي تارة والإثبات أُخرى. هذا وينمّ كثرة ورودها والبحث حولها عن مدى اهتمام القرآن بهذا الأصل سواء في مجال النفي أو في مجال الإثبات. غير أنّ الاستنتاج الصحيح من الآيات يحتاج إلى جمع الآيات على صعيد واحد، حتى يفسّر بعضها بعضاً ويكون البعض قرينة على الأُخرى.ومن الواضح أنّ الآيات المتعلّقة بالشفاعة على أصناف، يرمي كلّ صنف إلى هدف خاص كالآتي:1 ـ الصنف الأوّل: ما ينفي الشفاعة
وهوآية واحدة، يقول سبحانهوتعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواأَنفِقُوامِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْقَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ)(1)
إلاّ أنّ الآية اللاحقة لهذه الآية تصرّح بوجود الشفاعة عند الله سبحانه، إلاّ أنّها مشروطة بإذنه:
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)(2).قال العلاّمة الطباطبائي: «إنّ لوازم المخالّة إعانة أحد الخليلين الآخر في مهام أُموره، فإذا كانت لغير وجه الله كان نتيجتها الإعانة على الشقوة الدائمة والعذاب الخالد كما قال تعالى بشأن الظالمين يوم القيامة:
(1) البقرة: 254.
(2) البقرة: 255.