المبحث الخامس
أثر الشفاعة
هل هو إسقاط العقاب أو زيادة الثواب؟
هل إنّ نتيجة الشفاعة هو حطّ ذنوب المذنبين وإسقاط العقاب والمضار عنهم والعفو عن العصاة، أم هي زيادة الثواب ورفع الدرجات للمطيعين؟لقد ذهب جمهور المسلمين إلى الأوّل، والمعتزلة إلى الثاني.إنّ فكرة الشفاعة كانت عند اليهود والوثنيين قبل الإسلام، إلاّ أنّ الإسلام طرحها مهذّبةً ممّا علق بها من الخرافات.
وغير خفي على من وقف على آراء اليهود والوثنيين في أمر الشفاعة، أنّ الشفاعة الدارجة بينهم ـ خصوصاً اليهود ـ كانت مبنيّة على رجائهم لشفاعة أنبيائهم وآبائهم في حطّ ذنوبهم وغفران آثامهم، ولأجل هذا الاعتقاد كانوا يقترفون المعاصي، ويرتكبون الذنوب تعويلا على ذلك الرجاء.وفي هذا الموقف يقول سبحانه ردّاً على تلك العقيدة الباعثة على الجرأة: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ )(1).
ويقول أيضاً رفضاً لتلك الشفاعة المحرّرة من كل قيد: ( ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى)(2).
(1) البقرة: 255.(2) الأنبياء: 28.