المبحث السادس
طلب الشفاعة من المأذونين بالشفاعة
قد تجلّتِ الحقيقة بأجلى مظاهرها وتبيّن أنّ النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ولفيفاً من الأولياء والصالحين يشفعون عند الله في ظروف خاصة وأنّهم مأذونون من جانبه سبحانه يوم القيامة.كما تبيّن أنّ المفهوم الواضح لدى العامّة من الشفاعة، هو دعاء الرسول وطلبه من الله غفرانَ ذنوب عباده، إذا كانوا أهلا لها. إذن يرجع طلب الشفاعة من الشفيع إلى طلب الدعاء منه لتلك الغاية، وهل ترى في طلب الدعاء من الأخ المؤمن إشكالا ؟!
فضلا عن النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، الذي يُستجاب دعاؤه ولا يُردّ بنص الذكر الحكيم(1).فعندما كان النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حيّاً في دار هجرته، كان طلبُ أصحابِه الدعاءَ منه، راجعاً إلى طلب الشفاعة منه والاختلاف في الاسم لا في الواقع والحقيقة.
وبعد انتقاله من الدنيا إلى عالم البرزخ، يرجع طلب الشفاعة منه أيضاً إلى طلب الدعاء منه لا غير.فلو أنّ أعرابياً جاء إلى مسجده فطلب منه أن يستغفر له، فقد طلب منه الشفاعة عند الله. ولو جاء ذاك الرجل بعد رحيله، وقال له: يا أيّها النبي، استغفر لي عند الله. أو قال: اشفع لي عند الله، فالجميع بمعنى واحد لبّاً وحقيقةً، وإنّما يختلفان صورةً وظاهراً. فالإذعان بصحة أحدِهما، والشك
في صحة الآخر كالتفكيك بين المتلازمين.
(1) النساء: 64، المنافقون: 5.