المبحث الأوّل
موقف علماء الإسلام من الشفاعة
أجمع علماء الأُمّة الإسلاميّة على أنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أحد الشفعاء يوم القيامة مستدلّين على ذلك بقوله سبحانه: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )(1) والذي أُعْطي هوحقّ الشفاعة الذي يُرضيه، وبقوله سبحانه: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)(2)واتّفق المفسّرون على أنّ المقصود من المقام المحمود، هو مقام الشفاعة.إنّ الشفاعة من المعارف القرآنية التي لا يصح لأحد من المسلمين إيجاد الخلاف والنقاش في أصلها، وإن كان يمكن لهم الاختلاف في بعض فروعها، فها نحن نورد آراء كبار علماء الإسلام ـمن القدامى والجدد ـ حتى يُعلَم موقفهم من هذا الأصل:1 ـ أبو منصور الماتريدي السمرقندي (ت 333 هـ)، إمام أهل السنّة في المشرق الإسلامي، قال بعد أن أورد قوله سبحانه:(وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ)(3)، وقوله تعالى: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى)(4)
(1) الضحى: 5.(2) الإسراء: 79.(3) البقرة: 48.(4) الأنبياء: 28.