لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي)(1).
أمّا الأخلاّء من المتقين فإنّ خُلَّتهم تتأكد وتنفعهم يومئذ. وفي الخبر النبوي: إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلّت الأنساب وذهبت الإخوة إلاّ الإخوة في الله، وذلك قوله: (الأَخِلاّءُ يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين)(2)(3).وعلى ذلك، فكما أنّ المنفيّ هو قسم خاص من المخالة دون مطلقها، فهكذا الشفاعة، فالمنفيّ بحكم السياق، قسم خاص من الشفاعة. أضف إلى ذلك أنّ الظاهر هو نفي الشفاعة في حق الكفّار بدليل ما ورد في ذيل الآية، حيث قال:
(وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ).
2 ـ الصنف الثاني: ما يفنّد عقيدة اليهود في الشفاعة
وهو الآيات التي خاطبت اليهودَ الذين كانوا يعتقدون بأنّ أنبياءهم وأسلافهم يشفعون لهم وينجُّوهم من العذاب سواء كانوا عاملين بشريعتهم أو عاصين، وأنّ مجرد الانتماء والانتساب يكفيهم في ذلك المجال. يقول تعالى:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ )(4).إنّ وحدة السياق تقضي بأنّ الهدفَ من نفي قبول الشفاعة هو الشفاعة الخاطئة التي كانت تعتقدها اليهود في تلك الفترة من دون أن يشترطوا في الشفيع والمشفوع له شرطاً أو أمراً. ولا صلة لها بالشفاعة المحدودة
المأذونة.
(1) الفرقان: 28 ـ 29.(2) الزخرف: 67.(3) تفسير الميزان 18: 128.(4) البقرة: 47 ـ 48.