شفاعة فی الکتاب و السنة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قالت: فما تركنا أحداً إلاّ جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة»(1).فليس للمسلم أن يعول على شيء إذا أهمل الواجبات وترك الفرائض، أو استهان بها.نعم، خلق الإنسان ضعيفاً ـ بحكم جبلته ـ محاصَراً بالشهوات، محاطاً بالغرائز، ولذلك ربما سها ولها، وربّما بدرتْ منه معصية، واستحوذ عليه الشيطان، ووقع في شباكه وشراكه، فعصى من حيث لا يريد، وخالف من حيث لا يجب، ثم تعرّض لضغط الوجدان، ووخْزِ الضمير، فهل له أن ييأس في هذه الحالة ويقنط، وقد قال ربّ العزّة:
( لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ )(2)كلاّ ليس له إلاّ الرجاء في رحمة الله، والأمل في عفوه ولطفه، وقد فتح الإسلام نوافذ الأمل والرجاء أمام العاصي النادم، ليعود إلى ربه، ويواصل مسيرة تكامله في ثقة وطمأنينة.ومن هذه النوافذ: التوبة والإنابة والاستغفار، ومنها: الشفاعة للمذنبين، الشفاعة التي تنالهم وفق معايير وردت في الكتاب والسنّة، الشفاعة التي يبعث الأمل فيها بصيصاً من الرجاء في نفوس العصاة، ويمنع من قنوطهم ويأسهم، ويبعث فيهم روح العمل والنشاط.وهذا لا يعني تمهيد الطريق للعصاة، لما للشفاعة من شروط وقيود، بل هي عملية زرع الأمل، والرجاء في النفوس، مادام الأصل هو العمل
والإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات.
وتوضيحاً لهذه الحقيقة، وتبييناً لهذا المفهوم القرآني الإسلامي أعددنا هذا الفصل، آملين أن نلقي الضوء على إحدى السبل الإسلامية لمعالجة اليأس والقنوط الذي يصيب المذنبين ويقع الكلام في مباحث.