شفاعة فی الکتاب و السنة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
نعم، هناك سؤالٌ يطرح نفسَه وهو أنّه إذا كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حيّاً يُرزَق في هذه الدنيا ويسمع كلام السائل، فلا فرق بين طلب الدعاء وطلب الشفاعة.
وأمّا بعد رحيله وانتقاله إلى رحمة الله الواسعة، فلا يسمع كلامَ السائل، بأيّ صفة خاطبَه وكلَّمه سواء أقال: استغفر لي، أم قال: اشفع لي.والإجابة واضحة، لأنّ الكلام مركَّزٌ في تبيين معنى طلب الشفاعة منه حيّاً وميّتاً وأنّ حقيقته أمرٌ واحدٌ بجميع صوره، وأمّا أنّه يسمع أو لا يسمع، أو أنّ الدعوة تنفع أو لا تنفع، فهو أمرٌ نرجع إليه بعد الفراغ من صميم البحث. ولإيضاح الأمر نورد بعض النصوص من المفسّرين في تفسير الشفاعة:قال الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه:
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)(1)
إنّ الآية تدلّ على حصول الشفاعة للمذنبين، والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة لا تُذْكر إلاّ في إسقاط العقاب، أمّا طلب النفع الزائد فإنّه لا يسمّى استغفاراً. وقوله تعالى:
(ويستغفرون للّذين آمنوا) يدلّ على أنّهم يستغفرون لكل أهل الإيمان، فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن، وجب دخوله تحت هذه الشفاعة(2).