ثانياً
إنّ الأحاديث الواردة في هذا المورد فوق الحصر فحدِّث عنها ولا حرج، وقد روى المحدِّثون عنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ :«ما من أحد يسلّم عليّ
إلاّ ردّ الله روحي حتى أردّ عليه السلام»(1).
كما نَقَلوا قوله: «إنّ لله ملائكةً سيّاحين في الأرض يبلّغوني من أُمّتي السلام»(2).
ثالثاً
نرى أنّه سبحانه يسلّم على أنبيائه في آيات كثيرة، ويقول:(سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ)، (سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ )، (سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ )، (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ )، (وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ )(3).كما يأمرنا بالتسليم على نبيّه والصلوات عليه ويقول بصريح القول:
(إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(4)، فلو كان الأنبياء والأولياء أمواتاً غير شاعرين بهذه التسليمات والصلوات فأيّ فائدة في التسليم عليهم وفي أمر المؤمنين في الصلاة; بالسلامِ على النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ؟
والمسلمون أجمع يسلّمون على النبي في صلواتهم بلفظِ الخطاب، ويقولون:
السلامُ عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، وحَمْلُ ذلك على الشعارِ الأجوف والتحية الجوفاء، أمرٌ لا يجترئ عليه من له إلمامٌ بالقرآن والحديث.
السؤال الثاني: الشفيع ميّت وهو لا يسمع ؟
هذا هو السؤال الثاني الذي ربّما يُطرَح في المقام، وهو أيضاً جديرٌ بالدراسة، ولكنّه في التحقيق صورةٌ صغيرة من السؤال السابق، فالتركيز ـ هنا ـ على خصوص عدم السماع، ولكنّه في السابق على معنىً أعم وهو عدمالاستطاعة على شيء سماعاً كان أو غيره.
(1) وفاء الوفا 4: 1349.(2) المصدر نفسه: ص 1350.(3) الصافات: 79، 109، 120، 130، 181 على الترتيب.(4) الأحزاب: 56.