يكون ضروريا في إطار خاص وحوزة محدودة غير موجب للتكذيب فلا يترتب
على إنكاره الحكم بالكفر. 1
كلمة في معيار الضروري
بقي الكلام هنا في ملاك الضروري - ولا بد من معرفته وتميزه عن غيرهكي لا يتبادر بتكفير مسلم أو الحكم باسلام من خرج عن الاسلام - فنقول: إنه ليس
له اصطلاح خاص وراء اصطلاحه الجاري في المنطق فأهل المنطق قسموا
القضايا إلى قسمين: نظرية، وضرورية.
والأولى
هي ما يحتاج اثباته إلى دليل وبرهان ولا يمكن التصديق بهبدون ذلك نظير قولنا: العالم حادث. فإنه مترتب على تشكيل قياس وترتيب
صغرى وكبرى حتى يحصل الجزم به والحكم بحدوث العالم.
وأما الثانية
أعني الضرورية من القضايا فهي ما لا حاجة في اثباته إلىترتيب قياس وإقامة دليل وبرهان مثل قولنا: النار حارة وعلى هذا فكل حكم
اعتقادي أو عملي في الاسلام الذي لا حاجة لنا في اثبات كونه من الاسلام وأنه
من برامجه إلى دليل فهو ضروري نظير الصلاة بل ومثل الختان فإنه في الشريعة
الاسلامية من الأمور التي صارت ضرورية الثبوت يعلم كل من دخل في حوزة
الاسلام بل وغير المسلمين أيضا أنه من دين النبي صلى الله عليه وآله ومن
خصائص المسلمين يترددون في اسلام من لم يكن مختونا أو يحكمون بكفره
فالمسلم وغير المسلم يعلم شدة اهتمام الشارع على هذه السنة ولهذا قد يتفق أن
المسيحي يريد أن يعتنق الاسلام فيحاسب نفسه أولا أنه يمكنه التسليم حذاء
اجراء هذه السنة القطعية عليه فحينئذ يتشرف بقبول الاسلام واعتناقه أم لا
يمكنه ذلك ولا يرى من نفسه التهيؤ للختان ويثقل عليه ذلك فهناك يرجع و
ينصرف عما أراده من قبول الاسلام.
1. يؤيد ما أفاده دام ظله العالي كلام المحقق القمي في القوانين وإليك نصه: اعلم أن ضروري
الدين كما يستلزم انكاره الخروج عن الدين فضروري المذهب أيضا يستلزم انكاره الخروج عن
المذهب، وهنا دقيقة لا بد أن ينبه عليها وهو أن ضروري الدين قد يختلف باعتبار المذهب
فيشتبه ضروري الدين بضروري المذهب كما لو صار عند الشيعة وجوب مسح الرجلين ضروريا
عن النبي فانكاره من الشيعة انكار لضروري الدين بخلاف مخالفيهم فتأمل انتهى كلامه.