ولا يخفى أن هذا البحث غير مختص بالشيعة في هذه الآية الكريمة كما
أنه غير مختص بهذه المسألة بل هو بعينه جار بين أهل السنة أيضا في بعض
المسائل الفقهية فإن أبا حنيفة والشافعي الذين هما من أئمة العامة قد اختلفا
فيمن وكل وكيلا على أن يبتاع له طعاما فقال الشافعي: لا يجوز أن يبتاع إلا
الحنطة وقال أبو حنيفة: يكفي أن يشتري الدقيق أيضا 1 وهكذا لو قال المولى
لعبده ادخل السوق واشتر الطعام. فإن بعضهم قال بأن المراد من السوق هنا هو
سوق البر لأن الطعام هو البر.وهذه المسألة نظير المسألة المعروفة بين فقهاء الشيعة في فدية المساكين
فإنهم اتفقوا على عدم الاجتزاء بقيمة الطعام واختلفوا في أنه يجب اعطاء
خصوص البر كما قاله بعض أو يكفي اعطاء الشعير أيضا كما قاله الآخرون.وعلى الجملة فلا مجال أصلا للاشكال في استعمال الطعام في البر ولا يلزم
من قولنا هذا استعماله فيه مطلقا وفي كل الموارد حتى يستشكل صاحب المنار
وينقض بتلك الآيات الكريمة، بل الغرض هو خصوص آية حل الطعام.
الطعام في السنة
ثم إن الذي يحملنا على الاصرار على هذا المطلب واثبات اطلاق الطعامفي اللغة والاصطلاح على الحبوب أو البر إنما هو الجواب عن صاحب المنار و
زملائه ممن أنكروا على الأصحاب في ذلك، وصاروا بصدد الطعن والوقيعة فيهم.
1. أقول: ذكر ذلك السيد ابن زهرة في الغنية وقال بعد ذلك: ذكر ذلك المحاملي في آخر كتاب
البيوع من كتابه الأوسط في الخلاف، وذكره الأقطع في آخر كتاب الوكالة من شرح القدوري، و
قال في الشرح: والأصل في ذلك أن الطعام اسم للحنطة ودقيقها وإنما أحوجنا إلى ذكر مذهب
المخالف في ذلك والإحالة على كتبهم انكار من أنكره من جهالهم إلى آخر كلامه زيد في علو
مقامه.