حياة الأنبياء
فصل
قال: " ما معناه منجنيق المعطلة ما يدعونه من التركيب، وللتركيب ستةمعان أحدها: التركيب من متباين كتركيب الحيوان من هذه الأعضاء وتركيب
الأعضاء من الأركان الأربعة، الثاني تركيب الجوار من اثنين يفترقان، الثالث:
التركيب من متماثل يدعى الجواهر الفردة، الرابع: الجسم المركب من هيولي وصورة
عند الفيلسوف والجواهر الفرد ليس ممكنا، الخامس: التركيب من ذات وأوصاف سموه
تركيبا وليس بتركيب، السادس: التركيب من ماهية ووجودها، واختلفوا هل الذات
الوجود أو غيره فيكون تركيبا محالا أو يفرق بين الواجب والممكن حتى أتى من أرض
آمد ثور كبير (1)، بل حقير الشأن قال الصواب الوقف فقصاراه أن شك في الله ".جوابه أنه لم يشك في الله في الوجود هل هو زائد أو لا ولا يجوز أن يقال له
ثور ولا أنه حقير الشأن، وقد اعترف في التركيبين الأخيرين بالامتناع فيسأل من
أهل اللغة هل القدم واليد والجنب أعضاء (2) أو صفات.
(1) سيف الدين الآمدي المعروف بين الفرق ببالغ الذكاء ذنبه عند الحشوية أنه نشأ
حشويا ثم هداه الله إلى مذهب الأشاعرة ولأجل ذلك يرى متقشفو الحشوية
من تمام ورعهم اختلاق حكايات في حقه ويسعى ابن تيمية جهده في مناقشته
في معقوله، ويقوم الذهبي بحظه في الاختلاق عليه في ميزانه. وتآليفه
الخالدة في أصول الدين وأصول الفقه والجدل هي آية كونه ثورا كبيرا في نظر
الناظم فليعتبر.(2) فإن اعترف بعد السؤال من أهل اللغة بأنها أعضاء يكون المركب منها من القسم
الأول فيكون عابد جسم ذي أعضاء وإن لم يعترف بأنها أعضاء بل قال إنها
مجازات عن صفات ثابته له تعالى فقد قرن مذهبه وكان جهاده في غير عدو
ولكن أنى يعترف بأنها مجازات مع الغلو المشهود في نحلته؟ ومن ألطف
النكت الجارية مجرى الإلزامات الظاهرة على المجسمة ما ذكره الفخر الرازي في
تفسيره (7 - 148) حيث قال: إن من قال إنه مركب من الأعضاء والأجزاء
فإما أن يثبت الأعضاء التي ورد ذكرها في القرآن ولا يزيد عليها وإما أن
يزيد عليها، فإن كان الأول لزمه إثبات صورة لا يمكن أن يزاد عليها في القبح
لأنه يلزمه إثبات وجه بحيث لا يوجد منه إلا مجرد رقعة الوجه لقوله تعالى
" كل شئ هالك إلا وجهه " (القصص: 88) ويلزمه أن يثبت في تلك الرقعة
عيونا كثيرة لقوله تعالى: " تجري بأعيننا " (القمر: 14) وأن يثبت
له جنبا وأحدا لقوله تعالى " يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله "
(الزمر: 56) وأن يثبت على ذلك الجنب أيدي كثيرة لقوله تعالى " مما عملت
أيدينا " (يس: 71) وبتقدير أن يكون له يدان فإنه يجب أن يكون كلاهما
على جانب واحد لقوله صلى الله عليه وسلم (وكلتا يديه يمين) وأن يثبت له
ساقا واحدا لقوله تعالى " يوم يكشف عن ساق " (القلم: 42) فيكون
الحاصل من هذه الصورة مجرد رقعة الوجه ويكون عليها عيون كثيرة وجنب
واحد ويكون عليه أيد كثيرة وساق واحد ومعلوم أن هذه الصورة أقبح الصور
ولو كان هذا عبدا لم يرغب أحد في شرائه فكيف يقول العاقل إن رب العالمين
موصوف بهذه الصورة؟! وإن كان الثاني وهو أن لا يقتصر على الأعضاء
المذكورة في القرآن بل يزيد وينقص على وفق التأويلات فحينئذ يبطل مذهبه
في الحمل على مجرد الظواهر ولا بد له من قبول دلائل العقل ا ه.