بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب للمؤلف
(قال الإمام الحجة أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي رضي الله عنه)يا عالما بشئ، قادرا على كل شئ، إرحم عبدا جاهلا بكل شئ، عاجزا
عن كل شئ، خلق ضعيفا تنتوشه الآفات من جميع الجهات ويستغرقه احتياجه على
ممر الأنفاس واللحظات، مدته في الدنيا قصيرة لو صرفها كلها في طاعة ربه، وعلم
نافع به سلامة قلبه كان موفقا يقتصر على خويصة نفسه وهذا يحتاج إلى مدد إلهي
في دنياه في صحة جسمه وكفايته وكفاية من يتعلق به في القوت وما يتعلق به ودفع
الأذى عنه، وفي دينه بسلامة قلبه من العقائد الفاسدة، وإقباله على الله تعالى
وسلامة جوارحه فن المعاصي وقيامها بما افترض الله عليها، وسلامته في قلبه
وجسمه من شياطين الإنس والجن ونفسه وهواه وفي علمه فلا يشتغل من العلوم إلا بما
ينفع وهو القرآن والسنة والفقه وأصول الفقه والنحو ويأخذها عن شيخ سالم العقيدة
ويتجنب علم الكلام والحكمة اليونانية (والاجتماع بمن هو فاسد العقيدة أو النظر في
كلامه.وليس على العقائد أضر ضن شيئين: علم الكلام والحكمة اليونانية، وهما
في الحقيقة علم واحد، وهو العلم الإلهي لكن اليونان طلبوه بمجرد عقولهم،
والمتكلمون طلبوه بالعقل والنقل معا وافترقوا ثلاث فرق إحداها غلب
عليها جانب العقل وهم المعتزلة (1) والثانية غلب عليها جانب النقل وهم
قول أبي الحسن الطرائفي في المعتزلة:
(1) وعنهم يقول أبو الحسين محمد بن أحمد الطرائفي الشافعي المتوفى سنة 377 ه
في كتاب الرد على أهل الأهواء والبدع: (وهم أرباب أنواع الكلام وأصحاب الجدل والتمييز والنظر والاستنباط والحجج على من خالفهم، والمفرقون بين علم
السمع وعلم العقل والمنصفون في مناظرة الخصوم، وهم عشرون فرقة يجتمعون
على أصل واحد لا يفارقونه وعليه يتولون وبه يتعادون وإنما اختلفوا
في الفروع وهم سموا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسن بن علي.عليه السلام معاوية وسلم إليه الأمر اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس
وذلك أنهم كانوا من أصحاب على - ولزموا منازلهم ومساجدهم، وقالوا
نشتغل بالعلم والعبادة فسموا بذلك معتزلة) ا ه ثم ذكر أئمتهم من البصريين
والبغداديين وسرد بعض آرائهم في عدة أوراق. وهو من محفوظات الظاهرية
بدمشق تحت رقم 59 في التوحيد ولتقديمهم فضل الدفاع عن الدين الإسلامي والرد على الزنادقة والنصارى واليهود، لكن تحكيمهم للعقل
وكثرة احتكاكهم بفرق الزيغ أديا بكثير منهم ولا سيما المتأخرين إلى صنوف
من البدع الرديئة كما أشرت إلى ذلك في مقدمة ما كتبته على (تبيين
كذب المفترى).