الحشوية (1) والثالثة ما غلب عليها أحدهما بل بقي الأمران مرعيين عندها على حدسواء وهم الأشعرية وجميع الفرق الثلاث في كلامها مخاطرة إما خطأ في بعضه(1) ومنهم أصناف المشبهة والمجسمة، وسبب تسميتهم حشوية أن طائفة منهمحضروا مجلس الحسن البصري بالبصرة وتكلموا بالسقط عنده فقال: ردواهؤلاء إلى حشا الحلقة - أي جانبها - فتسامع الناس ذلك وسموهم الحشويةبفتح الشين، ويصح إسكانها - لقولهم بالتجسيم لا أن الجسم محشو - راجعشفاء الغليل للشهاب الخفاجي، وذيل لب اللباب في تحرير الأنساب للشيخالمحدث أبي العباس أحمد العجمي، ومقدمة ما كتبنا، على تبيين كذبالمفتري. والحشوية هم الذين حادوا عن التنزيه وتقولوا في الله بأفهامهمالمعوجة وأوهامهم الممجوجة، وهم مهما تظاهروا باتباع السلف إنما يتابعونالسلف الطالح دون السلف الصالح ولا سبيل إلى استنكار ما كان عليه السلفالصالح من إجراء ما ورد في الكتاب والسنة المشهورة في صفات اللهسبحانه على اللسان، مع القول بتنزيه الله سبحانه تنزيها عاما بموجب قولهتعالى (ليس كمثله شئ) بدون خوض في المعنى ولا زيادة على الوارد ولاإبدال ما ورد بما لم يرد. وفي ذلك تأويل إجمالي بصرف الوارد في ذات اللهسبحانه عن سمات الحدوث من غير تعيين المراد وهم لم يخالفوا في أصلالتنزيه الخلف الذين يعينون معنى مرافقا للتنزيه بما يرشدهم إليهاستعمالات العرب وأدلة المقام وقرائن الحال على أن الخلف يفوضون علم مالم يظهر لهم وجهه كوضح الصبح إلى الله سبحانه.فالخلاف بين الفريقين هين يسير وكلاهما منزه، وإنما السبيل على الذينيحملون تلك الألفاظ على المعاني المتعارفة بينهم عند إطلاقها على الخلقويستبدلون بها ألفاظا يظنونها مرادفة لها ويستدلون بالمفاريد والمناكيروالشواذ والموضوعات من الروايات. ويزيدون في الكتاب والسنة أشياء منعند أنفسهم ويجعلون - الفعل الوارد صفة إلى نحو ذلك فهؤلاء يلزمونمقتضى كلامهم وهم الحشوية. فمن قال إنه استقر بذاته على العرش وينزلبذاته من العرش، ويقعد الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش معه فيجنيه وإن كلامه القائم بذاته صوت وإن نزوله بالحركة والنقلة وبالذات وإن لهثقلا يثقل على حملة العرش، وأنه متمكن بالسماء أو العرش، وأن لهجهة وحدا وغاية ومكانا. وأن الحوادث تقوم به وأنه يماس العرش أو أحدا من خلقهونحو ذلك من المخازي فلا نشك في زيغه وخروجه وبعده عما يجوز في اللهسبحانه. وهذا مكشوف جدا فلا يمكن ستر مثل تلك المخازي بدعوىالسلفية، والذين يدينون بها هم الذين نستنكر عقائدهم ونستسخفأحلامهم، ونذكرهم بأنهم نوابت حشوية.