فصل
الفوقية الحسية... إلخ
ثم قال:
وأتى فريق ثم قارب وصفه
قال اسمعوا يا قوم لا تلهيكم
هذي الأماني هن شر أماني
هذا وزاد عليه في الميزان
هذي الأماني هن شر أماني
هذي الأماني هن شر أماني
تعزي مذاهبها إلى القرآن، قالوا:
الذي تبغيه فوق عباده (1)
(1) والوارد في القرآن الكريم (وهو القاهر فوق عباده) (الأنعام: 18)
ومن الخرق أن يظن من قوله تعالى عن القبط (وإنا فوقهم قاهرون)
(الأعراف: 145) ركوب القبط على أكتاف بني إسرائيل مع إمكان ركوب
جسم على جسم، وكيف يتصور ذلك في الله تعالى المنزه عن الجسم ولوازم
الجسمية واعتبار ذات الله فوق عباده فوقية مكانية إلحاد ليس من مدلول
الآية في شئ وكون ذاته جل جلاله فوق إحدى السماوات فوقية مكانية
وفوق كل مكان فوقية مكانية مثل ما سبق في الزيغ، وأين في القرآن ما
يوهم ذلك؟ على أن القول الأخير موافقة منه لمن يقول إن ذاته جل شأنه
بكل مكان وكفى هذا تهاترا. وإن كان يريد بالاستواء الاستقرار تبعا
لمقاتل بن سليمان شيخ المجسمة فقد استعجمت عليه الآية الكريمة وتباعد
عن بلاغتها أيما تباعد وقد أوضحت ذلك في (لفت اللحظ إلى ما في
الاختلاف في اللفظ) ونسبة الصعود إلى الأعراض والمعاني من الدليل في
أول نظر على أنه مجاز من القبول وماذا من نزول الملائكة من السماوات
وعروجهم إليها. وإليه تعالى قصد السائلين، لكن رفعهم الأيدي إلى
السماء ليس في شئ من الدلالة على استقرار وجود ذاته في السماء وإنما
ذلك لمجرد آن السماء قبلة الدعاء ومنزل الأنوار والأمطار والخيرات
والبركات (وفي السماء رزقكم) (الذاريات: 22) وسمت الرأس مما
يتبدل أنا فأنا كما يعرف ذلك صغار التلاميذ في المدارس، فهل ذات
معبود الناظم في تنقل دائم لا يبرح سمت رأسه؟! وما حال سائر الداعين
في أقطار الأرض؟ وهذا هو الجهل المطبق. لم يكن إسراء النبي صلى
الله عليه وسلم ليغشى مكان الله - سبحانه عن المكان - بل أسرى به ربه
ليريه من آياته الكبرى كما نص على ذلك القرآن ومقام عيسى عليه
السلام يظهر من حديث المعراج، فويح الناظم ما أجهله بالسنة، نعم يوجد
بين النصارى من يزعم أن الابن رفع إلى السماء وجلس في جنب أبيه،
تعالى الله عما يقول المجسمة وإخوانهم النصارى واليهود علوا كبيرا،
وصعود الأرواح إلى السماء من الذي يراه صالحا لاتخاذه دليلا على
التجسيم؟.