ثم بدأ بتعليم الوضوء
فالإِسم شرعي ليس فيه معنى اللغة فالدلائل من الكتاب و السنة على فرضيتها مشهورة يكثر تعدادها ( ثم بدأ بتعليم الوضوء ) فقال ( إذا أراد الرجل الصلاة فليتوضأ ) و هذا لان الوضوء مفتاح الصلاة قال صلى الله عليه و سلم مفتاح الصلاة الطهور و من أراد دخول بيت مغلق بدأ بطلب المفتاح و انما فعل محمد رحمه الله ذلك اقتداء بكتاب الله تعالى فانه امام المتقين قال الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فاقتدى بالكتاب في البداية بالوضوء لهذا و فى ترك الاستثناء هاهنا و ذكره في الحج كما قال الله لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين و في إضمار الحدث فانه مضمر في الكتاب و معنى قوله إذا قمتم إلى الصلاة من منامكم أو و أنتم محدثون هذا هو المذهب عند جمهور الفقهاء رحمهم الله فأما على قول اصحاب الظواهر فلا إضمار في الآية و الوضوء فرض سببه القيام إلى الصلاة فكل من قام إليها فعليه ان يتوضأ و هذا فاسد لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم الفتح أو يوم الخندق صلى الخمس بوضوء واحد فقال له عمر رضى الله عنه رأيتك اليوم تفعل شيئا لم تكن تفعله من قبل فقال عمدا فعلت يا عمر كى لا تحرجوا فقياس مذهبهم يوجب أن من جلس فتوضأ ثم قام إلى الصلاة يلزمه وضوء آخر فلا يزال كذلك مشغولا بالوضوء لا يتفرغ للصلاة و فساد هذا لا يخفى على أحد قال ( و كيفية الوضوء أن يبدأ فيغسل يديه ثلاثا ) لما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الانآء حتى يغسلها ثلاثا فانه لا يدرى أين باتت يده و لانه انما يطهر أعضاءه بيديه فلا بد من أن يطهرهما أولا بالغسل حتى يحصل بهما التطهير ثم الوضوء على الوجه الذي ذكره محمد رحمة الله عليه في الكتاب رواه حمران عن أبان عن عثمان رضى الله عنه أنه توضأ بالمقاعد ثم قال من سره أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه و سلم فهذا وضوءه و ذكر أهل الحديث أنه مسح برأسه و أذنيه ثلاثا ( قال ) أبو داود في سننه و الصحيح من حديث عثمان رضى الله تعالى عنه أنه مسح برأسه و أذنيه مرة واحدة و علم أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه الناس الوضوء على منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بهذه الصفة و رواه عبد خير عن على رضى الله عنه أنه توضأ في رحبة الكوفة بعد صلاة الفجر بهذه الصفة ثم قال من سره أن ينظر إلى وضوء