مبسوط جلد 15

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 15

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(70)

بالتصرف و لا يتقيد بشرط منفعة ظاهرة للصبي و لا تجوز قسمة وصى الميت على الكبار و هم كارهون لانه لا ولاية له عليهم في المعاوضة و التصرف في مالهم إذا كانوا حضورا فان كان فيهم غائب فقاسم الوصي عليه لم يجز في العقار و جاز في غيره لان القسمة في العروض من الجفظ و للوصى ولاية الحفظ في نصيب الكبير الغائب فكان له في نصيبه من القسمة ما يرجع إلى الحفظ فاما العقار فحصته بنفسها و ليس في قسمتها معنى الحفظ بل هو مطلق التصرف و لا ولاية له في نصيب الكبير الغائب في مطلق التصرف و ان كان فيهم صغير و كبير غائب و كبير حاضر فعزل الوصي نصيب الكبير الغائب مع نصيب الصغير و قاسم الكبار الحضور فهو جائز في العقار و غيرها في قول أبى حنيفة رحمه الله و لا يجوز في قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله على الكبير الغائب في العقار و هذه تنبني على ما بيناه في كتاب الشفعة ان عند أبى حنيفة بثبوت ولايته في نصيب الصغير يملك بيع جميع التركة من العقار و غيره و عندهما لا يملك البيع الا في نصيب الصغير فكذلك القسمة لان فيها معنى البيع و كذلك الحكم في وصى الذمي لانه في ملك التصرف كوصي المسلم فان كان الوصي ذميا و الميت ورثته مسلمين فانه يخرج من الوصية لان في الوصية نوع ولاية و لا ولاية للكافر على المسلم و ان قاسم على الصغير قبل أن يخرج جازت قسمته مثل قسمة الوصي المسلم لان القسمة تصرف منه كسائر التصرفات و الانابة في التصرف بعد الموت كالا نابة في الحياة بالوكالة و لو و كل المسلم ذميا بالتصرف نفذ تصرفه عليه فكذلك إذا جعله وصيا في التصرف بعد موته قلنا ينفذ تصرفه بطريق النيابة ما لم يخرج من الوصاية لاعتبار معنى الولاية و كذلك لو كان الوصي عبدا لغير الميت فهو وصي نافذ التصرف بطريق النيابة بمنزلة ما لو وكله في حياته حتى يخرجه القاضي من الولاية فالرقيق ليس من أهل أن تثبت له الولاية على غيره لانه لا ولاية له على نفسه و انما يتعدى إلى الغير عند وجود شرط التعدي ما كان للمرإ من الولاية على نفسه و لا تجوز قسمة الكافر و المملوك على الولد الصغير الحر المسلم كما لا تجري عليه سائر تصرفاته لانه لا ولاية له عليه و هو ليس بنائب عن الصغير في التصرف لينفذ بطريق النيابة و يجعل كتصرف المنوب عنه و لا يجوز قسمة الحربي المستأمن على ابن صغير له ذمى لان الذمي من أهل دارنا و لا ولاية للحربى على من هو من أهل دارنا و يجوز على ابن له مثله لثبوت ولايته عليه قال الله تعالى و الذين كفروا بعضهم أوليآء بعض الاية و لا تجوز قسمة المرتد إذا قتل على ردته على ولد له صغير مثله مرتد

(71)

لانه لا ولاية له عليه و لانه لا ولاية له على التصرف في ماله إذا قتل على ردته حتى تبطل قسمته لنفسه و سائر تصرفاته إذا قتل على الردة في قول أبى حنيفة رحمه الله ففى حق ولده الصغير أولى و المعتوه المغلوب بمنزلة الصغير في جميع ما وصفنا لانه لا ولاية له علي نفسه و هو محتاج إلى تصرف الولى له كالصغير و أما المبرسم و المغمى عليه و الذي يجن و يفيق فلا تجوز عليه القسمة إلا برضاه أو وكالته في حال افاقته لان بهذه العوارض لا تزول ولايته عن نفسه فلا يصير موليا عليه و إذا كان يجوز تنفيذ التصرف له و عليه برأيه في حال افاقته بطريق التوكيل فلا حاجة إلى اقامة رأى الولى مقام رأيه بخلاف الصغير و المعتوه فانه لا يمكن تنفيذ التصرف له و عليه باعتبار رأيه في ذلك فأقمنا رأى الولى مقام رأيه لتحقق الحاجة و أهل الذمة في القسمة بمنزلة أهل الاسلام الا في الخمر و الخنزير يكون بينهم فأراد بعضهم قسمتها و أبى بعضهم فاني أجبرهم على القسمة كما أجبرهم على قسمة غيرها لان الخمر و الخنزير مال متقوم في حقهم كالخل و الغنم في حق المسلمين و ان اقتسموا فيما بينهم خمرا و فضل بعضهم بعضا في كيلها لم يجز الفضل في ذلك فيما بينهم لانه مال الربا فانه مكيل أو موزون و في حكم الربا هم يستوون بالمسلمين فهو مستثنى من عقد الذمة و إذا كان وصيي الذمي مسلما كرهت له مقاسمة الخمر و الخنزير و لكنه يوكل من يثق به من أهل الذمة فيقاسم الصغير و يبيع ذلك بعد القسمة لان المسلم ممنوع من التصرف في الخمر و الخنزير و القسمة نوع تصرف فينبغي أن يفوض ذلك إلى ذمى و لا يشكل جواز ذلك على أصل أبى حنيفة رحمه الله لانه يجوز للمسلم أن يوكل الذمي بالتصرف له في الخمر و الخنزير و كذلك على قولهما هنا لان الوكيل نائب عن الصغير و حكم تصرفه يثبت للصغير ( ألا ترى ) أنه يرجع بما يلحقه من العهدة في مال الصغير والوصيى فيما يأمر من ذلك كالقاضي و أمر القاضي الذمي بالبيع و القسمة في خمور يتامى أهل الذمة صحيح فكذلك أمر الوصي به و ان و كل الذمي المسلم بقسمة ميراث فيه خمر و خنزير لم يجز ذلك من المسلم كما لا يجوز بيعه و شراؤه في الخمر و الخنزير لانه انما يتصرف للغير بوكالته في مال يجوز له أن يتصرف فيه لنفسه لو كان مملوكا له و ليس للمسلم الوكيل ان يوكل بقسمة ذلك غيره لان الموكل لم يرض برأى غيره فيه فان فوض ذلك اليه فوكل ذميا به جاز و إذا أسلم أحد الورثة فوكل ذميا بمقاسمة الخمر و الخنزير مع سائر الورثة جاز في قول أبى حنيفة رحمه الله و لم يجز في قولهما لان في القسمة معنى البيع فهو كالمسلم يوكل الذمي ببيع الخمر و الخنزير و لو أخذ نصيبه من الخمر فجعله خلا كان المسلم ضامنا

(72)

لحصة شركائه من الخمر التي خللها لان القسمة لم تصح عندهما كما لو بأشر بنفسه فانما قبض نصيب شركائه من الخمر بحكم عقد فاسد و قد خللها فيكون ضامنا لنصيبهم من القيمة و يكون الخل له و إذا كان في تركة الذمي خمرا و خنزير و غرماؤه مسلمون و ليس له وصي فان القاضي يوكل ببيع ذلك رجلا من أهل الذمة فيبيعه و يقضي به دين الميت لان من يأمره القاضي يكون نائبا عن الميت و لهذا يرجع بما يلحقه من العهدة في مال الميت و الميت كافر فيجوز بيع الذمي خمرة على سبيل النيابة عنه و الغرماء انما يقبضون الثمن بدينهم لا أن يكون بيع قيم القاضي واقعا لهم و المكاتب كالحر في القسمة لانه من صنيع التجار و فيها معنى المعاوضة كالبيع و ان عجز بعد القسمة لم يكن لمولاه فسخها لان القسمة تمت في حال قيام الكتابة فهو كبيع أو شراء أتمه المكاتب و مقاسمته مع مولاه جائزة لانه في التصرف مع المولى بيعا أو شراء كاجنبي آخر فكذلك المقاسمة و لا تجوز مقاسمة المولى على المكاتب بغير رضاه سواء كان المكاتب حاضرا أو غائبا لانه في حكم التصرف في كسبه كاجنبي آخر فان فعل ذلك ثم عجز المكاتب و صار ذلك لمولاه لم تجز تلك القسمة كما لا ينفذ سائر تصرفاته بعجز المكاتب لانه حين تصرف كان هو من كسب المكاتب كالأَجنبي و ان و كل المكاتب بالقسمة وكيلا ثم عجز أو مات لم يجز لوكيله أن يقاسم بعد ذلك لان الوكيل نائب عن الموكل و قد زالت ولاية الموكل بعجزه و بموته حتى لا ينفذ منه هذا التصرف بعد العجز لو باشره لنفسه فكذلك من وكيله و ان أعتق فهو على وكالته لان ولايته بالعتق ازدادت قوة فتصرف الوكيل له بعد عتقه كتصرفه بنفسه و ان أوصى المكاتب عند موته إلى وصى فقاسم الوصي ورثة المكاتب الكبار لولده الصغير و قد ترك وفاء فان قسمته في هذا جائز على ما تجوز عليه قسمة وصى الحر لانه يؤدي كتابته ويحكم بحريته حال حياته و كأنه أدى الكتابة بنفسه ثم مات فيكون وصيه في التصرف على ولده الصغير كوصي الحر و قال في الزيادات وصيه بمنزلة وصى الحر في حق الابن الكبير الغائب حتى يجوز قسمته فيما سوي العقار و ما ذكر هناك أصح لانه لا يثبت للمكاتب على ولده الصغير ولاية مطلقة و ان استندت حريته إلى حال حياته لانه في تلك الحال مشغول بنفسه لا يمكنه أن ينظر إلى الولد فلا تثبت له الولاية و انما تثبت الولاية المطلقة للوصي إذا كان للموصى ولاية مطلقة ( ألا ترى ) أن وصى الاخ و العم لا يثبت له من الولاية الاقدر ما كان للموصى فهنا أيضا كان للموصي على ولده الصغير المولود في الكتابة من الولاية ما يرجع إلى الحفظ و لا ولاية له

(73)

عليه فوق ذلك فكذلك وصيه بعد موته و ما زاد على هذا من البيان قد ذكرنا في املاء شرح الزيادات و ان لم يترك وفاء فقاسم الوصي الولد الكبير للولد الصغير و قد سعوا في المكاتبة لم يجز لانه لا ولاية له على الولد الصغير فانه مكاتب للمولى إذا اختار المضي على الكتابة فان أدوا المكاتبة قبل أن يردوا القسمة أجزت القسمة لانهم لما أدوا الكتابة حكم بعتق المكاتب و كان وصيه كوصي الحر على هذه الرواية حتى يملك استئناف القسمة فكذلك تنفذ تلك القسمة منه لانه لا فائدة في الاشتغال بنقض قسمة يحتاج إلى إعادتها و العبد التاجر بمنزلة الحر في القسمة لانه من صنيع التجار و هو نظير البيع فإذا قاسم العبد التاجر عبدا تاجرا مثله و هما لرجل واحد جاز ذلك ان كان عليهما دين أو على أحدهما و ان لم يكن على واحد منهما دين فقسمتهما باطلة بمنزلة البيع و الشراء و هذا لان كسبهما لمالك واحد و القسمة في مال هو خالص لمالك واحد لا تتحقق و لان مقاسمة كل واحد منهما مع عبد مولاه كمقاسمته مع مولاه و لو كانا مكاتبين لرجل واحد جازت قسمتهما لان كل واحد من المكاتبين في كسبه بمنزلة الحر في التصرف و لا ملك للمولى في كسب واحد منهما فان قاسم العبد التاجر مولاه دارا و عليه دين جازت القسمة و ان لم يكن عليه دين لم تجز القسمة لان المولى من كسب عبده المديون بمنزلة الاجنبي في التصرف و ان تصرف العبد لغرمائه و كذلك لو كانت الدار بين العبد و رجل آخر فقاسم مولى العبد الشريك بغير رضاء العبد فان لم يكن على العبد دين فهو جائز و ان كان عليه دين قليل أو كثير لم يجز الا أن يسلمه العبد بمنزلة سائر تصرفات المولى في كسبه و ان قاسم العبد التاجر رجلا أجنبيا دارا " بغير أمر مولاه و عليه دين أو لادين عليه فهو جائز لانه من نوع التجارة و قد استفاده بمطلق الاذن في التجارة و لا تجوز قسمة العبد المحجوز عليه بغير أمر من المولى و الحاصل أن القسمة تصرف كالبيع و الشراء فانما تصح ممن يملك البيع و الشراء في ذلك المحل و لو كان عبد بين رجلين أذن له أحدهما في التجارة فاشترى هو و رجل آخر دارا جاز ذلك في حصة الذي أذن له لان الاذن فك الحجر و قد ثبت ذلك في نصيب الذي أذن له فينفذ تصرفه باعتباره في حصته كما لو كاتب أحد الشريكين نصيبه من العبد و ان قاسم العبد شريكه فهو جائز كما لو باع نصيبه من شريكه أو من غيره جاز ذلك لثبوت حكم انفكاك الحجر في نصيب الاذن منه و لو كانت دار بينه و بين مولاه الذي لم يأذن له فقاسمها إياه جاز ذلك لان نفوذ تصرفه مع الاجنبي بسبب انفكاك الحجر عنه في نصيب

(74)

الاذن و المولى الذي لم يأذن له من نصيب الاذن كالأَجنبي و هو نظير ما لو كاتبه أحد الموليين على نصيبه باذن شريكه فانه تجوز قسمته و سائر تصرفاته باعتبار هذا الفك مع الاجنبي و مع المولى الآخر فكذلك بعد الاذن من أحدهما له في التجارة و الله أعلم بالصواب ( كتاب الاجارات ) ( قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي املاء إعلم أن الاجارة عقد على المنفعة بعوض هو مال و العقد على المنافع شرعا نوعان أحدهما بغير عوض كالعارية و الوصية بالخدمة و الآخر بعوض و هو الاجارة و جواز هذا العقد عرف بالكتاب و السنة ) أما الكتاب فقوله تعالى و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أى في العمل باجر و قال الله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك و ما ثبت شريعة لمن قبلنا فهو لازم لنا ما لم يقم الدليل على انفساخه و قال صلى الله على و سلم أعطوا الاجير أجره قبل أن يجف عرقه فالأَمر بإعطاء الاجر دليل صحة العقد و بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناس يؤاجرون و يستأجرون فأقرهم على ذلك و بين أحكامه و زعم بعض مشايخنا رحمهم الله أن القياس يأبى جواز هذا العقد لانه يرد على المعدوم و هي المنفعة التي توجد في مدة الاجارة و المعدوم ليس بمحل للعقد لانه ليس بشيء فيستحيل وصفه بأنه معقود عليه و لانه ملك المعقود عليه بعد الوجود لابد منه لانعقاد العقد و المعدوم لا يوصف بأنه مملوك و لا يمكن جعل العقد مضافا لان المعاوضات لا تحتمل الاضافة كالبيع و النكاح ( قال ) رضى الله عنه و هذا عندي ليس بقوي و اشتراط الوجود و الملك فيما يضاف اليه العقد لعينه بل للقدرة على التسليم و ذلك لا يتحقق في المانع فان الوجود يعجزه عن التسليم بحكم العقد هنا لان المنافع أعراض لا تبقى وقتين و التسليم حكم العقد و الحكم يعقب السبب فلا يتصور بقاء الموجود من المنفعة عند العقد إلى وقت التسليم فإذا كان بالوجود يتحقق العجز عن التسليم عند وجوب التسليم فلا معنى لاشتراط الوجود عند العقد و لكن تقام العين المنتفع بها موجودة في ملك العقد مقام المنفعة في حكم جواز العقد و لزومه كما تقام المرأة مقام ما هو المقصود بالنكاح في حكم العقد و التسليم و تقام الذمة التي هى محل المسلم فيه مقام ملك المعقود عليه في حكم جواز السلم أو

(75)

يجعل العقد مضافا للانعقاد إلى وقت وجود المنفعة ليقترن الانعقاد بالاستيفاء فيتحقق بهذا الطريق التمكن من استيفاء المعقود عليه و هو معنى قول مشايخنا رحمهم الله أن الاجارة عقود متفرقة يتجدد انعقادها بحسب ما يحدث من المنفعة و انما يفعل كذلك لحاجة الناس فالفقير محتاج إلى مال الغنى و الغني محتاج إلي عمل الفقير و حاجة الناس أصل في شرع العقود فيشرع على وجه ترتفع به الحاجة و يكون موافقا لاصول الشرع ثم يرد هذا العقد تارة على المنفعة و على العمل أخرى و في الوجهين لابد من إعلام ما يرد عليه العقد على وجه تنقطع به المنازعة فاعلام المنفعة ببيان المدة أو المسافة و ذكر المدة لبيان مقدار العقود عليه لا للتوقيت في العقد فان المنافع لما كانت تحدث شيئا فشيئا فمقدارها يصير معلوما ببيان المدة بمنزلة الكيل و الوزن في المقدرات أو ببيان المسافة فان مقدار السير و المشي يصير به معلوما و اعلام العمل ببيان محله و المعقود عليه فيه وصف يحدثه في المحل من قصارة أو دباغة أو خياطة فيختلف مقداره باختلاف المحل و لهذا لا يتعين عليه اقامة العمل بيده الا أن يشترط عليه ذلك فحينئذ يجب الوفاء بالشرط لانه مفيد فبين الناس تفاوت في اقامة العمل بأيديهم و كما يجب إعلام ما يرد عليه العقد فيجب إعلام البدل لقطع المنازعة و قد دل عليه الحديث الذي بدأ به الكتاب و رواه عن أبى هريرة و أبى سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يستام الرجل على سوم أخيه و لا ينكح على خطبته و قال لا تناجشوا و لا تبيعوا بالقاء الحجر و من استأجر أجيرا فليعلمه أجره و هذا حديث طويل بدأ ببعضه كتاب النكاح و ببعضه كتاب الاجارات و هو مشهور تلقته العلماء رحمهم الله بالقبول و بالعمل به و فيه دليل على أنه لا يحل الاستيام على سوم الغير و هذا اللفظ يروى بروايتين بكسر الميم فيكون نهيا و النهى مجزوم و لكن المجزوم إذا حرك لاستقبال الالف و اللام حرك بالكسر و يرفع الميم و هو نهى بصيغة الخبر و أبلغ ما يكون من النهى هذا كالأَمر فان أبلغ الامر ما يكون بصيغة الخبر قال سفيان بن عيينة رحمه الله بظاهر الحديث إذا استام على سوم الغير و اشترى أو نكح على خطبة الغير فالعقد باطل لان النهى يوجب فساد المنهي عنه و لكنا نقول هذا نهى لمعنى في المنهي عنه متصل به و هو الاذى و الوحشة الذي يلحق صاحبه و ذلك ليس من العقد في شيء فيوجب الاستياء و لا يفسد العقد كالنهى عن الصلاة في الارض المغصوبة ثم هذا النهى بعد ما ركن أحدهما إلى صاحبه فاما إذا ساومه بشيء و لم يركن أحدهما إلى صاحبه فلا بأس للغير أن يساومه و يشتريه

(76)

على ما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بعبد فساومه و لم يشتره فاشتراه آخر فأعتقه الحديث و هذا لان بيع المزايدة لا بأس به على ما روى ان النبي صلى الله عليه و سلم باع قعبا و حلسا ببيع من يزيد وصفة بيع المزايدة ان ينادى الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه و يزيد الناس بعضهم على بعض فما لم يكف عن النداء فلا بأس للغير أن يريد و إذا ساومه إنسان بشيء فكف عن النداء و رضي بذلك فحينئذ يكره للغير أن يزيد و يكون هذا استياما على سوم الغير و كذلك إذا خطب إمرأة و لم تركن اليه فلا بأس للغير أن يخطبها على ما روى أن إمرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت ان معاوية يخطبنى و ان أبا الجهم يخطبنى فقال صلى الله عليه و سلم أما معاوية فرجل صعلوك لامال له و أما أبو الجهم فهو لا يرفع العصا عن أهله أنكحى أسامة بن زيد فانك تجدين فيه خيرا كثيرا فاما بعد ما ركن أحدهما إلى صاحبه لا يحل لاحد أن يخطبها لان معنى الاذى انما يتحقق في هذه الحال و المراد بالنجش الانارة و منه سمي الصياد ناجشا لانه ينثر الصيد عن أوكارها فالمراد أن يطلب السلعة بثمن يعلم أنها لا تساوي ذلك و لا يقصد شراؤها و انما يقصد أن يرغب الغير في شرائها به و هذا من باب الخداع و الغرور و قوله و لا تبيعوا بالقاء الحجر و في بعض الروايات و لا تنابذوا و هو عبارة عن هذا المعنى أيضا " فالنبذ هو الطرح و هذه أنواع بيوع كانوا تعارفوها في الجاهلية و هي أن يرمى الحجر إلى سلعة إنسان فان أصابها وجب البيع بينهما أو يطلب سلعة من إنسان فان طرح اليه صاحبها وجب البيع بينهما ثم نهى الشرع عن ذلك لما فيه من الغرر كما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الغرر و مقصوده آخر الحديث و من استأجر أجيرا فليعلمه أجره و هذا دليل جواز الاجارة و جواز استئجار الحر للعمل و وجوب إعلام الاجر و انه لا يجب تسليم الاجر بنفس العقد لانه أمر بالاعلام و لو كان التسليم يجب بنفس العقد لكان الاولى أن يقول فليؤته أجره و في قوله صلى الله عليه و سلم أعطوا الاجير أجره قبل أن يجف عرقه دليل على ذلك أيضا فانه أمر بالمسارعة إلى أداء الاجرة و جعل أول أوقات المسارعة ما بعد الفراغ من العمل قبل جفوف العرق فدل أن أول وقت الوجوب هذا و عن أبى امامة قال قلت لعبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنى أكرى ابلى إلى مكة أفتجزينى من حجتي فقال ألست تلبى و تقف و ترمي الجمار قلت بلى قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم عما سألتني عنه فلم يجبه حتى أنزل الله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فقال صلى الله عليه و سلم أنتم حاج




/ 28