مبسوط جلد 15

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 15

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(77)

و في هذا دليل جواز الاجارة و جواز كراء الابل إلى مكة شرفها الله من بيان المدة لان ذكر المسافة في الاعلام كبيان المدة ثم أشكل على السائل حال حجة لان خروجه كان لتعاهد ابله و اكتساب الكراء لنفسه و هو موضع الاشكال فان النبي صلى الله عليه و سلم جعل من أشراط الساعة اكتساب الدنيا بعمل الآخرة فازال ابن عمر رضي الله عنه اشكاله بما ذكر له من مباشرة أعمال الحج و هذا بيان له أن بالذهاب لا يتأذى الحج و انما يتأذى بالاحرام و الوقوف و الطواف و الرمى و هو بهذه الاعمال لا يبتغى عرض الدنيا و هذا جواب تام لو اقتصر عليه و لكنه أحب أن يزيده وضوحا فروى الحديث لان الاول دليل يستدرك بالتأمل و قد شبه ذلك بالسراج و الخبر دليل واضح و هو مشبه بالشمس و كم من عين لا تبصر بضوء السراج و تبصر إذا بزغ الضياء الوهاج ثم فيه دليل أن النبي صلى الله عليه و سلم كان ينتظر زول الوحي في بعض ما يسأل عنه فانه آخر جواب هذا السائل حتى نزلت الاية ثم بين له أنه لا نقصان في الحج و أهل الحديث يروون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن التجارة في طريق الحج و لما كان اكراء الابل في معناه روى أبن عمر رضي الله عنهما الحديث فيه و عليه هذا قلنا الرستاقي إذا دخل المصر يوم الجمعة لشراء الدهن و اللحم و شهد الجمعة فهو في الثواب و الذي لا شغل له سوى اقامة الجمعة سواء لان مقصود المسلم اقامة العبادة فيما سوى ذلك يكون تبعا له و لا يتمكن نقصان في ثواب العبادة و ان سعيد بن جبير رضي الله عنه قال أتى الرجل إلى ابن عباس رضى الله عنهما فقال أنى أجرت نفسى من قوم و حططت لهم من أجرى أفيجزينى من حجتي فقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا من الدين قال الله تعالى ليس عليكم جناح الآية و انما أشكل على هذا السائل ما أشكل على الاول و كأنه بلغه الحديث الذي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للذي استؤجر بدينارين للخروج مع المجاهد و انما لك دينارك في الدنيا و الاخرة فظن مثله في الحج و حط بعض الاجر به ليرتفع به نقصان حجه فان الحط إحسان و انتداب إلى ما ندب في الشرع و مثله مشروع جبرا لنقصان الفرائض كالنوافل فازال ابن عباس رضي الله عنهما اشكاله و بين أنه لا نقصان في حجه و لم يأمره بالكف عن حط الاجر و ان كان حجه بدونه تماما لان المنع من البر و الاحسان لا يحسن و هو على ما أفتى به ابن عباس رضى الله عنهما بخلاف حال من استؤجر للخروج مع المجاهد فانه خرج ليخدم غيره لا ليباشر الجهاد و هذا خرج ليباشر أعمال الحج و يخدم في الطريق غيره فكان هذا تبعا لا يتمكن به نقصان

(78)

في الاصل و عن رافع بن خديج رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على حائط فاعجبه فقال لمن هذا الحائط فقلت لي استأجرته فقال صلى الله عليه و سلم لا تستأجره بشيء منه و فيه دليل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعجبه من الدنيا ما يعجب غيره و لكنه كان لا يركن اليه كما قال الله تعالى و لا تمدن عينيك إلى متعنا به الآية و هذا القدر من الاعجاب لا يضر أحدا بخلاف ما يقوله جهال المتعسفة أن من أعجبه شيء من الدنيا ينتقص من الايمان بقدره فكيف يستقيم هذا و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء و الطيب و جعلت قرة عيني في الصلاة فلما أعجبه قال صلى الله عليه و سلم لمن هذا و فيه بيان أن هذا ليس من جملة ما لا يعنى المرء فرسول الله صلى الله عليه و سلم ما كان يتكلم بما لا يعينه و لكنه من باب الاستئناس و حسن الصحبة و في قول رافع رضي الله عنه لي استأجرته دليل على ان الشيء يضاف إلى المرء و ان كان لا يملكه حقيقة فان رسول الله صلى الله عليه و سلم لم ينكر ذلك عليه و لهذا قلنا من حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل دارا " يسكنها فلان بإجارة أو عارية حنث و في الحديث دليل جواز الاستئجار للاراضي و دليل فساد عقد المزارعة ففي المزارعة استئجار الارض ببعض ما يخرجه و نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم رافع بن خديج رضى الله عنه عن استئجار الارض بشيء منه فهو حجة أبى حنيفة رضى الله عنه على من أجازه و عن الشعبي رحمه الله في رجل استأجر بيتا و أجره بأكثر مما استأجره به أنه لا بأس بذلك إذا كان يفتح بابه و يغلقه و يخرج متاعه فلا بأس بالفضل و فيه دليل أن للمستأجر أن يؤجر من غيره و به يقول فجواز هذا العقد من المالك قبل وجود المنفعة كان بالطريق الذي قلنا و هو موجود في حق المستأجر و لان المالك ما كان يتمكن من مباشرة العقد عليها يعد الوجود لانها لا تبقى فكذلك المستأجر ثم بين أنه انما يجوز له أن يستفضل إذا كان يعمل فيه عملا نحو فتح الباب و إخراج المتاع فيكون الفضل له بازاء عمله و هذا فضل اختلف فيه السلف رحمهم الله كان عطاء رحمه الله لا يرى بالفضل بأسا و يعجب من قول أهل الكوفة رحمهم الله حيث كرهوا الفضل و بقوله أخذ الشافعي رضى الله عنه و كان إبراهيم رحمه الله يكره الفضل الا أن يزيد فيه شيئا فان زاد فيه شيئا طاب له الفضل و أخذنا بقول إبراهيم رحمه الله و قلنا إذا أصلح في البيت شيئا أو طين البيت أو جصص أو زاد فيه لوحا فالفضل حلال لان الزيادة بمقابلة ما زاد من عنده حملا لامره على الصلاح و ان لم يزد فيه شيئا لا يطيب له الفضل لنهي النبي صلى

(79)

الله عليه و سلم عن ربح ما لم يضمن و المنفعة بالعقد لم تدخل في ضمان المستأجر فيكون هذا استرباحا على ما لم يضمنه فعليه أن يتصدق به للنهي عن و كيس البيت ليس بزيادة فيه انما هو إخراج التراب منه فلا يطيب الفضل باعتباره و كذلك فتح الباب و إخراج المتاع ليس بزيادة في البيت فلا يطيب الفضل باعتباره الا أن يكون شرط له من ذلك شيئا معلوما في العقد فحينئذ يكون الفضل بمقابلته و يطيب له و هو تأويل حديث الشعبي رضى الله عنه و عن إبراهيم رحمه الله انه كان يعجبهم إذا أبضعوا بضاعة أن يعطوا صاحبها أجرا كي يضمنها و هذا منه اشارة إلا انه قول من كان قبله من الصحابة و التابعين رضى الله عنهم فيكون دليلا لمن يضحى الاجير المشترك لان المستبضع إذا أخذ أجرا فهو أجير على الحفظ و هو أجير مشترك و لكن أبو حنيفة رحمه الله يقول ليس فيه بيان السبب الذي به يضمنها فيحتمل أن يكون المراد كى يضمن ما يتلف بعمله مما يكون قصد به الاصلاح دون الافسادوبه نقول فالأَجير المشترك ضامن لما جنت يده و عن شريح رحمه الله أنه خاصم اليه بقال قد أجره رجل بيتا فالقي فيه مفتاحه في وسط الشهر فقال شريح رحمه الله هو بري من البيت و كان هذا مذهب شريح في الاجارة أنه لا يتعلق بها اللزوم فلكل واحد منهما أن ينفرد بفسخه لانه عقد على المعدوم بمنزلة العارية و لان الجواز للحاجة و لا حاجة إلى إثبات صفة اللزوم و لسنا نأخذ في هذا بقوله فالإِجارة عقد معاوضة و اللزوم أصل في المعاوضات و لان في المعاوضات يجب النظر من الجانبين و لا يعتدل النظر بدون صفة اللزوم ثم أخذ أبو حنيفة رحمه الله بحديث شريح رضى الله عنه من وجه فقال ان ألقى اليه المفتاح بعذر له فهو بري من البيت و العذر ان يريد سفرا أو يمرض فيقوم أو يفلس فيقوم من السوق و ما أشبه ذلك و هذا لان شريحا رحمه الله أفتى بضعف هذا العقد و لكن جعله في الضعف نهاية حيث قال ينفرد بالفسخ سواء كان له عذر أو لم يكن و من يقول لا ينفرد بالفسخ مع وجود العذر فقد جعله نهاية في القوة و في الجانبين معنى الضرر فانما يعتدل النظر و يندفع الضرر بما قلنا لان عند الفسخ تعذر بقصد دفع الضرر عن نفسه و عند الفسخ بغير عذر يقصد الاضرار بالغير و لان العقد معاوضة و هو دليل قوته و عدم ما يضاف اليه العقد عند العقد دليل ضعفه و ما يجاذبه دليلان يوفر حظه عليهما فدليل القوة قلنا لا ينفسخ بغير عذر و لدليل الضعف قلنا ينفسخ بالعذر لان صفة المعاوضة لا تمنع الفسخ عند الحاجة إلى دفع الضرر كالمشترى يرد المبيع بالعيب و ظاهر ما يقوله في الكتاب أنه ينفسخ العقد عند العذر بفعل المشترى و لكن

(80)

الاصح ما ذكره في الزيادات أن القاضي هو الذي يفسخ العقد بينهما إذا أثبت العذر عندهما في الرد بالعيب وجه هذه الرواية أن المستأجر قابض للمنفعة حتى لم يدخل في ضمانه فيكون هذا بمنزلة الرد بالعيب قبل القبض ينفرد به من قضأ وجه تلك لرواية أن عين الحانوت أقيم مقام المعقود عليه في حكم انعقاد العقد فكذلك في حكم الفسخ و هو قابض للحانوت فكان هذا نظير الرد بالعيب بعد القبض فلهذا لا يتم الا بالقضاء و عن إبراهيم رحمه الله انه كان لا يضمن الاجير المشترك و لا غيره و فسر الاجير المشترك في الكتاب بالقصار و الخياط و الاسكاف و كل من يقبل الاعمال من واحد و أجير الواحد أن يستأجر الرجل الرجل ليخدمه شهرا أو ليخرج معه إلى مكة و ما أشبه ذلك مما لا يستطيع الاجير أن يؤجر فيه نفسه من غيره و الحاصل ان أجير الواحد من العقد واردا على منافعه و لا تصير منافعه معلومة الا بذكر المدة أو بذكر المسافة و منافعه في حكم العين فان صارت مستحقة بعقد المعاوضة لا يتمكن من إيجابها لغيره و الاجير المشترك من يكون عقده واردا على عمل هو معلوم ببيان محله لان المعقود عليه في حقه الوصف الذي يحدث في العين بعمله فلا يحتاج إلى ذكر المدة و لا يمتنع عليه بعمل مثل ذلك العمل من غيره لان ما استحقه الاول في حكم الدين في ذمته و هو نظير السلم مع بيع العين فان المسلم فيه لما كان دينا في ذمته لا يتعذر عليه به قبول السلم من غيره و البيع لما كان يلاقى العين فبعد ما باعه من إنسان لا يملك بيعه من غيره و لهذا سمى هذا مشتركا و الاول أجير الوحدة ثم أخذ أبو حنيفة رحمه الله بقول إبراهيم رضى الله عنه إذا تلفت العين بغير صنعه فلا ضمان عليه سواء كان أجيرا واحد أو مشترك تلف بما يمكن الاحتراز عنه أو بما لا يمكن و أخذ به أبو يوسف و محمد رحمهما الله في أجير الواحد أيضا و في الاجير المشترك أخذ بقول شريح رحمه الله على ما روى عنه بعد هذا انه كان يضمن الاجير المشترك و الاختلاف فيه بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقد روي عن عمر و علي رضى الله عنهما أنهما كانا يضمنان الاجير المشترك ما ضاع على يده و عن على رضى الله عنه انه كان لا يضمن القصار و الصباغ و نحوهما فلاجل الاختلاف اختار المتأخرون رحمهم الله الفتوى بالصلح على النصف و سنقرر هذه المسائل بطريق المعنى في مواضعها ان شاء الله تعالى و ذكر عن شريح رحمه الله انه كان يضمن الملاح كل شيء الا الغرق و الحرق و الملاح أجير مشترك و قد بينا أن من مذهب شريح رحمه الله أن الاجير المشترك ضامن

(81)

الا ما لا يمكن التحرز عنه و الذي لا يمكن التحرز عنه هو الحرق الغالب أو الغرق الغالب و كان أبو حنيفة رحمه الله يقول ان غرقت من مده أو معالجته فهو ضامن لان التلف بفعله و الاجير المشترك ضامن لما جنت يده و ان احترقت من نار أدخلها السفينة لحاجة له من خبز أو طبخ أو غيره فلا ضمان عليه لان السفينة كالبيت فلا يكون هو معتديا في إدخال النار السفينة لحاجته و إذا كان التلف مضاف اليه تسببا و لا مباشرة لم يكن ضامنا و كان ابن أبى ليلي رحمه الله يضمن الاجير المشترك و لكنه كان يقول لا ضمان على الملاح في الماء خاصة و ان غرقت السفينة من مده لان الغرق غالب لا يمكن الاحتراز عنه فهو كالحرق الغالب و الغارة الغالبة و لكنا نقول الاحتراز ممكن بمنع السفيه عند المد و المعالجة من موضع الغرق فإذا حصل التلف بعمله كان ضامنا و عن شريح رحمه الله أنه أتاه رجل بصباغ فقال انى أعطيت هذا ثوبي ليصبغه فاحترق بيته فقال له شريح رحمه الله اضمن له ثوبه فقال الصباغ كيف أضمن له ثوبه و قد احترق بيتي فقال له شريح أ رأيت لو احترق بيته أ كنت تدع له أجرك و كان هذا الحرق لم يكن غالبا و كان من مذهب شريح رحمه الله تضمين الاجير المشتريك فيما يمكن التحرز عنه فكانه عرف إمكان التحرز عنه بإخراج الثوب من البيت أو بإمكان إطفاء النار و لكنه تهاون فلم يفعل فلهذا قال له إضمن له ثوبه ثم احتج عليه الصباغ و قال كيف أضمن له و قد احترق بيتي و كأنه ادعى بهذا أن الحرق كان غالبا و لم يصدقه شريح رحمه الله لعلمه بخلاف قوله ثم قال أ رأيت لو احترق بيته كنت تدع له أجرك و معنى استدلاله هذا ان الحفظ مستحق له عليك و الاجر لك عليه فكما لا يسقط ما هو مستحق لك باحتراق بيته فكذلك لا يسقط ما هو مستحق له باحتراق بيتك و لو كان هذا الصباغ فقيها لبين الفرق و يقول له أيها القاضي قياسك فاسد فالأَجر لي في ذمته و باحتراق بيته لا يفوت محل حقى و حقه في عين الثوب و باحتراق بيتي يفوت محل حقه و لكن لم يحضره هذا الفرق أو احتشمه فلم يعارضه و التزم حكمه و على قول أبى حنيفة رحمه الله ان احترق بيته بعمل هو متعدي فيه فهو ضامن و ان كان بغير عمله فلا ضمان عليه و لا ضمان على أجير الواحد الا إذا خالف ما أمر به و ذكر عن أبى جعفر أن عليا رضى الله عنه كان يضمن الخياط و القصار و غيرهما من الصناع احتياطا للناس أن لا يضيعوا متاعهم و عن أبى جعفر أيضا ان عليا رضي الله عنه لم يكن يضمن القصار في الرواية و الصباغ و الصائغ و نحو ذلك و عن بكير بن الاشج

(82)

قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضمن الصياغ ما أفسدوا من متاع الناس أوضاع على أيديهم و قد بينا اختلافهم فيما إذا حصل التلف بغير صنع الاجير و في هذا دليل على اجتماعهما على تضيمن الاجير المشترك لما جنت يده لان قوله ما أفسدوا من متاع الناس عبارة عن التلف بعلمهم فهو دليل على زفر و الشافعي رحمهما الله لنا فانهما يقولان لا يضمن ما جنت يده و سيأتيك بيان المسألة في موضعه ان شاء الله تعالى و عن إبراهيم ابن أبى الهيثم رحمه الله اتبعت كاذيا من السفن فحملت خوابى منها حمالا فانكسرت الخابية فخاصمته إلى شريح رحمه الله فقال الحمال زاحمني في السوق فانكسرت قال شريح رحمه الله انما استأجرك لتبلغها أهله فضمنه إياها و الكاذي دهن تحمل من الهند في السفن إلى العراق و قيل هو اسم لما يتخذه راكب السفينة من الاوانى كالامتعة لحاجته فيسع ذلك إذا خرج من السفينة و قد بينا أنه كان من مذهب شريح رحمه الله تضمين الاجير المشترك بما يمكن التحرز عنه من الاسباب و الحمال أجير مشترك و كثرة الزحام مما يمكن التحرز عنه بأن يصبر حتى يقل الزحام فلهذا ضمنه و على قول أبى حنيفة رحمه الله لا ضمان على الحمال فيما تلف في يده بفعل غيره و هو ضامن إذا تعثر أو زلقت رجله لان ذلك من فعله و القول قوله بعد أن يحلف لانه أمين عنده فإذا أنكر السبب الموجب للضمان عليه كان القول قوله مع يمينه و عن ابن سيرين رحمه الله قال كان شريح رحمه الله إذا أتاه حائك بثوب قد أفسده قال رد عليه مثل غزله و خذ الثوب و ان لم بر فسادا قال على بشاهدي عدل على شرط لم يوفك به و فيه دليل على أن الاجير المشترك إذا افسد كان ضامنا لصاحب المال مثل ماله فيما هو من ذوات الامثال و الغزل من ذوات الامثال و ان أداء الضمان يوجب الملك له في المضمون و بآخر الحديث أخذ ابن أبى ليلي رحمه الله فيقول إذا اختلفا في الشرط القول قول الحائك و على رب الثوب البينة أنه خالف شرطه و عندنا القول قول رب الثوب لان الاذن مستفاد من جهته فالقول قوله في صفته و عن عامر رحمه الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة و من كنت خصمه خصمته رجل باع حرا و أكل ثمنه و استرق الحر و رجل استأجر أجيرا و استوفي عمله و منعه أجره و رجل أعطابى ثم غدر و اللفظ الذي ذكر في هذا الحديث أبلغ ما يكون من الوعيد فرسول الله صلى الله عليه و سلم شفيع لامته و كل مؤمن يرجو النجاة بشفاعته فإذا صار الشفيع خصما يستد الامر و هو معنى قوله و من كنت خصمه خصمته

(83)

أى ألزمته و حججته فاما قوله رجل باع حرا " و أكل ثمنه فالمراد صورة البيع لا حقيقته فالحر ليس بمحل لحقيقة البيع و ببيع الحر يرتكب الكبيرة و لكن باستعمال صورة البيع فسمى فعله بيعا و ما يقبض بمقابلته ثمنا مجازا " و من يفعل ذلك بحر فقد استذله و المؤمن عزيز عند الله و رسوله فرسول الله صلى الله عليه و سلم خصم لمن يستذله و انما يتمكن من ذلك بقوته و ضعف ذلك الحر و رسول الله صلى الله عليه و سلم خصم عن كل ضعيف و هو يظلمه باسترقاقه و رسول الله صلى الله عليه و سلم يذب عن كل مظلوم حتى ينتصف من ظالمه و هو معنى قوله صلى الله عليه و سلم و رجلا استأجر أجيرا فاستوفى عمله و منعه أجره لانه استذله بالعمل و استزبنه بمنع الاجر و ظلمه فبين رسول الله صلى الله عليه و سلم انه يذب عنه و فيه دليل جواز استئجاز الاجير و ان الاجر لا يملك بنفس العقد لانه ألحق الوعيد به بمنع الاجر بعد العمل فلو كان الاجر يجب تسليمه بنفس العقد لما شرط استيفاء العمل لذكر الوعيد على منع الاجر و قوله صلى الله عليه و سلم و رجل أعطابى ثم غدر أى أعطى كافرا أمان الله و أمان رسوله ثم غدر و هو معنى ما روى عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول في وصيته لامراء السرايا و ان أرادوكم أن تعطوهم ذمة الله و ذمة رسوله فلا تعطوهم و هذا يرجع إلى ما بينا من المعنى فالمستأمن يكون مستذلا في ديارنا فإذا عذره و استحقره بعد إعطاء الامان بالله و رسوله فقد ظلمه و عن أبى نعيم رحمه الله عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و رضي عنهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن عسب التيس و كسب الحجام و قفيز الطحان و المراد بعسب التيس أخذ المال على الضراب و هو إنزاء الفحول على الاناث و ذلك حرام فانه يأخذ المال بمقابلة الماء و هو مهين لا قيمة له و العقد عليه باطل لانه يلتزم ما لا يقدر على الوفاء به و هو الا حبال فان ذلك ليس في وسعه و هو ينبنى على نشاط الفحل أيضا و كذلك قفيز الطحان هو أن يستأجر طحانا ليطحن له حنطة معلومة بقفيز منها أو من دقيقها و ذلك حرام لان العقد فاسد فانه لو صح كان شريكا باول جزء من العمل و العامل فيما هو شريك فيه لا يستوجب الاجر ثم الاجر اما أن يلتزمه في الذمة أو في عين موجود و هو ما التزمه في الذمة و دقيق تلك الحنطة موجود وقت العقد فاما كسب الحجام فأصحاب الظواهر يأخذون بظاهر هذا الحديث و يقولون كسب الحجام حرام لانه يأخذه بمقابلة ما استخرج من الدم أو ما يشرط فهو مجهول فيكون محرما و قد دل عليه حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول




/ 28