ألا ترى أن كل واحد منهما إذا كان بحيث لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة و طلبا جميعا القسمة من القاضي لم يقسمها القاضي بينهما فكذلك إذا كان الطالب من لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة و الرجال و النساء و الحر و المملوك و أهل الاسلام و أهل الذمة في القسمة سواء لانها من حقوق الملك و المقصود التوصل بها إلى منفعة الملك و هو في ذلك سواء و إذا اقتسم الرجلان دارا و رفعا بينهما طريقا فهو جائز لانهما قسما بعض المشترك و بقيا شركتهما في البعض و هو موضع الطريق فيجوز ذلك اعتبار للبعض بالكل و لان المقصود بالقسمة أن ينتفع كل واحد منهما بنصيبه و انما يتم ذلك إذا رفعا طريقا بينهما و ما يرجع إلى تتميم المقصود بالقسمة لا يكون مانعا صحتها و ان كان نصيب أحدهما أكثر من نصيب الاخر ينبغى أن يبين ذلك في كتاب القسمة و يذكر كيف الطريق بينهما لانه بقي في موضع الطريق ما كان لهما من الشركة في جميع الدار و قد كانت شركتهما فيها على التفاوت فانما يحصل التوثق أن يبين ذلك في كتاب القسمة لانهما إذا لم يبينا ذلك فربما يدعي صاحب الاقل المساواة بينهما في رقبة الطريق و يحتج على ذلك بأنه مساو في استعماله بالتطرق فيه و انما يكتب الكتاب بينهما للتوثق فينبغي أن يكتب على وجه يحصل به معنى التوثق لهما و إذا كانت الدار بين رجلين و فيها صفة فيها بيت و باب البيت في الصفة و مسيل ماء ظهر البيت على ظهر الصفة فاقتسما فأصاب الصفة أحدهما و قطعه من الساحة و لم يذكر طريقا و لا مسيل ماء و صاحب البيت يقدر أن يفتح بابه فيما أصابه من الساحة و يسيل ماءه في ذلك فاراد أن يمر في الصفة على حاله و يسيل ماءه على ما كان فليس له ذلك سواء اشترط كل واحد منهما أن له ما أصابه بكل حق له أو لم يشترط ذلك و القسمة في هذا بخلاف البيع فانه لو باع البيت و ذكر في البيع الحقوق و المرافق دخل الطريق و مسيل الماء و ان لم يذكر الحقوق و الفرق أن المقصود بالبيع إيجاب الملك و قصد المشترى أن يتمكن من الانتفاع و ذلك انما يتم بالطريق و المسيل لا أن ذلك خارج من المحدود فلا يدخل في البيع بمطلق التسمية للبيت الا بذكر الحقوق و المرافق فالمقصود بالقسمة تمييز أحد الملكين من الآخر و ان يختص كل واحد منهما بالانتفاع بنصيبه على وجه لا يشاركه الاخر فيه و انما يتم هذا المقصود إذا لم يدخل الطريق و المسيل لتمييز نصيب أحدهما عن الآخر من كل وجه فلهذا لا يدخل مع ذكر الحقوق و المرافق توضيح الفرق أن المقصود بالبيع الاسترباح و ذلك باعتبار المالية و المالية تختلف بدخول الطريق و المسيل في البيع
(15)
فعند ذكر الحقوق و المرافق عرفنا أنهما قصدا ذلك فاما في القسمة المقصود التميز دون الاسترباح فبذكر الحقوق و المرافق لا يتبين أنهما لم يقصدا التمييز في أن لا يبقى لاحدهما في نصيب الآخر طريق ميسل ماء و لو لم يكن له مفتتح للطريق و لا مسيل ماء فانه ذكر في كتاب القسمة أن لكل واحد منهما ما أصابه بكل حق له جازت القسمة و كان طريقه في الصفة و مسيل مائه على طريق سطحه كما كان قبل القسمة و ان لم يذكر الحقوق و المرافق فالقسمة فاسدة بخلاف البيع فانه يكون صحيحا و ان لم يذكر الحقوق و المرافق لان المقصود بالبيع ملك العين و هذا المقصود يتم للمشتري و ان كان يتعذر عليه الانتفاع لعدم الطريق و المسيل له كمن اشتري مهرا صغيرا أو أرضا سبخة فانه يجوز و ان كان لا ينتفع بالمشتري و هذا لانه ترك النظر لنفسه حين لم يذكر الحقوق و المرافق ليدخل الطريق و المسيل فلا يشتغل بالنظر له فاما في القسمة المقصودة اتصال كل واحد منهما إلى الانتفاع بنصيبه فإذا لم يكن له مفتتحا إلى الطريق و لا مسيل ماء فهذه قسمة وقعت على ضرر فلا يجوز الا أن يذكر الحقوق و المرافق فيستدل بذلك على أنهما قصد إدخال الطريق و المسيل لتصحيح القسمة لعلمها أن القسمة لا تصح بدونهما في هذا الموضع بخلاف ما سبق توضيحه أن المعتبر في القسمة المعادلة في المنفعة و إذا لم يكن له طريقا و لا مسيل ماء لا يحصل معنى المعادلة في المنفعة فلا تصح القسمة كما لو استأجر مهرا صغيرا أو أرضا سبخة للزراعة لم يجز لفوات ما هو المقصود و هو المنفعة فان قيل فعلي هذا ينبغى أن يدخل الطريق و المسيل و ان لم يذكر الحقوق و المرافق لتصحيح القسمة كما إذا استأجر أرضا دخل الشرب و الطريق و ان لم يذكر الحقوق و المرافق لتحصيل المنفعة قلنا هناك موضع الشرب و الطريق ليس مما تتناوله الاجارة و لكن يتوصل به الانتفاع بالمستأجر و الاجير انما يستوجب الاجرة إذا تمكن المستأجر من الانتفاع ففى إدخال الشرب توفير المنفعة عليهما و أما هنا موضع الطريق و المسيل داخل في القسمة و موجب القسمة اختصاص كل واحد منهما بما هو نصيبه فلو أثبتنا لاحدهما حقا في نصيب الآخر تضرر به الآخر و لا يجوز إلحاق الضرر به بدون رضاه و انما دليل الرضا اشتراطه الحقوق و المرافق فلهذا لا يدخل الطريق و المسيل بدون ذكره الحقوق و المرافق و لو رفعا طريقا بينهما و كان على الطريق ظلة و كان طريق أحدهما على تلك الظلة و هو يستطيع أن يتخذ طريقا آخرا فاراد صاحبه أن يمنعه من المرور على ظهر الظلة لم يكن له ذلك لان أصل الطريق
(16)
مشترك بينهما و كما أن أسفله ممر لهما فكذلك أعلاه فهو لا يريد بهذا أن يحدث لنفسه حقا في نصيب شريكه و انما يريد أن يستوفى حقه فلا يمنع من ذلك بخلاف ما تقدم فهناك انما يريد اتخاذ طريق و مسيل لنفسه في ملك خص به صاحبه و ليس له ذلك و كان أبو حنيفة رحمه الله يقول في العلو الذي لاسفل له و فى السفل الذي لا علو له يحسب في القسمة ذراع من السفل بذراعين من العلو و قال أبو يوسف رحمه الله يحسب العلو بالنصف و السفل بالنصف ثم ينظر كم جملة ذرع كل واحد منهما فيطرح من ذلك النصف و قال محمد رحمه الله يقسم ذلك على القيمة قيمة العلو أو قيمة السفل و قيل ان أبا حنيفة رحمه الله أجاب بناء على ما شاهد من عادة أهل الكوفة في اختيار السفل على العلو و أبو يوسف رحمه الله أجاب بناء على ما شاهده من عادة أهل بغداد في التسوية بين العلو و السفل في منفعة السكنى و محمد شاهد اختلاف العادات في البلدان فقال انما يقسم على القيمة و قيل بل هو بناء على أصل آخر و هو أن عند محمد رحمه الله و عند أبى حنيفة رضي الله عنه لصاحب السفل منفعتان منفعة السكنى و منفعة البناء فانه لو أراد أن يحفر في سفله سردابا لم يكن لصاحب العلو منعه من ذلك فلصاحب العلو منفعه واحدة و هي منفعة السكنى فانه لو أراد أن يبنى على علوه علوا آخرا كان لصاحب السفل منعة من ذلك و المعتبر في القسمة المعادلة في المنفعة فلهذا جعل بمقابلة ذراع من السفل ذراعين من العلو و أبو يوسف رحمه الله يقول لصاحب العلو أن يبنى على علوه إذا كان ذلك لا يضر بالسفل كما أن لصاحب السفل أن يحفر سردابا في السفل إذا كان لا يضر بصاحب العلو فاستويا في المنفعة فيحصل ذراع من السفل بذراع من العلو و حجته لاثبات هذا الاصل ان صاحب العلو يبنى على ملكه كما أن صاحب السفل يتصرف في ملكه و اتصال العلو بالسفل كاتصال بيتين متجاورين فلكل واحد منهما أن يتصرف في ملكه على وجه لا يلتحق الضرر لصاحبه و أبو حنيفة رحمه الله يقول صاحب السفل بحفر السرداب يتصرف في الارض و هي خالص ملكه و صاحب العلو يحمل ما يبنى على حائط السفل أيضا و هو مملوك لصاحب السفل و زيادة البناء تصير بحائط صاحب السفل لا محالة و يتبين ذلك في الثاني ان كان لا يتبين في الحال و لا يكون له أن يفعل ذلك بدون رضاء صاحب السفل و محمد في هذا الفصل وافق أبا يوسف و لكن في القسمة يقول تعتبر القيمة لان العلو و السفل بناء و المعادلة في قسمة البناء تتيسر و لان في بعض البلدان تكون قيمة العلو أكثر من قيمة السفل و هو كذلك
(17)
بمكة و بمصر و فى بعض البلدان قيمة السفل أكثر من قيمة العلو كما هو بالكوفة قيل كل موضع تكثر النداوة في الارض يختار العلو عن السفل و فى كل موضع يشتد البرد و يكثر الريح يختار السفل على العلو و ربما يختلف ذلك أيضا باختلاف الاوقات فلا يمكن اعتبار المعادلة إلا بالقيمة فاستحسن القسمة في العلو و السفل باعتبار القيمة ثم تفسير المسألة في فصلين أحدهما أن يكون بينهما سفل علوه لغيرهما و علو سفله لغير هما فاراد القسمة فعلى قول أبى حنيفة رحمه الله يجعل بمقابلة كل ذراع ذراع و الثاني أن يكون المشترك بين الشركاء بيتا لسفله علو و سفل لا علو له بان كان العلو لغيرهم و علو لاسفل له فعند أبى حنيفة رحمه الله يجعل بازاء مائة ذراع من العلو الذي لاسفل له ثلاثة و ثلثين ذراعا و ثلثا من البيت الكامل و بإزاء مائة ذراع من السفل الذي لا علو له ستة و ستين ذراعا و ثلثى ذراعا من البيت الكامل لان العلو عنده مثل نصف السفل كما في الفصل الاول و عند أبى يوسف رحمه الله يجعل بازاء خمسين ذراعا من البيت الكامل مائة ذراع من السفل الذي لا علو له و مائة ذراع من العلو الذي لاسفل له لان السفل و العلو عنده سواء فخمسون ذراعا من البيت الكامل بمنزلة مائة ذراع خمسون منها سفل و خمسون منهما ملو و محمد رحمه الله في ذلك كله يعتبر المعادلة بالقيمة و عليه الفتوى و إذا كانت الدور بين قوم فاراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة و أتى ذلك بعضهم قسم القاضي كل دار بينهم على حدة و لم يضم بعض انصبائهم إلى بعض الا أن يصطلحوا على ذلك في قول أبى حنيفة رحمه الله و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله الرأي في ذلك إلى القاضي و ينبغي أن ينظر في ذلك فان كانت انصباء أحدهم إذا جمعت في دار كان أعدل للقسمة جمع ذلك لان المعتبر في القسمة المعادلة في المنفعة و المالية و المقصود دفع الضرر و إذا قسم كل دار على حدة ربما يتضرر كل واحد منهم لتفرق نصيبه و إذا قسم الكل قسمة واحدة يجتمع نصيب كل واحد منهم في دار و ينتفع بذلك و القاضي نصب ناظرا فيمضى قضاءه علي وجه يرى النظر فيه كما يمضى قضاءه في المجتهدات على ما يؤدى اليه اجتهاده و لان الدور في حكم جنس واحد لا تحاد المقصود بها و هو السكنى و الجنس و الواحد يقسم بين الشركاء قسمة واحدة كالغنم و الثياب الهروية الا أنها تتفاوت منفعة السكنى باختلاف البلدان و باختلاف المحال فمن هذا الوجه نسبه البلدان الاجناس المختلفة فعند تعارض الادلة الرأي للقاضي فيرجح بعضها بطريق النظر و أبو حنيفة رحمه الله يقول الدور أجناس مختلفة بدليل انها لا تثبت صداقا بمطلق التسمية حتى إذا تزوج إمرأة علي دار فهو
(18)
بمنزلة ما لو تزوجها على ثوب ( و كذلك ) لو و كل وكيلا بشراء دار لم يصح التوكيل و بعد إعلام الجنس جهالة الوصف لا تمنع صحة الوكالة فعرفنا أنها أجناس مختلفة و الاجناس المختلفة لا تقسم قسمة واحدة إلا باصطلاح الشركاء علي ذلك و هذا لان في الاجناس المختلفة معنى المعاوضة يغلب علي معنى التمييز و المعاوضة تعتمد التراضى و فى الجنس الواحد معنى التمييز يغلب و ذلك داخل تحت ولاية القاضي ففى الدور معنى المعاوضة يغلب لان قبل القسمة يتيقن بان نصيب كل واحد منهم في أمكنة متفرقة فإذا جمعها في مكان واحد يكون ذلك بطريق المعاوضة و إذا قسم كل ذراع علي حدة فمعني التمييز فيه يغلب لان نصيب كل واحد منهم يكون في أمكنة متفرقة بعد القسمة كما كان قبلها ثم المقصود بالقسمة تمكين كل واحد منهم من الانتفاع بملكه فلا بد من اعتبار المعادلة في المنفعة و التفاوت في المنفعة في الدور تفاوت عظيم فانما يختلف باختلاف البلدان و باختلاف المحال و باختلاف الجيران و بالقرب من الماء و بالبعد عنه و بالقرب من الربط و البعد عنه و الظاهر أنه يتعذر عليه اعتبار المعادلة في المنفعة إذا قسمها قسمة واحدة و أن قسمة كل دار على حدة أعدل ثم هى ثلاثة فصول عنده الدور و البيوت و المنازل فالدور سواء كانت متفرقة أو متلازمة لا يقسم عنده قسمة واحدة إلا برضاء الشركاء و البيوت تقسم قسمة واحدة سواء كانت متفرقة أو مجتمعة في مكان واحد لانها تتفاوت في منفعة السكنى فالبيت إسم لمسقف واحد له دهليز فلا يتفاوت في المنفعة عادة ( ألا ترى ) انها تؤجر بأجر واحد في كل محلة فتقسم قسمة واحدة و بالمنازل ان كانت مجتمعة في دار واحدة متلازمة بعضها ببعض تقسم قسمة واحدة و ان كانت متفرقة تقسم كل منزلة على حدة سواء كانت في محال أو في دار واحدة بعضها في أقصاها و بعضها في أدناها لان المنزل فوق البيت و دون الدار فالمنازل تتفاوت في منفعة معنى السكنى و لكن التفاوت فيها دون التفاوت في الدور فهي تشبه البيوت من وجه و الدور من وجه فلشبهها بالبيوت قلنا إذا كانت متلازمة تقسم قسمة واحدة لان التفاوت فيها تقل في مكان واحد و لشبهها بالدور قلنا إذا كانت في أمكنة متفرقة لا تقسم قسمة و هما في الفصول كلها يقولان ينظر القاضي إلى أعدل الوجوه فتمضى القسمة علي ذلك و لو اختلفوا في قيمة البناء فقال بعضهم يجعل البناء بذر ع من الارض و قال بعضهم يجعلها على الدراهم و الصحيح أن القاضي يجعلها علي الذرع إذا تيسر عليه ذلك لان الدراهم ليست من الميراث و الثابت لقاضي ولاية قسمة الميراث بينهم فإذا جعل على ذلك الذرع كان ذلك تصرفا في
(19)
محل ولايته و إذا جعل ذلك علي الدراهم كان ذلك تصرفا منه وراء محل ولايته و ربما لا يقدر كل أحد علي تحصيل الدراهم و أدائها فليس للقاضي أن يكلفه ذلك توضيحه انه إذا جعل ذلك على الدراهم فالذي وقع البناء في نصيبه الدرهم دين عليه و ربما ينوي ذلك عليه و ان كان يخرج فنفس القسمة يتعجل نصيب من وقع البناء في نصيبه و يتأخر نصيب الآخر إلى خروج الدين منه فتنعدم المعادلة بذلك و إذا جعل ذلك علي الذرع يتعجل وصول نصيب كل واحد منهم اليه و يتم القسمة و لاحق لبعضهم علي بعض فهذا أولى الوجهين و إذا تعذر عليه اعتبار المعادلة علي الذرع فله أن يقسم على الدراهم عندنا ( و قال ) مالك رحمه الله ليس له ذلك الا أن يصطلحوا عليه أو تكون الدراهم يسيرة لان في القسمة علي الدراهم محض المعاوضة و هو بيع نصيب أحدهما من البناء بما يوجب له من الدراهم على صاحبه و ليس للقاضي ولاية المعاوضة إلا عند تراضي الخصمين عليه الا أن اليسير من الدراهم ربما يتحقق فيه الحاجة و الضرورة فيتعدى اليه حكم ولايته للحاجة و أصحابنا رحمهم الله يقولون هذه الحاجة تتحقق في الكثير كما تتحقق في القليل لان قيمة نصيب أحدهما من البناء ربما يكون أضعاف جميع قيمة الارض فتتعذر عليه القسمة بطريق مقابلة قيمة البناء بالذرع من الارض أو يقع جميع الساحة لاحدهما فلا يتمكن صاحب البيت من الانتفاع بالبناء بدون الارض و إذا كلف نقل البناء تنقطع المنفعة عنه فلهذا قلنا عند الضرورة يجوز له أن يجعل القسمة في البناء على الدراهم و هذا لان ولاية القسمة تثبت له فلا يتعدى فيتعدي ولايته إلى ما لا يتأتى له القسمة الا به كالجد مع موصي الاب يصح منه تسمية الصداق في النكاح و ان كان التصرف في المال الي الوصي دون الجد و كذلك الاخ ليس له ولاية التصرف في المال ثم له ولاية التسمية في الصداق باعتبار ثبوت الولاية في التزويج و لو اختلفوا في الطريق فقال بعضهم يرفع طريقا بيننا و قال بعضهم لا يرفع نظر فيه الحاكم فان كان يستقيم لكل واحد منهم طريقا يفتحه في نصيبه قسمه بينهم بغير طريق يرفع كما بين عنهم و ان كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بينهم لان المقصود بالقسمة توفير المنفعة على كل واحد منهم ثم موضع الطريق مشترك بينهم كغيره فإذا كان يستقيم لكل واحد منهم طريق يفتحه في نصيبه فالذي يقول لا يرفع طريقا بطلب القسمة في جميع المشترك و ذلك ممكن مع اعتبار المعادلة في المنفعة فيجيبه القاضي إلى ما التمس و إذا كان لا يستقيم ذلك ففى قسمة موضع الطريق قطع المنفعة عنهم و ذلك ضد ما هو المقصود بالقسمة
(20)
و القائل لا يرفع طريقا في هذا الموضع متعنت توضيحه انه لو كان المشترك بينهم موضع الطريق فقط فطلب بعضهم قسمته و فيه ضرر على كل واحد منهم لم يجبه القاضي إلى ذلك و ان كان فيه منفعة للطالب أجابه القاضي إلى ذلك فكذلك إذا كان المشترك موضع الطريق و غيره و لو اختلفوا في سعة الطريق و ضيقه جعل الطريق بينهم على عرض باب الدار و طوله على أدنى ما يكفيهم لان باب الدار متفق عليه و المختلف فيه يرد إلى المتفق عليه ثم لا فائدة في جعل الطريق أعرض من باب الدار لانه ما لم يدخل الحمل من باب الدار لا يحمله في ذلك الطريق و إذا جعل الطريق أضيق من باب الدار يتضرر به الشركاء و مقصود كل واحد منهم أن يحمل إلى مسكنه في ذلك الطريق ما يدخله في باب الدار فلهذا يجعل الطريق بينهم على عرض الدار و طوله و إذا وقع الحائط لاحد القسمين و عليه جزوع للاخر و وقعت القسمة على أن يكون هكذا أو لم يذكر ا ذلك في القسمة فانه يترك على حال لانه وجد كذلك عند تمام القسمة و يجوز أن يكون ملك الحائط لاحدهما و للآخر عليه حق وضع الجذوع فيترك على حاله الا أن يشترط قلع الجذوع عنه فحينئذ يجب الوفاء به للحديث الشرط أملك و كذلك لو كان أزج وقع على حائط على هذه الصفة أو درجة و كذلك أسطوانة وقع عليها جذوع و كذلك روشن وقع على صاحب العلو مشرف علي نصيب الآخر فاراد صاحب السفل أن يقطع الروشن ليس له ذلك إلا أن يشترط قطعه لان حق قرار هذه الاشياء تجوز أن تكون مستحقا لانسان في حائط غيره فإذا تمت القسمة بينهما على هذه الصفة يجب تركها كذلك ألا ترى انه لو أصاب أحدهما ثبت علو و الآخر السفل لم يكن لصاحب السفل أن يهدم العلو فاما إذا وقعت الساحة لاحدهما و للآخر أطراف جذوع شاخصة فيها فاراد صاحب الساحة قطع تلك الجذوع فان كانت اطراف الجذوع بحيث يمكن البناء عليها فليس له أن يقطع ذلك لان هذا لجواز أن يكون قراره مستحقا لانسان في ساحة غيره و ان كان بحيث لا يمكن البناء عليها فلصاحب الساحة أن يجبره على قطع ذلك أو تفريغ هواء الساحة عنه بما يقدر عليه لان ذلك لا يجوز أن يكون حقا مستحقا له في ملك الغير اذ هو لا ينتفع به من حيث البناء عليه و لو وقعت شجرة في نصيب أحدهما و أغصانها متدلية إلى نصيب الآخر فقد ذكرني رستم عن محمد رحمه الله ان له ان يجبره علي قطع تلك الاغصان و هذا مما لا يستحق إقراره في ملك الغير بسبب من الاسباب و ذكرنى سماعة عن محمد رحمه الله انه يترك كذلك لانه بالقسمة استحق