ليست من ذلك في شيء و لكنها تتصل بالقضاء لان تمام انقطاع المنازعة يكون بالقسمة فمن هذا الوجه القسام نائب عن القاضي فالأَولى أن يجعل كفايته في مال بيت المال و من حيث ان عمله ليس من القضاء في شيء يجوز له أخذ الاجر على ذلك و القسام بمنزلة الكاتب للقاضي في ذلك و قد قررنا هذا في أدب القاضي و كذلك ما ذكر بعده من حديث شريح رحمه الله و مالي لا أرتزق استوفى منهم و أوفيهم أصبر لهم نفسى في المجلس و أعدل بينهم في القضاء فقد بينا ان شريحا رحمه الله كان يأخذ كفايته من بيت المال على ما روى ان عمر رضي الله عنه كان يرزقه مائة درهم على القضاء فزاده على رضى الله عنه و ذلك لكثرة عياله حتى جعل له في كل شهر خمسمأة درهم و لعل عاتبه بعض أصدقائه على أخذ الاجر و قال له احتسب فقال شريح في جوابه ما قال و مراده انى فرغت نفسي عن أشغالى لعمل المسلمين فآخذ كفايتى من مال المسلمين و كأنه بهذا الكلام أشار إلى الاستدلال بما جعل الله تعالى من النصيب في الصدقات للعامين عليها فانهم لما فرغوا أنفسهم لعمل الفقراء استحقوا الكفاية في مال الفقراء و ذكر عن محمد بن اسحق و الكلبي أن رسول الله صلي الله عليه و سلم كان إذا سافر أقرع بين نسائه قالت عائشة رضى الله عنها فأصابتني القرعة في السفرة التي أصابنى فيها ما أصابنى تريد به حديث الافك و اعلم بان المرأة لاحق لها في القسم عند سفر الزوج فكان لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا يسافر بواحدة منهن و أن يسافر بمن شاء منهن من قرعة و لكنه كان يقرع بينهن تطييبا لقلوبهن فاستعمال القرعة في مثل هذا الموضع جائز عند العلماء أجمع رحمهم الله و بهذا الحديث قلنا إذا تزوج أربع نسوة فله أن يقرع بينهن لا بدائه بالقسم لان له أن يبدأ بمن شاء منهن فيقرع بينهن تطييبا لقلوبهن و نفيا لتهمة الميل عن نفسه و انما أورد الحديث للحكم المذكور بعده أنه لا بأس للقسام أن يستعجل القرعة في القسمة بين الشركاء قاسم القاضي و غيره في ذلك سواء و هو استحسان و فى القياس هذا لا يستقيم لانه في معنى القمار فانه تعليق الاستحقاق بخروج القرعة و القمار حرام و لهذا لم يجوز علماؤنا استعمال القرعة في دعوى النسب و دعوى الملك و تعيين العتق ثم هذا في معنى الاستقسام بالازلام الذي كان بعبادة أهل الجاهلية و قد حرم الله تعالى ذلك و نص على ذلك انه رجس و فسق و لكنا تركنا بالسنة و التعامل الظاهر فيه من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا من نكير منكر ثم هذا ليس في معنى القمار ففى القمار أصل الاستحقاق يتعلق بما يستعمل فيه و في هذا
(8)
الموضع أصل الاستحقاق بكل واحد منهم لا يتعلق بخروج القرعة ثم القاسم لو قال عدلت أنا في القسمة فخذ أنت هذا الجانب و أنت هذا الجانب كان مستقيما الا أنه ربما يتهم في ذلك فيستعمل القرعة لتطييب قلوب الشركاء و نفى تهمة الميل عن نفسه و ذلك جائز ألا ترى أن يونس عليه السلام في مثل هذا استعمل هذا القرعة مع أصحاب السفينة كما قال الله تعالى فساهم فكان من المدحضين و هذا لانه علم أنه هو المقصود و لكن لو ألقى نفسه في الماء ربما ينسب إلى ما لا يليق بالانبياء عليهم السلام فاستعمل القرعة لذلك و كذلك زكريا عليه السلام استعمل القرعة مع الاحبار في ضم مريم عليها السلام إلى نفسه و قد كان علم أنه أحق بها منهم لان خالتها كانت تحته و لكن استعمل القرعة تطييبا لقلوبهم قال الله تعالى اذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ثم ان كان القاضي هو الذى يقسم بالقرعة أو نائبه فليس لبعض الشركاء أن يأتى ذلك بعد خروج بعض السهام كما لا يلتفت إلى إباء بعض الشركاء قبل خروج القرعة و ان كان القاسم يقسم بينهم بالتراضي فرجع بعضهم بعد خروج بعد السهام كان له ذلك الا إذا خرجت السهام كلها الا واحدا لان التمييز هنا يعتمد التراضى بينهم فلكل واحد منهم أن يرجع قبل أن يتم و بخروج بعض السهام لا يتم فكان هذا كالرجوع عن الايجاب قبل قول المشترى فاما إذا خرج جميع السهام الا واحدا فقد تمت القسمة لان نصيب ذلك الواحد تعين خرج أو لم يخرج فلا يملك بعضهم الرجوع بعد تمام القسمة دار بين ورثة اقتسموها و فضلوا بعضا علي بعض بفضل قيمة البناء على بعض بفضل قيمة البناء و الموضع فهو جائز لانه يعتبر في القسمة المعادلة في المالية و المنفعة و لا يتأتى ذلك في المساواة في الزرع و البناء يكون في جانب دون جانب و بعض العرصة تكون أفضل قيمة من البعض و أكثر منفعة فان مقدم الدار يرغب فيه ما لا يرغب في مؤخره و في اعتبار هذه المعادلة لابد من تفضيل البعض على البعض في المساحة و ان اقتسموا الارض مساحة و البناء و القيمة قيمة بقيمة عدل فهو جائز عند التراضى لا يشكل و كذلك إذا قضي القاضي به لان المعادلة في الارض باعتبار المساحة تتسر و قد يتعذر ذلك في البناء لما بين الابنية من التفاوت العظيم في القيمة فقسمة البناء بالتقديم تكون أعدل و إذا جاز قسمة الكل باعتبار القيمة فقسمة البعض كذلك و ان كان البناء حين اقتسموا الارض معروف القسمة فهذا في القياس لا يكون لان البناء و الارض تتناولهما قسمة واحدة و إذا لم تعرف قيمة البناء فقد تعذر تصحيح القسمة في البناء للجهالة فلا تصح القسمة في الارض أيضا كما هو الاصل في العقد
(9)
الواحد إذا فسد في بعض المعقود عليه فسد في الكل و لكنا استحسنا و جوزنا هذا لمعينين ( أحدهما ) أنهم ميزوا البناء عن الارض في هذه القسمة حين خالفوا بينهما في طريق القسمة فاعتبروا في الارض المعادلة في المساحة و فى البناء المعادلة في القيمة فصار بمنزلة أرضين يقسم كل واحدة منهما قسمة على حدة و فى ذلك تصح القسمة في احديهما قبل ظهور المساحة في الاخرى فكذلك هنا تجوز القسمة في الارض قبل أن يظهر قيمة البناء ( و الثاني ) أن حكم القسمة في الارض لا يتم بالمساحة و لكن يتوقف تمام القسمة فيها على معرفة قيمة البناء و قسمتها بالقيمة لا تتم القسمة الابعد ظهور المعادلة في الكل و معرفة كل واحد من الشركاء نصيبه و انما يعتبر حال تمام العقد و إذا كان يتم في المعلوم لم تضرهم الجهالة في الابتداء كما لو اشترى أحد الثياب الثلاثة على أنه بالخيار يأخذ أيهما شاء و يسمى لكل واحد ثمنا و إذا كانت الدار ميراثا بين قوم حضور كبار تصادقوا عند القاضي عليها و أرادوا القسمة بها فان فعلوا ذلك عن تراضي منهم لم يمنعهم القاضي من ذلك لان هذا تصرف منهم فيما بقي في أيديهم بطريق مشروع و لو تصرفوا في ذلك ببيع أو هبة لم يمنعوا منه فكذلك بالقسمة و ان سألوا القاضي أن يقسمها بينهم فان أبا حنيفة قال القاضي لا يقسم العقار بينهم بإقرارهم حتى تقوم البينة على أصل الميراث و قال أبو يوسف و محمد يقسمها بينهم و يشهد أنه قسمها بإقرارهم و قضى بذلك عليهم دون غيرهم لان اليد فيها لهم و من في يده شيء فقوله مقبول فيه ما لم يحضر خصم ينازعه في ذلك و ليس هنا خصم ينازعهم فلا حاجة لهم إلى اقامة البينة لاثبات ملكهم فيها و إذا كان الملك ثابتا لهم بقولهم انما سألوا القاضي أن يقسم بينهم ملكهم فعليه أن يجيبهم إلى ذلك كما لو زعموا أن الدار مملوكة لهم و لم يذكروا ميراثا و لا غيره و سألوه أن يقسمها بينهم قسمهم القاضي بطلبهم و أشهدوا أنه قضى بذلك عليهم دون غيرهم نظرا منه لغائب عسى يحضر فيدعى لنفسه فيها حقا فكذلك هنا و الدليل عليه انه لو كانت في أيديهم عروض أو منقول سوى العقار فاقروا انها ميراث بينهم و طلبوا قسمتها قسمها القاضي بإقرارهم و اشهد على انه قسمها بإقرارهم لاعتبار يدهم فكذلك في العقار لان اليد تثبت على العقار كما تثبت على المنقول و كذلك لو كان في أيديهم دار فاقروا أنها دارهم اشتروها من فلان الغائب و سألوا القاضي قسمتها اجابهم القاضي إلى ذلك بهذا الطريق فكذلك في الميراث اذ لا فرق بينهما لانهم في الموضعين أقروا بأصل الملك لغيرهم ثم أخبروا بانتقال الملك إليهم بسبب محتمل مشروع فإذا جاز له أن يعتمد القسمة
(10)
على قولهم فكذلك في الشراء و كذلك في الميراث و لابي حنيفة رحمه الله طريقان أحدهما على قولهم في أن قضأ القاضي هنا يتناول الميت و يصير هو مقضيا عليه بقسمة القاضي و قولهم ليس بحجة عليه فلا بد لهم من اقامة البينة ليثبت بها حجة القضاء على الميت و بيانه من وجهين ( أحدهما ) أن التركة قبل القسمة مبقاة على ملك الميت بدليل ان حقه يثت في الزوائد التي تحدث حتى يقضى منه ديونه و ينفذ وصاياه و بالقسمة ينقطع حق الميت عن التركة حتى لا يثبت حقه فيما يحدث بعد ذلك من الزوائد فكان فيه قضأ على الميت يقطع حقه ( و الثاني ) ان القاضي يثبت له الولاية على الميت في تركته فيما يرجع إلى النظر و ينفذ تصرفه اليه إذا كان فيه نظر للميت فبم يخبرون القاضي بثبوت ولايته على الميت ليلزم الميت قضاؤه فيما يرجع إلى النظر و ذلك أمر وراء ما في أيديهم فلا يكون قولهم في ذلك حجة فيكلفهم اقامة البينة على ذلك و تقبل هذه البينة من خصم لانها تقوم لاثبات ولاية النظر للقاضي في حق من هو عاجز عن النظر لنفسه و هذا بخلاف ما إذا اقتسموا بأنفسهم لان فعلهم لا يلزم الميت شيئا و بخلاف العروض لان معنى النظر للميت هناك في القسمة من وجهين ( أحدهما ) أن العروض يخشي عليها النوى و التلف و فى القسمة تحصين و حفظا لها فاما العقار محصنة بنفسها لا يخشى عليها التلف ففى القسمة قضأ على الميت يقطع حقه عنها ( و الثاني ) ان في العروض ما يأخذه كل واحد منهم بعد القسمة يصير مضمونا عليه بالقبض في حق غيرهم ففى جعل ذلك مضمونا عليهم معنى النظر للميت و ذلك لايوجد في العقار فانها لا تصير مضمونة على من أثبت يده فيها عند أبى حنيفة رحمه الله و هذا بخلاف ما زعموا انها مملوكة لهم لان القضاء بالقسمة هناك لا يقتصر عليهم و لا يعتدى إلى غيرهم اذ لم يثبت فيها أصل الملك لغيرهم فاما في الشراء فقد روى عن أبى حنيفة رحمه الله في أن القاضي لا يقسمها بينهم و سوى بين الشراء و الميراث و لكن على هذا الطريق نسلم كما هو ظاهر الرواية فنقول قضاؤه بالقسمه في المشتري لا يتضمن قطع حق البائع لان بعد البيع و التسليم لا يبقى المبيع على حكم ملك البائع بخلاف الميراث و لانه لا يثبت للقاضي الولاية على الغائب بالتصرف في أمواله فهم ما أخبروا القاضي بثبوت ولايته على البائع الغائب بخلاف الميراث على ما قررنا و الطريق الآخر لابى حنيفة أنه لا يتمكن من القضاء بالقسمة حتى يقضى بموت المورث و يتعلق بموته أحكام مقصودة على ما في أيديهم من وقوع التفريق بينه و بين زوجته و عتق أمهات أولاده و مدبراته و حلول آجاله و قولهم ليس بحجة في شيء
(11)
من ذلك فلا يشتغل القاضي بالقسمة حتى تقوم البينة عنده على الموت وأصل الميراث بخلاف العروض فالقسمة فيها للتحصين لا لتحصيل الملك ( ألا ترى ) ان القسمة في العروض تجري بين المودعين للحفظ فلا يتضمن القضاء بموته فاما في العقار القسمة لتحصيل الملك و لا يكون ذلك الا بعد القضاء بموته و على هذا الطريق يأخذ في مسألة الشراء برواية النوادر لانه لا يتمكن من القضاء بالقسمة حتى يقضى بالبيع و زوال ملك البائع و قولهم ليس بحجة عليه و لئن سلمنا فنقول الحكم المتعلق بالبيع هناك مقصود على ما في أيديهم فيستقيم أن يجعل ذلك نائبا فى حقهم بإقرارهم بخلاف الميراث و إذا كان في الورثة صغير أو كبير غائب و الدار في أيدي الكبار الحضور فكذلك الجواب عند أبى حنيفة رحمه الله لا يقسمها القاضي بينهم حتى تقوم البينة على أصول المواريث لانها لما لم يقسم في الفصل الاول مع أن الورثة كلهم كبار حضورففى هذا الفصل أولى أن لا يقسم لان في قسمته قضأ على الغائب و الصغير بقولهم و علي قول أبى يوسف و محمد يقسمها بينهم و يعزل حق الغائب و الصغير و يشهد أنه قسمها بإقرار الحضور الكبار و ان الغائب و الصغير على حجتهما كما في الفصل الاول لان الدار كلها في يد الكبار الحضور و ليس في هذه القسمة قضأ على الصغير و الغائب بإخراج شيء من يد هما بل فيها نظر لهما بظهور نصيبهما مما في يدالغير فانه بالقسمة يعزل نصيب الغائب و الصغير و كان هذا محض نظر في حق الغائب و الصغير و للقاضي هذه الولاية و ان كان شيء من العقار في يد الصغير أو الغائب لم أقسمها بإقرار الحضور حتى تقوم البينة على أصل الميراث لان في هذه القسمة قضأ على الغائب و الصغير بإخراج شيء مما كان في يده عن يده و كذلك ان كان الكبير أودع ما كان في يده منها رجلا حين غاب لان المودع أمين فلا يكون خصما في ذلك و لا يجوز للقاضي أن يقضي على الغائب بحضور أمينه فلهذا لا يقسم حتى تقوم البينة فإذا قامت البينة قبلها القاضي لانها تقوم لاثبات ولاية القاضي في تركة الميت و لان الورثة يخلفون الميت في الميراث فينتصبون خصما عنه و ينصب بعضهم خصما عن بعض فقل ما تخلو تركة عن هذا فان الورثة يكثرون و قل ما يحضرون فلو لم يقبل القاضي البينة و لم يقسمها لمكان غائب أو صغير أدى إلى الضرر و الضرر مدفوع و كذلك إذا حضر القاضي اثنان من الورثة و العقار في أيديهما و أقاما البينة على أصل الميراث فان القاضي يقسمها بينهم و يوكل بنصيب الغائب و الصغير من يحفظه لانه يجعل أحد الحاضرين خصما عن الميت و عن الصغير و الغائب و الآخر خصما عن نفسه
(12)
فيتمكن من قبول هذه البينة و العمل بها بحضور مدع و مدعى عليه و إذا كان الحاضر واحدا لم يقسمها القاضي و لم يقبل منه البينة لانه ليس معه خصم فان الحاضر لو كان خصما عن نفسه فليس هنا خصما عن الميت و عن الغائب و ان كان هذا الحاضر خصما عنهما فليس هنا من يخاصم عن نفسه ليقيم البينة عليه بذلك بخلاف ما إذا كان الحاضر اثنين من الورثة و الثاني أن الحاضر إذا كان واحدا فهو متظلم في طلب القسمة و لا طالب للانصاف اذ ليس معه من ينتفع بملكه حتى يقول للقاضي أقسمها بيننا لكيلا ينتفع بملكى غيري فإذا حضر اثنان فكل واحد منهما يطلب القسمة ليسأل القاضي أن يمنع صاحبه من الانتفاع بنصيبه و ذلك مستقيم و ان كان فيهم خصم صغير جعل له القاضي وصيا لان للقاضي ولاية النظر للصبي في نصيب الوصي و وصى الصغير قائم مقام الصغير فكانه بالغ حاضر فتقبل البينة حينئذ و يأمر بالقسمة باعتبار أنه يجعل أحدهما مدعيا و لآخر مدعى عليه واحدهما خصما عن نفسه و الآخر عن الميت و الغائب و ان كان العقار شراء بينهم و منه غائب لم أقسمها بينهم و ان أقاموا البينة على الشراء حتى يحضر الغائب لان في الميراث انما قسمها عند حضور جماعة منهم لتعذر اشتراط حضورهم عند القسمة بطريق العادة و هذا لايوجد في الشراء فقد كانوا حاضرين عند الشراء فتيسر اشتراط حضورهم عند القسمة أيضا و لان الحاضر من المسيرين لا ينتصب خصما عن الغائب لان النائب بالشراء لكل واحد منهم ملك جديد بسبب باشره في نصيبه و لا يجوز القضاء على الغائب بالبينة إذا لم يكن عنه خصم حاضر فاما في الميراث لا يثبت للورثة ملك متجدد بسبب حادث و انما ينسب إليهم ما كان من الملك للمورث بطريق الخلافة و لهذا يثبت لهم حق الرد بالعيب على بائع المورث و يصح اقالتهم معه فيستقيم أن يجعل بعضهم خصما عن البعض في ذلك لا تحاد السبب في حقهم و هو الخلافة عن الميت و إذا كانت الدار ميراثا و فيها وصية بالثلث و بعض الورثة غائب و بعضهم شاهد فاراد الموصي له بالثلث القسمة و أقام البينة على المواريث و الوصية فان الدار تقسم على ذلك لان من حضر من الورثة ينتصب خصما عن الميت و عن سائر الورثة فتقبل بينة الموصى له بذلك عليهم و إذا قبلت بينته قسمت الدار بينهم على ذلك و لو أن بيتا في دار بين رجلين أراد أحدهما قسمته و امتنع الآخر و هو صغير لا ينتفع واحد منهما بنصبيه إذا قسم لم يقسمه القاضي بينهما لان الطالب للقسمة بينهما متعنت فان قبل القسمة يتمكن كل واحد منهما من الانتفاع بنصيبه و بالقسمة يفوت ذلك فالطالب
(13)
منهما انما يقصد التعنت و الاضرار بشريكه فلا يجيبة القاضي إلى ذلك و كذلك لا يقسم الحائط و الحمام بين رجلين لان في قسمته ضررا و المقصود بالقسمة اتصال منفعة الملك إلى كل واحد من الشركاء و فى الحائط و الحمام تفوت المنفعة بالقسمة لان كل واحد منهما لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة كما كان ينتفع قبل القسمة فلا يقسمه القاضي بينهم لانه لا يشتغل لما لا يفيد و لا بما فيه اضرار و لو اقتسموا بينهم بالتراضي لم يمنعهم من ذلك لانهم لو أقدموا على إتلاف الملك لم يمنعهم من ذلك في الحكم فكذلك إذا تراضوا القسمة فيما بينهم فان كانت دار بين رجلين و لاحدهما فيها بعض قليل لا ينتفع به إذا قسم فاراد صاحب الكثير القسمة قسمها بينهم و ان أبى ذلك صاحب القليل عندنا ( و قال ) ابن أبى ليلي رحمه الله لا يقسمها و كذلك ان كان سائر الشركاء لا ينتفعون بانصبائهم الا هذا الواحد الطالب للقسمة فانه يقسمها بينهم و ان كان الطالب صاحب القليل لم يقسمها إذا كان هو لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة و على قول ابن أبى ليلي رحمه الله لا يقسمها عند اباء بعضهم الا إذا كان كل واحد منهم ينتفع بنصيبه بعد القسمة لان المقصود بالقسمة تحصيل المنفعة لا تفويتها و المعتبر في القسمة المعادلة بين الشركاء في المنفعة فإذا كان بعضهم لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة فهذه قسمة تقع على ضرر و القاضي لا يجبر الشركاء على مثله كما لو كان الطالب من لا ينتفع بنصيبه بعد القسمة و لنا أن الطالب للقسمة يطلب الانصاف من القاضي و لا يتعنت لانه يطلب منه أن يخصه بالانتفاع بملكه و يمنع غيره من الانتفاع بملكه و هذا منه طلب للاصناف فعلى القاضي أن يجيبه إلى ذلك بخلاف ما إذا كان الطالب للقسمة من لا ينتفع بنصيبه لانه متعنت في طلب القسمة و القاضي يجيب المتعنت بالرد يوضحه أن بعد القسمة و ان تعذر على صاحب القليل الانتفاع بنصيبه فذلك لقلة نصيبه لا لمعنى من جهة صاحب الاكبر و ذلك لا يعتبر في حق صاحب الكبير فيصير هذا في حقه و ما إذا كان كل واحد منهما ينتفع بنصيبه بعد القسمة سواء و الحاكم في المختصر ( قال ) إذا كان الضرر على أحدهما دون الآخر قسمتها أيهما طلب القسمة و هذا صحيح و الصحيح أنه انما يقسم إذا طلب ذلك صاحب الكبير خاصة و منهم من صحح ما ذكره الحاكم رحمه الله و قال صاحب القليل رضي بالضرر حين طلب القسمة و صاحب الكبير منتفع بالقسمة فيقسمه القاضي بينهم لهذا و لكن الاول أصح لان رضاه بالتزام الضرر لا يلزم القاضي شيئا و انما الملزم طلبه الانصاف من القاضي و اتصاله إلى منفعة ملكه و ذلك لايوجد عند طلب صاحب القليل