مبسوط جلد 15

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 15

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(133)

سنة مستقبلة و ذلك حين يهل الهلال تعتبر سنة بالاهلة اثنى عشرا شهرا و ان كان ذلك في بعض الشهر يعتبر سنة بالايام ثلاثمائة و ستين يوما في قول أبى حنيفة رحمه الله و هو رواية عن أبى يوسف رحمه الله و عند محمد يعتبر شهرا بالايام واحدى عشر شهرا بالاهلة و هو رواية عن ابي يوسف رحمه الله و وجه هذا القول أن الاهلة أصل و الايام بدل ففى الشهر الواحد تقدر الاهلة و في احدى عشر شهرا اعتبار ما هو أصل ممكن فلا معنى للمصير إلى البدل وجه قول أبى حنيفة رحمه الله أن ابتداء المدة معتبر بالايام بالاتفاق فكذلك جميع المدة لان ثبوت الكل بتسمية واحدة و هذا لانه ما لم يتم الشهر الاول لا يدخل الشهر الثاني فإذا كان ابتداء الشهر الاول في بعض فتمامه في بعض الشهر الداخل أيضا و انما يدخل الشهر الثاني في بعض الشهر فيجب اعتباره بالايام و كذلك في كل شهر و قد ذكر في كتاب الطلاق في باب العدة أنها تعتبر بالايام فعلى قول أبى حنيفة واحدى الروايتين عن أبى يوسف رحمهما الله لا حاجة إلى الفرق و هو قول محمد و هو احدى الروايتين عن أبى يوسف رحمهما الله الفرق بين الاصلين أن الاجارة عقود متفرقة فإذا أهل الهلال يتجدد العقد عند ذلك فيجعل ذلك كأنهما جددا العقد في هذه الحالة فلهذا تعتبر أحد عشر شهرا بالهلال و لا يوجد مثل ذلك في العدة لان الكل في حكم شيء واحد فتعبر كلها بالايام ثم قال إذا استأجرها سنة أولها هذا اليوم و هو رابع عشرة مضيين من الشهر فانه يسكنها بقية هذا الشهر واحدى عشر شهرا بالاهلة و ستة عشر يوما من الشهر الباقى و هذا غلط و الصحيح ما ذكر في بعض الروايات استأجرها لاربع عشرة بقين من الشهر لانه إذا كان الماضي من الشهر الاول أربع عشرة فقد سكنها بعد العقد ستة عشرة يوما في ذلك الشهر فلا يسكنها في آخر المدة الا أربعة عشر يوما لتمام ثلاثين يوما و قد قال يسكنها ستة عشر يوما فعرفنا أن الصحيح لاربع عشرة بقين من الشهر و إذا استأجر بيتا في علو دار و منزلا على ظلة على ظهر طريق فهو جائز لانه مسكن معد للانتفاع به من حيث السكنى و لو استأجر بيتا على أن يقعد فيه قصارا فاراد أن يقعد فيه حدادا فله ذلك ان كانت مضرتهما واحدة أو كانت مضرة الحداد أقل و ان كانت أكثر مضرة لم يكن له ذلك و كذلك الرحالان التقييد إذا كان مفيدا يعتبر و ان كان مفيد لا يعتبر و الفائدة في حق صاحب الدار بأن ما لا يوهن بناءه و لا يفسده فلا تكون مضرته مثل المشروط أو أقل منه فقد علمنا أنه لا ضرر فيه على صاحب الدار و المنفعة صارت مملوكة للمستأجر و للانسان أن يتصرف في

(134)

ملك نفسه على وجه لا يضر بغيره كيف شاء و ان كان أكثر مضرة فهو يريد أن يلحق به ضررا لم يرض به صاحب الدار فيمنع من ذلك و المسلم و الذمي و الحربى المستأمن و الحر و المملوك التاجر و المكاتب كلهم سواء في الاجارة لانها من عقود التجارة و هم في ذلك سواء و ان استأجر الذمي دارا سنة بالكوفة بكذا درهما من مسلم فان اتخذ فيها مصلى لنفسه دون الجماعة لم يكن لرب الدار أن يمنعه من ذلك لانه استحق سكناها و هذا من توابع السكنى و ان أراد أن يتخذ فيها مصلى للعامة و يضرب فيها بالناقوس فلرب الدار أن يمنعه من ذلك و ليس ذلك من قبل أنه يملك الدار و لكن على سبيل النهى عن المنكر فانهم يمنعون من أحداث الكنائس في أمصار المسلمين فلكل مسلم أن يمنعه من ذلك كما يمنعه رب الدار و هذا لقوله صلى الله عليه و سلم لا خصاء في الاسلام و لا كنيسة و المراد نفي احداث الكنائس في أمصار المسلمين و في الخصاء تأويلان ( أحدهما ) خصاء بني آدم فذلك منهى عنه و هو من جملة ما يأمر به الشيطان قال الله تعالى و لا آمرنهم فلا يغيرن خلق الله و الامتناع من صحبة النساء على قصد التبتل و الترهب و الحاصل أنهم لا يمنعون من السكنى في أمصار المسلمين فيجوز بيع الدور و إجارتها منهم للسكنى الا أن يكثروا على وجه نقل بسببه جماعات المسلمين فيحنئذ يؤمرون بأن يسكنوا ناحية من المصر الموضع الذي يسكنه المسلمون على وجه يأمنون اللصوص و لا يظهر الخلل في جماعات المسلمين و يمنعون من أحداث البيع و الكنائس في أمصار المسلمين فإذا أراد أن يتخذ مصلى العامة فهذا منه احداث الكنيسة و كذلك يمنعون من اظهار بيع الخمور في أمصار المسلمين لان ذلك يرجع إلى الاستخفاف بالمسلمين و ما أعطيناهم الذمة على أن يظهروا ذلك فكان الا ظهرا فسقا منهم في التعاطى فلكل مسلم أن يمنعهم من ذلك صاحب الدار و غيره فيه سواء و كذلك يمنعون من اظهار شرط الخمر و ضرب المعازف و الخروج سكارى في أمصار المسلمين لما فيه من الاستخفاف بالمسلمين أيضا و لو كان هذا في دار بالسواد أو بالجبل كان للمستأجر أن يصنع فيها ما شاء و كان أبو القاسم الصفار رحمه الله يقول هذا الجواب في سواد الكوفة فان عامة من يسكونها من اليهود و الروافض لعنهم الله فأما في ديارنا يمنعون من احداث ذلك في السواد كما يمنعون في المصر لان عامة من يسكن القرى في ديارنا مسلمون و فيها الجماعة و الدرس و مجلس الوعظ كما في الامصار فاما وجه ظاهر الرواية أن الامصار موضع إعلام الدين نحو اقامة الجماعات و اقامة الحدود و تنفيذ الاحكام في احداث البيع في الامصار معنى المقابلة

(135)

للمسليمن فاما القرى فليست بمواضع إعلام الدين فلا يمنعون من احداث ذلك في القرى ( قال ) رضى الله عنه و القول الاول عندي أصح فان المنع من ذلك في الامصار لا يفتتن به بعض جهال المسلمين ( ألا ترى ) أنهم إذا لم يظهروا لم يمنعوا من أن يضعوا من ذلك بينهم ما شاؤا و خوف الفتنة في اظهار ذلك في القرى أكثر فان الجهل على أهل القرى أغلب و اليه أشار النبي صلى الله عليه و سلم في قوله أهل القبور هم أهل الكفور و الدليل على أن المعنى ما قلنا قوله صلى الله عليه و سلم انا بري من كل مسلم مع مشرك لا نراء ناراهما و قوله صلى الله عليه و سلم لا تستضئوا بنار المشركين و لو كان المستأجر مسلما فظهر منه فسق في الدار أو دعارة أو كان يجمع فيها على الشرب منعه رب الدار من ذلك كله لا لملكه الدار بل على سبيل النهى عن المنكر فانه فرض على كل مسلم صاحب الدار و غيره فيه سواء و ليس لرب الدار أن يخرجه من الدار من أجل ذلك مسلما كان أو ذميا لان عقد الاجارة لازم لا يفسخ الا بعذر و العذر ضرر يزول بفسخ الاجارة و هذا ليس من تلك الجملة فلا تفسخ الاجارة لاجله أ رأيت لو كان باعه الدار كان يفسخ البيع لما ظهر منه لا سبيل له إلى ذلك فكذلك الاجارة و إذا سقط حائط من الدار فاراد المستأجر ترك الاجارة نظر في ذلك فان كان لا يضر بالسكنى فليس له أن يخرج لان المستحق بالعقد منفعة السكنى و لم يتغير بما حدث فهو كما لو استأجر عبدا للخدمة فاعور العبد و ذلك لا بنقص من خدمته و ان كان يضر ذلك بالسكنى فله أن يخرج لتمكن الخلل في مقصوده و العيب الحادث في المعقود عليه للسكنى بمنزلة العبد المستأجر للخدمة إذا مرض و هذا لما تقدم أن يقبض الدار لا تدخل المنفعة في ضمان المستأجر فحدوث المغير بعد قبض الدار و قبله سواء الا أن ينتبه صاحب الدار قبل فسخ المستأجر العقد فحينئذ لا يكون للمستأجر أن يفسخ لزوال العيب و ارتفاع المغير كالعبد إذا برأ و انما يكون له حق الفسخ بحضرة رب الدار فان كان غائبا فليس له أن يفسخ لان هذا بمنزلة الرد بالعيب فلا يكون الا بمحضر من الاجر لما فيه من إلزام حكم الرد الاخر فيستوى في ذلك ما قبل القبض و ما بعده كما في رد المبيع بالعيب و لو خرج في حال غيبة رب الدار فالأَجر واجب عليه كما لو سكن لان العقد حق و هو متمكن من استيفاء المنفعة مع التغير فلزمه الاجر و كذلك ان سكن مع حضرة رب الدار لان التغير في وصف المعقود عليه فإذا رضي به لا يحط شيء من الاجر كالمشترى إذا رضى بالعيب و ان سقطت الدار كلها فله أن يخرج شاهدا كان صاحب الدار أو غائبا و فيه

(136)

طريقان لمشايخنا رحمهم الله ( أحدهما أن العقد انفسخ بسقوط جميع البناء لفوات المعقود عليه و هو منفعة السكنى فانه بالبناء كان مسكننا بخلاف الاول فهناك دخل المعقود عليه تغير ( ألا ترى ) أن استئجار الحراب للسكنى لا يجوز ابتداء فكذلك لا يبقى العقد و إذا انفسخ العقد سقط الاجر سواء كان رب الدار شاهدا أو غائبا لان اشتراط حضوره للفسخ قصد الا للانفساخ حكما ( و طريق ) آخر و هو الاصح أن العقد لا ينفسخ بالانهدام و قد نص عليه كتاب الصلح ( قال ) و لو صالح على سكنى دار فانهدمت الدار لا يبطل الصلح و روى هشام عن محمد رحمهما الله قال لو استأجر بيتا فانهدم فبناه المؤاجر و أراد المستأجر أن يسكنه في بقية المدة فليس للمؤجر منعه من ذلك فهذا دليل على أن العقد لم ينفسخ و لان أصل الموضع مسكن بعد انهدام البناء يتأتى فيه السكنى بنصب الفسطاط و الخيمة فيبقى العقد لهذا و لكن لا أجر على المستأجر لانعدام تمكنه من الانتفاع على الوجه الذي قصده بالاستئجار فان التمكن من الانتفاع شرط لوجوب الاجر ( ألا ترى ) أنه لو منعه غاصب من السكنى لا يجب عليه الاجر فكذلك إذا انهدم البناء بخلاف ما إذا سقط حائط منها فالتمكن من الانتفاع هناك على الوجه الذي قصده بالعقد قائم فيلزمه الاجر ما لم يفسخ العقد بمحضر من رب الدار و إذا أستأجر دارا سنة فلم يسلمها اليه حتى مضى الشهر و قد طلب التسليم أو لم يطلب ثم تحاكما لم يكن للمستأجر أن يمتنع من القبض في باقي السنة عندنا و لا للمؤاجر أن يمنعه من ذلك و قال الشافعي رحمه الله للمستأجر حق فسخ العقد فيما بقي و هو بناء على الاصل الذي بينا أن عنده المنافع في حكم الاعيان القائمة فإذا فات بعض ما تناوله العقد قبل القبض يجبر فيما بقي لا تحاد الصفقة فانها إذا تفرقت عليه قبل القبض تخير فيما بقي لا تحاد الصفقة فانها تفرقت عليه قبل التمام و ذلك مثبت حق الفسخ كما لو اشترى شيئين فهلك أحدهما قبل القبض يوضحه أن الانسان قد يستأجر دارا و حانوتا سنة و مقصوده من ذلك شهرا واحدا كالحاج بمكة في أيام الموسم فإذا منعه في المدة التي كانت مقصودة له لو قلنا يلزمه التسليم بعد ذلك تضرر به فلدفع الضرر أثبتنا له حق الفسخ و عندنا عقد الاجارة في حكم عقود متفرقة حتى يتجدد انعقادها بحسب ما يحدث من المنفعة على ما بينا فلا يتمكن تفرق الصفقة مع تفرق العقود و فوات المعقود عليه في عقد لا يؤثر في عقد آخر بخلاف البيع يوضحه أن لو استأجر دارين و قبضهما فانهدمت احداهما لا يتخير في الاخر و المنافع بقبض الدار لم تدخل في ضمانه فقد تفرقت الصفقة عليه قبل التمام لان تمام الصفقة

(137)

بدخول المعقود عليه في ضمانه و مع ذلك لا يثبت له حق الفسخ فكذلك إذا كان الانهدام قبل القبض و ان سلمها اليه الا بيتا كان مشغولا بمتاع المؤاجر رفع منه من الاجر بحساب ذلك لان الاجر انما يجب باستيفاء المنفعة فانما يلزم بقدر ما استوفى و كذلك لو سلمها اليه كلها ثم انتزع منها بيتا لانه زال تمكنه من استيفاء منفعة السكنى في البيت حين انتزع منه فكانه لم يسلمه اليه في الابتداء ( ألا ترى ) أنه لو انتزع الكل منه لم يجب عليه الاجر فالجزء معتبر بالكل و لو غصب الدار من المستأجر الاجنبي سقط عنه الاجر في مدة الغصب لزوال تمكن المستأجر من استيفاء المعقود عليه و يجوز استئجار الدار بالموصوف من المكيل و الموزون شرط له أجلا أو لم يشترطه و هذا لان الاجرة بمنزلة الثمن في البيع فان الاجارة نوع بيع فما يصلح بدلا في البيع يصلح في الاجارة و المكيل و الموزون يصلح بدلا في البيع موصوفا حالا كان أو مؤجلا و الثياب لا تصلح موصوفة الا مؤجله و الحيوان لا يصلح الا أن يكون معينا فكذلك في الاجارة و هذا على الطريق الذي يقول المنفعة مال و ان كان دون العين ظاهر لان الحيوان لا يثبت دينا في الذمة بدلا عوضا عما هو مال و على الطريق الذي يقول ليس بمال فالحيوان انما يثبت في الذمة بدلا عما ليس بمال في العقود المبينة على التوسع في البدل و هو ما لم يشرع في الاصل لتحصيل المال فأما الاجارة مبينة على الاستقصاء في البدل مشروعة لتحصيل المال كالبيع و الحيوان بغير عينه يكون مجهول مقدار المالية فلهذا لا يثبت في الاجارة و ان استأجر دارا بعبد بعينه فاعتقه رب الدار قبل أن يتقابضا لم يجز عتقه لما بينا أن الاجرة إذا كانت عينا لا تملك بنفس العقد و عتق الانسان فيما لا يملك باطل فان كان المستأجر دفع اليه العبد و لم يقبض الدار حتى أعتقه رب الدار فعتقه جائز لان الاجرة تملك بالتعجيل فان قبض الدار و تمت السكنى فلا شيء ء عليه و ان انفسخ العقد باستحقاق الدار أو موت أحدهما أو غرق الدار أو انعدم التمكن من الانتفاع بالهدم فعلى المعتق قيمة العبد لان العقد لما انفسخ وجب عليه رد العبد و قد تعذر رد العبد لنفوذ العتق فيه فيلزمه قيمته و هذا لان عتقه لا يبطل بما حدث لان المستأجر سلط عليه و ملكه إياه بالسليم اليه حال قيام العقد فنفذ عتقه و العتق بعد ما نفذ لا يمكن نقضه و لو لم يقبض العبد حتى سكن الدار شهرا ثم أعتقا جميعا العبد و هو في يد المستأجر فانه يجوز عتق رب الدار بقدر أجر الشهر و يجوز عتق المستأجر فيما بقي منه لان رب الدار ملك منه حصة ما استوفى المستأجر من المنفعة فكان العبد مشتركا

(138)

بينهما فإذا أعتقاه عتق و تنتقض الاجارة فيما بقي لان جوازها باعتبار مالية العبد و قد فات بالعقد فهو كما لو مات العبد قبل التسليم الا أن في الموت على المستأجر أجر مثل الدار بقدر ما سكن لان العقد انتقض بهلاك المعقود عليه قبل التسليم فبقيت المنفعة في تلك المدة مستوفاة بعقد فاسد فعليه رد بدلها و هو أجر المثل و فيما أعتقاه لا يلزمه ذلك لان رب الدار صار قابضا لما يخص المستوفي من المنفعة من العبد و لو استكمل السكنى ثم مات العبد قبل أن يدفعه اليه أو استحق كان عليه أجر مثلها لانه استوفي المنفعة بحكم عقد فاسد و لو كان المستأجر دفع العبد و لم يسكن الدار حتى أعتقه فعتقه باطل لان العبد خرج من ملكه بالتسليم إلى رب الدار فانما أعتق ما لا يملكه و لو استأجر دارا سنة فسكنها ثم استحقت فالأَجر للمؤاجر دون المستحق عندنا لانه تبين انه كان غاصبا و قد بينا في كتاب الغصب أن الغاصب إذا أجر المغصوب فالأَجر له لانه وجب بعقده و هو الذي ضمن تسليم المعقود و عليه أن يتصدق به لانه حصل له بكسب خبيث و في قياس قول أبى يوسف الاول لا يتصدق لانه كان يقول العقار يضمن بالغصب و من مذهبه أن من استربح على ضمانه لا يلزمه التصدق به كما في المودع إذا تصرف في الوديعة و لو انهدمت من السكنى ضمن الساكن لانه متلف و العقار يضمن بالاتلاف و يرجع به على المؤاجر لانه مغرور من جهته بعقد معاوضة و قد كان ضمن سلامة المعقود عليه عن عيب الاستحقاق فإذا لم يسلم رجع كما يغرم بسببه و لو أجر داره من رجل فامى سنة بدراهم معلومة ثم استقرض رجل من رب الدار شهرين فأمر الفامي أن يعطيه ذلك فكان الرجل يشترى به من الفامي الدقيق و الزيت و غيره حتى استوفى أجر الشهرين فهو جائز لان رب الدار أقامه مقام نفسه و هو بنفسه لو عامل الفامي بذلك يجوز و ليس للفامى على المستقرض شيء لانه قائم مقام رب الدار فتسليمه اليه كتسليمه إلى رب الدار و لكنه قرض لرب الدار على المستقرض بمنزلة ما لو قبض بنفسه ثم أقرضه منه و كذلك لو أخذ دينارا فيما أخذ و قد بينا اختلافهم في المصارفة في الاجر مع رب البيت فكذلك مع من قام مقامه و هو المستقرض و لو كان للفامى على الرجل دينار أو أجر البيت عشرة دراهم في كل شهر فمضي شهران ثم أمر رب الدار الفامي أن يدفع أجر الشهرين إلى المستقرض و قاصه بالدينار الذي له عليه و أخذ بالفضل شيئا فهو جائز بمنزلة ما لو فعله رب البيت فان أجر الشهرين قد وجب و المقاصة بالدينار بعد وجوبها تجوز بالتراضي و ليس هذا

(139)

تصرف فيما بين رب البيت و المستقرض و لكنه صرف فيما بين المستقرض و الفامى حتى يرجع رب البيت على المستقرض بالدراهم بمنزلة ما لو كان اشترى به من الفامي شيئا و لو كان رب البيت أقرض الدراهم على أن يرد عليه دينارا بعشرة دراهم لم يجز لان القرض مضمون بالمثل و شرط شيء آخر مكانه باطل و ان أحاله على هذا الوجه بالدراهم فقاصه بالدينار فانما للمقرض على المستقرض عشرون درهما لان ما جرى بينهما من الشرط كان صرفا بالنسيئة و هو باطل و لو كان أقرضه أجر الشهرين قبل أن يسكن شيئا و أمره أن يعجله و طابت نفس الفامي بذلك و أعطاه به دقيقا أو زيتا أو دينار بعشرة دراهم منها ثم مات رب البيت قبل السكنى أو انهدم البيت أو استحق لم يرجع الفامي على المستقرض بشيء لما بينا أنه قائم مقام رب البيت فيما قبضه منه و لكنه يرجع على رب البيت بالدراهم و رب البيت على المستقرض بالدراهم و قال أبو يوسف رحمه الله أخيرا في حصة البيت هكذا فاما في حصة الدينار فانه يرجع بالدينار بعينه على الذي كان عليه الاصل لان المصارفة كانت قبل وجوب الاجر و قد بطلت بالافتراق قبل التقابض فيرجع عليه بالدينار كما كان في ذمته فان قيل كيف يستقيم هذا و قد وجب الاجر على الفامي بشرط التعجيل فانه قال و أمره أن يعجله قلنا شرط التعجيل انما يعتبر إذا كان مذكورا في العقد و قوله و أمره أن يعجله على سبيل الالتماس لا على سبيل الشرط ( ألا ترى ) أنه كان قال و طابت نفس الفامي بذلك و لا يجوز استئجار السكنى بالسكنى و الخدمة بالخدمة و يجوز استئجار السكنى بالخدمة و الركوب عندنا و قال الشافعي رحمه الله يجوز على كل حال اتفقت جنس المنفعة أو اختلفت بناء على أصله أن المنافع كالاعيان القائمة و مبادلة العين بالعين من جنسه أو من خلاف جنسه صحيح عند المساواة على كل حال و عند التفاوت في الاموال الربوية و المنافع ليست بمال الربا فيجوز مبادلة بعضها بالبعض و ان جاز الاعتياض عن كل واحد منهما بالدراهم جاز معاوضة على كل واحد منهما بالاخر كما إذا اختلف جنس المنفعة و لنا فيه طريقان ( أحدهما ) منقول عن محمد رحمه الله قال مبادلة السكنى بالسكنى كبيع القوهي بالقوهى نسأ و معنى هذا أن المعقود عليه ما يحدث من المنفعة و ذلك موجود في الحال فإذا اتحد الجنس كان هذا مبادلة الشيء بجنسه يحرم نسيئة و بالجنس يحرم النسأ عندنا بخلاف ما إذا اختلف الجنس فان قيل النسأ ما يكون عن شرط في العقد و الاجل عنا مشروط كيف و المنافع في حكم الاعيان دون الديون لانها لو كانت في حكم الدين لم يجز مع اختلاف الجنس فالدين بالدين حرام و ان اختلف الجنس




/ 28