فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب - نسخه متنی

سلیمان بن عبدالوهاب النجدی الحنبلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لم يجز أن نعيّن شخصاً ممّن فعل بعض هذه الأفعال ، ونقول : هذا المعيّن قد أصابه هذا الوعيد ، لإمكان التوبة ، وغيرها من مسقطات العقوبة .

إلى أن قال : فَفِعْلُ هذه الأمور ممّن يحسب أنـّها مباحة ـ باجتهاد أو تقليد ونحو ذلك ـ وغايته أنـّه معذورٌ من لحوق الوعيد به لمانع .

كما امتنع لحوق الوعيد بهم لتوبة ، أو حسنات ماحية ، أو مصائب مكفّرة ، أو غير ذلك .

وهذه السبيل هي التي يجب اتّباعها ، فإنّ ما سواها طريقان خبيثان :

أحدهما : القول بلحوق الوعيد بكلّ فرد من الأفراد بعينه ، ودعوى أنـّه عمل بموجب النصوص .

وهذا أقبح من قول الخوارج المكفّرين بالذنوب ، والمعتزلة وغيرهم ، وفساده معلوم بالاضطرار ، وأدلّته في غير هذا الموضع ، فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حقّ .

لكنّ الشخص المعيّن الذي فعله لا يُشهَد عليه بلا وعيد ، فلا يُشهَد على معيّن من أهل القبلة بالنار ، لفوات شرط ، أو لحصول مانع .

وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحقّ ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكّن من معرفتها وفهمهما ، أو قد عرضت له شبهات يعذره الله بها .

فمن كان مؤمناً بالله وبرسوله ، مظهراً للإسلام ، محبّاً لله ورسوله ، فإنّ الله يغفر له ، ولو قارف بعض الذنوب القوليّة ، أو العمليّة ، سواء أُطلق عليه لفظ الشرك ، أو لفظ المعاصي .

هذا الذي عليه أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وجماهير أئمّة الإسلام .

لكنّ المقصود أنّ مذاهب الأئمّة مبنيّةٌ على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين .

بل ، لا يختلف القول عن الإمام أحمد وسائر أئمّة الإسلام كمالك ، وأبي

حنيفة ، والشافعيّ أنـّهم لا يكفّرون المرجئة الذين يقولون : « الإيمان قول بلا عمل » .

ونصوصهم صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج ، والقَدَريّة وغيرهم .

وإنّما كان الإمام أحمد يطلق القول بتكفير الجهميّة ، لأنّه ابتلي بهم حتّى عرف حقيقة أمرهم ، وأنـّه يدور على التعطيل .

وتكفير الجهميّة مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كانوا يكفّرون أعيانهم .

فإنّ الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقوله ولا يدعو إليه ، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط ، والذي يكفّر مخالفه أعظم من الذي يعاقب .

ومع هذا ، فالذين ـ من ولاة الأمور ـ يقولون بقول الجهميّة : إنّ القرآن مخلوقٌ ، وإنّ الله لا يُرى في الآخرة ، وإنّ ظاهر القرآن لا يحتجّ به في معرفة الله ، ولا الأحاديث الصحيحة ، وإنّ الدين لا يتمّ إلاّ بما زخرفوه من الآراء ، والخيالات الباطلة ، والعقول الفاسدة ، وإنّ خيالاتهم وجهالاتهم أحكم في دين الله من كتاب الله ، وسُنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان ، وإنّ أقوال الجهميّة والمعطِّلة من النفي والإثبات أحكم في دين الله .

بسبب ذلك امتحنوا المسلمين ، وسجنوا الإمام أحمد ، وجلدوه ، وقتلوا جماعة ، وصلبوا آخرين .

ومع ذلك لا يطلقون أسيراً ، ولا يعطون من بيت المال إلاّ مَن وافقهم ، ويقرّ بقولهم .

وجرى على الإسلام منهم أمورٌ مبسوطة في غير هذا الموضع(67) .

ومع هذا التعطيل الذي هو شرّ من الشرك ، فالإمام أحمد ترحّم عليهم ، واستغفر لهم ، وقال : ما علمتُ أنـّهم مكذّبون للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا جاحدون لما جاء به ، لكنّهم تأوّلوا فأخطأوا ، وقلّدوا مَن قال ذلك .

والإمام الشافعيّ لمّا ناظر حفص الفرد ـ من أئمّة المعطِّلة ـ في مسألة القرآن ، وقال : القرآن مخلوق ، قال له الشافعيّ : كفرتَ بالله العظيم ، فكفّره ولم يحكم بردّته بمجرد ذلك ، ولو اعتقد ردّته وكفّره لسعى في قتله .

وأفتى العلماء بقتل دُعاتهم ، مثل غَيْلان القَدَريّ ، والجعد بن درهم ، وجهم بن صفوان ـ إمام الجهميّة ـ وغيرهم .

وصلّى الناس عليهم ، ودفنوهم مع المسلمين ، وصار قتلهم من باب قتل الصائل ، لكفّ ضررهم ، لا لردّتهم .

ولو كانوا كفّاراً لرآهم المسلمون كغيرهم .

وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع ، إنتهى كلام الشيخ(رحمه الله) .

وإنّما سُقته بطوله لبيان ما تقدّم مما أشرت إليه ، ولما فيه من إجماع الصحابة والسلف ، وغير ذلك ممّا فُصّل .

فإذا كان هذا كفر هؤلاء ـ وهو أعظم من الشرك ، كما تقدّم بيانه مراراً من كلام الشيخين ـ مع أنّ أهل العلم من الصحابة ، والتابعين ، وتابعيهم إلى زمن أحمد بن حنبل هم المناظرون والمبيّنون لهم ، وهو خلاف العقل والنقل ، مع البيان التامّ من أهل العلم!

ومع هذا لم يكفّروهم ، حتّى دعاتهم الذين قتلوا ، لم يكفّرهم المسلمون .

أما في هذا عبرة لكم؟

[الفرقة الوهابيّة تخالف ذلك]

تكفّرون عوامّ المسلمين ، وتستبيحون دماءهم ، وأموالهم ، وتجعلون بلادهم بلاد حرب ، ولم يوجد منهم عُشْر مِعشار ما وجد من هؤلاء؟!

وإن وجد منهم شيءٌ من أنواع الشرك ـ سواء شرك أصغر أو أكبر ـ فهم جُهّال ، لم تقم عليهم الحجّة التي يكفّر تاركها!

أتظنّون أنّ أولئك السادة ـ أئمة أهل الإسلام ـ ما قامت الحجّة بكلامهم؟! وأنتم قامت الحجّة بكم!؟

بل ، واللهِ تكفّرون من لا يكفّر من كفّرتم ، وإن لم يوجد منه شيءٌ من الشرك والكفر .

الله أكبر ، { لقد جئتم شيئاً إدّاً }(68) .

يا عباد الله : اتّقوا الله!

خافوا ذا البطش الشديد ، لقد آذيتم المؤمنين والمؤمنات { والذين يُؤْذُون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً }(69) .

والله مالعباد الله عند الله ذنبٌ ، إلاّ أنّهم لم يتّبعوكم على تكفير من شهدت النصوص الصحيحة بإسلامه ، وأجمع المسلمون على إسلامه .

فإن اتّبعوكم أغضبوا الله تعالى ، ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإن عَصَوا آراءكم حكمتم بكفرهم وردّتهم!!

وقد رُوي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنـّه قال : لستُ أخاف على أمتي جوعاً يقتلهم ، ولا عدّواً يجتاحهم ، ولكن أخاف على أمّتي أئمةً مضلّين ، إن أطاعوهم فتنوهم ، وإن عَصَوهم قتلوهم ، رواه الطبرانيّ(70) من حديث أبي أمامة .

وكان أبو بكر الصدّيق(رضي الله عنه) يقول : أطيعوني ما أطعتُ الله ، وإن عصيتُ فلا طاعة لي عليكم(71) .

ويقول : أنا أخطيء وأصيب ، وإذا ضربه أمر جمع الصحابة واستشارهم .

وعمرُ يقول مثل ما قال أبو بكر ، ويفعل مثل ما يفعل ، وكذلك عثمان ، وعليّ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .

[أئمة المذاهب لا يلزمون أحداً بمذهبهم]

وأئمّة أهل العلم لا يُلزمون أحداً أن يأخذ بقولهم ، بل لمّا عزم الرشيد بحمل الناس على الأخذ بمُوَطَّأ الإمام مالك(رضي الله عنه) ، قال له مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنّ العلم انتشر عند غيري ، أو كلاماً هذا معناه .

وكذلك جميع العلماء من أهل السُنّة ، لم يُلزم أحدٌ منهم الناسَ الأخذَ بقوله .

[الوهابية تخالف ذلك]

وأنتم تكفّرون من لا يقول بقولكم ، ويرى رأيكم!!

سألتكَ بالله ; أنتم معصومون ، فيجب الأخذ بقولكم؟

فإن قلت : لا، فلِمَ توجبون على الأمّة الأخذ بقولكم ؟

أم تزعمون أنّكم أئمّة تجب طاعتكم؟

فأنا أسألكم بالله ، أهل اجتمع في رجل منكم شروط الإمامة التي ذكرها أهل العلم ، أو حتّى خصلة واحدة من شروط الإمامة؟

بالله عليكم انتهوا ، واتركوا التعصيب .

هبنا عذرنا العامّيّ الجاهل الذي لم يمارس شيئاً من كلام أهل العلم ، فأنت ما عذرك عند الله إذا لقيته؟

بالله عليك تنبّه ، واحذر عقوبة جبّار السماوات والأرض .

فقد نقلنا لك كلام أهل العلم ، وإجماع أهل السُنّة والجماعة ـ الفرقة الناجية ـ وسيأتيك إن شاء الله ما يصير سبباً لهداية من أراد الله هدايته .فصل ]اتفاق أهل السنة! على عدم التكفير المطلق للمسلمين]

قال ابن القيّم في (شرح المنازل)(72) :

أهل السُنّة متّفقون على أنّ الشخص الواحد تكون فيه ولاية الله وعداوة من وجهين مختلفين ، ويكون محبوباً لله مبغوضاً من وجهين ، بل يكون فيه إيمانٌ ونفاقٌ ، وإيمانٌ وكفرٌ ، ويكون إلى أحدهما أقرب من الآخر ، فيكون إلى أهله .

كما قال تعالى : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان }(73) .

وقال : { وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ وهم مشركون }(74) .

فأثبت لهم تبارك وتعالى الإيمان مع مقارنة الشرك .

فإن كان مع هذا الشرك تكذيبٌ لرُسُله ، لم ينفعهم ما معهم من الإيمان .

وإن كان تصديقٌ برُسُله ـ وهم يرتكبون الأنواع من الشرك، لا يخرجهم عن الإيمان بالرُسُل ، واليوم الآخر ـ فهم مستحقّون للوعيد ، أعظم من استحقاق أهل الكبائر .

وبهذا الأصل أثبت أهل السُنّة دخول أهل الكبائر النار ، ثم خروجهم منها ، ودخولهم الجنّة ، لِما قام بهم من السببين .

قال : وقال ابن عبّاس في قوله تعالى : { ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }(75) .

قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : ليس بكفر ينقل عن الملّة إذا فعله فهو به كَفَر ، وليس كمن كفر بالله ، واليوم الآخر .

وكذلك قال طاووس وعطاء(76) ، إنتهى كلامه .

وقال الشيخ تقيّ الدين(77) : كان الصحابة والسلف يقولون : إنّه يكون في العبد إيمانٌ ونفاقٌ .

وهذا يدّلّ عليه قوله عزّوجلّ : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } .

وهذا كثيرٌ في كلام السلف ، يبيّنون أنّ القلب يكون فيه إيمانٌ ونفاقٌ ، والكتاب والسُنّة يدلّ على ذلك .

ولهذا قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)(78) :يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذَرّة من إيمان .

فعُلم أنـّه من كان معه من الإيمان أقلّ قليل لم يخلّد في النار ، وإن كان معه كثيرٌ من النفاق ، فهذا يعذّب في النار على قدر ما معه ، ثم يخرج .

إلى أنْ قال : وتمام هذا أنّ الإنسان قد يكون فيه شعبةٌ من شعب الإيمان ، وشعبةٌ من شعب الكفر ، وشعبةٌ من شعب النفاق .

وقد يكون مسلماً وفيه كفرٌ دون الكفر الذي ينقل عن الإسلام بالكلّيّة ، كما قال الصحابة ـ ابن عبّاس وغيره ـ : كفرٌ دون كفر ، وهذا عامّة قول السلف ، إنتهى .

فتأمّل هذا الفصل ، وانظر حكايتهم الإجماع من السلف ، ولا تظنّ أنّ هذا في المخطيء ، فإنّ ذلك مرفوعٌ عنه إثمُ خطئه ـ كما تقدّم مراراً عديدةً ـ .

[الوهابية تخالف ذلك]

فأنتم الآن تكفّرون بأقلّ القليل من الكفر ، بل تكفّرون بما تظنّون ـ أنتم ـ أنّه كفر ، بل تكفّرون بصريح الإسلام ، فإنّ عندكم أنّ من توقّف عن تكفير من كفّرتموه خائفاً من الله تعالى في تكفير من رأى عليه علامات الإسلام ، فهو عندكم كافر .

نسأل الله العظيم أن يخرجكم من الظلمات إلى النور ، وأن يهدينا وإيّاكم الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيّين ، والصدّيقين ، والشهداء ، والصالحين .

/ 28